السبت، 24 يوليو 2021

 عجائب الشعر والشعراء

امرؤ القيس: من عجيب شأنه أنه قال في الجاهلية ما جاء فيه شرائط أهل الجنة وأوصافها، وإن كان لم يعرفها ولم يؤمن بها حيث قال:

ألا عم صباحا أيها الطلل البالي ... وهل يعمن من كان في العصر الخالي

وهل يعمن إلا سعيد مخلد ... قليل الهموم ما يبيت بأوجال

فذكر السعادة التي هي جامعة خير الدارين، ثم الخلود الذي هو أحسن أحوال أهل الجنة، ثم ذكر قلة الهموم التي هي أجل الرغائب، ثمأشار إلى الأمن وهو أنفس المواهب، ولا مزيد على هذه الأربع.

ويقال إن أمير شعر الشعراء قوله:

الله أنجح ما طلبت به ... والبر خير حقيبة الرحل

فإن فيه الاستنجاح بالله عز ذكره ومدح البر والحث عليه بأحسن لفظ وأوجزه، ولو قال ذلك في الإسلام أبو العتاهية أو محمود الوراق لما زادا.

زهير بن أبي سلمى: يقال إنه أجمع الشعراء للكثير من المعاني في القليل من الألفاظ، وأبياته التي في آخر قصيدته التي أولها:

أمن أم أوفى دمنة لم تكلم "

تشبه كلام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهي غرة حكم العرب ونهاية في الحسن والجودة تجري مجرى الأمثال الرائعة الرائقة، وهي:

ومن يك ذا فضل، فيبخل بفضله ... على قومه، يستغن عنه ويذمم

ومن يغترب، يحسب عدوا صديقه ... ومن لا يكرم نفسه لا يكرم

ومن لا يذد عن حوضه بسلاحه ... يهدم، ومن لا يظلم الناس يظلم

ومهما تكن عند امرىء من خليقة ... ولو خالها تخفى على الناس تعلم

ومن لا يصانع في أمور كثيرة ... يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم

ومما وقع الإجماع على أنه أمدح بيت قالته العرب قوله

تراه إذا ما جئته، متهللا ... كأنك تعطيه الذي أنت سائله

النابغة الذبياني: يقال إنه أحسن شعراء الجاهلية ديباجة وأكثرهم رونق كلام، وكأن شعره كلام الكتاب ليس فيه تكلف ولا تعسف، وأجودشعره النعمانيات؛ ومن عجائبه فيها أنه شبه النعمان مرة بالليل ومرة بالشمس، فسحر وبهر حيث قال:

فإنك كالليل الذي هو مدركي ... وإن خلت أن المنتأى عنك واسع

وقال:

فإنك شمس والملوك كواكب ... إذا طلعت لم يبد منهن كوكب

وأحسن ما قيل في الإنزعاج لوعيد الملوك، قوله:

نبئت أن أبا قابوس أوعدني ... ولا قرار على زأر من الأسد

وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال يوما لجلسائه: من الذي يقول:

فلست بمستبق أخا لا تلمه ... على شعث أي الرجال المهذب

قالوا: النابغة، قال: هو أشعر شعرائكم.

أوس بن حجر: قال أبو عمرو بن العلاء: ليس للعرب مطلع قصيدة في المرثية أحسن من قول أوس:

أيتها النفس أجملي جزعا ... إن الذي تحذرين قد وقعا

وبيت القصيدة العجيب قوله:

الألمعي الذي يظن بك ال ... ظن كأن قد رأى وقد سمعا

طرفة بن العبد: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتمثل بقوله ولا يقيم بوزنه:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود

وكان ابن عباس يقول إنه كلام نبي يجمع الحكمة والمثل.

ويقال إن أمير شعره قوله:

قد يبعث الأمر الكبير صغيره ... حتى تظل له الدماء تصبب

علقمة بن عبدة: قال أبو القاسم الآمدي: أحسن شعر الشعراء المتقدمين ما يشبه في السهولة والعذوبة شعر المحدثين، قول علقمة:

فإن تسألوني بالنساء فإنني ... خبير بأدواء النساء طبيب

إذا شاب رأس المرء أو قل ماله ... فليس له في ودهن نصيب

يردن ثراء المال حيث علمنه ... وشرخ الشباب عندهن عجيب

وأجود شعراء المحدثين مما يشبه في الجزالة والفصاحة شعر المتقدمين قول البحتري:

وتماسكت حين زعزعني الده ... ر التماسا منه لتعسي ونكسي

الحارث بن حلزة: قال الصولي: لم يوصف تأهب القوم للزم وتهيؤهم للارتحال بأحسن من قوله:

أجمعوا أمرهم عشاء فلما ... أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء

من مناد ومن مجيب ومن تص ... هال خيل خلال ذا ورغاء

الشنفرى الأزدي: من عجيب شعره قوله في وصف المرأة وليس له في شعراء المتقدمين نظير:

فدقت وجلت واسبطرت واظلمت ... فلو جن إنسان من الحسن جنت

وما أقل التجنيس في شعر الجاهلية، ومن ذلك القليل قوله:

ورحنا كأن البيت حجر فوقنا ... بريحانة ريحت عشاء فظلت

أبو الطمحان القيني: حدثني أبو بكر الخوارزمي، قال: ربما أريد البكاء في بعض مواضعه فيمتنع علي كما هو إلا أن أنشد لأبي الطمحانفيما بيني وبين نفسي حتى تنحل عقد الدمع:

ألا عللاني قبل صدح النوائح ... وقبل ارتقاء النفس فوق الجوانح

وقبل غد يا لهف نفسي على غد ... إذا راح أصحابي ولست برائح

إذا راح أصحابي تفيض دموعهم ... وغودرت في لحد على صفائحي

يقولون هل أصلحتم لأخيكم ... وما اللحد في الأرض الفضاء بصالح

الأعشى: واسمه ميمون بن قيس: قال ابن عائشة القرشي: ما كانت العرب تعرف التداوي من الخمار حتى قال الأعشى:

وكأس شربت على لذة ... وأخرى تداويت منها بها

لكي يعلم الناس أني فتى ... أتيت المروءة من بابها

فاحتذى الناس على تمثله، قال الشاعر:

تداويت عن ليلى بليلى من الهوى ... كما يتداوى شارب الخمر بالخمر

وقال أبو نواس:

دع عنك لومي فإن اللوم إغراء ... وداوني بالتي كانت هي الداء

وكان الأصمعي يقول: أهجى بيت للعرب قول الأعشى في علقمة:

تبيتون في المشتى ملاء بطونكم ... وجاراتكم غرثى يبتن خمائصا

ويروي أن علقمة لما سمع هذا البيت، بكى وقال: اللهم أجزه وأخزه إن كان كاذبا.

وقال أبو علي الحاتمي: من عجائب الاتفاقات وغرائبها وبدائعها أن الأعشى من صدور شعراء الجاهلية، ومسلم بن الوليد من صدورالمحدثين، وأبا الطيب من صدور العصريين، وقد شلشل الأعشى وسلسل مسلم وقلقل أبو الطيبأما الأعشى فإنه يقول:

وقد غذوت إلى الحانوت يتبعني ... شاو مشل شلول شلشل شول

وأما مسلم بن الوليدفإنه يقول:

سلت وسلت ثم سل سليلها ... فأتى سليل سليلها مسلولا

وأما المتنبي، فإنه يقول:

فقلقلت بالهم الذي قلقل الحشا ... قلاقل عيس كلهن قلاقل

وقد بلبل بعض العصريين، فقال:

وإذا البلابل أفصحت بلغاتها ... فأحس البلابل باحتساء بلابل

لبيد بن ربيعة: يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أصدق كلمة قالها شاعر قول لبيد:

ألا كل شيء ما خلا الله باطل ... وكل نعيم لا محالة زائل

وسمع الفرزدق رجلا ينشد قصيدة لبيد التي أولها:

عفت الديار محلها فمقامها "

فلما بلغ قوله فيها:

وجلا السيول عن الطلول كأنها ... زبر تجد متونها أقلامها

سجد الفرزدق، فقيل له: يا أبا فراسما هذه السجدة؟ فقال: إنكم تعرفون سجدة القرآن وأنا أعرف سجدة الشعر.

وقيل لبشار بن برد: أخبرنا عن أجود بيت للعربفقال: إن تفضيل بيت واحد على سائر شعر العرب لشديد، ولكن أحسن لبيد كل الإحسانفي قوله:

وأكذب النفس إذا حدثتها ... إن صدق النفس يزرى بالأمل

وقال الجاحظ: من العجائب أن الأعشى كان في الجاهلية يعتقد مذهب المعتزلة، فيقول:

استأثر الله بالوفاء وبال ... حمد وولى الملامة الرجلا

ولبيد يذهب مذهب أهل السنة والجماعة، فيقول:

وبإذن الله ريثي وعجل "

النمر بن تولت وحميد بن ثور والنابغة الجعدي: إنهم اجتمعوا في الجاهلية على معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم " كفى بالسلامة داء " فتناهبوه بحسن ألفاظهم وكأنما رموا عن قوس واحد، فقال النمر بن تولب:

يود الفتى طول السلامة جاهدا ... فكيف ترى طول السلامة يفعل

وقال حميد بن ثور:

أرى بصري قد رابني بعد صحة ... وحسبك داء أن تصح وتسلما

وقال الجعدي:

ودعوت ربي بالسلامة جاهدا ... ليصحني فإذا السلامة داء

وأخذ ابن الرومي هذا المعنى بعينه وكساه معرضاً من عنده، ولم يحم حول ألفاظهم حيث قال:

في هدنة الدهر كاف من وقائعه ... والعمر أقدح مبرة من الوصب

حسان بن ثابت: قال الجاحظ: لما شتم المشركون النبي صلى الله عليه وسلم ، قال عليه السلام لحسان: أهجهم وروح القدس معك، وأت أبابكر فيعلمك مساوىء القوم، والله إن هجاءك لأشد عليهم من وقع السهام في غلس الظلامفأخرج حسان لسانه، فضرب به طرف أنفه، فقال:يا رسول الله ! ما يسرني به مقول من معد، والله إني لو وضعته على شعر لحلقه، أو على صخر لفلقهقال: فلا ينبغي أن يقول حسان إلاحقا، وكيف يقول باطلاً والنبي صلى الله عليه وسلم يأمره وجبريل يسدده والصديق يعلمه والله يوفقه.

وقال غيره: من عجائب أمر حسان، إنه كان رضي الله عنه يقول الشعر في الجاهلية فيجيد جدا، ويغبر في نواصي الفحول ويدعي أن لهشيطانا يقول الشعر على لسانه كعادة الشعراء في ذلك ويقول مثل قوله في بني جفنة ملوك غسان:

أولاد جفنة حول قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضل

بيض الوجوه كريمة أحسابهم ... شم الأنوف من الطراز الأول

فلما أدرك الإسلام وتبدل الشيطان الملك، تراجع شعره وكاد يرك قوله ليعلم أن الشيطان أصلح للشاعر وأليق به وأذهب في طريقه من الملك.

وقد كان بعض الكهان أنذره بلدغة تصيبه، وكان يتحرز منها بجهده، ولا ينام إلا على ظهر راحلة، فبينما هو ذات ليلة على ناقته وهي ترعى،إذ التوت حية على مشفرها، فاضطربت ورمت بها صعدا إليه فلدغته، فقال:

لعمرك ما يدري الفتى كيف يتقي ... إذا هو لم يجعل له الله واقيا

الحطيئة: واسمه جرول بن مالك، كان راوية زهير، فنجم مقبول الكلام شرود القافية، خبيث اللسان، حتى إنه هجا أباه وأمه وامرأته ونفسه،فمن قوله في أبيه وخاله وعمه:

لحاك الله ثم لحاك حقا ... أبا، ولحاك من عم وخال

فنعم الشيخ أنت لدى المخازي ... وبئس الشيخ أنت لدى المعالي

ومن قوله في أمه:

تنحي واقعدي عنا بعيدا ... أراح الله منك العالمينا

أغربالا إذا استودعت سرا ... وكانونا على المتحدثينا

ومن قوله في نفسه:

أبت شفتاي اليوم إلا تكلما ... بسوء فما أدري لمن أنا قائله

أرى لي وجها شوه الله خلقه ... فقبح من وجه وقبح حامله

وصب الله به على الزبرقان بن بدر سوط عذاب حتى أحرقه بهجائه وأمضه وأرمضه بقصيدته التي يقول فيها:

لقد مريتكم لو أن درتكم ... يوما يجيء بها مسحي وإبساسي

أزمعت يأسا مريحا من نوالكم ... ولن ترى طاردا للحر كالياس

من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العرف بين الله والناس

دع المكارم لا ترحل لبغيتها ... واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

أبو ذويب الهذلي: قال خلف الأحمر: بنو هذيل من أشعر قبائل الرب، وأشعرهم أبو ذويب وأمير شعره وغرة كلامه قصيدته التي أولها:

آمن المنون وريبه تتوجع ... والدهر ليس بمعتب من يجزع

وبيت القصيدة قوله:

والنفس راغبة إذا رغبتها ... وإذا ترد إلى قليل تقنع

وأحسن باقيها بعده قوله:

وتجلدي للشامتين أريهم ... أني لريب الدهر لا أتضعضع

وإذا المنية انشبت أظفارها ... ألفيت كل تميمة لا تنفع

عبدة بن الطبيب: أمير شعره قوله وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتعجب من جودته وحسن تقسيمه:

والمرء ساع لأمر ليس يدركه ... والعيش شح وإشفاق وتأميل

ثم قوله

فما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدما

الفرزدق: كان يونس بن حبيب يقول: من عجائب الفرزدق وجرير أني ما شهدت مشهداً قط ذكرا فيه واجتمع أهل المجلس على تفضيلأحدهما، وإذا وقع الشك في فضل أحدهما على الآخر لم يقع في أنهما أشعر الإسلاميين المتقدمينقال وليس لأحد مثل قوله:

وأنا وسعد كالفصيل وأمه ... إذا وطئته لم يضره اعتمادها

ولا مثل قوله في جرير:

ضربت عليك العنكبوت بنسجها ... وقضى عليك به الكتاب المنزل

ولا مثل قوله:

وكنت فيهم كممطور ببلدته ... يسر أن يجمع الأوطان والمطرا

ولا مثل قوله:

يمضي أخوك ولا تلقى له خلفا ... والمال بعد ذهاب المال يكتسب

جرير: سمعت أبا بكر الخوارزمي يقول: أظرف شعر جرير قوله في الفرزدق لما هدد مربعا راوية جرير بالقتل وذلك:

زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا ... أبشر بطول سلامة يا مربع

وأصدق شعره قوله:

إني لأرجو منك خيرا عاجلا ... والنفس مولعة بحب العاجل

الأخطل: قرأت في فصل للصاحب: هذا الأخطل دعي عما، فامتلأ غما، وطفق يقول:

المهديات لمن هوين مسبة ... والمحسنات لمن قلين مقالا

وإذا دعونك عمهن فإنه ... نسب يزيدك عندهن خبالا

وها نحن قد صرنا جدودا وأخلقنا من الشباب برودا، وأمير شعر الأخطل قصيدته التي يقول فيها لبني مروان:

شمس العداوة حتى يستقاد لهم ... وأعظم الناس أحلاما إذا قدروا

إن العداوة تلقاها وإن قدمت ... كالعر يكمن حينا ثم ينتشر

وأقسم المجد حقا لا يحالفهم ... حتى يحالف بطن الراحة الشعر

ولا يلين لسلطان تهضمنا ... حتى يلين لضرس الماضغ الحجر

عدي بن الرقاع: لم أسمع للمتقدمين شعرا في الغزل أملح وأطرف وأغنج من قوله في تشبيه المرأة بالظبي الوسنان الذي هو بين النائمواليقظان:

وكأنها بين النساء أعارها ... عينيه أحور من جآذر جاسم

وسنان أقصده النعاس فرنقت ... في عينيه سنة وليس بنائم

ذو الرمة: قال ابن عياش: نزلت بي مصيبة أمضتني وأشجعتني، فتذكرت قول ذي الرمة:

خليلي عوجا من صدور الرواحل ... على دارمي وابكيا في المنازل

لعل انحدار الدمع يعقب راحة ... من الغم أو يشفي نجي البلابل

فخلوت وبكيت، فسلوت وقلت: رحم الله ذا الرمة، فما كان أعرفه بدواء الحزن.

الراعي: واسمه عبيد بن حصين: كنت أظن أن ابن المعتز أبو عذرة قوله: أهل الدنيا: كصور في صحيفة متى طوي بعضها نشر بعضها، حتىقرأت للراعي:

إن الزمان الذي ترجو هواديه ... يأتي على الحجر القاسي فينفلق

ما الدهر والناس إلا مثل واردة ... إذا مضى عنق منها أتى عنق

كثير عزة: سئل عن أغزل شعره، فأشار إلى قوله:

وأدنيتي حتى إذا ما فتني ... بقول يحل العصم سهل الأباطح

تجافيت عني حين لا لي حيلة ... وخلفت ما خلفت بين الجوانح

وسئل عن أحكم شعره، فقال: قولي:

فقلت لها: يا عز كل مصيبة ... إذا ذللت يوما لها النفس ذلت

جميل بن معمر: قال أبو عمرو بن العلاء: هو أغزل نظرائه، وأغزل شعره قوله:

خليلي فيما عشتما هل رأيتما! ... قتيلا بكى من حب قاتله قبلي

أبو دهبل الجمحي: قال القاضي أبو الحسن بن عبد العزيز، هو كثير المحاسن وليس له أحسن من قوله:

وكيف أنساك لا نعماك واحدة ... عندي ولا بالذي أوليت من قدم

أما ترى كيف نفى عنه جميع وجوه النسيان بأوجز لفظ وأحسنه وأعذبه وأجمله.

بشار بن برد: أستاذ المحدثين وبدرهم وصدرهم وأعجوبة الدنيا لأنه أعمى أكمه، وله مثل قوله جميع تشبيهين في بيت واحد:

كأن مثار النقع فوق رؤسهم ... وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه

ومثل قوله في وصف متاعه:

عجل الركوب إذا اعترته نافض ... وإذا أفاق فليس بالركاب

وتراه بعد ثلاث عشرة قائما ... مثل المؤذن شك يوم سحاب

وقال هارون بن علي المنجم: أشعر بيت في الغزل من شعر المحدثين شعر بشار بن برد:

أنا والله اشتهي سحر عيني ... ك وأخشى مصارع العشاق

وقد ظرف وملح أبو نواس في حكاية بشار وبيت له في جارية تسمى رحمة الله:

أحببت من شعر بشار لحكمته ... بيتا لهجت به من شعر بشار

يا رحمة الله حلي في منازلنا ... وجاورينا فدتك النفس من جار

ومن أعجب ما يحكى عن بشار، ما ذكر ابن المعتز في طبقات الشعراء المحدثين: أن المهدي دخل حجرة بعض جواريه على حين غفلة منها،فرآها تغتسل، فلما رأته سترت متاعها بكفيها، وكان أعظم أن يشتملا عليه، فانثنت حتى توارى في عكن بطنها، فخرج وهو يقول:

نظرت عيني لحيني ... منظرا وافق شيني

ثم قال: انظروامن بالباب من الشعراء؟ فقيل بشار، فقال: هاتوا به، فلما وصل إليه قال: أجز هذا البيت ولم يعرفه القصة:

أبصرت عيني لحيني ... منظرا وافق شيني

فقال على النفس:

سترته إذ رأتني ... تحت بطن الراحتين

فبدت منه فضول ... لن توارى باليدين

فانثنت حتى توارى ... بين طي العكنتين

قال: فتعجب المهدي من قوله وحكايته ما لم يره، وقال له: قد نجاك عماك، وأمر له بصلة.

ومن بدائع بشار قوله:

يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة ... والآذن تعشق قبل العين أحيانا

حماد عجرد: قال الرياشي: قال بشار: أهجي بيت هجى به أحد قول العبدي - يعني حمادا:

نسبت إلى برد وأنت لغيره ... فهبك لبرد نكت أمك من برد

وكان يقول: قد تهيأ لابن الفاعلة في هجائي بهذا البيت ما لم يتهيأ لجرير والفرزدق، وقد تهاجيا أربعين سنة.

وقال محمد بن داود بن الجراح: من عجيب الشعر قول حماد في أخذ العذرة ولم يسبق إليه:

قد فتحنا الحصن بعد امتناع ... بمبيح فاتح للقلاع

ظفرت كفي بتفريق شمل ... جاءنا تفريقه باجتماع

وإذا شعبي وشعب حبيبي ... إنما يلتام بعد انصداع

أبو العتاهية: قيل له: أي شعر أحكم عندك وأعجب إليك؟ قال: قولي:

علمت يا مجاشع بن مسعدة ... أن الشباب والفراغ والجدة

مفسدة للمرء أي مفسدة

وقال إسحاق الموصلي: أنشدني ابن مخلد لأبي العتاهية:

ما إن يطيب لذي الرعاية لل ... أيام لا لعب ولا لهو

إذ كان يطرف في مسرته ... فيموت من أجزاءه جزؤ

فقلت: ما أحسنهما؟ فقال: أهكذا تقول، والله إنهما روحانيان يطيران ما بين السماء والأرض.

وكان الجاحظ يقول في قول أبي العتاهية:

إن الشباب حجة التصابي ... روائح الجنة في الشباب

معنى كمعنى الطرب، الذي تعرفه القلوب، وتعجز عن وصفه الألسن.

وقال: دخلت يوما على أبي إسحاق النظام وفي يده قدح دواء، يريد أن يشربه وهو يتكرهه ويعبس له وجهه، فقال لي: يا أبا عثمان صدق واللهصديقك - عين أبي العتاهية - في قوله:

أصبحت في دار بليات ... أدفع آفات بآفات

ويقال إن أمدح شعر لخليفة قوله للمهدي:

أتته الخلافة منقادة ... إليه تجرر أذيالها

ولم تك تصلح إلا له ... ولم يك يصلح إلا لها

ولو رامها أحد غيره ... لزلزلت الأرض زلزالها

ولو لم تطعه بنات القلو ... ب لما قبل الله أعمالها

ومن جوامع كلمه وبدائع غرره قوله:

يا رب أنت خلقتني ... وخلقت لي وخلقت مني

سبحانك اللهم عا ... لم كل غيب مستكن

ما لي لشكرك طاقة ... يا سيدي إن لم تعني

أبو نواس: كان المأمون يقول: لو نطقت الدنيا لما وصفت نفسها بأحسن من قوله:

إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت ... له عن عدو في ثياب صديق

وقال عمر بن شبة: قال سفيان بن عيينة لرجل من أهل البصرة: قد أحسن والله أبو نواسكم في قوله:

يا قمرا أبصرت في مأتم ... يندب شجوا بين اتراب

يبكي فيلقي الدر من نرجس ... ويلطم الورد بعناب

وإذا أعجب به سفيان مع زهده وورعه فما الظن بغيره

وقال هارون بن علي بن يحيى المنجم: أجمع أهل العلم بالشعر على أن أجود بيت للمحدثين في المدح قول أبي نواس:

وكلت بالدهر عينا غير غافلة ... بجود كفك يأسو كل ما جرحا

وقال غيره بل قوله:

أنت على ما بك من قدرة ... فلست مثل الفضل بالواجد

وليس على الله بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد

ومما يجمع الظرف والإعجاب والإطراب قوله:

أربعة مذهبة ... لكل هم وحزن

تحيى بها عين ورو ... ح وفؤاد وبدن

الماء والبستان والقهوة والوجه الحسن

منصور النمري: لما انشد الرشيد قصيدته التي هي غرة كلامه وأولها:

ما تنقضي حسرة مني ولا جزع ... إذا ذكرت شبابا ليس يرتجع

ما كنت أوفي شباب كنه غرته ... حتى انقضى فإذا الدنيا له تبع

بكى الرشيد حتى اخضل لحيته، ثم قال: يا نمري ما خير دناي لا يخطر فيها ببرد الشباب.

وقال المبرد: أجود ما قيل في الفراق قول النمري:

إن المنية والفراق لواحد ... أو توءامان تراضعا بلبان

أشجع بن عمرو السلمى: أحسن وأبدع وأعجب ما قال في الملك المهيب والنصرة بالرعب قوله في الرشيد:

وعلى عدوك بابن عم محمد ... رصدان: ضوء الصبح والإظلام

فإذا تنبه رعته وإذا هذا ... سلت عليه سيوفك الأحلام

كلثوم بن عمرو العتابي: أحسن ما قيل في التوقي من الترقي إلى معالي الأمور طلبا للسلامة، قوله:

يسرك أني نلت ما نار جعفر ... من الملك أو ما نال يحيى بن خالد

وأن أمير المؤمنين أغصني ... مغصهما بالمرهفات البوارد

فإن عليات الأمور مشوبة ... بمستودعات في بطون الأساود

عبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي: من عجيب الشعر وطريفه ومليحه قوله في معنى الصوفية، جوده وحسنه وأحسن الإفصاح عنه وأبرزه فيأبهى معرض وأرسله مثلاً سائراً وإن كان لم يعرف الصوفية ومذهبهم:

وما زرتكم عمدا ولكن ذا الهوى ... إلى حيث يهوى القلب تهوى به الرجل

أبو الشيص الأعرابي: من عيون أمثاله السائرة:

لا تنكري صدي ولا إعراضي ... ليس المقل عن الزمان براضي

ومن أحسن ما قيل في موت ملك وقيام ابنه، قوله في وفاة الرشيد وقيام الأمين:

جرت جوار بالسعد وبالنحس ... فنحن في وحشة وفي أنس

العين تبكي والسن ضاحكة ... فنحن في مأتم وفي عرس

يضحكنا القائم الأمين ويب ... كينا وفاة الرشيد بالأمس

بدر ببغداد بات في رغد ... وبات بدر بطوس في رمس

ومن عجيب شعره الذي لم يسبق إليه قوله:

كريم يغض الطرف فضل حيائه ... ويدنو وأطراف الرماح دواني

وكالسيف إن لاينته لان متنه ... وحداه إن خاشنته خشنان

أبو يعقوب الخريمي: من عجيب شعره الذي لم يسبق إليه قوله:

يلام أبو الفضل في جوده ... وهل يملك البحر أن لا يفيضا

وقوله:

إذا ما مات بعضك فابك بعضا ... فبعض الشي من بعض قريب

وقوله:

وأعددته ذخرا لكل ملمة ... وسهم الرزايا بالذخائر مولع

والبة بن الحباب: من أمثاله السائرة العجيبة:

إن كان يجزى بالخير فاعله ... شرا ويجزى القبيح بالحسن

فويل تالي القرآن في ظلم الليل وطوبى لعابد الوثن

مسلم بن الوليد: من فرائد قلائده الأنيقة وأبيات قصائده العجيبة قوله في ذم الدنيا:

دلت على عيبها الدنيا وصدقها ... ما استرجع الدهر مما كان أعطاني

وقوله في المرثية:

أرادوا ليخفوا قبره عن عدوه ... فطيب تراب القبر دل على القبر

وقوله في الهجاء، وقيل إنه أهجى بيت للمحدثين:

قبحت مناظرهم، فحين بلوتهم ... حسنت مناظرهم لقبح المخبر

ويقال بل قوله:

أما الهجاء فدق عرضك دونه ... والمدح عنك كما علمت جليل

فاذهب؟ فأنت طليق عرضك إنه ... عرض عززت به وأنت ذليل

محمد بن أبي أمية: وصف لأبي العتاهية خبره، فاستنشد شعره، فأنشد قوله

رب وعد منك لا أنساه لي ... أوجب الشكر وإن لم تفعلي

أقطع الدهر بظن حسن ... وأجلي كربة لا تنجلي

كلما أملت يوما صالحا ... عرض المكروه دون الأمل

وأرى الأيام لا تدني الذي ... أرتجي منك وتدني أجلي

فجعل أبو العتاهية يستعيده ويبكي ويقبل رأسه ويقول: بودي أنه لي ببعض شعري.

المؤمل بن إميل المحاربي: له هذا البيت السائر النادر ولا غاية لظرفه وهو عرضة لرسائل الصاحب والصابي لحسنه وجودته:

ذا مرضنا أتيناكم نعودكم ... وتذنبون، فنأتيكم ونعتذر

وينشد معه:

لا تحسبوني غنيا عن مودتكم ... إني إليكم وإن أيسرت مفتقر

خالد بن زيد الكاتب: ما زال الناس يفضلون قوله في طول الليل:

رقدت فلم ترث للساهر ... وليل المحب بلا آخر

لحسنه وظرفه وقلة لفظه وكثرة معانيه على كل ما قيل فيه حتى جاء سيدوك الواسطي فأربى عليه بعجيب قوله ونادره:

عهدي بنا ورداء الوصل يجمعنا ... والليل أطوله كاللمح بالبصر

فالآن ليلي مذ غابوا فديتهم ... ليل الضرير، فصبحي غير منتظر

فتحفظوه ونسوا قول خالد على أنه أوجز لفظاً منه وليس هو في كمال المعنى دونه.

أبو عيينة محمد بن أبي عيينة: المهلبي له قوله:

جسمي معي غير أن الروح عندكم ... فالروح في غربة والجسم في وطن

فليعجب الناس مني أن لي بدنا ... لا روح فيه ولي روح بلا بدن

وقوله:

أرى عهدها كالورد ليس بدائم ... ولا خير فيمن لا يدوم له عهد

وعهدي لها كالآس حسنا ونضرة ... له بهجة تبقى إذا فني الورد

إبراهيم بن المهدي: من أعاجيب شعره للمأمون:

ما إن عصيتك والغواة تمدني ... أسبابها إلا بنية طائع

فعفوت عما لم يكن عن مثله ... عفو ولم يشفع إليك بشافع

فرحمت أطفالا كأفراخ القطا ... وحنين والهة كقوس النازع

وإنما شبهها بالقوس لانحنائها وحنينها، ومن عجائب تشبيهاته قوله:

كأنه شلو كبش والهواء له ... تنور شاوية والجذع سفود

ومن أعاجيب أحاسنه قوله في النهي عن وصف الحبيب، ويروي للحكم بن قنبر:

ولست بواصف أبدا حبيبا ... أعرضه لأهواء الرجال

وما بلي أشوق قلب غيري ... إليه ودونه ستر الحجال

كأني أشتهي الشركاء فيه ... وآمن فيه إحداث الليالي

محمد بن أبي زرعة: الدمشقي من عجيب كلامه قوله ولم أسمع في معناه أحسن منه:

لا يؤنسنك إن تراني ضاحكا ... كم ضحكة فيها عبوس كامن

ولم أسمع في الاعتذر من الهز أبرع من قوله:

لا ملوم مستقصر أنت في ال ... بر ولكن مستعطف مستزاد

قد يهز الحسام وهو حسام ... ويحث الجواد وهو جواد

العابس بن الأحنف: من عجيب شأنه أنه أشعر الناس في الغزل وليس له في المدح والهجاء ولا غيرهما مما قالت الشعراء فيه بيت واحد، وفيهيقول بشار: ما زال غلام بني حنيفة يدخل نفسه فينا ويخرجها حتى قال:

نزف البكاء دموع عينك فاستعر ... عينا لغيرك دمعها مدرار

من ذا يعيرك عينه تبكي بها ... أرأيت عينا للبكاء تعار

وقال:

نزوركم لا نكافئكم بجفوتكم ... إن المحب إذا لم يستزر زارا

يقرب الشوق دارا وهي نازحة ... من عالج الشوق لم يستبعد الدارا

عبد الصمد بن المعذل: غرة شعره قوله:

تكلفني إذلال نفسي لعزها ... وهان عليها أن أهان لتكرما

تقول سل المعروف يحيى بن أكثم ... فقلت سليه رب يحيى بن أكثما

وكان عبد الصمد شاعر البصرة وظريفها، فبلغه أن أبا تمام قد شارفها، وخاف كساد سوقه بوروده إياها، فكتب إليه:

أنت بين اثنتين تبرز لل ... ناس وكلتاهما بوجه مذال

لست تنفك طالبا لوصال ... من حبيب أو طالبا لنوال

أي ماء لحر وجهك يبقى ... بين ذل الهوى وذل السؤال

فثنى عنانه عن البصرة وآلى أن لا يدخلها أبدا

عي بن جبلة: العكوك مدح حميد الطوسي بقوله:

دجلة تسقي وأبو غانم ... يطعم من تسقي من الناس

الناس جسم وإمام الهدى ... رأس وأنت العين في الرأس

فقل له: ما عسيت أن تقول فينا بعد قولك في أبي دلف:

إنما الدنيا أبو دلف ... بين باديه ومحتضره

فإذا ولى أبو دلف ... ولت الدنيا على أثره

فقال: أصلح الله الأمير، قد قلت فيك ما لا يقصر عن غيره، قال: هاته!؟ فأنشد ما ارتجله في الوقت:

إنما الدنيا حميد ... وأياديه الجسام

فإذا ولى حميد ... فعلى الدنيا السلام

فتبسم حميد وأحسن جائزته.

إسماعيل بن الحمدوني: من عجيب شأنه، أن له في طيلسان خلعه عليه أحمد بن حرب أربعين مقطوعة لا تخلو واحدة منها من معنى نادر أومثل سائر كقوله:

يا ابن حرب كسوتني طيلسانا ... مل من صحبة الزمان وصدا

طال ترداده إلى الرفو حتى ... لو بعثناه وحده لتهدى

وله:

طيلسان لو كان لفظا إذا ما ... شك خلق في أنه بهتان

كم رفوناه إذ تمزق حتى ... بقي الرفو وانقضى الطيلسان

محمد بن وهيب الحميري: كان ابن عائشة القرشي يقول: لأنا بوجدان الكلام أسر مني بوجدان ضالة النعم، فإذا قيل له: مثل ماذا؟ قال: مثلقول ابن وهيب الحميري:

وإني لأرجو الله حتى كأنني ... أرى بجميل الظن ما الله صانع

ولم يصف أحد الدنيا كوصفه إياها في قوله:

وقد دبت الدنيا إلي صروفها ... وخاطبني إعجامها وهو معرب

ولكنني منها خلقت لغيرها ... وما كنت منه فهو شيء محبب

دعبل بن علي الخزاعي: أحسن شعره قصيدته التي أولها:

أين الشباب وأية سلكا ... لا تطلبنه ضل بل هلكا

وبيت القصيدة قوله وبه سار ذكره:

لا تعجبي؟ يا سلم من رجل ... ضحك المشيب برأسه فبكى

ومن غرر شعره قوله في الشعر:

سأقضي ببيت يحمد الناس أمره ... ويكثر من أهل الرواية حامله

يموت رديء الشعر من قبل أهله ... وجيده يبقى وإن مات قائله

ابو تمام حبيب بن أوس الطائي: أحسن ما قيل في تحسين الحجاب قوله:

يا أيها الملك النائي برؤيته ... وجوده لمراعي جوده كثب

ليس الحجاب بمقص عنك لي أملا ... إن السماء ترجى حين تحتجب

وأحسن ما قيل في استتمام العرف قوله:

إن ابتداء العرف مجد باسق ... والمجد كل المجد في إتمامه

هذا الهلال يورق أبصار الورى ... حسنا وليس لحسنه كتمامه

وأحسن ما قيل في الحث على الاغتراب قوله:

وطول مقام المرء في الحي مخلق ... لديباجتيه، فاغترب تتجدد

فإني رأيت الشمس زيدت محبة ... إلى الناس أن ليست عليهم بسرمد

وأحسن ما قيل في كرم العهد قوله:

وإن أولى البرايا أن تواسيه ... عند السرور لمن واساك في الحزن

إن الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا ... من كان يألفهم في المنزل الخشن

وأحسن ما قيل في ذم الشيب على كثرته، قوله:

غدا الشيب مختطا بفودي خطة ... طريق الردى فيها إلى النفس مهيع

هو الزور يجفى والمعاشر يجتوى ... وذو الإلف يقلى والجديد يرقع

له منظر في العين أبيض ناصع ... ولكنه في القلب أسود أسفع

ونحن نرجيه على الكره والرضا ... وأنف الفتى من وجهه وهو أجدع

وسئل عن أمدح بيت له، فقال: قولي:

لو أن إجماعنا في فضل سؤدده ... في الدين لم يختلف في الأمة اثنان

قيل: ثم ماذا؟ قال قولي:

فلو صورت نفسك لم تزدها ... على ما فيك من كرم الطباع

ويقال بل قوله:

تعود بسط الكف حتى لو أنه ... ثناها لقبض لم تجبه أنامله

ولو لم يكن في كفه غير روحه ... لجاد بها، فليتق الله سائله

وقال أبو القاسم الآمدي: هو أشعر الناس في المراثي، وليس له فيها أجود وأحسن من قوله

ألا إن في كف المنية مهجة ... تظل لها عين العلى وهي تدمع

هي النفس إن تبك المكارم فقدها ... فمن بين أحشاء المكارم تنزع

أبو عبادة البحتري: قال القاضي أبوب الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني: غرر البحتري ووسائط قلائده كثيرة، وعندي أن أفصح أبياتهوأبلغها وأحسنها قوله فيمن يرضى بعد السخط وفي نفسه بقية من العتب:

تبلج عن بعض الرضا وانطوى على ... بقية عتب شارفت أن تصرما

وقال الصاحب: أمدح شعر البحتري قوله:

دنوت توضعا، وعلوت مجدا ... فشأناك انحدار وارتفاع

كذاك الشمس تبعد أن تسامى ... ويدنو الضوء منها والشعاع

ومن أظرف شعره وأرقه وألطفه، قوله، وكان أبو بكر الخوارزمي يقول: لا تنشدونيهما، فأرقص طرباً وما أقبح الرقص بالمشايخ:

يذكرنيك والذكرى عناء ... مشابه فيك طيبة الشكول

نسيم الروض في ريح شمال ... وصوب المزن في راح شمول

وقال أبو القاسم الآمدي: قد أكثر الشعراء في ذكر الطلول والدمن والرسوم، وأحسن وأعجب وأظرف ما قالوا فيه قول الطائي أبي تماموالبحتري فإنهما جاءا بالسحر الحلال والماء الزلال، حيث قال أبو تمام:

أيها البرق بت بأعلى البراق ... واغد فيها بوابل غيداق

دمن طالما التقت أدمع المز ... ن عليها وأدمع العشاق

وقال البحتري:

أصبا الأصائل إن برقة منشد ... نشكو اختلافك بالهبوب السرمد

لا تتعبى عرصاتها إن الهوى ... ملقى على تلك الرسو الهمد

دمن مواثل كالنجوم فإن عفت ... فبأي نجم في الصبابة نهتدي

فأربيا على من تقدمهما وأعجزا في من تأخر عنهما.

وكان أبو القاسم الإسكافي: أبلغ أهل خراسان، يقول: تعلمت الكناية من شعر البحتري، فكأنه كناية معقودة بالقول في قوله:

ما ضيع الله في بدو ولا حضر ... رعية، أنت بالإحسان راعيها

وأمة كان قبح الجور يسخطها ... دهرا، فأصبح حسن العدل يرضيها

ومما يطرب بلا سماع ويسكر بلا شراب قوله:

بات نديما لي حتى الصباح ... أغيد مجدول مكان الوشاح

كأنما يضحك عن لؤلؤ ... منظم أو برد أو أقاح

تحسبه نشوان إما رنا ... للفتر في أجفانه وهو صاح

بت أفديه ولا أرعوي ... لنهي ناه عنه أو لحي لاح

أمزج كأسي بجنا ريقه ... وإنما أمزج راحا براح

يساقط الورد علينا وقد ... تبلج الصبح نسيم الرياح

ومن عجيب شعره، قوله في استهداء ممطر:

إن السحاب أخاك جاد بمثل ما ... جادت يداك لو أنه لم يضرر

أشكو نداه إلى نداك فاشكني ... من صوب عارضه المطير بممطر

علي بن الجهم وهو في المحدثين كالنابغة في المتقدمين وذلك أن النابغة شبه النعمان مرة بالليل ومرة بالشمس، وشبه علي نفسه بالسيفالمغمد حيث قال في حال الحبس:

قالت حبست فقلت ليس بضائري ... حبسي وأي مهند لا يغمد

أو ما رأيت الليث يألفه غيله ... كبرا وأوباش السباع تردد

وشبهها بالسيف المسلول في حال السلب حيث قال:

لم ينصبوا بالشاذياخ عشية إلا ... ثنين مغمورا ولا مجهولا

نصبوا بحمد الله ملء عيونهم ... كرما وملء قلوبهم تبجيلا

ما ضره إن بز عنه غطاؤه ... فالسيف أهيب ما يرى مسلولا

ومن عجيب شعره في الجودة والبراعة قوله من قصيدة:

هي النفس ما حملتها تتحمل ... وللدهر أيام تجور وتعدل

وعاقبة الصبر الجميل جميلة ... وأفضل أخلاق الرجال التفضل

ولا عار إن زالت عن الحر نعمة ... ولكن عارا أن يزول التجمل

أحمد بن يوسف: وزير المأمون أحسن ما قيل في الإهداء إلى السادة قوله للمأمون:

على العبد حق فهو لا بد فاعله ... وإن عظم المولى وجلت فواضله

ألم ترنا نهدي إلى الله ماله ... وإن كان عنه ذا غنى فهو قابله

محمد بن عبد الملك: " الزيات " وزير المعتصم من عجيب قوله في الشيب:

وعائب عابني لشيبي ... لم يعد لما ألم وقته

قلت له قول ذي صواب ... يا عائب الشيب لا بلغته

وفي جاري أصيب بها:

يقول لي الخلان لو زرت قبرها ... فقلت وهل غير الفؤاد لها قبر

على حين لم أصغر فأجهل قدرها ... ولم أبلغ السن الذي معها الصبر

إبراهيم بن العباس الصولي: يقال إنه أشعر الناس في شكاية الإخوان وذكر تغيرهم، فمن غررها قوله:

وكنت أذم إليك الزمان ... فأصبحت فيك أذم الزمانا

وكنت أعدك للنائبات ... فها أنا أطلب منك الأمانا

وقوله:

من رأى في المنان مثل أخ لي ... كان عوني على الزمان وخلي

رفعته حال فحاول حطي ... وأبى أن يعز إلا بذلي

وقوله وهو أظرف ما قيل في الملوك:

يا أخا لم أر في الناس خلا ... مثله أسرع هجرا ووصلا

كنت لي في صدر يومي صديقا ... فعلى عهدك أمسيت أم لا

الحسن بن وهب: أحسن ما قيل في الاعتذار من الإخلال بخدمة الرؤساء لتتابع الأمطار قوله:

يوجب العذر في تراخي اللقاء ... ما توالى من هذه الأنواء

فسلام الإله أهديه مني ... كل يوم لسيد الوزراء

لست أدري ماذا أذم وأشكو ... من سماء تعوقني عن سماء

غير أني أدعو على تلك بالص ... حو وأدعو لهذه بالبقاء

أبو علي البصير: له ملح وطرف في هدم المطر داره وأحسنها قوله:

من بكى هذه الماء عليه ... نعمة أو بكى بها مرورا

فلقد أصبحت علينا عذابا ... ولقينا منها أذى وشرورا

أيها الغيث كنت بؤسا وفقرا ... لي وللناس حنطة وشعيرا

ومن أحسن أمثاله السائرة قوله:

لعمر أبيك ما نسب المعلي ... إلى كرم وفي الدنيا كريم

ولكن البلاد إذا اقشعرت ... وصوح نبتها رعي الهشيم

ولم أسمع في الهجاء أحسن وأملح من قوله:

لي صديق في خلقة الشيطان ... وعقول النساء والصبيان

من تظنونه فقالوا جميعا ... ليس هذا إلا أبو هفان

العطوي: من غرر شعره قوله:

يقولون قبل الدار جار موافق ... وقبل طريق المرء أنس رفيق

فقلت وندمان الفتى قبل كأسه ... فما حث كأس المرء مثل صديق

وقوله في الصبوح:

إن شرب المدام سير إلى الله ... و خير المسير صدر النهار

وقوله في شكاية الإخوان

لي خمسون صديقا ... بين قاض وأمير

لبسوا الدنيا ولم أخ ... لع بهم ثوب الفقير

العلوي الحماني: من أحاسن شعره قوله:

هبني بقيت على الأيام والأبد ... ونلت ما شئت من مال ومن ولد

من لي برؤية من قد كنت آلفه ... إن الشباب مضى هيهات لم يعد

وقوله:

لا والذي عاذ باحرامه ... ركب يلبون باحرام

أعد سبعين ولو جملت ... نعمائها عادت إلى عام

وقوله:

قالوا تمن ما هويت واجتهد ... فقلت قول المشتكي المقتصد

لقاء من غاب وفقد من شهد

عوف بن محلم الشيباني: أمير شعره قوله من قصيدة في عبد الله بن طاهر.

يا ابن الذي دان له المشرقان ... وألبس العدل به المغربان

إن الثمانين وبلغتها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان

قوله: " وبلغتها " حشو أحسن من معنى البيت، ولقبه الصاحب " بحشو اللوزينج " ، وله نظائر جمعتها في بعض كتبي.

ديك الجن: واسمه عبد السلام بن رغبان: من وسائط قلائده قوله من قصيدة وهي غرة شعره:

أبا عثمان معتبة وصبرا ... وشافي النصح يعدل بالأشافي

إذا شجر المودة لم تجده ... سماء البر أسرع في الجفاف

وقوله في غلام دخل الماء:

رق حتى حسبته ورق الور ... د نديا يرف بين الرياح

ورد الماء ثم راح وقد أص ... دره الماء في غلالة راح

ابن الرومي: وهو علي بن العباس بن جريج من غرر شعره وخدع دهره قوله:

لما تؤذن الدنيا به من صروفها ... يكون بكاء الطفل ساعة يولد

وإلا فما يبكيه منها وإنها ... لأفسح مما كان فيه وأرغد

إذا أبصر الدنيا استهل كأنه ... بما سوف يلقى من أذاها يهدد

وقوله في القاسم بن عبيد الله:

إن لله غير مرعاك مرعى ... نرتعيه وغير مائك ماء

إن لله بالبرية لطفا ... سبق الأمهات والآباء

وقوله في النهي عن ترك العتاب:

يا أخي أين ربع ذاك الإخاء ... أين ما كان بيننا من صفاء

أنت عيني وليس من حق عيني ... طبق أجفانها على الأقذاء

وقوله في استحالة الصديق عدواً:

عدوك من صديقك مستفاد ... فلا تستكثرن من الصحاب

فإن الداء أكثر ما تراه ... يكون من الطعام أو الشراب

وقوله فيمن يقتني السلاح ولا يستعمله ولا يدفع به عن ماله:

رأيتكم تبدون للحرب عدة ... ولا يمنع الأسلاب منكم مقاتل

وأنتم كمثل النخل يسرع شوكه ... ولا يمنع الخراف ما هو حامل

وقوله في الاستزادة:

أيها المنصف إلا رجلا ... واحدا أصبحت ممن ظلمه

كيف ترضى الفقر عرسا لامرىء ... وهو لا يرضى لك الدنيا أمه

ولم أسمع في الهجاء بالجبن أبلغ وأملح وأطرف من قوله في سليمان بن عبد الله بن طاهر:

قرن سليمان قد أضر به ... شوق إلى وجهه سيدنفه

لا يعرف القرن وجهه ويرى ... قفاه من فرسخ فيعرفه

ولا في الاستمتاع بالشباب كقوله:

قصرك الشيب فاقض ما أنت قاضي ... من هوى البيض والعيون المراض

إن شرخ الشباب قرض الليالي ... فتصرف فيه قبيل التقاضي

ولا في الشرب على النرجس أعجب من قوله:

أدرك ثقاتك إنهم وقعوا ... في نرجس معه ابنة العنب

فهم بحال لو بصرت بهم ... سبحت من عجب ومن عجب

ريحانهم ذهب على درر ... وشرابهم درر على ذهب

عبد الله بن المعتز: من عجائب أوصافه وتشبيهاته قوله من قصيدة في وصف الخمر:

وقد يباكرني الساقي فاشربها ... راحا تريح من الأحزان والكرب

وأمطر الكأس ماء من أبارقه ... فأنبت الدر في أرض من الذهب

وسبح القوم لما أن رأوا عجبا ... نورا من الماء في نار من العنب

وقوله:

وخمارة من بنات المجوس ... ترى الزق في بيتها شائلا

وزنا لها ذهبا جامدا ... فكالت لنا ذهبا سائلا

وقوله في الغزل:

ظبي يتيه بحسن صورته ... عبث الفتور بلحظ مقلته

وكأن عقرب صدغه احترقت ... لما دنت من نار وجنته

وقوله في الهلال:

أهلا بفطر قد أنار هلاله ... فالآن فاغد على الشراب وبكر

وانظر إليه كزورق من فضة ... قد أثقلته حمولة من عنبر

وقوله في الربيع:

اسقني الراح في شباب النهار ... وانف همي بالخندريس العقار

ما ترى نعمة السماء على الأر ... ض وشكر الرياض للأمطار

وغناء الطيور كل صباح ... وانفتاق الأشجار بالأنوار

وكأن الربيع يجلو عروسا ... وكأنا من قطره في نثار

وقوله في الريح اللينة:

والريح تجذب أطراف الرداء كما ... أفضى الشقيق إلى تنبيه وسنان

وقوله في الديك:

صفق إما ارتياحة لسنى الف ... جر، وأما على الدجى أسفا

وقوله في العمارة:

ألا من لنفس وأحزانها ... ودار تداعت بحيطانها

أظل نهاري في شمسها ... شقيا لقيا ببنيانها

أسود وجهي بتبييضها ... وأخرب كيسي بعمرانها

ومن عجيب أمره أنه كان يستكثر في أوصافه من التشبيه بالعنين كقوله في وصف الشمس التي تكاد تخرج من الغيم:

تظل الشمس ترمقنا بطرف ... مريض مدنف من خلف ستر

تحاول فتق غيم وهو يأبى ... كعنين يروم نكاح بكر

وكقوله في الوحشة:

أطال الدهر في بغداد همى ... وقد يشقى المسافر أو يفوز

ظللت بها على رغمى مقيما ... كعنين تضاجعه عجوز

وقوله في العذر الكاذب من مزدوجة:

وجاءنا بعذرة كذابه ... لم يفح القلب لها أبوابه

كعذرة العنين بعد السابع ... إلى عروس ذات حر ضائع

حتى اتهم أنه كان عنينا ولم يكنه لمكان ابنه عبد الواحد.

عبيد الله بن عبد الله بن طاهر: من عجيب شعره وطريفه قوله:

سقتني في ليل شبيه بشعرها ... شبيهة خديها بغير رقيب

فما زلت في ليلين شعر ومن دجى ... وسمشين من راح وأوجه حبيب

وقوله:

ألم تر أن الدهر يهدم ما بنى ... ويأخذ ما أعطى ويفسد ما أسدى

فمن سره أن لا يرى ما يسوءه ... فلا يتخذ شيئا يخاف له فقدا

وقوله في قوة الوسيلة:

إني أمت إلى الذي ودي له ... بجميع ما عقد الحقوق وأكدا

إني لشاكر أمسه ووليه ... في يومه ومؤمل منه غدا

أبو الحسن بن طباطبا العلوى من لطائف شعره وقوله:

نفسي الفداء لغائب عن ناظري ... ومحله في القلب دون حجابه

لو لا تمتع مقلتي بلقاءه ... لوهبتها لمبشري بايابه

وقوله:

وفي خمسة مني حلت منك خمسة ... فريقك منها في فمي طيب الرشف

ووجهك في عيني ولمسك في يدي ... ونطقك في سمعي وعرفك في أنفي

وقوله:

ليت شعري ما عاق عني حبيبا ... قد توقعت في الظلام طروقه

بات قلبي المشوق يخلط فيه ... ظن غيري بظن أم شفيقة

وقوله:

كن بما أتيته مقتنعا ... تستدم عيش القنوع المكتفي

إن في نيل المنى وشك الردى ... وقياس القصد عند السرف

كسراج دهنه قوت له ... فإذا أغرقته فيه طفى

منصور الفقيه المصري: من غرره وملحه الآخذة بمجامع القلوب، قوله:

منذ ثلاث لم نرك ... فقل لنا ما أخرك

أعلة فنعذرك ... أم دهر سوء غيرك

وقوله:

قد قلت لما أن شكت ... تركي زيارتها خلوب

إن التباعد لا يض ... ر إذا تقاربت القلوب

وقوله:

شاهد ما في مضمري ... من صدق ود مضمرك

فما أريد وصفه ... قلبك عني يخبرك

وقوله:

إذا تخلفت عن صديق ... ولم يعاتبك في التخلف

فلا تعد بعدها إليه ... فإنما وده تكلف

وقوله:

كل مذكور من النا ... س إذا ما فقدوه

صار في حكم حديث ... حفظوه فنسوه

أبو الفتح كشاجم: من عجائب أحاسنه قوله:

بأبي وأمي زائر متقنع ... لم يخف ضوء الشمس تحت قناعه

لم أستتم عناقه لقدومه ... حتى ابتدأت عناقه لوداعه

وقوله:

وفكرت في شيب الفتى وشبابه ... فأيقنت أن الحق للشيب واجب

يصاحبني شرخ الشباب فينقضي ... وشيبي إلى حين الممات مصاحب

وقوله في العتاب:

إلى الله أشكوا أخا جافيا ... يضيع وأحفظ منه الصنيعة

إذا ما الوشاة سعوا نحوه ... أصاخ إليهم بإذن سميعه

كثرت عليه فأمللته ... وكل كثير عدو الطبيعه

ولكن نفسي إذا أكرهت ... على الهجر ليست له مستطيعة

وقوله في خادم يسمى كافورا:

أكافور قبحت من خادم ... ولاقتك مسرعة جائحة

حكيت سميك في برده ... وأخطاك اللون والرائحة

وقوله في المدح:

يا كامل الآداب منفرد العلا ... والمكرمات ويا كثير الحاسد

شخص الأنام إلى كمالك فاستعذ ... من شر أعينهم بعيب واحد

وقوله في كاتب:

وإذا نمقت بنانك خطا ... معربا عن بلاغة وسداد

عجب الناس من بياض معان ... تجتني من سواد ذاك المداد

وقوله في الهجاء

شيخ لنا من مشايخ الكوفة ... نسبته للعليل موصوفة

لو بدل الله قمله غنما ... ما طمع الجار منه في صوفه

علي بن محمد بن نصر بن بسام: من عجائب شعره قوله في موت الفضل أحد ابني عبيد الله بن سليمان:

قل لأبي القاسم المرجي ... قابلك الدهر بالعجائب

مات لك ابن وكان زينا ... وعاش ذو النقص والمعائب

حياة هذا كموت هذا ... فلست تخلو من المصائب

وقوله في أبيه:

بلوت أبا جعفر مدة ... فألفيت منه بخيلا سخيفا

ولو لا الضرورة لم آته ... وعند الضرورة آتي الكنيفا

وقوله في وزير:

سنصبر إذ وليت فكم صبرنا ... لمثلك من أمير أو وزير

ولما لم ننل منهم سرورا ... رأينا عزلهم كل السرور

وقوله في وزير خلع عليه:

خلعوا عليه وزينو ... ه ومر في عز ورفعه

فكذاك يفعل بالجما ... ل لنحرها في كل جمعه

وقوله في إنكار وزيرين اثنين:

فقدتكم يا بني الجاحدة ... ففي كل يوم لكم آبدة

متى كان يعرف فيما مضى ... وزيران في دولة واحدة

أبوب الحسن جحظة البرمكي: من غرر شعره وبديع ملحه قوله:

قلت لما رأيته في قصور ... مشرفات ونعمة لا تعاب

رب ما أبين التباين فيه ... منزل عامر وقلب خراب

وقوله:

وإذا هجاني باخل ... لم استجز ما عشت قطعه

وتركته مثل القبو ... ر أزوره في كل جمعه

وقوله:

هات اسقنيها قهوة بابلية ... تحاكي شعاع الشمس بل هي أفضل

فقد نطق الدراج بعد سكوته ... ووافى كتاب الورد أني مقبل

وقوله:

لي صديق يحب قولي وشدوي ... وله عند ذاك وجه صفيق

كلما قلت قال أحسنت زدني ... وبأحسنت لا يباع الدقيق

وقوله:

وعصابة عزموا الصبوح بسحرة ... بعثوا إلى مع الصباح خصوصا

صرح لنا لونا نجود طبخه ... قلت اطبخوا لي جبة وقميصا

المعرج النسفي: أمير شعره قوله في الربيع:

ذهب حيثما ذهبنا ودر ... حيث درنا وفضة في الفضاء

أبو بكر الصنوبري: من أحاسن محاسنه قوله في الربيع:

إن كان في الصيف ريحان وفاكهة ... فالأرض مستوقد والجو تنور

ما الدهر إلا الريع المستنير إذا ... جاء الربيع أتاك النور والنور

فالأرض ياقوتة والجو لؤلؤة ... والنبت فيروزج والماء بلور

من شم طيب رياحين الربيع يقل ... لا المسك مسك ولا الكافور كافور

ولم أسمع في الختان أبدع وأحسن من قوله:

أرى طهرا سيثمر بعد عرسا ... كما قد يثمر الطرب المدامه

وما قلم بمغن عنك إلا ... إذا ما ألقيت عنه القلامه

ولا في استهداء المسك أحسن من قوله:

الطيب بهدى وتستهدى طرائفه ... وأشرف الناس يهدى أشرف الطيب

والمسك أشبه شيء بالثباب فهب ... شبه الشبب لبعض العصبة الشيب

القاضي أبو القاسم علي بن محمد التنوخي: من لطائف أحاسنه قوله:

رضاك شباب لا يليه مشيب ... وسخطك داء ليس منه طبيب

كأنك من كل النفوس مركب ... فأنت إلى كل النفوس حبيب

وقوله:

سير وقلبي في هواك أسير ... وحادي ركابي لوعة وزفير

ولي أدمع غزر تفيض كأنها ... ندى فاض في العافين منك غزير

ابنه أبو علي المحسن بن علي: من أفراد ملحه قوله:

خرجنا لنستسقى بيمن دعائه ... وقد كاد هدب الغيم أن يبلغ الأرضا

فلما ابتدا يدعو تقشعت السما ... فما تم إلا والغمام قد انقضا

أبو الحسن بن لنكك البصري:

يا زمانا ألبس الأح ... رار ذلا ومهانه

لست عندي بزمان ... إنما أنت زمانه

أجنون ما نراه ... منك يبدو أم مجانه

وقوله:

عدنا في زماننا ... عن حديث المكارم

من كفى الناس شره ... فهو في جود حاتم

وقوله:

عجبت للدهر في تصرفه ... وكل أحوال دهرنا عجب

يعاند الدهر كل ذي أدب ... كأنما ناداك أمه الأدب

وقوله:

تعستم جميعا من وجوه لبلدة ... تكنفهم جهل ولؤم فأفرطا

أراكم تعيبون اللثام وإنني ... أراكم طرق اللوم أهدى من القطا

وقوله في أبي رياش اليمامي:

يطير إلى الطعام أبو رياش ... مبادرة ولو واره قبر

أصابعه من الحلواء صفر ... ولكن الأخادع منه حمر

وقوله فيه وقد ولي عملا:

قل للوضيع أبي رياش لا تبل ... ته كل تيهك بالولاية والعمل

ما ازددت حين وليت إلا خسة ... كالكلب أنجس ما يكون إذا اغتسل

وقوله في قلة شربه وسرعة سكره:

فديتك لو علمت ببعض مابي ... لما جرعتني إلا بمسعط

فحسبك أن كرما في جواري ... أمر ببابه فأكاد أسقط

محمد بن عمر المقري الكاتب: غرة شعره في خط العذار:

لي حبيب يزهى بحسن عجيب ... وبقد مثل القضيب الرطيب

أحرقت بالسواد فضة خديه ... فقد أحرقت سواد القلوب

نصر بن أحمد الخبز أرزي: من ملح غرره قوله

خليلي هل أبصرتما أو سمعتما ... بأكرم من مولى تمشى إلى عبد

أتى زائرا من غير وعد وقال لي ... أصونك عن تعليق قلبك بالوعد

وقوله: قد قلت

إذ خان عهدي من كلفت به ... ولم يكن عنه لي صبر ولا جلد

إن كان شاركني في حبه وقح ... فالنهر يشرب منه الكلب والأسد

وقوله:

ورد الخدود وزمان النهود وأغ ... صان القدود تصيد السادة الصيدا

شرطي إذا ما رأيت الخصر مختصرا ... والردف مرتدفا والقد مقدودا

شرط لو أن هلال الرأي بصره ... لم يستطع لشروط الفقه توكيدا

الخباز البلدي: من غرر أمثاله السائرة قوله:

إذا استثقلت أو أبغضت خلقا ... وسرك بعده حتى التناد

فشرده بقرض دريهمات ... فإن القرض داعية البعاد

وقوله:

ألا إن إخواني الذين عهدتهم ... أفاعي رمال لا تقصر في لسعي

ظننت بهم خيرا فلما بلوتهم ... نزلت بواد منهم غير ذي زرع

أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان سيف الدولة - من غرر ما ألقاه بحر شعره، على لسان فضله قوله في قوس قزح وهو أحسن ما قيلفيه:

وساق صبيح للصبوح دعوته ... فقام وفي أجفانه سنة الغمض

يطوف بكأسات العقار كأنجم ... فمن بين منقض علينا ومنقض

وقد نشرت أيدي الجنوب مطارفا ... على الجود كنا والحواشي على الأرض

يطرزها قوس السحاب بأصفر ... على أحمر في أخضر إثر مبيض

كأذيال خود أقبلت في غلائل ... مصبغة والبعض أقصر من بعض

أبو فراس الحارث بن سعيد بن حمدان - من غرر أحاسنه قوله:

لم اؤاخذك بالجفاء لأني ... واثق منك بالوفاء الصحيح

فجميل العدو غير جميل ... وقبيح الصديق غير قبيح

وقوله:

أساء فزادته الإساءة حظوة ... حبيب على ما كان منه حبيب

يعد علي الواشيات ذنوبه ... ومن أين للوجه المليح ذنوب؟

وقوله:

وكنى الرسول عن الجواب تظرفا ... ولئن كنى، فلقد علمنا ما عنى

قل يا رسول، ولا تحاش فإنه ... لا بد منه أساء بي أم أحسنا

وقوله في الأمير:

إرث لصب فيك قد زدته ... على بلايا أسره أسرا

فهو أسير الجسم في بلدة ... وهو أسير الروح في أخرى

وقوله:

عدتني عن زيارته عواد ... أقل مخوفها سمر الرماح

ولو أني أطعت رسيس شوقي ... ركبت إليه أعناق الرياح

وقوله لسيف الدولة:

بالكره مني واختيارك ... أن لا أكون حليف دارك

يا تاركي إني لشك ... رك ما حييت لغير تارك

ومن نكت حكمه قوله

المرء نصب مصائب لا تنقضي ... حتى يوارى جسمه في رمسه

فمؤجل يلقى الردى في أهله ... ومعجل يلقى الردى في نفسه

وقوله:

إذا كان غير الله للمرء عدة ... أتته الرزايا من وجوه الفوائد

أبو العشائر الحمداني: لم أسمع أملح وأظرف من قوله في الغزل:

للعبد مسألة عليك جوابها ... إن كنت تذكره فهذا وقته

ما بال ريقك ليس ملحا طعمه ... ويزيدني عطشا إذا ما ذقته

أبو المطاع ذو القرنين بن ناصر الدولة: وقوله:

غير مستنكر وغير بديع ... أن يذيع الذي تجن ضلوعي

لي دموع كأنها من حديثي ... وحديث كأنه من دموعي

وقوله:

أفدى الذي زرته بالسيف مشتملا ... ولحظ عينيه أمضى من مضاربه

فما خلعت نجادي في العناق له ... حتى لبست نجادا من ذوائبه

وكان أسعدنا في نيل بغيته ... من كان في الحب أشقانا بصاحبه

وقوله:

بتنا أعف مبيت باته بشر ... ولا مراقب إلا الطرف والكرم

فلا مشى من وشى عند العدو بنا ... ولا سعى بالذي يسعى بنا قدم

أبو محمد الفياض: كاتب سيف الدولة: من طرفه وملحه قوله في غلام له أثير عنده استوحش عنه لميله إلى غلام آخر اسمه إقبال:

أنكرت إقبالي على إقبال ... وخشيت أن يتساويا في الحال

هيهاتلا تجزع فكل طريفة ... ربح يهون وأنت رأس المال

وقوله:

قم فاسقني بين خفق الناي والعود ... ولا تبع طيب موجود بمفقود

نحن الشهود وخفق العود خاطبنا ... نزوج ابن سحاب بنت عنقود

أبو الطيب المتنبي: من وسائط قلائده وعجائب فرائده وأبيات قصائده قوله لسيف الدولة:

كل يوم لك ارتحال جديد ... ومسير للمجد فيه مقام

وإذا كانت النفوس كبارا ... تعبت في مرادها الأجسام

وقوله:

رأيتك في الذين أرى ملوكا ... كأنك مستقيم في محال

فإن تفق الأنام وأنت منهم ... فإن المسك بعض دم الغزال

وقوه في مرض عرض له:

يجشمك الزمان هوى وحبا ... وقد يؤذى من المقة الحبيب

وكيف تعلك الدنيا بشيء ... وأنت بعلة الدنيا طبيب

وجسمك فوق همة كل داء ... فقرب أقلها منها عجيب

وله:

نهبت من الأعمار ما لو حويته ... لهنئت الدنيا بأنك خالد

وقوله في غيره:

قد شرف الله أرضا أنت ساكنها ... وشرف الناس إذ سواك إنسانا

وقوله:

ذكر الأنام لنا فكان قصيدة ... كنت البديع الفرد من أبياتها

وقوله:

فإن يك سيار بن مكرم انقضى ... فإنك ماء الورد إن ذهب الورد

وكان أبو بكر الخوارزمي، يقول: أمير شعراء العصر أبو الطيب وأمير شعره قصيدته التي أولها:

من الجآذر في زي الأعاريب ... حمر الحلى والمطايا والجلابيب

وأمير هذه القصيدة، قوله:

أزورهم وسواد الليل يشفع لي ... وأنثني وبياض الصبح يغري بي

وقد جمع فيه أربعة من الطباق وهي الزيارة والانثناء والسواد والبياض والليل والصبح والشفاعة والإغراء ولا يعرف لأحد مثله على أن ابنجني حكى عن ابن حنزابة وزير الكافور أنه ألم فيه بقول ابن المعتز:

لا تلق إلا بليل من تواصله ... فالشمس نمامة والليل قواد

ومن غرر أمثال أبي الطيب الذي لا مثال له، قوله:

ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى ... عدوا له ما من صداقته بد

وقوله:

ومن ركب الثور بعد الجوا ... د الدولة أنكر أظلافه والغبب

وقوله:

لولا المشقة ساد الناس كلهم ... الجود يفقر والإقدام قتال

وقوله:

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ... حتى يراق على جوانبه الدم

والظلم في خلق النفوس فإن تجد ... ذا عفة فلعلة لا يظلم

وقوله:

وكل امرىء يولي الجميل محبب ... وكل مكان ينبت العز طيب

ويقال إن أغزل بيت للعصريين قوله

قد كنت أشفق من دمعي على بصري ... فالآن كل عزيز بعدكم هانا

قال مؤلف الكتاب: ليس فيما أحفظ من الشعر الكثير أحسن وأوعظ وأنفع وأدعى إلى تسليتي وتطييب نفسي من أقوال ثلاثة من الشعراء،أحدهم قول أبي الطيب:

هون على بصر ما شق منظره ... فإنما يقظات العين كالحلم

ولا تشك إلى خلق فتشمته ... شكوى الجريح إلى الغربان والرخم

والآخر قول محمد بن يسير:

لا أحسب الشر جارا لا يفارقني ... ولا أحز على ما فاتني الودجا

ولا نزلت من المكروه منزلة ... إلا تيقنت أن ألقى لها فرجا

والثالث ما أنشدنيه أبو الفتح البستي لنفسه:

إذا ازدرى ساقط كريما ... فلا يطولن ضيق صدره

فأكثر الناس منذ كانوا ... " ما قدروا الله حق قدره "

من سورة الحج: 74 " أبو العباس النامي: من غرر أحاسنه قوله لسيف الدولة:

خلقت كما أردتك المعالي ... وأنت لمن رجاك كما يريد

وقوله في الغزل:

سألت بالفراق صبا وما ... ينبئها بالفراق مثل خيبر

هو بين الحشا صدوع وفي الأعين ماء وجمرة في الصدور

أبو الحسين الناشىء الأصغر: أحسن ما سمعت في النهي عن عتاب الملوك قوله:

إذا أنا عاتبت الملوك فإنما ... أخط بأقلامي على الماء أحرفا

وهبه أرعوي بعد العتاب ألم يكن ... تودده طبعا فصار تكلفا

أبو القاسم الزاهي: أحسن شعره في النسيب قوله:

سفرن بدورا وانتقبن أهلة ... ومسن غصونا والتفتن جآذرا

وأطلعن في الأجياد بالدر أنجما ... جعلن لحبات القلوب ضرائرا

أبو الفرج الببغاء: لم أسمع في الوداع أحسن من قوله:

يا سادتي هذه نفسي تودعكم ... إذ كان لا الصبر يسليها ولا الجزع

قد كنت أطمع في روح الحياة لكم ... فالآن مذ بنتم لم يبق لي طمع

لا عذب الله نفسي بالبقاء فلا ... أظنني بعدكم بالعيش أنتفع

ومن غرر أحاسنه قوله في الغزل:

أو ليس من إحدى العجائب أنني ... فارقته وحييت بعد فراقه

يا من يحاكي البدر عند تمامه ... إرحم فتى يحكيه عند محاقه

ولم أسمع في رمد المحبوب أحسن وأظرف من قوله:

بنفسي ما يشكوه من راح طرفه ... ونرجسه مما دها حسنه الورد

أراقت دمي ظلما محاسن وجهه ... فأضحى وفي عينيه آثاره تبدو

غدت عينيه كالخد حتى كأنما ... سقى عينه من ماء توريده الخد

لئن أصبحت رمداء مقلة مالكي ... لقد طالما استشفت بها مقل رمد

ومن أحاسن شعره في سيف الدولة قوله من قصيدة:

وكأنما نقشت حوافر خيله ... للناظرين أهلة في الجلمد

وكأن طرف الشمس مطروف وقد ... جعل الغبار له مكان الإثمد

أبو الفرج الوأواء: من عجائبه أنه خمس ما ربع أبو نواس من التشبيهات في بيت واحد، فقال:

وأمطرت لؤلؤا من نرجس وسقت ... وردا وعضت على العناب بالبرد

ومن أحاسن غرره، قوله:

متى أرضي رياض الحسن منه ... وعيني قد تضمنها غدير

وقوله لسيف الدولة:

من قاس جدواك بالغمم فما ... أنصف في الحكم بين شيئين

أنت إذا جدت ضاحك أبدا ... وهو إذا جاد دامع العين

أبو عمارة الصوري: لم أسمع في الثقيل أبلغ وأظرف من قوله:

ثقيل براه الله أثقل من برا ... ففي كل قلب بغضة منه كامنه

مشى فدعا من ثقله الحوت ربه ... وقال: الهيزدت في الأرض ثامنة

تميم بن المعز: صاحب مصر لم أسمع أحسن من قوله في الغزل:

ما بان عذري فيه حتى عذرا ... ومشى الدجى في نوره فتحيرا

همت بقبلته عقارب صدغه ... فاستل ناظره عليها خنجرا

السري الموصلي الرفاء: من وسائط قلائده في بحر شعره، قوله في الغزل:

بنفسي من أجود له بنفسي ... ويبخل بالتحية والسلام

ويلقاني بعزة مستطيل ... وألقاه بذلة مستهام

وحتفي كامن في مقلتيه ... كمون الموت في حد الحسام

وقوله:

بنفسي من رد التحية ضاحكا ... فجدد بعد اليأس في الوصل مطمعي

إذا ما بدى أبدى الغرام سرائري ... وأظهر للعذال ما بين أضلعي

وحالت دموع العين بيني وبينه ... كأن موع العين تعشقه معي

وقوله في وصف يوم متلون جاء بالبرد:

يوم خلعت به عذارى ... فعريت من حلل الوقار

وضحكت فيه إلى الصبا ... والشيب يضحك في عذارى

متلون يبدي لنا ... طرفا بأطراف النهار

فهواؤه سكب الردا ... ء وغيمه جافي الإزار

يبكي فيجمد دمعه ... والبرق يكحله بنار

وقوله:

قم فانتصف من صروف الدهر والنوب ... واجمع بكأسك شمل اللهو والطرب

أما ترى الصبح قد قامت عساكره ... في الشرق تنشر أعلاما من الذهب

والجو يختال في حجب ممسكة ... كأنما البرق فيها قلب ذي رعب

جريت في حلبة الأهواء مجتهدا ... فكيف أقصر والأيام في طلبي

توج بكأسك قبل الحادثات يدي ... فالكأس تاج يد المثري من الأدب

وقد أكثر الشعراء في ذم البخيل بالطعام، ولم أسمع في ذم البخيل بالشراب غير قوله وهو غاية في بابه:

الكأس تهدي إلى شرابها فرحا ... فما لهذا الفتى صفرا من الفرح

يصفر إن صب ساقيه لنا قدحا ... كأنما دمه ينصب في القدح

ولم أسمع في وصف مزين حاذق أحسن من قوله:

هل الحذق إلا لعبد الكريم ... حوى فضله حادثا من قديم

له راحة سيرها راحة ... تمر على الرأس مر النسيم

حمول الحسام ولكنه ... يروح ويغدو بكفي حليم

ومن بدائعه في الخمر والورد قوله:

هات التي هي يوم الحشر أوزار ... كالنار في الحسن عقبى شربها النار

أما ترى الورد قد باح الربيع به ... لمن بعد ما كان حولا وهو إضمار

أبو بكر محمد بن هاشم الخالدي الأكبر: من غرر أحاسنه قوله في الخمريات:

ما عذرنا في حبسنا الأكوابا ... سقط الندى وصفا الهواء وطابا

وكأنما الصبح المنير وقد بدا ... بازا أطار من الظلام غرابا

فأدم لذاذة عيشها بمدامة ... زادت على هرم الزمان شبابا

سفرت فغار حبابها من لحظنا ... فعلا محاسنها فصار نقابا

وقوله في السحاب:

سحاب يجر في الأرض ذيلي ... مطرف زره على الأرض زرا

برقه لمحة ولكن له رع ... د بطيء يكسو المسامع وقرا

كخلي منافق للذي يهواه ... يبكي جهرا ويضحك سرا

وقوله أيضاً فيه:

مسرة كيلها بلا حشف ... ولذة صفوها بلا كدر

قد ضربت خيمة الغمام لنا ... ورش خيش النسيم والمطر

وقوله في البدر تحت العيم الرقيق وهو مما لم يسبق إليه:

والبدر منتقب بغيم أبيض ... هو فيه بين تحفر وتبرج

كتنفس الحسناء في المرآة إذ ... كملت محاسنها ولم تتزوج

ولم أسمع في القلم أحسن وأعجب من قوله:

له قلم كقضاء الإله ... فبالسعد طورا وبالنحس ماض

وما فارق الأسد في حالتيه ... يبيسا وذا ورقات غضاض

ففي يد ليث العلا في الندى ... وفي وجه ليث الشرى في الغياض

أخوه أبو " عثمان " سعيد بن هاشم الخالدي: من بدائع سحره، قوله:

يا شبيه البدر حسنا ... وضياء وجمالا

وشبيه الغصن لينا ... وقواما واعتدالا

أنت مثل الورد لونا ... ونسيما وملالا

زارنا حتى إذا ما ... سرنا بالقرب زالا

وله:

ومدامة حمراء في قارورة ... زرقاء تحملها يد بيضاء

فالراح شمس والحباب كواكب ... والكف قطب والإناء سماء

وله:

أما ترى الغيم يا من قلبه قاسي ... كأنه أنا مقياسا بمقياس

قطر كدمعي وبرق مثل نار هوي ... في القلب مني وريح مثل أنفاسي

وقوله في شعر متفاوت:

شعر عبد السلام فيه رديء ... ومحال وساقط وبديع

فهو مثل الزمان فيه مصيف ... وخريف وشتوة وربيع

ولم أسمع في وصف غلام ... جامع للمحاسن والمناقب أحسن

وأعجب من قوله في مملوكه:

ما هو عبد لكنه ولد ... خولنيه المهيمن الصمد

وشد أزري بحسن خدمته ... فهو يدي والذراع والعضد

صغير سن كبير معرفة ... تمازج الضعف فيه والجلد

معتق الطرف كحله كحل ... معزل الجيد حليه جيد

ثقفه كيسه فلا عوج ... في بعض أخلاقه ولا أود

ما غاضني ساعة فلا صخب ... يمر في منزلي ولا صدد

مسامري إن دجى الظلام ولى ... منه حديث كأنه الشهد

خازن ما في يدي وحافظه ... وليس شيء لدي مفتقد

ومنفق مشفق إذا أنا أس ... رفت وبذرت فهو مقتصد

يصون كتبي فكلها حسن ... يطوي ثيابي فكلها جدد

وحاجبي فالخفيف محتبس ... عندي به والثقيل مطرد

وحافظ الدار إن ركبت فما ... على غلام سواه أعتمد

وأبصر الناس بالطبيخ فكال ... مسك القلايا والعنبر الثرد

وصيرفي القريض وزان دي ... نار المعاني الجياد منتقد

ويعرف الشعر مثل معرفتي ... وهو على أن يزيد مجتهد

وواجد بي من المحبة وال ... رأفة أضعاف ما به أجد

إذا تبسمت فهو مبتهج ... وإن تنمرت فهو مرتعد

ذا بعض أوصافه وقد بقيت ... له صفات لم يحوها العدد

أبو محمد المهلبي الوزير: من لطائف شعره قوله:

أراني الله وجهك كل يوم ... صباحا للتيمن والسرور

وأمتع ناظري بصحيفتيه ... لأقرأ الحسن من تلك السطور

ومما لا غاية لظرفه قوله:

رب يوم قطعت فيه خماري ... بغلام كأنه مخمور

وقوله في مملوك مطرب:

يا هلالا يبدو فيزداد شوقي ... وهزارا يشدو فيشتد عشقي

زعم الناس أن رقك ملكي ... كذب الناس أنت مالك رقي

وله:

ألا يا منى نفسي وإن كنت حتفها ... ومعناي في سري ومغزاي في جهري

تصارمت الأجفان منذ صرمتني ... فما تلتقي إلا على عبرة تجري

ومن أحاسن قوله في الزهد:

يا من يسر بلذة الدنيا ... ويظنها خلقت لما يهوى

لا تكذبن فإنما خلقت ... لينال زاهدها بها الأخرى

أبو الفضل بن العميد: من أظرف شعره قوله في غلام قام على رأسه يظلله من الشمس:

قامت تظللني من الشمس ... نفس أعز علي من نفسي

قامت تظللني ومن عجب ... شمس تظللني من الشمس

وقوله في مداد أهداه له صديق:

يا سيدي وعمادي ... أمددتني بمداد

كمسكنيك جميعا ... من ناظري وفؤادي

أو كالليالي اللواتي ... رميننا بالبعاد

وقوله في الأقارب:

آخ الرجال من الأبا ... عد، والأقارب لا تقارب

إن الأقارب كالعقا ... رب، بل أضر من العقارب

ابنه أبو الفتح: من عيون شعره قوله لما استوزر في عنفوان شبابه:

دعوت الغني وصنوف المنى ... فلما أجبن دعوت القدح

وقلت لأيام شرخ الشباب ... إلي فهذا أوان الفرح

إذا بلغ المرء آماله ... فليس له بعدها مقترح

وقوله في قصيدة عضدية:

على الملك قوام وللدين حافظ ... وللمال وهاب وللجار مانع

ومنها في ذكر الأعداء:

وكان لهم لبس المعصفر عادة ... فخاطت لهم منه السيوف القواطع

بطرتم فطرتم والعصا زجر من عصي ... وتقويم عبد الهون بالهون رادع

وقوله

أين لي من يفي بشكر الليالي ... إذا أضافت خيالها وخيالي

وقوله:

لم يكن لي على الزمان اقتراح ... غيرها منية فجاد بها لي

وقوله:

إذا أنا بلغت الذي كنت أشتهي ... وأضعافه ألفا فكلني إلى الخمر

وقل لنديمي: قمإلى الدهر فاقترح ... عليه الذي تهوى ودعني مع الدهر

أبو العلاء السروي: من ظرف ملحه، قوله:

مررنا على الروض الذي قد تبسمت ... ذراه وأرواح الأباريق تسفك

فلم نر شيئا كان أحسن منظرا ... من الروض يجري دمعه وهو يضحك

وقوله:

أما ترى قضب الأِشجار قد لبست ... " أنوارها تتثنى بين جلاس

منظومة كسموط الدر لابسة ... حسنا يبيح دم العنقود للحاسي "

وغردت خطباء الطير ساجعة ... على منابر من ورد ومن آس

الصاحب أبو القاسم إسماعيل بن عباد: من أمثاله السائرة قوله:

وقائلة لم عرتك الهموم ... وأمرك ممتثل في الأمم

فقلت: دعيني على غصتي ... فإن الهموم بقدر الهمم

ومن غرر درره في الغزل:

لا ترجو إصلاح قلبي بلوم ... حلف الجفن لا أستقل بنوم

وهواه لئن تأخر عني ... طور يومي إني سيحضر يوم

وقوله:

قل لأبي القاسم إن جئته ... هنيت ما أعطيت هنيته

كل جمال فائق رائق ... أنت رغم البدر أوتيته

وقوله:

قال لي إن رقيبي ... سيء الخلق فداره

قلت: دعني وجهك الجن ... ة حفت بالمكاره

وقوله:

عزمت على الفصد يا سيدي ... لفصل دم كظني مؤلم

فلما تأخرت عن مجلسي ... أرقت بغير افتصاد دمي

وقوله:

وعهدي بالعقارب حين تشتو ... تخفف سمها وتموت ضرا

فما بال الشتاء أتى وهذى ... عقارب صدغه تزداد شرا

وقوله:

رق الزجاج ورقت الخمر ... فتشابها فتشاكل الأمر

فكأنما خمر ولا قدح ... وكأنما قدح ولا خمر

وقوله في الثلج:

أقبل الثلج في غلائل نور ... وتهادى بلؤلؤ منثور

فكأن السماء صاهرت الأر ... ض فصار النثار من كافور

وقوله في الوحل:

إني ركبت وكف الوحل كاتبة ... على ثيابي سطورا ليس تنكتم

فالأرض محبرة والحبر من لثق ... والطرس ثوبي ويمني الأشهب القلم

وقوله في ابن العميد:

قدم الرئيس مقدما في سبقه ... وكأنما الدنيا سعت في طرقه

فبحارها من جوده وجبالها ... من حلمه ورياضها من خلقه

وكأنما الأفلاك طوع يمينه ... كالعبد منقادا لمالك رقه

قد قاسمته نجومها فنحوسها ... لعدوه وسعودها في أفقه

أبو إسحاق إبراهيم بن هلال الصابي: من وسائط قلائده قوله في الغزل:

تورد دمعي إذ جرى ومدامتي ... فمن مثل ما في الكأس عيني تسكب

فو الله ما أدري أبالخمر أسبلت ... جفوني أم من دمعتي كنت أشرب

وقوله:

قبلت منه فما مجاجته ... تجمع معنى المدام والشهد

كأن مجرى سواكه برد ... وريقه ذوب ذلك البرد

وقوله في المدح:

قل للوزير أبي محمد الذي ... قد أعجزت كل الورى أوصافه

لك في المحافل منطق يشفي الجوى ... ويسوغ في أذن الأديب سلافه

فكأن لفظك لؤلؤ متنخل ... وكأنما آذاننا أصدافه

وقوله:

له يد برعت جودا بنائلها ... ومنطق دره في الطرس ينتثر

فحاتم كامن في بطن راحتها ... وفي أناملها سحبان مستتر

وقوله:

لما وضعت صحيفتي ... في بطن كف رسولها

قبلتها لتمسها ... يمناك عند وصولها

وتود عيني أنها اق ... ترنت ببعض فصولها

حتى ترى من وجهك ال ... ميمون غاية سؤلها

وقوله في تهنئة وزير معاد إلى عمله:

قد كنت طلقت الوزارة بعد ما ... زلت بها قدم وساء صنيعها

فغدت بغيرك تستحل ضرورة ... كيما يحل إلى ذراك رجوعها

فالآن قد أبت وآلت حلفة ... أن لا يبيت سواك وهو ضجيعها

وقوله في التهنئة بالفطر:

يا ماجدا يده بالجود مفطرة ... وفوه عن كل هجر صائم أبدا

اسعد بصومك إذ قضيت واجبه ... نسكا ووفيته من شهره العددا

واسحب من العيد أذيالا له جددا ... واستقبل العيش في إفطاره رغدا

وقوله في التهنئة بالأضحى:

مرجيك وصابيكا ... بذا الأضحى يهنيكا

وقد أوجز إذ قال ... مقالا وهو يكفيكا

أراني الله أعداء ... ك في حال أضاحيكا

منصور بن كيغلغ: لم سمع له أبلغ وأظرف من قوله في الجمع بين الإلف والكأس:

خنت الذي أهوى من الناس ... ونمت عن جودي وعن بأسي

يوم أرى الدجن ولا أرتوي ... من ريق إلفي ومن كأسي

جعفر بن ورقاء: كانت بينه وبين أبي إسحاق الصابي مودة وتزاور فانقطع عنه أبو إسحاق لعوائق الزمان وذكر أنه يعول على صفاء الطويةفي المودة، فكتب إليه جعفر:

يا ذا الذي جعل القطيعة دأبه ... إن القطيعة موضع للريب

إن كان ودك في الطوية كامنا ... فاطلب صديقا عالماً بالغيب

أبو الفرج سلامة بن بحر القاضي: بحلب من لطائف غرره قوله:

من سره العيد فما سرني ... بل زاد في همي وأشجاني

لأنه ذكرني ما مضى ... من عهد إخواني وخلاني

وقوله:

من سره العيد الجدي ... د فقد عدمت به السرورا

كان السرور يطيب لي ... لو كان أحبابي حضورا

أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف: من غرر ملحه وطرفه قوله في السكر العضدي المبني بشيراز:

شربنا ذهبا يجري ... بشاطىء فضة تجري

ما زلنا على السكر ... نداوي السكر بالسكر

درينا كيف أصبحنا ... وأمسينا وما ندري

وأبصرنا سمائين ... من النهر إلى النهر

وفاض الماء منصبا ... من البحر إلى البحر

كجدوى عضد الدول ... ة في نائله الغمري

أبو العباس أحمد بن إبراهيم الضبي - من ملحه التي يقطر منها ماء الطرب قوله:

ألا يا ليت شعري ما مرادك ... فجسمي قد أضر به بعادك

وأي ثلاثة لك قد سباني ... جمالك، أم كمالك، أم ودادك؟

وأي ثلاثة أوفى سوادا ... أخالك، أم عذارك، أم فؤادك؟

وقوله في بنفسج الخد:

ومهفهف قال الإله لخده ... كن مجمعا للطيبات فكانه

زعم البنفسج أنه كعذاره ... حسدا فسلوا من قفاه لسانه

لم يظلموا في الحكم إذ مثلوا به ... فلشد ما رفع البنفسج شأنه

وقوله في الفراق:

لا تركنن إلى الفرا ... ق فإنه مر المذاق

والشمس عند غروبها ... تصفر من فرق الفراق

وكذاك عند طلوعها ... تحمر من فرح التلاق

ابن سكرة الهاشمي - من عجيب ملحه، قوله في غلام بيده غصن نور:

غصن بان أتى وفي اليد منه ... غصن فيه لؤلؤ منظوم

فتحيرت بين غصنين في ذا ... قمر طالع وفي ذا نجوم

وقوله في الغزل:

في وجه إنسانة كلفت بها ... أربعة ما اجتمعن في أحد

الخد ورد والصدغ غالية ... والريق خمر والثغر من برد

وقوله في مهدي دواة:

أخ مزجت بروحي روحه وجرى ... مني كمجرى دمي في الجسم أفديه

أهدى إلي دواة لو كتبت بها ... دهرا أياديه لم تنفد أياديه

وقوله في النزلة:

أيها النزلة كفي ... وانزلي غير لهاتي

واتركي حلقي بحقي ... فهو دهليز حياتي

أبو عبد الله بن الحجاج: من عجائب شعره، قوله في الجمع بين السباخ والسراب:

دعوت نداك من ظمأ إليه ... وعناني بقيعتك السراب

سراب لاح يلمع في سباخ ... فلا ماء هناك ولا تراب

ومن ملح خمرياته، قوله من قصيدة

يا سادتي قد جاءنا رجب ... فتفضلوا واستقبلوا رجبا

بمدامة لو لا أبوتها ... ما كنت قط أشرف العنبا

حمراء مثل النار موقدة ... لم تلق لا نارا ولا حطبا

من قال إن المسك يشبهها ... ريحا فلا والله ما كذبا

ومن طرف نوادره، قوله في رجل دعاه وأخر طعامه إلى المساء، فقال في ذلك:

يا صاحب البيت الذي ... قد مات ضيفاه جميعا

حصلتنا حتى نمو ... ت بدائنا عطشا وجوعا

كالبدر لا نرجو إلى ... وقت المساء له طلوعا

وقوله فيه أيضاً:

يا ذاهبا في داره جائيا ... بغير معنى وبلا فائدة

قد جن أضيافك من جوعهم ... فاقرأ عليهم سورة المائدة

وقوله في الصبوح:

يا صاحبي استيقظا من رقدة ... تزري على عقل اللبيب الأكيس

هذي المجرة والنجوم كأنها ... نهر تدفق في حديقة نرجس

وأرى الصبا قد غلست بنسيمها ... فعلام شربي الراح غير مغلس

قوما اسقياني قهوة رومية ... مذ عهد قيصر دنها لم يمسس

صرفا تضيف إذا تسلط حكمها ... موت العقول إلى حياة الأنفس

أبو نصر بن نباتة السعدي: من غرر أحاسنه قوله من قصيدة:

فلا تحقرن عدوا رماك ... وإن كان في ساعديه قصر

فإن السيوف تحز الرقاب ... وتعجز عما تنال الأبر

وقوله في وصف فرس اغر محجل:

قد جاءنا الطرف الذي أهديته ... هاديه يعقد أرضه بسمائه

وكأنما لطم الصباح جبينه ... فاعتاظ منه، فخاض في أحشائه

وقوله من قصيدة مرثية:

نعلل بالدواء إذا مرضنا ... وهل يشفي من الموت الدواء

ونختار الطبيب وهل طبيب ... يؤخر ما يقدمه القضاء

وما أنفاسنا إلا حساب ... ولا حركاتنا إلا فناء

وقوله:

وكنت إذا ما حاجة حال دونها ... نار وليل ليس يعتذران

حملت على حكم القضاء ملامها ... ولم ألزم الإخوان ذنب زمان

وقوله من قصيدة:

ونبت بنا أرض العرا ... ق فما محناها بمحنه

غير الرحيل كفى البلا ... د برحلة الفضلاء هجنه

أبو الحسن محمد بن عبد الله السلامي: سمعت أبا القاسم عبد الصمد بن بابك يقول: كان السلامي أشعر شعراء بغداد بعد ابن نباتة وأميرشعره وغرة كلامه، قوله في تشبيب قصيدة له في الصاحب إسماعيل بن عباد:

ونحن ألاك نطلب من بعيد ... لعزتنا وندرك من قريب

تبسطنا على الآثام لما ... رأينا العفو من ثمر الذنوب

قال: وكان الصاحب إذ أنشد هذا البيت الأخير، يقول: هذا والله معنىقد كان يدور في خاطر الناس، فيحومون حوله ويرفرفون عليه ولايتوصلون إليه على قرب مأخذه، حتى جاء السلامي، فأفصح عنه وأحسن ما شاء ولم يدر ما رمى به، قلت: ومن بدائع غرره، قوله في غلامبيده مرآة:

رأيته والمرآة في يده ... كأنها شمسة على ملك

فقلت للصورة التي احتجبت ... من غير زهد بنا ولا نسك

يا أشبه الناس بالحبيب ألا ... تخبرنا عنك غير مؤتفك

قال أنا البدر زرت بدركم ... وبيننا قطعة من الفلك

وقوله من تشبيب قصيدة:

ما ضن عنك بموجود ولا بخلا ... أعز ما عنده النفس التي بذلا

يحكي المطايا حنينا والهجير حمى ... والمزن دمعا وأطلال الديار بلى

ومن أخرى في عبد العزيز بن يوسف:

أظن اليوم يمطر بالمدام ... وأن الأفق محمر الغمام

وما عودت حمل الكأس إلا ... على شكر الكروم أو الكرام

وعهد سماء جودك بالعطايا ... كعهد دم الأعادي بالحسام

ومن عضدية:

والنقع ثوب بالنسور مطير ... والأرض فرش بالجياد مخيل

تهفو العقاب على العقاب ويلتقي ... بين الفوارس أجدل ومجدل

أبو الحسن الأحنف العكبري: من طرف ملحه قوله:

العنكبوت بنت بيتا على وهن ... تأوي إليه وما لي مثله وطن

والخنفساء لها من جنسها سكن ... وليس لي مثلها إلف ولا سكن

وقوله:

رأيت في النوم دنيانا مزخرفة ... مثل العروس تراءت في المقاصير

فقلت: جودي، فقالت لي على عجل ... إذا تخلصت من أيدي الخنازير

عبدان الأصفهاني المعروف بالجوزي - أحسن وأظرف ما سمعت في الاعتذار من الخضاب قوله:

في مشيبي شماتة لعداتي ... وهو ناع منغص لحياتي

ويعيب الخضاب قوم وفيه ... لي أنس إلى حضور وفاتي

لا ومن يعلم السرائر مني ... ما به رمت خلة الغانيات

إنما رمت أن يغيب عني ... ما ترينيه كل يوم مراتي

فهو ناع إلى نفسي ومن ذا ... سره أن يرى وجوه النعاة

ومن طريف قوله:

قابل هديت أبا العلاء نصيحتي ... بقبولها وبواجب الشكر

لا تهجون أسن منك فربما ... تهجو أباك وأنت لا تدري

أبو سعيد محمد بن محمد الرستمي: من وسائط قلائده وأبيات قصائده قوله:

بنفسي حبيب زار بعد ازوراره ... وعاودني بالأنس بعد نفاره

إذا ما استعار الجلنار بخده ... أعار الحشا من خده جل ناره

وقوله من أخرى:

يسيل على العافين عفو نواله ... فيلقى ابتذال الوجه للبذل سائله

ولم يجتمع كفاه والمال سائل ... كأني ولبني ماله وأنامله

وقوله:

أفي الحق أن يعطى ثلاثون شاعرا ... ويحرم ما دون الرضى شاعر مثلي

كما ألحقت واو بعمرو زيادة ... وضويق بسم الله في ألف الوصل

وقوله في وصف شعره:

قواف إذا ما رواها المشو ... ق هزت لها الغانيات القدودا

كسون عبيدا لباس العبيد ... وأضحى لبيد لديها بليدا

أبو القاسم بن أبي العلاء الأصفهاني - من درر نتائجه وغرر أحاسنه قوله من صاحبيه:

فإن قيل لي صبرا فلا صبر للذي ... غدا بيد الأيام تقتله صبرا

وإن قيل لي عذارا فو الله ما أرى ... لمن ملك الدنيا إذا لم يجد عذرا

وقوله في الإستبشار بالبشرى:

ورد البشير بما أقر الأعينا ... وشفى النفوس فنلن غايات المنى

وتقاسم الناس المسرة بينهم ... قسما فكان أجلهم حظا أنا

وأحسن من ذلك ما رثى به الصاحب:

يا كافي الملك ما أتيت حقك من ... قول وإن طال تقريظ وتابين

مت الصفات فما يرثيك من أحد ... إلا وتزيينه إياك تهجين

ما مت وحدك بل قد مات من ولدت ... حواء طرا، بل الدنيا، بل الدين

هذي نواعي العلا مذ مت نادبة ... من بعد ما ندبتك الخرد العين

تبكي عليك العطايا والصلات كما ... تبكي عليك الرعايا والسلاطين

قام السعاة وكان الخوف أقعدهم ... واستيقظوا بعد ما نام الملاعين

لا ينكر الناس منهم إن هم انتشروا ... مضى سليمان وانحل الشياطين

أبو محمد عبد الله بن محمد الأصفهاني: لم أسمع في الغبار الساقط على الإنسان في الموكب وغيره أحسن وأطرف من قوله:

إن هذا الغبار ألبس عطفي ... عسليا وديني التوحيد

وكسا عارضي ثوب مشيب ... وردا الشباب غض جديد

ولا أحسن من قوله في التسجيع من تشبيب قصيدة:

كل غيداء لا تخون ولا تخ ... فر عهدا من نسوة خفرات

ذات ثدي نات وطبع موات ... ورضاب شاة وردف عات

ولا ألطف من قوله في الاستعطاف والاعتذار:

لنار الهم في قلبي لهيب ... فعفوك أيها الملك المهيب

وأحسن إنني أحسنت ظني ... وأرجو أن ظني لا يخيب

أبو الحسن البديهي الشهرزوري: أمير شعره قوله من مقطوعة:

مر من كنت أصطفيه وللده ... ر صروف تشوب حلوا بمر

أتمنى على الزمان محالا ... أن ترى مقلتاي طلعة حر

ثم قوله من قصيدة

يا شهرزور سقيت الغيث من بلد ... نود وجدا به أنا نقابله

طال الفراق فلا واف يراسلنا ... على البعاد ولا آت نسائله

أبو القاسم عمر بن إبراهيم الزعفراني: من عجائب شعره وعقد سحره قوله:

لي لسان كأنه لي معادي ... ليس ينبىء عن كنه ما في فؤادي

حكم الله لي عليه ولو أن ... صف قلبي عرفت قدر ودادي

وقوله في تهنئة الصاحب بالدار الجديدة:

سرك الله بالبناء الجديد ... نلت حال الشكور لا المستزيد

هذه الدار جنة الخلد في الدن ... يا فصلها وأختها بالخلود

ما تشككت أن رضوان قد خا ... ن و " لم يك " مثلها في الصعيد

قد تولى الإقبال خدمته في ... ها على رسمه كبعض العبيد

قال للجص كن رصاصا وللآ ... جر لما علاه كن من حديد

فتناهي البنيان وارتفع الإ ... وان حتى أناف بالتشييد

وتبدت من فوقه شرفات ... كسناء أشرفن في يوم عيد

أبو الحسن علي بن هارون المنجم: أنشد له الصاحب في كتاب:

بيني وبين الدهر فيك عتاب ... سيطول إن لم يمحه الإعتاب

يا غائبا بمزاره وكتابه ... هل يرتجى من غيبتيك إياب

لولا التعلل بالرجاء تقطعت ... نفس عليك شعارها الأوصاب

لا تأس من روح الإله فربما ... يصل القطوع ويقدم الغياب

وأنشد له أبو إسحاق الصابي: في ابن الحواري وقد رثنت رجله من عثرة:

كيف نال العثار من لم يزل من ... ه مقيلا في كل خطب جسيم

أو ترقى الأذى إلى قدم لم ... تخط إلا إلى مقام كريم

أبو الحسن بن المنجم الأصغر: من طريف شعره قوله:

يقولون لم لا تستجد غزالة ... تفيد بها بعد الصدود وصالا

فقلت لهم أخشى الغزالة إن رأت ... ضنى شيخها أن تستجد غزالا

هبة الله بن المنجم: لم أسمع له أطرف وأملح من قوله:

شكا إليك ما وجد ... من خانه فيك الجلد

حيران لو شئت اهتدى ... ظمآن لو شئت ورد

يا أيها الظبي الذي ... ألحاظه تزري الأسد

أما لأسراك فدى ... أما لقتلاك قود

الراح في إبريقها ... أحسن روح في جسد

فهاتها نصلح بها ... من الزمان ما فسد

ومن طرفه قوله في أبي علي الحسن وأبي العباس الضبي لما استوزرا معا بعد الصاحب، فكان يدعى أبو علي الأستاذ الجليل وأبو العباسالأستاذ الرئيس:

والله والله لا أفلحتم أبدا ... بعد الوزير ابن عباد ابن عباس

إن جاء منكم جليل، فاجلبوا أجلى ... أو جاء منكم رئيس فاقطعوا رأسي

أبو حفص الشهرزوري: من ملحه التي كتبها عنه الصاحب بيده في سفينته:

دعوت على ثغره بالقلح ... وفي شعر طرته بالجلح

لعل غرامي به أن يقل ... فقد برحت بي تلك الملح

أبو الطيب الطاهري: من أحاسن قوله:

خليلي لو أن هم النفو ... س دام عليها مليا قتل

وقد كان شيء يسمى السرور ... قديما سعنا به ما فعل

وقوله في غلام له ناوله باقة نرجس:

لما أطلنا عنه تغميضا ... أهدى لنا النرجس تعريضا

فدلنا ذاك على أنه ... قد اقتضانا الصفر والبيضا

محمد بن موسى الحدادي البلخي: قوله:

ما بال فرقة شملنا لا تجمع ... وإلى متى يصل الزمان ويقطع

كم خلفت تلك الركاب وراءها ... من منزل فيه لنا مستمتع

والورد يلطم خده وجدا بنا ... وعيون نرجسه علينا تدمع

أبو أحمد النامي البوشنجي: كان الصاحب يحفظ أبياته ويعجب بها ويتعجب من حسنها وجودتها:

أقول ونوار المشيب بعارضي ... قد افتر لي عن ناب أسود سالخ

أشيبا وحاجات الفؤاد كأنما ... يجيش بها في الصدر مرجل طابخ

وما كان حزني للشباب وإن هوى ... به الشيب عن طود من الأنس شامخ

ولكن لقول الناس شيخ وليس لي ... على نائبات الدهر صبر المشايخ

أبو النصر الهزيمي الأبيوردي:

لما رأيت الزمان نكسا ... وفيه للرفعة اتضاع

كل رئيس به ملال ... وكل رأس به صداع

لزمت بيتي وصنت عرضا ... به عن الذلة امتناع

أشرب مما اقتنيت راحا ... لها على راحتي شعاع

لي من قواريرها ندامى ... ومن قراقيرها سماع

وأجتني من عقول قوم ... قد أقفرت منهم البقاع

بشر وكعب أمام عيني ... هذا يغوث وذا سواع

أبو محمد المطران الشاشي:

غوان أعارتها المهى حسن مشيها ... كما قد أعارتها العيون الجآذر

فمن حسن ذاك المشي جاءت فقبلت ... مواطىء من أقدامهن الضفائر

وقوله في الشراب المطبوخ:

وراح عذبتها النار حتى ... وقت شرابها نار العذاب

يزيل الهم قبل الشرب لون ... لها كشعاع ياقوت مذاب

وله في استهداء الند:

البيت أكرم الأكرمين سيره ... فيهم وأذكاهم سريره

ومن بهماته العوالي ... أضحت عيون العلا قريره

لترمني راحتاك شهبا ... مضلعات ومستديره

بلاد مجموعها ثلاث ... الهند والترك والجزيره

ولا يكن حبسها طويلا ... عني واعدادها قصيره

وقوله من قصيدة نيروزية:

قد أتاك النيروز وهو بعيد ... مر من قبله قريبا رسيل

سل سبيلا فيه إلى راحة النف ... س براح كأنها سلسبيل

واشتمالا على السرور وهل يج ... مع شمل السرور إلا الشمول

أبو الحسن اللحام الحراني: لم أسمع في تضمين الهجاء الغزل أبدع من قوله:

يا سائليعن جعفر علمي به ... رطب العجان وكفه كالجلمد

كالأقحوان غداة غب سمائه ... جفت أعاليه وأسفله ندي

والبيت الثاني للنابغة الذبياني.

ومن عجيب كناياته قوله لأبي مازن قيس بن طلحة:

أبو مازن لازم منزله ... وأصبح في الناس لا ذكر له

رماه الزمان بأحداثه ... ومن حيث أخرجه أدخله

وقوله لما صرف عن بريد الترمذ بابن مطران:

قد صرفنا وكل من ... قبلنا فهو قد صرف

وصرفنا بشاعر ... وصفه ليس ينصرف

ومن أحاسنه قوله في إفلاسه:

كنت من فرط ذكاء واشتعال ... كتلظي النار في الجزل اليبيس

فتبلدت ولا غرو إذا ... خف كيس المرء مع خفة كيس

أبو جعفر محمد بن عباس بن الحسن الوزير: قوله:

لئن أصبحت منبوذا ... بأكناف خراسان

سأسترفد صبري إن ... ه من خير أعواني

وأنجو بنجاتي إن ... قضاء الله نجاني

إلى أرض التي أرضى ... وترضيني وترضاني

إلى أرض جناها من ... جنى جنة رضوان

هواء كهوى النف ... س تصافاه صفيان

رخاء كرخاء شر ... د الشدة عن عان

وماء مثل قلب الص ... ب قد ريع بهجران

رقيق آل كالآل ... وفيه أمن إيمان

وترب هو والمس ... ك لدى التشبيه تربان

فإن سلمني الله ... وبالصنع تولاني

فأوطاني أوطاني ... وأعطاني أعطاني

وأخلى ذرعي الدهر ... وخلاني وخلاني

فإني لا أجد العو ... د ما دام الجديدان

إلى الغربة حتى تغ ... رب الشمس بشروان

فإن عدت لها يوما ... فسجاني سجاني

وللموت الوحي الأح ... مر ألقاني ألقاني

أبو القاسم عبد الله بن عبد الرحمن الدينوري: أنشدني ابنه أبو منصور قال: أنشدني أبي لنفسه في مرضه الذي توفي فيه وهو آخر شعرقاله:

مضى الإخوان فانقرضوا ... وها أنا للردى غرض

مرضت فقيل لي لا تج ... زعن فإنه عرض

وأول منزل للمر ... ء نحو مماته المرض

أبو علي الزوزني الكاتب: من أشهر شعره قوله:

الحمد لله وشكرا له ... على المعافاة من الابنه

فليس فيما المرء يبلى به ... أعظم منها في الورى محنه

وقوله:

أبعد ستين من عمري أؤمل أن ... أنال ما لم أنله في ثلاثينا

من أخطأته الأخاطي في شبيبته ... ورامها لم ينلها بعد سبعينا

أبو جعفر محمد بن عيسى الرامي: من غرر شعره قوله:

لي في المقابر درة ... أضحى الفؤاد لها صدف

لما غدت هدف البلى ... أصبحت للبلوى هدف

وقال في وصف السيف من مقصورة:

مهند كأنما صيقله ... أشربه بالهند ماء الهندبا

يختطف الأرواح في الروع كما ... يختطف الأبصار حين ينتضى

أبو طالب عبد السلام بن الحسين المأموني: من " أحاسن " شعره قوله من قصيدة في تضمين كل قصة يوسف عليه السلام:

وعصبة بات فيها الغيظ متقدا ... إذا شدت لي فوق أعناق العدى رتبا

فكنت يوسف والأسباط هم وأب الأ ... سباط أنت، ودعواهم دما كذبا

وقوله من أخرى:

لمحمد بن محمد كف بها ... يحيى الرجاء ويقتل الإعسار

وخلائق كالخمر در فعاله ... حبب لهن وما لهن خمار

حقنت يداه دم المكارم كذ غدا ... دم كل ما حوتاه وهو جبار

يا من إذا أطرى القبائل شاعر ... صلت على آبائه الأشعار

ارحم بمنكبك السماء فما يرى ... لسواك في خطط النجوم جوار

القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني: من بدائع طرفه قوله:

أفدي الذي قال وفي كفه ... مثل الذي أشرب من فيه

الورد قد أينع في وجنيتي ... قلت: فمي باللثم يجنيه

وقوله لم أسمع في التعريض بالالتجاء أحسن منه:

قد برح الحب بمشتاقك ... فأوله أحسن أخلاقك

لا تجفه وارع له حقه ... فإنه آخر عشاقك

وقوله في فصد الحبيب:

يا ليت عيني تحملت ألمك ... وليت نفسي تقسمت سقمك

وليت كف الطبيب إذ فصدت ... عرقك أجرت من ناظري دمك

أعرته صبغ وجنتيك كما ... تعيره إن لثمت من لثمك

طرفك أمضى من حد مبضعه ... فالحظ به العرق واغتنم ألمك

وقوله من قصيدة، أولها:

من أين للعارض الساري تلهبه ... وكيف طبق وجه الأرض صيبه

هل استعان جفوني فهي تنجده ... أم استعار فؤادي فهو يلهبه

ومنها:

بجانب الكرخ من بغداد لي قمر ... لولا التجمل ما أنفك أندبه

وصاحب ما صحبت الصبر من بعدت ... دياره، وأراني لست أصحبه

في كل يوم لعيني ما يؤرقها ... من ذكره ولقلبي ما يعذبه

وما البعاد دهاني بل خلائقه ... ولا الفراق شجاني بل تجنبه

ومن غرر مدحه قوله من قصيدة صاحبية:

ولا ذنب للأفكار أنت تركتها ... إذا احتشدت لم تحتفل باحتشادها

سبقت بأفراد المعاني وأل ... فت خواطرك الألفاظ بعد شرادها

فإن نحن حاولنا اختراع بديعة ... حصلنا على مسروقها ومعادها

ومن سائر معانيه السائرة قوله:

يقولون لي فيك انقباض وإنما ... رأوا رجلا عن موقف الذل أحجما

إذا قيل هذا مورد قلت قد أرى ... ولكن نفس الحر تحتمل الظما

ولم أقض حق العلم إن كنت كلما ... بدا طمع صيرته لي سلما

ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي ... لأخدم من لاقيت لكن لأخدما

أأشقى به غرسا وأجنيه ذلة ... إذا فاتباع الجهل قد كان أسلما

وله:

وقالوا اضطرب في الأرض فالرزق واسع ... فقلت: ولكن مطلب الرزق ضيق

إذا لم يكن في الأرض حر يعينني ... ولم يك لي كسب فمن أين أرزق

أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد الجوهري الجرجاني: قوله من قصيدة:

قولا لعاذلتي جمحت فلم أزد ... إلا لجاجا في الهوى وجماحا

جنح الظلام فبادري بمدامة ... بسطت إليك من العقيق جناحا

صهباء لو مرت بها قمرية ... أذكت عليها ريشها مصباحا

رعت الزمان ربيعه وخريفه ... فأتتك تهدي الورد والتفاحا

وقوله من أخرى:

يا ليلة غمضت عيني كوكبها ... ترفقي بجفون غمضها رمد

بكيت بعد دموعي في الهوى جلدي ... وهل سمعت بباك دمعه جلد

تذوب نار اشتياقي في الهوى بردا ... وهل سمعت بنار ذوبها برد

وقوله من صاحبية:

وأقسم لو رويت سيفك من دمي ... لأورق بالود الصريح وأثمرا

وقوله من أخرى:

ما إن لثمت بساط دارك خادما ... إلا ليلثم في ذراك ركابي

وقوله في الغزل:

ومغلف بالمسك في خديه ... سطرا يسوق العاشقين إليه

فما جاءه أحد ليسرق نظرة ... إلا تصدق بالفؤاد عليه

أبو الفياض الطبري: أحسن ما سمعت له قوله:

يد تراها أبدا ... فوق يد وتحت فم

ما خلقت بنانها ... إلا لسيف أو قلم

أبو علي بن أبي القاسم القاشاني:

يا ليلة جمعتني والمدام ومن ... أهواه في روضة تحكي الجنان لنا

لأشكرنك ما غنت مطوقة ... على الغصون فقد طوقتني مننا

ولم أسمع في أكل العنب غير قوله:

نهاني عذولي بل لحاني إذ رأى ... ولوعي بالأعناب أكثر قضمها

فقلت له الصهباء كانت عشيقتي ... وقد ألزمتني رقة الحال صرمها

فعللت بالأعناب نفسي كمنعظ ... نات عرسه عنه فواقع أمها

أبو بكر محمد بن العباس الخوارزمي: من وسائط قلائده قوله:

وشمس ما بدت إلا أرتنا ... بأن الشمس مطلعها فضول

تزيد على السنين سنا وحسنا ... كما رقت على العتق الشمول

ومنها:

بحمدك لا بحمد الناس أضحى ... وكيلي ليس يكفيه وكيل

وكانوا كلما كالوا، وزنا ... فصرنا كلما وزنوا نكيل

وزدت من العيال وذاك إني ... كتبت على لقائك من أعول

وعشت وناقص رزقي فأضحى ... مفاعيلن مفاعيلن فعول

وله من أخرى:

لعمرك لولا آل بويه في الورى ... لكان نهاري مثل ليل المتيم

هم جعلوني رب عبد وقينة ... ودار ودينار وثوب ودرهم

وهم خالفوني وأوطأوا في صلاتهم ... فصنت عن الإيطاء شعري فيهم

وقوله في أخرى صاحبية:

أقبل أشعاري إذا اسمك حشوها ... وأشتم ملبوسي لأنك باذله

وأخطر في حافات دار ملأتها ... طرائف باقي العيش منها وحاصله

وقوله:

بنيت الدار علية ... كمثل بنائك الشرفا

فلا زالت رؤوس عدا ... ك في حيطانها شرفا

وقوله من تشبيب قصيدة:

مضت الشبيبة والحبيبة فالتقى ... دمعان في الأجفان يزدحمان

ما أنصفتني الحادثات رمينني ... بمودعين وليس لي قلبان

وقوله من أخرى:

قلت للعين حين شامت جمالا ... من بروق كواذب الإيماض

لا يغرنك هذه الأوجه الغ ... ر فيا رب حية في رياض

وقوله من أخرى:

خليلي عهدي بالليالي صوافيا ... فما بالها أبدلن جيما بصادها

ولا تحسبا عيشي علي فإنني ... أؤرخ يوم الموت يوم افتقادها

ولست أحب الضوء إلا لوجهها ... ولا البدر إلا طالعا من بلادها

ولو أنني أنصفتها ورعيتها ... لسار فؤادي في طريق فؤادها

خليلي هل أبصرتما مثل أدمعي ... نفدت وحق الله قبل نفادها

ومن ملحه قوله:

يبكي من الموت أبو طيب ... دمع لعمري غير مرحوم

ويشتكي ما يشتهي غيره ... شكاية الخير من الشوم

وقوله:

عليك باظهار التجلد للعدى ... ولا تظهرن منك الذبول فتحقرا

ألست ترى الريحان يشتم ناضرا ... ويطرح في الميضا إذا ما تغيرا

البديع أبو الفضل أحمد بن الحسين الهمداني: من عجائب شعره قوله:

فكاد يحكيك صوب الغيث منسكبا ... لو كان طلق المحيا يمطر الذهبا

والدهر لو لم يخن والشمس لو نطقت ... والليث لو لم يصل والبحر لو عذبا

وقوله من أخرى:

يا دهر إنك لا محالة مزعجي ... عن خطتي ولكل دهر شان

فاعمد براحلتي هراة فإنها ... عدن وأن رئيسها عدنان

وقوله من قصيدة سلطانية:

تعالى الله ما شاء ... وزاد الله إيماني

أأفريدون في التاج ... أم الإسكندر الثاني

أم الرجعة قد عادت ... إلينا بسليمان

أظلت شمس محمود ... على أنجم سامان

وأمسى آل بهرام ... عبيدا لابن خاقان

إذا ما ركب الفيل ... لحرب أو لميدان

رأت عيناك سلطانا ... على منكب شيطان

أمن واسطة الهند ... إلى ساحة جرجان

ومن قاصية السند ... إلى أقصى خراسان

على مقتبل العمر ... وفي مفتتح الشأن

لك السرج إذا شخت ... على كاهل كيوان

يمين الدولة العقبى ... لبغداد وغمدان

وما يقعد بالمغر ... ب عن طاعتك اثنان

إذا شئت ففي يمن ... وفي أمن وإيمان

أبو الحسين أحمد بن فارس: من ملحه قوله:

سقى همدان الغيث لست بقائل ... سوى ذا، وفي الأحشاء نار تضرم

وما لي لا أصفي الدعاء لبلدة ... أفدت بها نسيان ما كنت أعلم

نسيت الذي أحسنته غير أنني ... مدين وما في جوف بيتي درهم

وقوله:

إذا كنت في حاجة مرسلا ... وأنت بها كلف مغرم

فأرسل حكيما ولا توصه ... وذاك الحكيم هو الدرهم

وقوله وهو في غاية الحسن:

اسمع مقالة ناصح ... جمع النصيحة والمقه

إياك واحذر أن تكو ... ن من الثقات على ثقة

براكويه الزنجاني: من ملح غرره قوله:

مضى العمر الذي لا يستعاد ... ولما يقض من ليلي مراد

بليت وذكرها عندي جديد ... وشاب الرأس واسود الفؤاد

وله:

وأهيف نالت الأيام منه ... غداة أظل عارضه الحداد

تعرض لي ومرض مقلتيه ... فما وريت له عندي زناد

فقلت ارجع وراءك وابغ نورا ... أجبت الآن إذ ظهر الفساد

فغيرك من يصيد بمقلتيه ... وغنجهما وغيري من يصاد

أبو القاسم عبد الصمد بن بابك: من ملح أشعاره قوله من صاحبيه:

كسوت الحمد ذا عرض مصون ... يمتع في حمى مال مباح

مزوح اللفظ مخدوع العطايا ... جموح العزم مجنون السماح

إذا اشتجرت على الملك العوالي ... هززت أصم موشى الجناح

يريق على الظبا ريق المنايا ... ويكحل بالردى مقل الرماح

أزرتك يا ابن عباد ثناء ... كأن نسيمه شرق براح

ولفظا ناهب الحلى الغواني ... وأهدى السحر للحدق الملاح

وقوله من أخرى:

ذو عزة كجبين الشمس لو برقت ... في صفحة الليل للحرباء لانتصبا

وقوله:

وكم كسر جبرت فكان طوقا ... على نحر الدعاء المستجاب

وقوله:

يا قلب لا تنز فالغنى عرض ... والله من كل فائت خلف

أموت صبرا ولا أرى ملكا ... يرقص في جنك أنفه الصلف

وقوله في الاعتذار من ترك التوديع:

إن لم أدعك فلي عذرة ... فأثن إليها أذنا واعية

قرت بك العين فنزهتها ... عن نظرة ليست لها ثانية

أبو إبراهيم اسماعيل بن أحمد الشاشي: من عجيب شعره قوله:

أخلاي أمثال الكواكب كثرة ... وما كل نجم لاح في الجو ثاقب

بلى كلهم مثل الزمان تلونا ... إذا سر منهم جانب ساء جانب

وكنت أرى أن التجارب عدة ... فخانت ثقات الناس حتى التجارب

وقوله:

بلوت الليالي فلم يتزن ... بأدنى الإساءة إحسانها

فلا تحمدنها على وصلها ... ففي نفس الوصل هجرانها

أبو الفتح علي بن محمد البستي الكاتب: من وسائط قلائده قوله:

لما أتاني كتاب منك مبتسم ... عن كل بر وفضل غير محدود

حلت معانيه في أثناء أسطره ... آثارك البيض في أحوالي السود

وقوله:

إذا ملك لم يكن ذاهبه ... فدعه فدولته ذاهبه

وقوله في مؤلف الكتاب:

أخ لي زكي النفس والأصل والفرع ... يحل محل العين مني والسمع

تمسكت منه إذ بلوت إخاءه ... على حالتي رفع النوائب والواضع

بأوعظ من عقل وآس من هوى ... وأوفق من طبع وأنفع من شرع

وقوله:

إذا تحدثت في قوم لتؤنسهم ... بما تحدث عن ماض وعن آت

فلا تعيدن حديثا إن طبعهم ... مؤكل بمعاداة المعادات

وقوله:

أراني الله وجهك كل يوم ... لأسعد بالأمان وبالأماني

فوجهك حين ألحظه بعيني ... يريني البشر في وجه الزمان

وقوله:

لا يستخفن الفتى بعدوه ... أبدا وإن كان العدو ضئيلا

إن القذى يؤذي العيون أقله ... ولربما جرح البعوض الفيلا

وقوله:

قلت له لما قضى نحبه ... لا ردك الرحمن من هالك

أما وقد فارقتنا فانتقل ... من ملك الموت إلى مالك

أبو سليمان الخطابي: من غرر شعره قوله:

تغنم سكون الحادثات فإنها ... وإن سكنت عما قليل تحرك

وبادر بأيام السلامة إنها ... رهون وهل للرهن عندك مترك

وقوله:

وقائل إذ رأى من حجبتي عجبا ... كم ذا التواري وأنت الدهر محجوب

فقلت: جلت نجوم العمر منذ بدا ... نجم المشيب ودين الله مطلوب

ولذت من وجل بالإستتار عن ال ... أبصار إن غريم الموت مرعوب

أبو نصر سهل بن المرزبان: من لمع شعره قوله:

قلت لما قيل لم تهجرنا ... إن أتى برد وإن ثلج وقع

أنا كالحية أشتو كامنا ... ثم أنساب إذا الصيف رجع

وقوله:

تجنب شرار الناس وأصحب خيارهم ... لتحذوهم في خير أفعالهم حذوا

فان لأخلاق الرجال وفعلهم ... إلى غيرهم عدوى توافيهم عدوا

أبو نصر محمد بن عبد الجبار العتبي:

بنفسي من غدا ضيفا عزيزا ... علي وإن لقيت به عذابا

ينال هواه من كبدي كبابا ... ويشرب من دمي أبدا شرابا

وله:

أيا ضرة الشمس المنيرة بالضحى ... ومن عجزت عن كنهها صفة الورى

عذرتك الإسلام إذ لم أحظ منك بنظرة ... فأنت لعمري الروح والروح لا ترى

وقوله في المشيب:

لما سئلت عن المشيب أجبتهم ... قول امرء في وده لم يمذق

طحن الزمان بريبه وصروفه ... عمري فثار طحينه في مفرقي

وقوله في العتاب:

لا تحسبن بشاشتي لك عن رضى ... فوحق فضلك إنني أتملق

ولئن نطقت بشكر برك مفصحا ... فلسان حالي بالشكاية أنطق

أبو عبد الله المغلسي:

كأن الشموع وقد أطلعت ... من النار في كل راس سنانا

أنامل أعدائك الخائفين ... تضرع تطلب منك الأمانا

أبو الحسين عمر بن أبي عمر النوقاني: من أبيات قصائده قوله:

خدمت لك لملوك أروض نفسي ... لآمن تحت خدمتك العثارا

وقوله:

هنيئا لإخواننا في هراة ... لقاء الكرام وماء الكروم

ففي مقلتي منذ فارقتهم ... غمام يجود بماء الغيوم

وقوله:

لعمرك إن العمر ما لا يسرني ... لموت وبعض الموت خير من العمر

وإن غني لا يأمن الفقر ربه ... لفقر، وخوف الفقر شر من الفقر

الرضي أبو الحسن الموسوي النقيب: من وسائط قلائده، قوله لأبي إسحاق الصابي

لقد تمازج قلبانا كأنهما ... تراضعا بدم الأحشاء لا اللبن

أنت الكرى مؤنسا طرفي وبعضهم ... مثل القذى مانعا عيني من الوسن

وقوله:

اشتر العز بما بي ... ع فما العز بغال

بالقصار الصفر إن شئ ... ت أو السمر الطوال

ليس بالمغنون عقلا ... مشتري العز بمال

إنما يدخر الما ... ل لحاجات الرجال

والفتى من جعل الأم ... وال أثمان المعالي

وقوله في مرض وزير:

يا دهر ماذا الطروق بالألم ... حام لنا عن بقية الكرم

إن كنت لا بد آخذا عوضا ... فخذ حياتي ودع حيا الأمم

لا در در السقام كيف رمى ... طبيب آمالنا من السقم

أخوه المرتضى أبو القاسم: من عيون شعره قوله:

يا خليل من ذؤابة قيس ... في التصابي رياضة الأخلاق

غنياني بذكرهم تطرباني ... واسقياني دمعي بكأس دهاق

وخذا النوم عن جفوني فإني ... قد خلعت الكرى على العشاق

وقوله:

أمسي يشوقني إلى أهل الغضا ... شوق يقلبني عن جمر الغضا

ولقد عراني الشيب في عصر الصبا ... حتى لبست به شبابا أبيضا

وقوله من قصيدة:

أين الذين على خد الثرى وطئوا ... وحكموا في لذيذ العيش فاحتكموا

لم يبق منهم على ضن القلوب بهم ... إلا رسوم قبور حشوها رمم

فلا يغرنك في الموتى وجودهم ... فإن ذاك وجود كله عدم

أبو الحسين المعري القنوع: من عجائب شعره قوله:

رب هم قطعته في دجى اللي ... ل بهجر الكرى ووصل الشراب

والثريا قد غربت تطلب البد ... ر بسير المروع المرتاب

كزليخا وقد بدت كفها تط ... لب أذيال يوسف بالباب

وقوله في رئيس قاعد على شط بركة:

من حول بركتك البهية سادة ال ... أدباء والشعراء والظرفاء

لو أنصفوك وهو لديك لا شبهت ... أشخاصهم أمثالها في الماء

أبو الحسين الغويري المعري: قوله:

لم تبق لي حتى ارتديت بصارم ... وعقدت مربط عاتقي بنجاد

فلأرضينك من بلاغة منطقي ... ولأعجبنك من مضاء فؤادي

ولأخدمنك قائلا أو فاعلا ... بالضرب بين يديك والإنشاد

وإذا شككت فلا تشك بأنني ... في الدهر ثالث عنتر وزياد

أبو الفهم عبد السلام النصيبيني: قوله:

قبلته أشتفي بقبلته ... فزادني ذاك اللما ألما

رسائل لي عن مبتدا سقمي ... مسقم عينيه مسقمي بهما

ابو الفتح بن أبي حصين:

وأخ مسه نزولي بقرح ... مثل ما مسني من الجوع قرح

بت ضيفا له كما حكم الده ... ر وفي حكمه على الحر قبح

فبداني يقول وهو من السك ... رة بالهم طافح ليس يصحو

لم تغربت قلت قال رسول الل ... ه والقول منه نصح ونجح

سافروا تغنموا فقال وقد قا ... ل عليه السلام صوموا تصحوا

عبد المحسن الصوري: قوله في جارية سوداء:

ومسكية النشر مسكية ال ... غدائر مسكية المنظر

تنثني وقامتها للقضي ... ب وتنظر واللحظ للجؤذر

وتحسبها في خلال الحدي ... ث تنشر عقدا من الجوهر

أبو الغوث الحمصي:

هذا العراقي له منظر ... يعرب عن هيئة تأنيث

مخنث الطبع وليست له ... خفة أرواح المخانيث

أبو الحسين المستهام الحلبي:

ذو منظر دل على مخبر ... دلالة اللفظ على المعنى

ما زال يبني كعبة للعلى ... ويجعل الجود لها ركنا

حتى أتى الناس فطافوا به ... واستلموا راحته اليمنى

تطربه الأشعار في مدحه ... ولم يضع قائلها لحنا

فليس يدري طربا عندما ... أسمعه أنشد أم غنى

أبو الغنائم الريان:

أبو الربيع ربيع ... لكل جسم وروح

إذا رأى الداء دوا ... ه باللسان الفصيح

كأنه في البرايا ... خليفة للمسيح

أبو معشر الكاتب:

إذا ما لاح أحمر مستطيلا ... حسبت الليل زنجيا جريحا

وقوله:

ورد البشير مع الصباح بأنه ... لي زائر فاستعبرت أجفاني

يا عين قد صار البكا لك عادة ... تبكين في فرحي وفي أحزاني

وقوله في ذم قوال:

ومغن غنى لي عن معن ... جاءني لحنه بأقبح لحن

كان في كفه القضيب من الغي ... ظ بإيماء أثقل الناس عني

أبو الوفاء الدمياطي: قوله:

يا ملك الوقت والزمان ... ومن علا في عظيم شان

صنفان ما استجمعا لخلق ... وجهك والفقر في مكان

الأشرف بن فخر الملك: قدم من بغداد علي ابن خالويه ظانا به الجميل، فخاب ظنه، وأخفق سعيه، فكتب إلى أخيه الأغر بن فخر الملك وهوببغداد في نعمة وحال:

إن الذي قسم الوراثة بيننا ... جعل الحلاوة والمرارة فينا

لكن أراك وردت ماء صافيا ... ووردت من جور الحوادث طينا

أو ليس يجمعني ونفسك دوحة ... طابت لنا دنيا وطابت دينا

إن كنت أنت أخي فقل لي يا أخي ... لم بت جذلانا وبت حزينا

أبو المغفر الصابوني: لم أسمع في تفاوت الشعراء أحسن من قوله:

الشعر كالبحر في تموجه ... ما بين ملفوظه وسائغه

فمنه كالمسك في نوافحه ... ومنه كالمسك في مدابغه

أبو محمد المخزومي: من عجائب غرره قوله:

العيب في الخامل المغمور مغمور ... وعيب ذي الشرف المذكور مذكور

كفوفة الظفر تخفي من مهانتها ... ومثلها في سواد العين مشهور

وقوله في ذكر معائب البدر:

لو أراد الأديب أن يهجو البد ... ر رماه بالخطبة الشنعاء

قال يا بدر أنت تغر بالسا ... ري وتغري بزورة الحسناء

كلف في شحوب وجهك يحكي ... نكتا فوق وجنة برصاء

ويريك السرار في آخر الشه ... ر شبيه القلامة الحجناء

فإذا البدر نيل بالهجو فليخ ... ش أولو العقل ألسن الشعراء

ومن أحسن ما قيل في خط العذار، قوله:

عرضت نفسي للحتوف بعارض ... كالورد نداه الصباح بطله

متوشح زغب العذار كأنما ... ألقى عليه الصدغ سمرة ظله

أبو القاسم بن المطرز: من أحاسن شعره قوله:

سرى مغرما بالعيش ينتجع الركبا ... يسائل عن بدر الدجى الشرق والغربا

إذا لم تبلغني إليكم ركائبي ... فلا وردت ماء ولا رعت العشبا

على عذبات الجزع من ماء تغلب ... غزال يرى ماء القلوب له شربا

إذا ملأ البدر العيون فعنده ... لعينك بدر يملأ العين والقلبا

وقوله:

يا صاحبي باعلام المدينة لي ... ظبي إذا أنست عيني به نفرا

إذا تبسم واستحلى محاسنه ... طرفي خلعت عليه السمع والبصرا

فإن رنا قلت عن عين الغزال رنا ... وإن مشى قلت غصن يحمل القمرا

أبو القاسم علي بن محمد البهدلي: قوله:

من أنا عند الله حتى إذا ... أذنبت لا يغفر لي ذنبي

العفو يرجى من بني آدم ... فكيف لا يرجى من الرب

وقوله وقد سأله صديق عن نيسابور غير مرة:

تغرى بنيسابور تسأل دائبا ... عن أهلها مستكشفا عن حالها

نعم المدينة لو وقيت جفاءها ... من أهلها وسلمت من أوحالها

أبو العباس خسرو بن فيروز بن ركن الدولة: قوله:

ولما إن تنفس صبح شيبي ... طوى عني رداء الحسن طيا

تولت منيتي عني فرارا ... ترى وصلي لدى الفتيت غيا

فقلت هجرت يا سؤلي فقالت ... وهل تبقى مع الصبح الثريا

أبو علي بن مسكويه: يهنىء ابن العميد بقصر جديد انتقل إليه:

لا يعجبنك حسن القصر تنزله ... فضيلة النفس ليست في منازلها

لو زيدت الشمس في أبراجها شرفا ... ما زاد ذلك شيئا في فضائلها

ومن غرره قوله:

أصبحت دينا على الدنيا لآخرتي ... رسل المنايا تقاضاها وتمطل بي

وصرت أجرد والأحداث تجردني ... دأب الجراد إذا استولت على العشب

الأستاذ الصفي أبو العلاء بن حسول:

وبي إلى الدهخدا شوق يؤرقني ... وإن تغير عما كنت أعهده

فيه سجايا من المعشوق أعرفها ... تجني على عاشقيه ثم يجرد هو

وقال في الرمد من قصيدة:

قد صدني رمد ألم بناظري ... عن قصد خدمة بابه ولقائه

أفيستطيع الرمد أن يستقبلوا ... لمعان ضوء الشمس في لألائه

وله في هجاء مستبدع:

يا ابن بدر إن أغفلتك الليالي ... فللؤم ودقة وهوان

إنما استقذرتك ميتا فعافت ... ك وعوفيت من صروف الزمان

هن تغرى بالمكرمات وأهلي ... ها فعش من صروفها في أمان

وقوله في حكمة بالغة:

قد قلبت البلاد غورا ونجدا ... وقلبت الأمور ظهرا لبطن

فرأيت المعروف خير سلاح ... ورأيت الإحسان خير مجن

القاضي أبو بكر الأسكي:

يا غزالا هو للحس ... ن مقر ومحط

لم تكن أنت بهذا ال ... حسن والبهجة قط

إذ بدا في ورد خدي ... ك من العنبر خط

وقوله:

لما لحاني العذال قلت لهم ... والدمع نظم والصبر مبثوث

مروا دعوني كذا على أسفي ... بيني وبين الهوى أحاديث

وقوله في زوال الدولة والانقراض:

تخيل شدة الأيام لينا ... وكن بصروف دهرك مستهينا

أألم تر دورهم تبكي عليهم ... وكانت مألفا للعز حينا

وقفنا معجبين بها إلى أن ... وقفنا عندها متعجبينا

أبو سعد بن خلف الهمذاني: قوله في غلام يشتكي ضرسه:

عجبا لضرسك كيف يشكو علة ... وبجنبها من ريقك الترياق

هلا كمثل سقام ناظرك الذي ... عافاك وابتليت به العشاق

أو عقربي صدغيك إذ لدغا الورى ... وحماك من حميهما الخلاق

وقوله:

أصرح بالشكوى ولا أتأول ... إذ أنت لم تجمل فلم أتجمل؟

أفي كل يوم من هواك تحامل ... علي ومني كل يوم تحمل؟

وإني على ما كان منك لصابر ... وإن كان من أدناه يذبل يذبل

وما ادعي أني جليد، وإنما ... " هي النفس ما حملتها تتحمل "

وقوله من قصيدة فخرية يذكر فيها بدر بن حسنويه:

هو سيف دولتك الذي أغنيته ... بطويل باعك عن وسيع خطاه

فالرخ بدر والملوك بيادق ... والأرض رقعتها وأنت الشاه

أبو القاسم بن الحريش الأصفهاني:

وليل خدارى الجناح مخدر ال ... صباح حرون النجم طاولته فكرا

كأن النجوم الزهر فيه لآلىء ... غدت في يدي خرقاء تنثرها نثرا

ومن أحاسن قوله:

سألت زماني وهو بالجهل عالم ... وبالسخف مهتز وبالهزل مختص

وقلت له هل من طريق إلى العلى ... فقال طريقان الوقاحة والنقص

وقوله في الغزل:

المسك من عرفه والراح من فمه ... والورد من خده والدعص في أزره

تعجبت بابل من سحر مقلته ... والروم من وجهه والزنج من شعره

أبو الفرج علي بن الحسين بن هندو:

صح بخيل العلا إلى الغايات ... ما غناء الأسود في الغابات

أي فرق وبيضنا مغمدات ... بين أغمادنا وبين الظبات

مولد الدر حماة فإذا سا ... فر حلي التيجان واللبات

وقوله في الشكوى:

ضعت بأرض الري في أهلها ... ضياع حرف الراء في اللثغة

فصرت فيها بعد نيل الغنى ... يعجبني أن أبلغ البلغة

وقوله:

لنا ملك ما فيه للملك آلة ... سوى أنه يوم السلام متوج

أقيم لا صلاح الورى وهو فاسد ... وكيف استواء الظل والعود أعوج

وقوله في الغزل

وحسبي ما أخرت كتبي عنكم ... لقول وشاة أو كلام محرش

ولكن دمعي إن كتبت مشوش ... كتابي وما نفع الكتاب المشوش

أبو البركات علي بن الحسين العلوي:

كم شادن قد كان بدرا فاكتسى ... خطين حول عذاره لم يكتبا

دارت مكان القرط منه عقرب ... يا من رأى بدرا يقرط عقربا

وقوله:

هنيئا لكم يا أهل غزنة قسمة ... خصصتم بها في الناس من هذه الدنيا

دراهمنا تجبى إليكم وثلجكم ... يرد إلينا هذه " قسمة ضيزى "

النجم: 22 " القاضي أبو أحمد منصور بن محمد الهروى:

يوم دجن هواؤه ... فاختى رداؤه

مطرتنا مسرة ... حين صابت سماؤه

أشبه الماء راحه ... وحكى الراح ماؤه

وقوله في ضيق عيني غلام تركي:

خشفت من الترك مثل البدر طلعته ... يحوز ضدين من ليل وإصباح

كآن عينيه والتفتير كحلهما ... آثار ظفر بدت في صحن تفاح

وقوله في الورد الأصفر:

يسعى إليك مع المدام بوردة ... صفراء يحكيها لمن يتفرس

كعب من الميناء ركب فوقه ... جام من الذهب السبيك مسدس

أبو روح ظفر بن عبد الله الهروي: لم أسمع في مدح الطفيلي إلا قوله:

إن الطفيلي له ذمة ... زادت على ذمة ندماني

لأنه جاء ولم أدعه ... مبتدئا منه باحسان

أحبب بمن أنساه لا عن قلى ... وهو ذكور ليس ينساني

مائدتي للناس مبسوطة ... فليأتها القاصي مع الداني

ومن غرره قوله لأبي الفتح البستي:

بأبي وأمي من شمائله ... ريح الشمال تنفست سحرا

وإذا امتطى فلما أنامله ... سحر العقول به وما سحرا

أبو عبد الله الحسين بن علي البغوي:

إن كان يظلمني دهري فان له ... سجية ظلم أهل الفضل والشرف

إن كنت في سمل فالسيف في خلل ... والخمر في خزف والدر في الصدف

وقوله:

غمائم من جفوني وهي منشاة ... مما بقلبي من غم ومن غمم

وبرقها نار شوقي ريحها نفسي ... ورعدها أنتي والقطر فيض دم

وأرضها صحن خدي وهي ممحلة ... أعجب بمحل يرى من صيب الديم

أبو القاسم عبد الصمد بن علي الطبري: من ملحه قوله:

ومعذر نقش الجمال بمسكه ... خدا له بدم القلوب مضرجا

لما تيقن أن نرجس عينه ... سيف له جعل النجاد بنفسجا

وقوله من قصيدة:

ولقد ألفت فناء بيتي لابسا ... حلل الغنى إلف القطا أفحوصا

لم أدرع طمعا ولم أمدد يدا ... نحو اللئام ولا زجرت قلوصا

اجتاب إن خصرت أنامل راحتي ... من نسيج دني جبة وقميصا

وإذا أردت منادما لم تلفني ... إلا علي غر العلوم حريصا

فترى الكتاب مجالسا لي مودعا ... سمعي فصولا تبتغي وفصوصا

أبو حفص عمر بن علي المطوعي: من عجيب شعره قوله:

يا رب ليل لو تجس ... م لم يكن غير الغداف

بتنا به وشرابنا ... صرف كعين الديك صاف

يسعى بذاك مهفهف ... بمحاسن الطاؤس واف

ولنا مغن لحنه ... كالعندليب بلا خلاف

حتى سمعت تجاوت ال ... عصفور من شجر الخلاف

ورأيت باز الصبح من ... شور القوادم والخوافي

ومن سائر بدائعه قوله في نور الخلاف المسكي:

قم هات دهقانية ... وعليك بالكأس الدهاق

أو ما ترى نور الخلا ... ف كأنه نور الوفاق

وقوله فيه:

أو ما ترى نور الخلاف كأنه ... لما بدا للعين نور وفاق

كأكف سنور ولكن نشره ... يسعى بفأر المسك في الآفاق

أبوب علي الحسن بن أبي الطيب الباخرزي: من ملحه وطرفه قوله في قينة بيدها كأس:

ظللت أفكر طول النها ... ر وقد حملت ذهبي العقار

أفي يدها ذهبي العقا ... ر أحسن أم ذهبي السوار

وقوله في ذم الشراب:

لا تسقنيه فإني أيها الساقي ... أخاف يوم التفاف الساق بالساق

هذا الشراب تهيج الشر نشوته ... فميز الشر عنه واسقني الباقي

وقوله في أكول:

لنا صاحب للزاد آكل من رحى ... ولكنه للراح أشرب من قمع

إذا نحن ضفناه تغير وجهه ... ومهما أضفناه تلألأ كالشمع

وقوله في بخيل الطعام:

دعاني أحمد قبل الشروق ... وأمسكني إلى وقت الطروق

ولما جعت عشاني لديه ... بقرص الشمع مع بيض الأنوق

أبو محمد العبد لكاني: من ملحه وطرفه قوله:

يا رب وفقني للخير ... وأقتل عدوي بيدي غيري

وقو أيري إن عيش الفتى ... لذته في قوة الأير

وقوله:

صاف الملاح ولا تجاور غيرهم ... فجميع أحوال الملاح ملاح

والإنحجار إذا تبدت حاجة ... رفق الفتى والدرهم الصياح

وقوله:

أبو جعفر بعض عمالكم ... كثير الفضول قليل الحجا

وقد كان من قبل مستدخلا ... فلما التحى صار مستخرجا

وقوله:

إذا كنت متخذا ضيعة ... فإياك والشركاء الوجوها

لأنك تقرأ " إن الملوك ... إذا دخلوا قرية أفسدوها "

من سورة النمل: 34 " الشيخ أبو الفتح مسعود بن محمد بن الليث: من غرر قوله في الغزل:

يا راميا من لحظ طرفك أسهما ... تقبيل وردة وجنتيك شفائي

عجبا لطرفك كيف دائي كامن ... فيه وثغرك كيف فيه دوائي

وقوله:

حبيب زارني والليل داج ... وفي عينيه تفتير المدام

وقد نال الكرى من مقلتيه ... منال الحادثات من الكرام

أبو محمد عبد الله بن محمد الدوغاباذي: من عجائب شعره في الغزل:

ونمل عذاره نقلت إليه ... وهن ضعائف حب القلوب

نقلن له القلوب وهن ضعفى ... فكيف إذا قدرن على الدبيب

وقوله:

مري جفنك الممراض من غير علة ... يشم سيفه إنا أتيناه عودا

وقوله:

سلا صدغه المسكي كيف قراره ... على نار خديه وكيف يكون

ويشرب من فيه المدام معلقا ... على لهب إن الجنون فنون

وقوله من سلطانية:

الملك بعد نظام الدين محمود ... للقائم الملك المنصور مسعود

إن كان داؤد جاد الغيث تربته ... ولي فهذا سليمان بن داود

لا يطمعن أحد في الملك يملكه ... والسيف في يد مسعود بن محمود

يسقي الكماة كؤس الموت مترعة ... على غناء صهيل الضمر القود

ومنها:

طويل عمر المساعي والندا أبدا ... قصير عمر الأعادي والمواعيد

يداه فوق أكف الناس كلهم ... عزا وتحت شفاه السادة الصيد

القاضي أبو الفضل أحمد بن محمد اللوكري:

الدهر يلعب بالفتى ... لعب الصوالج بالكره

أو لعب ريح عاصف ... عصفت بكف من ذره

ويقوده نحو السعا ... دة والشقاء بلا تره

الدهر قناص وما ال ... إنسان إلى قبره

الشيخ أبو بكر علي بن الحسن القهستاني: من غرر بدائعه قوله من قصيدة في الشيخ العميد أبي سهل الحمدوي:

ما بال هذا القلب لا يرعوي ... وقد درى أن قد هوى من هوي

هوى ببست وببلخ هوى ... ثان فما هذا الهوى الغزنوي

ثلاثة والحق في واحد ... والقول بالإثنين للمانوي

هيهات إن الدهر ما قد ترى ... أعضل قرن عسر ملتوي

فاحمد الله ومن بعده ... فأحمد بن الحسن الحمدوي

قد نشر الله تعالى به ... ما كان من صحف المعالي طوي

أشهد بالله وآلائه ... يمين حق غير ذي مثنوي

لو بصر بنت شعيب به ... قالت له هذا الأمين القوي

وقوله من قصيدة شمسية:

أقمت لي قيمة مذ صرت تلحظني ... شمس الكفاة بعيني محسن النظر

كذا اليواقيت فيما قد سمعت به ... من طول تأثير جرم الشمس في الحجر

الشيخ العميد أو نصر منصور بن مشكان: مما علق بحفظي من غرر أشعاره قوله لأبي العلاء بن حسول:

جمال الورى ما المجد إلا مطية ... يمينك أضحى مالكا لفيادها

جلت بك قسرا عن بلادك عصبة ... رأت لك فضلا لم يكن في سوادها

كذا عادة الغربان تكره أن ترى ... بياض البزاة الشهب بين سوادها

وقوله:

لما تركت الشعر نكب معرضا ... عني فقل في معرض عن معرض

الشيخ العميد أبو سهل محمد بن الحسن: من أبيات قصائده قوله:

لقد نثر الدرين لفظا وعبرة ... وقد نظم الدرين عقدا ومبسما

وهذا أجود ما قيل في معناه لأنه جمع في بيت واحد ما فرق في أبيات وأحسن الترتيب، وأنشدني لنفسه في نتفة خمرية:

كشعاع في هواء ... تتحاماه العيون

هي في الدن جنين ... وهي في الرأس جنون

وقوله:

تقولين إني قد شكوت من الهوى ... لعلك قد قايست حالي بحالك

وقوله في ساع مات بزوزن يقال له حميد:

يا ويح أهل القبور لما ... حل حميد بهم جوارا

لو راح عند الإله ساع ... أشعل فيهم هناك نارا

وقوله في قصيدة شمسية:

عجبت من الأقلام لم تبد خضرة ... وباشرن منه كفه والأناملا

لو أن الورى كانوا كلاما وأحرفا ... لكان " نعم " منها وباقي الأنام " لا "

الشيخ العميد أبو الطيب طاهر بن عبد الله: من أشهر شعره قوله:

إذا بلغ الحوادث منتهاها ... فرج بعيدها الفرج المظلا

فكم كرب تولى إذ توالى ... وكم خطب تجلى حين جلا

وقوله:

قالوا: تبدى شعره فأجبتهم ... لا بد من علم على ديباج

والبدر أبهى ما يكون جماله ... إذ كان ملتحفا بليل داج

الشيخ العميد أبو سهل أحمد بن الحسن الحمدوي: من عجيب شعره قوله في سراج غير مضيء:

ظلمتك الليل يا سراجي ... ظلمة كفر ويأس راجي

وقوله في الحكمة والموعظة الحسنة:

الخمر عنوان الفساد ... ورتاج أبواب السداد

ادمانه أصل الضلا ... ل وحبه رأس العناد

والعمر زورة طائف ... يأتيك ما بين الرقاد

قد زل من ركب الفسا ... د عن الطريقة والرشاد

فاحذر أبا سهل وتب ... من قبل ميعاد المعاد

واقلب إلى نور الهدى ... قلبا به أثر السواد

من قبل عجزك باللسا ... ن وقبل ضعفك بالفؤاد

فكأنني بك راكبا ... أجيادهم بدل الجياد

ترد القيامة فارغا ... متنحيا من خير زاد

كيف الجواب عن السؤا ... ل متى يناديك المناد

لا ذخر لي بين الجمي ... ع من الحواضر والبوادي

إلا شهادة واثق ... بالله عن صفو اعتقاد

ومشفع عند السؤا ... ل بعفو أمته ينادي

الشيخ العميد أبو الفتح المظفر بن الحسن الدامغاني: من قصيدة في شمس الكفاة:

فسد الأنام فما ترى ... إلا ذئابا أو ذبابا

هذا يصول فان يصب ... لم يأل عقرا وانتهابا

ويحوم ذاك على اذا ... ك فلا تزال به مصابا

فابسط حسامك في الذئا ... ب فلا تدع ظفرا ونابا

واصبب على الدبان من ... عذبات مقرعك العذابا

ومن قصيدة في الشيخ العميد أبي سهل الحمدوي:

بأبي طلوعك أيها القمر ... حتى متى يا بدر تنتظر

يا مجملا فيه الجمال له ... خصر كحظى منه مختصر

العشق أول أمره نظر ... كم خاض في دم عاشق نظر

والمجد يحمد فعل أحمده ... في كل ما يأتي وما يذر

الحمدوي المكتفي بندى ... كفيه ما أمسك المطر

الأمير أبو الفضل عبيد الله بن أحمد المكيالي: من عجيب شعره وطريفه، قوله

ونبئتها يوما ألمت بجنة ... تنزه طرفا في الأزاهير والخضر

فابصر رب الباغ رمان صدرها ... فقال اطرحيه عنك يا لصة الشجر

فناداه نور الجلنار بخدها ... كذبت فهذا النور اطلع ذا الثمر

وقوله:

ما سبى عقلي المدام الرحيق ... بل جفون نشوانها لا يفيق

حين غصن الشباب غض وريق ... ومزاج الشباب غصن وريق

ثم بان الصبا وعف التصابي ... وتجافى الهوى وخف الحريق

وقوله في التفاؤل بالبنفسج:

يا مهديا لي بنفسحا أرجا ... يرتاح صدري له وينشرح

بشرني عاجلا مصحفه ... بأن ضيق الأمور ينفسح

وقال أيضاً في ضد ذلك:

يا مهديا لي بنفسجا سمجا ... وددت لو أن أرضه سبخ

أنذرني عاجلا مصحفه ... بأن وصل الحبيب ينفسخ

الأمير أبو إبرهيم نصر بن أحمد الميكالي: من بديع شعره قوله في قينة تسمى ده هزاره:

تبدى النور والقمري أضحى ... يحاكي في ترنمه هزاره

وغض العيش والدنيا ولكن ... أمر العيش فرقة ده هزاره

وقوله في تراجع شربه:

شرب الراح شرب الهيم دهرا ... فصرت الآن أشرب بالتكلف

ويكفيني عمير دون عمرو ... وما ضر التخلف في التخلف

وقوله لبعض أصحابه:

حسبتك لب الجود بذلا وهمة ... فأدخلت فيما كنت أحسبه وهنا

فكنت كما قدرت لب سماحة ... ولكن لب الجوز إذ فارق الدهنا

الشيخ السيد أبو الحسن مسافر بن الحسن: أخرت ذكر شعره كما يؤخر تقديم الحلواء على الموائد، وكتبت منه أنموذجا يدل على ما وراءه منالشعر الكتابي السهل الجزل إلى أن ألحق به ما يقع إلي منه إن شاء الله.

كتب إلى مؤلف الكتاب جواباً عن شعره:

أهلا ببرك يا أخا الإكرام ... في حالتي ترحلي ومقامي

أتحفتني في مشهدي بظرائف ... عزت على الألفاظ والأقلام

حتى إذا ما غبت عنك وصلتها ... بلطائف دقت عن الأوهام

يا من يحل من المحاسن والعلى ... والمكرمات ذرى السنام السامي

ومن اغتدى ربع الفضائل مشرقا ... بمكانه وخلا من الإظلام

آدابه في سائر الآداب لل ... بلغاء كالأعياد في الأيام

مهلا فإني قاصر عما مضى ... بالذكر دون الفعل غير مسام

لا تثقلني بالزيارة إنني ... أزداد من خجل ومن إفحام

لكن همك لم يزل وقفا على ... أن تردف الإنعام بالإتمام

فاعذر قصوري عن جوابك إنه ... مهما صفا لي غاية الإنعام


المرقصات والمطربات

من محاسن الجاهلية إمامهم وحامل لوائهم أمرؤ القيس، من مرقصاته قوله:

كأن قلوب الطير رطباً ويابساً ... لدى وكرها العناب والحشف البالي

وقوله:

كأن عيون الوحش خول خبائنا ... وأرجلنا الجذع الذي لم يثقب

وقوله:

سموت إليها بعدما نام أهلها ... سمو حباب الماء حالاً على حال

وقوله:

وقد أغتدي والطير في ركناتها ... بمنجرد قيد الأوابد هيكل

وهذه المعاني ولد منها شعراء المشرق والمغرب، وتطارحوا في الأخذ منها، " النابغة الذبياني ": له من المرقصات وله في النعمان بن المنذر:

وإنك كالليل الذي هو مدركي ... وإن خلت أن المنتأى عنك واسع

ومن المرقص المطرب قوله في الفرج:

وإذ طعنت في مستهدف ... رابي المحبة بالعبير مقرمد

وإذا نزعت عن مستحصف ... نزع الحزّور بالرشاء المحصد

وإذا يعض تشده أنيابه ... عض الكبير من الرجال الأدرد

وقوله للنعمان:

لا تقذفني بركن لا كفاء له ... وأن تأثفك الأعداء بالرفد

هذا وحي بالأشارة إلى إغراء أعدائه وأجتماعهم عنده في مضرتهوقوله:

كان مجرّ الرامسات ذيولها ... عليه حصير نمقته الصوانع

وقد صار قوله إماماً لكثير من الشعراء حذوا عليه، وأقتبسوا منه، ومنه قوله:

وأنت بيع ينعش الناس سيبه ... وسيف أعيرته المنية قاطع

مما وقع له في التمثيل من المرقصات قوله:

نبئت أن أبا قابوس أوعدني ... ولا قرار على زأر من الأسد

ومن التشبيهات العقم ندهم قوله في طيور الحرب:  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 7

تراهن خلف القوم خزراً عيونها ... جلوس الشيوخ في ثياب المرائب

وهي ثياب فيها خطوط " عنترة "، أن كانوا قد جلوه في ترتيب الكتاب المصنف في أشعار الجاهلية آخراً فأنه المتقدم بالنظر إلى معانيالغوص فمن يصدر عن فكرته مثل قوله:

جادت عليه كل عين ثرة ... فتركن كل حديقة كالدرهم

وخلا الذباب بها فليس ببارح ... غرداً كفعل الشارب المترنم

هزجاً يحك ذراعه بذراعه ... قدح المكب على الزناد الأجذم

ومن جملة هذه القصيدة:

ولقد ذكرتك والرماح نواهل ... مني وبيض الهند تقطر من دمي

فودت تقبيل السيوف لأنها ... لمعت كبارق ثغرك المتبسم

ومن محسناته في التشبيه قوله:

يدعون عنتر والرماح كأنها ... أشطان بئر في لبان الأدهم

طرفة: ورد في شعره مرقص كدّره إستغلاق لغته وهو قوله:

يشق حباب الماء حيزومها بها ... كما قسم الترب المقابل باليد

وهذا عندهم من التشبيه العقيم يصف به السفينة في شقها البحر وإنقسام الموج عن حريتها والمقابل الملاعب بالتراب الذي يقسمه ليخفيفي أحد أقسامه ما يستخرجه صاحبهومما يدخل في المطرب قوله:

فسقى ديارك غير مفسدها ... صوب الحياء وديمة تهمي

وقوله:

والستر دون الفاحشات وما ... يلقاك دون الخير من ستر

لو كنت من شيء سوى بشر ... كنت المنّور ليلة البدر

زهير: أكثر ما إشتهرت به الحكم والأمثال مما يدخل في طبقة المقبول، وأستحسنوا له في التشبيه قوله:

كان فتات العهن في كل منزل ... نزلن به حب الفنا لم يحطم

وحب الفنا هو عنب الثعلب، وهو إذا لم يحطم أحمر، وقوله:

بكرن بكور أو أستحزن بسحره ... فهي لوادي الرأس كاليد للفم

ويدخل له في المطرب قوله:

وأبيض فياض يداه غمامه ... على معتفيه ما ثغب فواضله

تراه إذا ما جئته متهللاً ... كأنك تعطيه الذي أنت سائل

وقوله:

وفيهم مقامات حسان وجوههم ... وأندية ينتابها القول والفعل

على مكثريهم رزق من يعتريهم ... وعند المقلين السماحة والبذل

وما يك من فعل أتوه فإنما ... بناه لهم آباء آبائهم قبل

وهل بنبت الخطى إلا وشيجة ... وتغرس إلا في منابتها النخل

وقوله:

ومن لم يصانع في أمور كثيرة ... يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم

ومن يعص أطراف الزجاج فإنه ... يطيع العوالي ركبت كل لهذم

علقمة ": قوله معاني الغوص في شعره معدومة، وأقرب ما وقع له:

أوردتها وصدور العيس مسنفة ... والصبح الكوكب الدري منحور

يشير إلى أن كوكب الصبح مثل سنان الحربة طعن به فسال منه دم الشفق، وإذا تبين هذا المعنى كان من المرقصات، وقد بينته في قولي:

كم زرته ورواق الليل منسدل ... مسهم راق إعجباً بأنجمه

وأبت والصبح منحور بكوكبه ... وسائل الشفق المحمّر من دمه

وقوله:

يحملن أترجة نضخ العبير بها ... كأن تطيابها في الأنف مشموم

يشير إلى ما نال هذه المرأة من مضض السير، وأصفرار لونها كالأترجة، وأنها ما تحركت زيد طيباً خلافاً للتحرك البشري، " ومنه " أخذ إبنالرومي وغيره تشبيه المرأة بالروضة لطيب غرها في السحر بخلاف أنفاس البشر.

أعشى بكر ": أكثر ما وقفت عليه من أوصافه الخمرية التي إشتهر بها أعرابية جافية يخرجها جفاء نمطها عن المرقص وإن كانت حسنةالتشبيه وأقرب ما له من ذلك قوله:

تريك القذى من دونها وهي دونه ... إذا ذاقها يتمطق

ومن مطرباته قوله:

وترى الزق لدينا مترعاً ... حبشياً كب عمداً فأنبطح

ومنها قوله:

والشعر يستنزل الكريم كما ... ينزل رعد السحابة السبلا

ومن مرقصات قوله:

غراء فرعاء مصقول عوارضها ... تمشي الهوينا كما يمشي الوجى الوحل

كأن مشيتها من بيت جارتها ... مشي السحابة لا ريث ولا عجل

وقوله:

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 8

الست منتهياً عن تحت أثلثنا ... ولست ضائرها ما ألمت الأيل

كناطح صخرة يوماً ليوهيها ... لم يضرها وأوهى قرنه الوعل

ومن مطرباته قوله:

وأن عتاق الخيل سوف يزوركم ... ثناء على أعجازهن معلق

به تنقص الأحلاس في كل منزل ... وتعقد أطراف الرجال وتطلق

لعمري لقد لاحت عيون كثيرة ... إلى ضوء نار باليفاع تحرق

تشب لمقرورين يصطليانها ... وبات على النار الندى والمحلق

رضيعي لبان ثدي أم تقاسما ... بأسحم داج وض لا نتفرق

ترى الجود يجري ظاهراً وق وجهه ... كما زان متن الهندواني روتق

وهذا البيت لاحق بالمرقصات وما جرى هذا المجرى، وهو واقع في شعر العرب فإنه مرقص " أعشى بأهله " له في المرقصات وله:

أن تقتلوه فقد أشجاكم زمناً ... كذلك الرمح ذو النصلين ينكسر

لا يأمن القوم ممساه ومصبحه ... من كل أوب وإن لم يغز ينتظر

قيس بن الحطيم ": يدخل في أصحاب ماني الغوص بقوله:

تبدت لنا كالشمس تحت غمامة ... بدا حاجب منها وضنت بحاجب

وقوله:

إني شربت وكنت غير شروب ... وتقّرب الأحلام غير قريب

ما تمنعي يقظي فقد نولته ... في النوم غير مصرد محسوب

كان المنى أن نلتقي فلقيتها ... فلهوت من لهو أمريء مكذوب

فرأيت مثل الشمس عند طلوعها ... في الحسن أو كدنوها لغروب

والمرأة الرقيقة اللون يكون بياضها بالغداة يضرب إلى الحمرة وبالعشي يضرب إلى الصفرة، ولذلك قال الأعشى:

بيضاء ضحوتها وصفراء العشية كالعراره

المخضرمون - " حسان بن ثابت ": شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤيد بروح القدس مما ألحقه معاني التخيل الغوص بطبقة المطربقوله:

لله در عصابة نادمتهم يوماً بجلق في الزمان المقبل

بيض الوجوه كريمة أحسابهم ... شم الأنوف من الطراز الأول

أولاد جفنة حول قبر أبيهم ... قبر إبن مارية الكريم المفضل

الملحقين فقيرهم بغنيهم ... المشفقين على اليتيم الأرمل

يغشون حتى ما تهر كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل

وقوله:

أصون عرضي بمال لا أدنسه ... لا بارك الله بعد العرض في المال

أحتال للمال أن أودى فأكسبه ... ولست للعرض أن أودى بمحتال

وقوله لأبي سفيان بن الحرث في المجاوبة عن النبي صلى الله عليه وسلم:

وأنت رنيم نيط في آل هاشم ... كما نيط خلف الراكب القدح الفرد

لبيد بن ربيعة ": هو معدود في شعراء النبي صلى الله عليه وسلم وقع له في طبقة المرقص قوله:

وغداة ريح قد وزعت وقّرة ... إذا صبحت بيد الشمال زمامها

وفي طبقة المطرب قوله:

إن الرزية لا رزية مثلها ... فقدان كل أخ كمثل الكوكب

وقوله:

ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب

وقوله:

وما المرء إلا كالشهاب وضوئه ... يحور رماداً بعد زهو ساطع

وما المال والأهلون إلا ودائع ... ولا بد يوماً أن ترد الودائع

أليس ورائي إن تراخت منيتي ... لزوم العصا نحني عليها الأصابع

أخبر أخبار القرون التي مضت ... أدبّ كأني كلما قمت راكع

فأصبحت مثل السيف أخلق جفنه ... تقادم عهد القين والنصل قاطع

النابغة الجعدي ": هو من شعراء النبي صلى الله عليه وسلم، وأنشدوا له في التشبيهات العقم قوله:

كليب لعمري كان أعظم ناصراً ... وأيسر جرماً منك ضرّج بالدم

رمى ضرع ناب فأستقل بطعنه ... كحاشية البرد السيماني المسهم

ووقع في طبقة المرقصات قوله في صفة الفرس:

كانّ تماثيل أرساغه ... رقاب وعول على مشرب

وقوله في المطرب:

سألتني عن أناس هلكوا ... أكل الدهر عليهم وشرب

الحطيئة ": إثبتوا له في التشبيهات العقم قوله في لغام الناقة:  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 9

ترى بين لحييها إذا ما تلغمت ... لغاماً كبيت العنكبوت المدد

ومن مرقصاته قوله:

كسوب ومتلاف متى ما سألته ... تهلل وأهتز إهتزاز المهند

ومن مطرباته قوله:

هم القوم الذين إذا ألمت ... من الأيام مظلمة أضاؤا

وقوله:

الحمد لله أني في جوار فتى ... حامي الحقيقة نفاع وضرار

لا يرفع الطرف إلا عند مكرمة ... من الحياء ولا يغضى على عار

عمرو بن شاس ": له صحبة ووقع له في المطربات قوله:

إذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا ... كفى للمطايا نور وجهك هادياً

أليس يزيد العيس خفة أذرع ... وإن كن حسرى أن تكون أمانيا

الشماخ ": له المطرب قوله:

إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة باليمين

ومن التشبيهات العقم قوله في القوس:

إذا أنبض الرامون عنها ترنمت ... ترنم ثكلى أوجعتها الجنائز

عبيدة بن الطبيب ": له في المطرب قوله:

فما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدما

متعمم بن نويرة ": له في المطرب قوله في رثاء أخيه مالك.

وقالوا أتبكي كل قبر رأيته ... لقبر ثوى بين اللوى والدكادك

فقلت لهم أن الأسى يبعث الأسى ... دعوني فهذا كله قبر مالك

كعب بن زهير ": مما يلحق بطبقة المرقص قوله.

وما تمسك بالوعد الذي وعدت ... إلا كما يمسك لماء الغرابيل

عمرو بن معدي كرب ": له في المطرب قوله:

فلو أن قومي أنطقتني رماحهم ... نطقت ولكن الرماح أجرت

العباس بن مرداس ": له في المطرب قوله:

نعوض للسيوف إذا إلتقينا ... وجوهاً ما نعرض للطام

أبو الطمحان القيني ": له في المطرب قوله:

وإني من القوم الذين هم هم ... إذا غاب منهم كوكب قام صاحبه

أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم ... دجى الليل حتى نظم الجزع ثاقبه

الخنساء ": لها في المرقص قولها:

وأن صخر التأتم الهداة به ... كأنه علم في رأسه نار

وقولها:

يذكرني طلوع الشمس صخراً ... وأبكيه لكل غروب شمس

جنوب بنت عمرو ذي الكلب ": لها في المرقص قولها:

تمشي النسور إليه وهي لاهية ... مشي العذاري عليهن الجلابيب

ولها في المطرب قولها:

وأقسم يا عمر ولو نبهاك ... إذا نبهاً منك داء عضالا

إذا نبها ليث عرّيسة ... مبيداً مفيداً نفوساً ومالا

فكنت النهار به شمسه ... وكنت دجى الليل فيه الهلالا

الزبرقان ": له في المطرب قوله:

أبلغ سراة بني عبس مغلغلة ... وفي العتاب حياة بين أقوام

تعدو الذئاب على من لا كلاب له ... وتتقي صولة المستأسد الحامي

عمرو بن الأهتم ": له من المطرب قوله:

ذريني فإن البخل يا أم مالك ... لصالح أخلاق الرجال سروق

لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ... ولكن أخلاق الرجال تضيق

أوس بن معزى ": له من المطرب قوله:

لعمرك ما تبلى سرائر عامر ... من اللؤم أو تبلى عليها جلودها

أبو ذؤيب الهذلي ": له من المطرب قوله:

تعلقه منها دلال ومقلة ... تظل لأرباب الشقاء تديرها

الوليد بن عقبة ": له من المطرب قوله:

وأنك ولكتاب إلي علي ... كدابغه وقد حلم الأديم

شعراء الإسلام إلى إنقضاء الدولة الأموية

تميم بن مقبل ": له في المرقص قوله:

يا هند أمسى سواد الرأس خالطه ... شيب القذال إختلاط الصفو الكدر

النجاشي ": له من المطرب قوله:

قبيلته لا يغدرون بذمة ... ولا يظلمون الناس حبة خردل

ولا يردون الماء إلا عشية ... إذا صدر الوارد عن كل منهل

عبد الله بن الزبير الأسدي ": له في المطرب قوله:

رمى الحدثان نسوة آل حرب ... بمقدار سمدن له سمودا

فردّ شعورهن السود بيضا ... وردّ وجوههن البيض سودا

حميد بن ثور الهلالي ": له من المرقص قوله في فرخ القطا:  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 10

كان على أشداقه نور حبوة ... إذا هو مد الجيد منه ليطعما

ذو الرمة ": فارس أهل ذلك العصر في معاني الغوص لتولعه بالتشبيه والتمثيل وحسن التخيل وهو رئيس المشبهين الإسلاميين وحكىالحجازي في الحديقة أنه كان يقول: إذا قلت كان ولم أجد منها مخلصاً فقطع الله لسانيومن عجائب تشبيهاته قوله:

كأن ألوف الطير في عرصاتها ... خراطيم أقلام خط وتعجم

وقوله:

كأنما عينها منها وقد ضمرت ... وضمها الليل في بعض الأضى ميم

وقوله:

قف العيس في إطلال مية وأسأل ... رسوماً كأخلاق الرداء المسلسل

أظن الذي يجدي عليك سؤالها ... دموعاً كتبديد الجمان المفصل

وقوله:

وما شنتا خرقاء واهية الكلى ... سقى بهما ساق ولما تبللا

بأضيع من عينيك للدمع كلما ... توهمت رسماً أو تأملت منزلاً

وقوله في المطرب:

ولما تواقفنا جرت من عيوننا ... دموع كففنا غربها بالأصابع

ونلنا سقيطاً من حديث كأنه ... جنى النحل ممزوجاً بماء الوقائع

أرطاة ب شهبة ": كان إبن الإعرابي يتعجب من قوله في إحالته على سن الهرم:

فقلت لها يا أم بيضاء أنه ... هريق شبابي وأستشن أديمي

وهذا من أرفع المرقصات طبقة: " مضرس بن ربعي ": من التشبيهات العقم ندهم قوله في نعامة:

صفراء عارية الأشاجع رأسها ... مثل المدق وانفها كالمبرد

مطير بن الأشئم ": من التشبيهات العقم عندهم قوله:

تظل فيه بنات الماء طافية ... كأن أعينها أشباه خيلان

جميل بن عبد الله بن معمر ": له في المرقص قوله:

يضم على الليل أطراف حبها ... كما ضم أطراف القميص البنائق

وفي المطرب قوله:

ذكرتك بالديرين يوماً فأشرفت ... بنات الهوى حتى بلغن التراقيا

ما زلت بي يا بثن حتى لو أنني ... من الوجد أستبكي الغمام بكاليا

وقوله:

إذا ما رأوني طالعاً من ثنية ... يقولون من هذا وقد عرفوني

مرو بن أبي ربيعة ": إشتهر عند الناس بحلاوة المنزع في الغزل وهو إمام تلك الطريقة وأكثر شعره من طبقة المقبول ووقع له في المطربقوله:

ولما توافقنا وسلمت أشرقت ... وجوه زاهاها الحسن أن تتقنعا

وقربن أسباب الهوى لمنيم ... يقيس ذراعاً كلما قسن أصبعا

وقوله في النحول:

قليل على ظهر المطية ظله ... سوى ما نفى عنه الرداء المحبر

وقوله:

وهي مكنونة حير منها ... في أديم الخدين ماء الشباب

مجنون ليلى ": شعره كان في الغزل عارياً من التشبيهات فإنه لم يخل في طريقه حسن الغوص والتخيل على ما يأخذ بجامع القلوب كقولهفي المرقص:

متى يشفي منك الفؤاد المعذب ... وسهم المنايا من وصالك أقرب

بعاد وهجر وأشتياق ولوعة ... وأنت تدنيني ولا أنا أقرب

كعصفورة في كف طفل يضمها ... تذوق حياض الموت والطفل يلعب

فلا الطفل ذو عقل يرق لما بها ... ولا الطير ذو ريش يطير فيذهب

ولي ألف وجه قد عرفت مكانه ... ولكن بلا قلب إلى أين أذهب

وقوله:

وداع دعا إذ نحن بالخيف من منى ... فهيج أشجان الؤاد، وما يدري

دعا بإسم ليلى غيرها فكأنما ... أثار بليلى طائراً كان في صدري

وقوله:

كأن القلب قيل يغدي ... بليلى عامرية أو يراح

قطاة غرها شرك فباتت ... تجاذبه وقد علق الجناح

فلا بالليل نالت ما تمنيت ... ولا بالصبح كان لها سراح

وله في طبقة المطرب قوله في معظم قصيدته المشهورة التي منها:

وقد خبروني أن تيماء منزل ... لليلى إذا ما الصيف ألقى المراسيا

فهذي شهور الصيف عنا ستنقضي ... فما للنوى ترمي بليلى المراميا

أعد الليالي ليلة بعد ليلة ... وقد عشت دهراً لا أعد اللياليا

وأخرج من بين البيوت لعلني ... أحدث عنك النفس بالليل خالياً

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 11

ألا أيها الركب اليماني عرجوا ... علينا د أمسى هوانا يمانيا

يميناً إذا كانت يميناً وإن تكن ... شمالاً ينازعني الهوى من شماليا

أصلي فما أدري إذا ما ذكرتها ... إثنتين صليت الضحى أم ثمانيا

وما بي إشراك ولكن حبها ... كعود الشجى أعيا الطبيب المداويا

خليي لا والله لا أملك الذي ... قضى الله في ليلى ولا ما قضى ليا

قضاها لغيري وابتلاني بحبها ... فهلا بشيء غير ليلى إبتلانيا

ولو أن واش باليمامة داره ... وداري بأعلى حضرموت أهتدى ليا

وماذا لهم لأحسن الله حالهم ... من الحظ في تفريق ليلى حباليا

على أنني راض بأن أحمل الهوى ... وأخلص منه لا علي ولا ليا

إذا ما شكوت الحب قالت كذبتني ... فما لي أرى منك لعظام كواسيا

فلا حب حتى يلصق الجلد بالحشى ... وتصمت حتى لا تجيب المناديا

وقوله:

لقد هتفت في جنح ليل حمامة ... على إلفها تبكي وإني لنائم

كذبت وبيت الله لو كنت عاشقاً ... لما سبقني بالبكاء الحمائم

وقوله:

مضى زمن والناس يستشفعون بي ... فهل لي إلى ليلى الغداة شفيع

وقوله في المرقص:

أقضي نهاري بالحديث وبالمنى ... ويجمعني بالليل والهم جامع

حبيبي على الدنيا إذا غبت وحشة ... فيا قمري قل لي متى أنت راجع

لقد ثبتت في القلب منك محبة ... كما نبتت في الراحتين الأصابع

وقوله مخاطباً لبعلها:

عيشك هل ضممت إليك ليلى ... قبيل الصبح أو قبلت فاها

وهل رفت عليك فروع ليلى ... رفيف الإقحوانة في مداها

عبد الله بن نمير الثقفي ": له في المرقص ويروي للمجنون:

ولم أر ليلى غير موقف ساعة ... ببطن مني ترمي جمار المحصب

ويبدي الحصى منها إذا قذفت به ... من البرد أطراف البنان المخضب

ألا إنما غادرت يا أم ما لك ... صدى أينما تذهب به الريح يذهب

وأصبحت من ليلى الغداة كناظر ... مع الصبح في أعقاب نجم مغرب

وفي المطرب قوله:

تضوع مسكاً بطن نعمان إن مشت ... به زينب في نسوة خفرات

يخبين أطراف البنان من التقى ... ويخرجن شطر الليل معتجرات

ولما رأت ركب النميري أعرضت ... وكن من أن يلقينه حذرات

قيس بن الذريح ": له في المطرب قوله:

فإن تكن الدنيا بلبنى تقلبت ... فما زال للدنيا بطون وأظهر

لقد كان فيها للأمانة موضع ... وللقلب مرتاد وللحظ منظر

ومنها:

وللحائم الصديان ري بريقها ... وللمرح المختال طيب ومسكر

وقوله:

وأنك من لبنى العشية رائح ... مريض الذي تطوى عليه الجوانح

وقوله:

تكاد بلاد الله يا أم معمر ... إذا لم تكن فيها علي تضيق

أردّ سوام الطرف عنك وهل لها ... إلى أحد ألا إليك طريق

وحدثتني يا قلب أنك صابر ... على البين من لبنى فسوف تذوق

فمت كمداً أو عش سقيماً فإنما ... تكلفني ما لا أراك تطيق

الأحوص ": له في المرقص قوله:

تمشي بشتمي في المجالس مالك ... يبث به كالكلب إذ ينبح النجما

وقوله:

إني إذا خفي الرجال وجدتني ... كالشمس لا تخفى بكل مكان

وفي المطرب قوله:

إذا أنت لن تعشق ولم تدر ما الهوى ... فكن حجراً من يابس الصخر جامدا

وإني لأهواها وأهوى لقاءها ... كما يشتهي الظامي الشراب المبردا

علاقة حب لج في زمن الصبا ... فأبلى وما يزداد إلا تجردا

وقوله:

أدور ولولا أن أرى أم جعفر ... بأبياتكم ما درت حيث أدور

وما كنت زوّاراً ولكن ذا الهوى ... إذا لم يزر لا بد أن سيزور

وقوله:

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12

كم من دنيء لها قد صرت أتبعه ... ولو صحا القلب عنها صار لي تبعا

لا أستطيع نزوعاً عن محبتها ... أو يصنع الشوق بي فوق الذي صنعا

أدعو إلى هجرها قلبي فيسعدني ... حتى إذا قلت هذا صادق نزعا

زاده رغبة في الحب أن منعت ... أشهى إلى المرء من دنياه ما منعا

وقوله:

وفي الجيرة الغادين من أهل وجرة ... غزال أحم لمقلتين ربيب

لا تحسبي أن الغريب الذي نأى ... ولكن من تأين عنه غريب

كثير عزة ": له في المرقص قوله:

ولما قضينا من منى كل حاجة ... رمح بالأركان من هو ماسح

أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا ... وسالت بأعناق المطي الأباطح

وقوله:

وإني وتهيامي عزة بعدما ... تخليت مما بيننا وتخلت

لكالمرتجى ظل الغمامة كلما ... تبوأ منها للمقبل إضمحلت

كأني وإياها سحابة ممحل ... رجاها فلما جاوزته إستهلت

كأني أنادي صخرة حين أعرضت ... من الصم لو تمشي بها العصم زلت

وقوله في المطرب:

أريد لأنسى ذكرها فكأنما ... تخيل لي ليلى بكل سبيل

وقوله: الله أعلم لو أردت زيارة في حب عزة ما وجدت مزيدا وقوله:

رهبان مدين والذين عهدتهم ... يبكون من حذر العذاب قعودا

لو يسمعون كما سمعت حديثها ... خروا أعزة ركعاً وسجودا

وقوله:

سيهلك في الدنيا شفيق عليكم ... إذا غاله من حادث الموت عائله

ويخفي لكم حباً شديداً ورهبة ... وللناس أشغال وحبك شاغله

كريم يمين السر حتى كأنه ... إذا إستخبروه عن حديثك جاهله

يودّ بأن يمسى سقيماً لعله إذا سمعت عنه بشكوى تراسله

ويرتاح للمعروف في طلب العلى ... لتحمد يوماً عند ليلى شمائله

وقوله:

ألا إنما ليلى عصا خيزرانة ... إذا غمزوها بالأكف تلين

تمتع بها ما ساعفتك ولا يكن ... عليك شجى في الصدر حين تبين

وأن حفت لا ينقضي النأي عهدها ... فليس لمخضوب البنان يمين

وقوله:

وادنيتني حتى إذا ما ملكتني ... بقول يحل العصم سهل الأباطح

تجافيت عني حين لا لي حيلة ... وخلفت ما خلفت بين الجوانح

أبو صخر الهذلي ": له في المراقص قوله:

وإني لتعروني لذكراك هزة ... كما إنتفض العصفور بلله القطر

تكاد يدي تندى إذا ما مستها ... وينبت في أعطافها الورق اخضر

لقد تركتني أحسد الوحش أن أرى ... أليفين منها لا يروعهما نفر

وقد كنت آتيها وفي النفس هجرها ... بتاتاً لأخرى الدهر ما طلع الفجر

فما هو إلا أن أراها فجاءة ... فأبهت لا عرف لديّ ولا نكر

وأنسى الذي د كنت فيه هجرتها ... كما قد تنسب لب شاربها الخمر

هجرتك حتى قيل لا يعرف الهوى ... وزرتك حتى قيل ليس له صبر

فيا حبها زدني جوى كل ليلة ... ويا سلوة الأيام موعدك الحشر

الصمة بن عبد الله ": له في المطرب قوله:

قفا ودعا نجداً او من حل بالحمى ... وقل لنجد عدنا أن يودعا

ولما رأيت البشر أعرض دونا ... وجالت بنات الشوق يحنن نزعا

تلفت نحو الحي حتى وجدتني ... وجعت من الإصغاء ليتاً وأخدعا

إبن أبي فروة ": له في المطرب قوله:

ولما نزلنا منزلاً طله الندى ... أنيقاً وبستاناً من النور حاليا

أجدّ لنا طيب لمكان وحسنه ... مني فتمنينا فكنت الأمانيا

مالك بن أسماء بن خارجة ": له المطرب قوله:

إن لي عند كل نفحة بستا ... ن من الورد أو من الياسمين

نظراً وألتفاتة أترجى ... أن تكوني حلت فيما يليني

وقوله:

حبذا ليلتي بذات يرنا ... إذ نسقى شرابنا ونغنى

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13

من كميت كأنها دم ظبي ... تدع الشيخ كالفتى مرجحنا

حيث ما دارت الزجاجة درنا ... يحسب الجاهلون إنا جننا

نصيب ": له في المرقص قوله لسليمان بن عبد الملك:

فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله ... ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب

وفي المطرب قوله:

فكدت ولم أخلق من الطير إن بدا ... سنا بارق نحو الحجاز أطير

الفرزدق ": له في المطرب قوله:

قوارض تأتيني فيحتقرونها ... وقد يملأ القطر الأناء فيفعم

وفي المرقص قوله:

ونحن إذ عدّت معدّ قديمها ... مكان النواصي من وجوه السوابق

وقوله:

والشيب ينهض في السواد كأنه ... ليل يصيح بجانبيه نهار

جرير ": له في المطرب قوله:

إن العيون التي في طرفها حور ... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به ... وهن أضعف خلق الله أركانا

وقوله:

متى كان الخيام بذى طلوح ... سقيت الغيث أيتها الخيام

وقوله:

وإبن اللبون إذا ما لزفى قرن ... لم يستطع صولة البزل القناعيس

الأخطل ": له في المرقص قوله:

قوم إذا أكلوا أخفوا كلامهم ... واستوثقوا برتاج الباب والدار

قوم إذا إستنبح الإضياف كلبهم ... قالوا لأمهم بولي على النار

قامت بأحمرها تندي مشافره ... كأنه رثة في كف جزار

شهلة ": له في المطرب قوله:

وأن أمير المؤمنين وفعله ... لكالدهر لا عار بما فعل الدهر

الراعي: " له في المرقص قوله في أسود:

وكأن فروة شعره من رأسه ... زرعت فأنبت جانباها فلفلا

الطرماح: له في المرقص قوله:

يبدو وتضمره البلاد كأنه ... سيف على شرف يسل ويغمد

وقوله في السحاب:

دانٍ مسف فويق الأرض هيدبة ... يكاد يلمسه من قسام بالراح

الكميت " له في المطرب قوله:

فيا موقداً ناراً لغيرك ضوءها ... ويا حاطباً في حبل غيرك تحطب

عدي بن الرقاع ": له في المقص في ولد الظبية قوله الذي حسده عليه جرير:

تزجى أغن كان أبرة روقه ... قلم أصاب من الدواة مدادها

وقوله في الخيل:

يخرجن من فرجات النقع دامية ... كأن آذانها أطراف أقلام

وله في المطرب:

وكأنها وسط النساء أعارها ... عيينة أحور من جآذر جاسم

وسنان أقصده لنعاس فرنقت ... في عينه سنة وليس بنائم

ليلى الأخيلية " لها في المرقص:

كريم يغض الطرف فرط حيائه ... ويدنو وأطراف الرماح دواني

وكالسيف أن لا ينته لأن متنه ... وحداه أن خاشنته خشنان

الوليد بن يزيد بن عبد الملك ": له في المطرب قوله:

فالليل أطول شيء حين أفقدها ... والليل أقصر حين ألقاها

المخضرمون من شعراء الدولتين

الرماح بن أزد ": له في المطرب قوله:

ولا أنس م الأشياء لا أنس قولها ... وأدمعها يذرين حشو المكاحل

تمتع بذا اليوم القصير فإنه ... رهين بأيام الفراق الأطاول

طريح بن أسماعيل ": له في المرقص قوله لكاتب مروان بن محمد وقد كلفه رفع حاجة إلى الخليفة وسأله إستنجازها فقال: جعلتها في جملةالحوائج:

تخل لحاجتي وأشدد قواها ... وقد أمست بمنزلة الضياع

إذا أرضعتها بلبان أخرى ... أضر بها مشاركة الرضاع

المستهل بن الكمين ": له في المرقص قوله ويروي لبكر بن النطاح:

غراء تسحب من قيام فرعها ... وتغيب فيه وهو وحف أسحم

وكأنها فيه نهار ساطع ... وكأنه ليل عليها مظلم

الحسين بن طير ": له في المرقص قوله:

مخصرة الأوساط زانت عقودها ... أحسن مما زينتها عقودها

تمنى بنا حتى ترف قلوبنا ... رفيف الخزامى بات طل يجودها وقوله:

فتى عيش في معروفه عد موته ... كما كان بعد السيل مجراه ممرعا

مروان بن أبي حفصة ": له في المطرب:  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14

مسحت ربيعة وجه معن سابقاً ... لما جرى وجرى ذوو الأحساب

وجرت به غر سوابق زانها ... كرم النجار وصحبة الأنساب

قوم رواق المكرمات عليهم ... عالي العماد ممدود الأطناب

بشار بن برد ": له في المرقص قوله:

كأن مثار النقع فوق رؤوسنا ... وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه

وفي المطرب قوله:

إذا جئته في حاجة سد بابه ... فلم تله إلا وأنت كمين

الباقون من شعراء صدر الدولة العباسية الكائنين في آخر المائة الثانية // " أبو نؤاس ": هو من أئمة أصحاب معاني الغوص ولا سيما فيأوصاف الخمر ومن مرقصاته قوله:

فتمشت في مفاصلهم ... كتمشي البرء في السقم

وقوه:

وحمراء قبل المزج صفراء بعده ... كأن شعاع الشمس يلقاك دونها

ترى العين تستكفيك من لمعانها ... وتحسر حتى مل تقل جفونها

كأن يواقيتاً بصحن أنائها ... وزرق سنانير تدير عيونها

وقوله:

قال أبغني المصباح قلت له إتئد ... حسبي وحسبك ضوءها مصباحاً

فسكبت منها في الزجاجة شربة ... كانت له حتى الصباح صباحاً

شك البزال فؤادها فكأنما ... أهدت إليك بريحها تفاحا

عمرت يكاتمها الزمان حديثه ... حتى إذا بلغ الشآمة باحا

وقوله:

د عنك لومي فإن اللوم إغراء ... وداوني بالتي كانت هي الداء

صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها ... لو مسها حجر مسته سراء

قامت بإبريقها والليل معتكر ... فلاح من وجهها في البيت لألأ

وأرسلت من فم ابريق صافية ... كأنما أخذها بالعقل أغفاء

رقت عن الماء حتى ما يلائمها ... لطافة وأنتفى عن شكلها الماء

وقوله:

وإذا علاها الماء ألبسها ... ربداً شبيه خلاخل الحجل

حتى إذا سكنت جوانبها ... كتبت مثل أكارع النمل

وقوله في الغزال:

يا من بدائع حسن ثورته ... تثني إليه أعنة الحدق

لي فيك ما للناس كلهم ... نظر وتسليم على الطرق

لكنهم سعدوا بأمنهم ... وشقيت حين أراك بالفرق

وقوله:

بصحن خد لم يغض ماؤه ... ولم تخضه أعين الناس

وقوله:

مباحة ساحة القلوب له ... يرتاع فيها أطايب الثمر

وقوله:

بانوا وفيهم شموس دجن ... تنعل أقدامها القرون

تعوم أعجازهن عوماً ... وتنثني تحتها المتون

والية بن الحباب ": له في المطرب:

ولها ولا ذنب لها ... حب كأطراف الرماح

بالقلب تعبث دائماً ... فالقلب مجروح النواح

العباس بن الأحنف ": له في المرقص:

أحرم منكم ما أقول وقد ... نال به العاشقون من عشقوا

صرت كأني ذبالة نصبت ... تضيء للناس وهي تحترق

وقوله:

والنجم في كبد السماء كأنه ... أعمى تحير ما لديه قائد

وفي المطرب قوله:

همت بإتياننا حتى إذا نظرت ... إلى المرآة نهاها وجهها الحسن

وقوله:

يكون أجاجاً دونكم فإذا إنتهى ... إليكم علاء طيبكم فيطيب

أبو العتاهية ": له في المطرب:

ليالي تدني منك بالقرب مجلسي ... ووجهك من ماء البشاشة يقطر

وقوله:

أتته الخلافة منقادة ... إليه تجرر أذيالها

فلم تك تصلح إلا له ... ولم يك يصلح إلا لها

سلم الخاسر ": له في المطب:

لا تسأل المرء عن خلائقه ... في وجهه شاهد من الخبر

وقوله:

أعطاك قبل سؤاله ... فكفاك مكروه السؤال

شعراء المائة الثالثة

حبيب بن أوس الطائي ": قد علوا من مخترعاته قوله:

وإذا أراد الله نشر فضيلة ... طويت أتاح لها لسان حسود

ولولا إشتعال النار فيما جاورت ... ما كان يعرف فضل طيب العود

وقوله في المرقص:  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15

أمطلع الشمس تبغي أن تؤم بنا ... فقلت كلا ولكن مطلع الجود

وقوله:

واكب زارت في ليال قصيرة ... يخيلن لي من حسنهن كواكبا

وجوه وأن الأرض فيها كواكب ... توقدت للساري لكانت كواكبا

وقوله:

من كان مرعى عزمه وهمومه ... روض الأماني لم يزل مهزولاً

وقوله:

إنما البشر روضة فإذا كا ... ن وبر فروضة وغدير

فتكلم بما تجمجم فالمن ... طق عنوان ما تجن الصدور

وقوله:

أصم بك الناعي وإن كان أسمعا ... وأصبح عرنين المكارم أجدعا

وما كنت إلا السيف ضريبة ... قطعها ثم إنثنى فتقطعا

وقوله:

ألا في سبيل الله عطلت له ... فجاج سبيل اله وأنثغر الثغر

فتى كلما فاضت عيون قبيلة ... دماً ضحكت عنه الأحاديث والذكر

كان بني نبهان يوم وفاته ... نجوم سماء خر من بيتها البدر

تردى ثياب الموت حمراً فما أتى ... لها الليل إلا وهي من سندس خضر

وذلك من قصيدته التي أولها:

كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر ... فليس لعين لم تفض ماءها عذر

كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر ... فليس لعين لن تقض ماءها عذر

وقوله في المطرب:

ولو لم يكن في كفه غير نفسه ... لجاد بها فليتق الله سائله

وقوله في وصف قصيدة:

فكأنما والسمع معقود بها ... وجه الحبيب بدا لعين محبه

وقوله:

أجدك ما ينفك يسري لريبنا ... خيال إذا آب الظلام تأوبا

سرى من أعالي الشام بجذبه الكرى ... هبوب نسيم الريح تجلبه الصبا

وقوله في الخمر:

يخفي الزجاجة لونها فكأنما ... في الكف قائمة بغير إناء

وقوله:

متعتب بي حيث لا متعتب ... إن لم يجد جرماً على تجرما

ألف الصدود فلو يمر خياله ... بالصب في سنة الكرى ما سلما

وقوله:

دنوت تواضعاً وعلوت مداً ... فشأنك إنحدار وأرتفاع

كذاك الشمس تبعد أن تسامي ... ويدنو الضوء منها والشعاع

وقوله:

كريم متى أمدحه أمدحه والورى ... معي وإذا ما لمته وحدي

وقوله:

ظبي تقنصته لما نصبت له ... في آخر الليل أشراكاً من الحلم

عبد الصمد بن المعدل " له في المطرب:

أقول وجنح الدجى ملبد ... ولليل في كل فج يد

ديك الجن ": له في المرقص قوله:

بها معذول فدار خمارها ... وصل بعشيات الغبوق إبتكارها

مشعشعة من كف ظبي كأنما ... تناولها من خده فأدراها

دعبل ": له في المرقص:

وداعك مثل وداع الربيع ... وفقدك عندي كفقد الديم

وفي المطرب قوله:

إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا ... من كان يألفهم في المنزل الخشن

أبو الشيص ": له في المطرب قوله:

وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي ... متأخر عنه ولا متقدم

أجد الملامة في هواك لذيذة ... حباً لذكرك فليلمني اللوم

عبد الله الربيعي ": له في المرقص:

كأنني ثمل مر النديم ضحى ... عنه بإقداحه من بعد ميثاق

فكل كف رآها ظنها قدحاً ... وكل شخص آه ظنه الساقي

إبراهيم بن المهدي ": له في المطرب:

إذا كلمتني بالعيون الفواتر ... رددت عليها بالدموع البوادر

فلا يعلم الواشون م در بيننا ... وقد قضيت حاجتنا في الضمائر

علية بنت مهدي ": لها في المطرب:

وأحسن أيام الى يومك الذي ... تروّع بالهجران فيه وبالعتب

إذا لم يكن في الحب سخط ولا رضا ... فأين حلاوات الرسائل والكتب

إبن الزيات الوزير ": له في المطرب:

ما لي إذا غبت لن أذكر بواحدة ... وإن مرضت فطال السقم لم أعد

ما أعجب الشيء ترجوه وتحرمه ... قد كنت أحسب أني قد ملأت يدي

الحسن بن الضحاك الخليع ": له في المطرب:

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16

وكالوردة الحمراء حياً بأحمر ... من الخمر يسعى في غلائل كالورد

له عبثات عند كل تحية ... بعينيه يستدعي الحليم إلى الوجد

رعى الله عصر ألم أبت فيه ليلة ... من الدهر إلا من حبيب على رعد

أبو علي البصير ": له في المرقص قوله:

لعمر أبيك ما نسب المعلى ... إلى كرم وفي الدنيا كريم

ولكن البلاد إذا إقشعرت ... وصوح نبتها رعي الهشيم

إبراهيم بن العباس الصولي ". له في المطرب:

وليلة من الليالي الغر ... قابلت فيها بدرها ببدري

لم تك إلا شفقاً في فجر ... حتى تقضت وهي بكر الدهر

علي بن الجهم ": له في المرقص:

وقلن لنا نحن الأهلة إنما ... نضيء لمن يسري إلينا ولا نقري

فلا نيل إلا ما تزود ناظر ... ولا وصل إلا بالخيال الذي يسري

وقوله:

ولكن إحسان الخليفة جعفر ... دعاني إلى ما قلت فيه من الشعر

فسار مسير الشمس في كل بلدة ... وهب هبوب الريح في البر والبحر

خالد الكاتب ": له في المطرب:

رقدت ولم ترث للساهر ... وليل المحب بلا آخر

وفي المرقص وله:

عشية حياني بورد كأنه ... دود أضيفت بعضهن إلى بعض

وراح وفعل الراح في حركاته ... كفعل نسيم الريح في الغصن الغضن

يزيد بن خالد المهلبي ": له في المطرب:

ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها ... كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه

وقوله:

أن تعيبي عني فسقيا ورعيا ... أو تحلي بنا فأهلاً وسهلا

البحتري ": له في المرقص قوله:

شرف تتابع كابراً عن كابر ... كالرمح أنبوباً على أنبوب

عبيد الله بن طاهر ": له في المرقص:

وإذا سألتك رشف ريقك قلت لي ... أخشى عقوبة مالك الأملاك

ماذا عليك دفعت قبلك للثرى ... من أن أكون خليفة المسواك

أيجوز عندك أن يكون متيم ... كلف حبك دون عود أراك

أحمد بن سليمان بن وهب ": له في المرقص قوله:

حفت سرو كالقيان تلحفت ... خضر الحرير على قوام معتدل

فكأنها حين الرياح تميلها ... تبغي التعانق ثم يمنعها الكسل

احمد بن يونس الكاتب ": له في المرقص في تفصيل الورد على النرجس:

يا من يشبه نرجساً بنواظر ... دعج تنبه أن فهمك راقد

إن القياس لمن يصح قياسه ... بين العيون وبينه متباعد

والورد أشبه بالخدود حكاية ... فعلام تجحد فضله يا جاحد

ملك قصير عمره متأهل ... بخدوده لو أن حيا خالد

وخليفة إن غاب ناب بنفعه ... وبنفحه عنه مقيم راكد

إن كنت تنكر ما ذكرنا بعدما ... وضحت عليه دلائل وشواهد

فأنظر إلى المصفر لوناً منهما ... وأفطن فما يصفر إلا الحاسد

علي بن الرومي ": يقولون أنه أحق الناس بإسم شاعر لكثرة إختراعه، وحسن توليده، ومن مرقصاته قوله في ذم الورد.

كأنه سرم بغل حين سكرجه ... لدى البزار وباقي الروث وسطه

وقوله في تفضيل النرجس على الورد:

خجلت خدود أورد من تفضيله ... خجلاً تورد ما عليه شاهد

للنرجس الفضل المبين وأن أبى ... آبٍ وحاد عن الطريقة حائد

ينهى النديم عن القبيح بلحظه ... وعلى المدامة والسماع مساعد

أين العيون من الخدود نفاسة ... ورآسة لولا القياس الفاسد

وقوله وهو من مخترعاته:

تشكي المحب وتلقي وهي باكية ... كالقوس تصمي الرمايا وهي مرنان

وقوله:

فالموت إن نظرت وإن هي إعترضت ... وقع السهام ونزعهن أليم

وقوله في مخاطبة بني طاهر:

علتم علينا علوّا السماء ... فجردوا علينا بأنوائها

شعراء المائة الرابعة

أحمد بن جعفر المعروف بجحظة ": له في المطرب:

وإذا جفاني صحب ... لم أستجز ما عشت قطعه  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17

وتركته مثل القبو ... ر أزورها في كل جمعة

أحمد بن أبي البغل الكاتب ": له في المطرب:

دعوا مقلتي تبكي لفقد حبيبها ... وتطفي ببرد الدمع حر لهيبها

ففي حلى خيط الدمع للقلب راحة ... فطوبى لنفس متعت بحبيبها

بمن لو رأته القاطعات أكفها ... لما رضيت إلا بقطع قلوبها

محمد بن صالح الحسني ": له في المطرب:

وبدا له من بعد ما إندمل الهوى ... برق تألق موهناً لمعانه

يبدو كحاشية الرداء ودونه ... صعب الذرى متمنع أركانه

فالنار ما حنيت عليه ضلوعه ... والماء ما سمحت به أجفانه

محمد بن عبد الله الأخيطل ": له في المرقص قوله في مصلوب:

كأنه عاشق قد مد راحته ... يوم الوداع إلى توديع مرتحل

أو قائم من نعاس فيه لوثته ... مواصل لتعطيه من الكسل

أبو عبد الرحمن العطوي ": له في المرقص في رثاء أحمد بن داود:

وليس صرير النعش ما تسمعونه ... ولكنه أصلاب قوم نصف

وليس فتيق المسك ما تجدونه ... ولكنه ذاك الثناء المخلف

إبن جبلة العكوك ": له في المرقص قوله:

إنما الدنيا أبو دلف ... بين بادية ومحتضره

فإذا ولى أبو دلف ... ولت الدنيا على أثره

أحمد بن أبي فتن ": له في المرقص:

كلنا جميعاً وثوب الدجى ... لينا لمبصرنا واحد

إسماعيل الحمدوني ": له في المطرب:

يا إبن حرب أطلت فقري برفوى ... طيلساناً قد كنت عنه غنياً

فهو في الرفو آل فرعون في العر ... ض على النار غدوة وعشيا

زرت فيه معاشراً فازدروني ... فتغنيت إذ راوني زريا

جئت في زي زائر كي أراكم ... وعلى الباب قد وقفت مليا

راشد بن حكيمة ": له في المطرب:

تصبرت مغلوباً وإني لصابر ... كما يصبر الظمآن في البلد القفر

وقوله:

وما خطرت دواعي الشوق إلا ... هززت إليك أجنحة التصابي

بكر بن النطاح ": له في المرقص:

وائل بعضها يفلل بعضاً ... لا يقل الحديد غير الحديد

وفي المطرب:

ملأت يدي من الدنيا مراراً ... فما طمع العواذل في إقتصادي

وما وجبت علي زكاة مال ... وهل تجب الزكاة على الجواد

علي بن بسام ": له في المطرب:

أما ترى الليل قد ولت عساكره ... وارض الفجر الإشراق قد طلعا

فأشرب وردة على وردية قدست ... كأنها خد ريم ريم فأمتنعا

كشاجم ": له في المرقص:

وقد حسرت عن واضح الفرق فاحماً ... كخطى ظلام شق بينهما صبح

وقوله:

فديت زائرة في العيد واصلة ... والهجر في غفلة عن ذلك اخبر

فلم يزل قدها ركناً أطوف به ... والخال في خدها يغني عن الحجر

وقوله:

أهلاً بتين جاءنا ... مبتسماً على طبق

يحكي الصباح بعضه ... وبعضه يحكي الغسق

كسفرة من أدمٍ ... مضمونة بلا حلق

عبد الله بن المعتز ": هو إمام المشبهين في الدولة العباسية، ومن محاسنه المرقصة:

وفتيان سروا والليل داج ... وضوء الصبح متهم الطلوع

كان بزاتهم أمراء جيش ... على أكتافهم صدأ الدروع

وقوله:

ولاح ضوء هلال كاد يفضحنا ... مثل القلامة قد قدّت من الظفر

وقوله:

أهلاً بفطر أثار هله ... فالآن فأغدُ على المدام وبكر

وأنظر إليه كزورق من فضة ... قد أثقلته حمولة من عنبر

وقوله:

بنفسج خجلت أوراقه فحكت ... كحلاً تشرّب دمعاً يوم تشتيت

كأنه وضعاف القضيب حمله ... أوائل النار في أطراف كبريت

وقوله:

ساروا وقد خضعت شمس الأصيل لهم ... حتى توقدت في ليل الدجى الشفق

وقوله:

كأن سماءنا لما تجلت ... خلال نجومها عند الصباح

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18

رياض بنفسج خضل نداء ... تفتح فيه نوار الأقاح

أبو الطيب المتنبي ": له في المرقص:

فإن يك سيار بن مكرم إنقضى ... فإنك ماء الورد إن ذهب الورد

وقوله:

فأصبح شعري منهما في مكانه ... وفي عنق الحسناء يستحسن العقد

وقوله:

والهجر أقتل لي مما أراقبه ... أنا الغريق خوفي من البلل

وقوله:

وما ثناك كلام الناس عن كرم ... ومن يسد طريق العارض الهطل

وقوله:

فإن تفق الأنام وأنت منهم ... فإن المسك بعض دم الغزال

وقوله:

وعدت إلى حلب ظافراً ... كعود الحلى إلى العاطل

أبو نصر بن نباتة ": له في المرقص في فرس أهداه له سيف الدولة:

قد جاءنا المهر الذي أهديته ... جذلان يخلط أرضه بسمائه

وكأنما لطم الصباح جبينه ... فأقتص منه فخاض في أحشائه

وقوله:

لم يبق جودك لي شيئاً أؤمله ... تركتني أصحب الدنيا بلا أمل

سيف الدولة ": له في المرقص قوله الذي نسبه صاحب اليتيمة له، وقد نسب لإبن الرومي ونسب لأبن حماد المغربي وهو:

وقد نشرت أيدي الجنوب مطارفاً ... على الجو دكناً والحواشي على الأرض

يطرّزها قوس السماء بأحمر ... على أخضر في أصفر فوق مبيض

كأذيال خود أقبلت في غلائل ... مصبغة والبعض أقصر من بعض

أبو راس الحمداني ": له في المرقص قوله وقد وجه سيف الدولة عسكراً فيه أبو فراس فنصر:

كنا كالسهام إذا أصابت ... مراميها راميها أصاب

وقوله:

وجررن العوالي في مقام ... تحدث عنه ربات الحجال

كأن الخيل تعلم من عليها ... ففي بعض على بعض تعال

أبو العشائر بن حمدان ": له في المرقص قوله:

لقرأت منها ما تخط يد الوغى ... والبيض تشكل والأسنة تنقط

وقوله:

لقيناهم بأرماح طوال ... تبشرهم بأعمار قصار

السرى الموصلي ": له في المرقص:

يلوح على الكاسات فاضلها كما ... يلوح على حمر الخدود السوالف

وقوله:

نفسي من ردّ التحية ضاحكاً ... فجددت بعد اليأس في الوصل مطمعي

وحالت دموع العين بيني وبينه ... كأن دموع العين تعشقه معي

وقوله في المطرب:

حيا بك الله عاشقيك فقد ... أصبحت ريحانة لمن عشقا

الواو الدمشقي ": له في المرقص:

فأمطرت لؤلؤاً من نرجس وسقت ... ورداً وعضت على العناب بالبرد

وقوله:

متى أرعى رياض الحسن منك ... ويني قد تضمنها غدير

وقوله:

من قاس جدواك بالغمام فما ... أنصف في الحكم بين شيئين

أنت إذا جدت ضاحكاً أبداً ... وهو إذا جاد باكي العين

أبو الفرج الببغا ": له في المرقص:

كأنما نقشت حوافر خيله ... للناظرين أهلة في الجامد

وكأن طرف الشمس مطروف وقد ... جعل الغبار به مكان الأثمد

وقوله:

الباذل العرف والأنواء باخلة ... والمانع الجار والأعمار تخترم

حيث الدجى النقع والبيض الكواكب ... والأسد الفوارس والخطية الأجم

الوزير المهلبي ": له في المرقص ويروي لإبن طباطبا:

خليليّ إني للثريا لحاسد ... وإني على ريب الزمان لواجد

أيبقى جميعاً شملها وهي ستة ... وأفقد من أحببنه وهو واحد

الشريف الرضي ": له في المرقص:

وأستهلا حديث من سكن الخي ... ف ولا تبكياه إلا بدمعي

فاتني أن أرى الديار بطرفي ... فلعلي أرى الديار بسمعي

محمد بن هشام الخالدي ": له في المرقص:

ما عذرنا في حسونا ألا كوايا ... سقط الندى وصفا الهواء وطابا

وكأنما الصبح المنير وقد بدا ... باز أطار من الظلام غرابا

سفرت فغار حياؤها من طرفنا ... فعلا محاسنها فصار نقابا

أخوه سعيد ": له في المرقص:

ومدامة حمراء في قارورة ... زرقاء تحملها يد بيضاء

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19

فالراح شمس والحباب كواكب ... والكف قطب والأناء سماء

الصاحب بن عباد " له في المرقص:

رق الزجاج وراقت الخمر ... وتشابها فتشاكل الأمر

فكأنما خمر ولا قدح ... وكأنما قدح ولا خمر

الصبابي ": له في المرقص:

وكم من يد بيضاء حازت جمالها ... يد لك لا تسود إلا من النقس

إذا رقشت بيض الصحائف خلتها ... تطرزت بالظلماء أردية الشمس

أبو العباس الضبي ": له في المرقص "

زعم البنفسج أنه كعذاره ... حسناً فسلوا من قفاه لسانه

وقوله:

فالشمس عند غروبها ... تصفر من ألم الفراق

أبو الحسن السلامي ": له في المرقص:

فبشرت آمالي بمولى هو الورى ... ودار هي الدنيا ويوم هو الدهر

أبو سعيد الرستمي ": له في المرقص:

أفي الخلق أن يعطي ثلاثون شاعراً ... ويحرم ما بين الورى شاعر مثلي

كما سامحوا عمراً بواو زياد ... وضويق بسم الله في ألف الوصل

إبن مطران ": له في المرقص:

ظباء أعارتها الظبا حسن وجهها ... كما قد أعارتها العيون الجاآذر

ومن حسن ذاك المثنى جاءت فقبلت ... مواطيء من أقدامهن الضفائر

أبو الفتح الكاتب البكتمري ": له في المرقص:

وروضة راضية عن الديم ... وطئتها بناظري دون القدم

وصنتها صوني بالشكر النعم

أبو الفياض كاتب سيف الدولة ": له في المرقص:

قم سقني خفق الناي والعود ... ولا تبع طيب مفقود بموجود

نحن الشهود وخفق العود خاطبنا ... زوج إبن غمام بنت عنقود

سيدوك التمار ": له في المرقص.

عهدي به ورداء الوصل يجمعنا ... والليل أطوله كاللمح بالبصر

الآن ليلي لما ان فقدتهم ... ليل الضرير غير منتظر

أبو الحسن النحام ": له في المرقص:

يا سائلي عن خالد عهدي به ... رطب العجان وكفه كالجلمد

كالأقحوان غداة غب سمائه ... جفت أعاليه وأسفله ندى

أبو بكر الخوارزمي ": له في المرقص:

عليك بإظهار التجلد للعدا ... ولا يظهرن منك الذبول فتحقرا

الست ترى الريحان يشتم ناضراً ... ويطرح في الميضاة لما تغيرا

بديع الزمان ": له في المرقص:

وكاد يحكيه صوب الغيث منسكباً ... لو كان طلق المحيا بمطر الذهبا

والدهر لو لم يخن والشمس لو نطقت ... والليت لو لم يصدروا البحر لو عذبا

أبو العلا السروري ": له في المرقص:

مررنا على الروض الذي قد تبسمت ... رباه وأرواح الأباريق تسبك

فلم نر شيئاً كان أحسن منظراً ... من الروض يجري دمعه وهو يضحك

أبو النصر العتبي ": له في المطرب:

الله يعلم أني لست ذا بخل ... ولست ملتمساً بالبخل لي عللا

لكن طاقة مثلي غير خافية ... والذر يعذر في القدر الذي حملا

الخباز البلدي ": له في المرقص:

وذي شجر للطير فيه تشاجر ... كأن صنوف النور فيه جواهر

كأن القماري والبلابل حولنا ... قيان وأوراق الغصون ستائر

عبد الصمد بن بابل ": له في المرقص:

أنا النشوان من خمر الأماني ... ونشوان الأماني غير صاح

وما قصرت في طلب ولكن ... بل الحسناء عن بخت القباح

أبو الفرج بن هند ": له في المرقص:

عابوه لما إلتحى فقلنا ... عبتم وغبتم عن الجمال

هذا غزال وما عجيب ... تولد المسك في الغزال

الأمير شمس المعالي قابوس ": له في المرقص:

قل للذي بصروف الدهر عيرنا ... هل عاند إلا من له خطر

أما ترى البحر تطفو فوقه جيف ... وتستقر بأقصى قعره الدرر

وفي السماء نجوم لا عداد لها ... وليس بكسف الشمس والقمر

الأمير أبو الفضل الميكالي " له في المرقص:

كم والد يحرم أولاده ... وخيره يحظى به الأبعد

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20

كالعين لا تبصر ما حولها ... ولحظها يدرك ما يبعد

أبو الحسن الأنباري ": له في المرقص قوله في إبن بقية الوزير لما صلب:

علو في الحياة وفي الممات ... لحقاً أنت إحدى المعجزات

كأن الناس حولك حين قاموا ... وفود يديك أيام الصلاة

ولما ضاق بطن الأرض عن أن ... يضم علاك من بعد الممات

أصاروا الجو قبرك وأستنابوا ... عن الأكفان ثوب السافيات

أبو علي بن وكيع ": له في المرقص قوله:

غرد الطير فنبه من نعس ... وأدر كأسك فالعيش خلس

سل سيف الفجر من غمد الدجى ... وتعرى الصبح عن ثوب الغلس

وأنجلى عن حلل فضية ... مالها من ظلم الليل دنس

وقوله:

كان الحباب المستدير يطوقها ... كواكب در في سماء عقيق

إبن حجاج " له في المرقص قوله على لسان معشوقته:

كأن ... شمع من رخاوته ... فكلما غمرته راحتي لانا

وقوله:

فأصبح الدهر به هيضة ... فنحن غرقى في خرا الدهر

القاضي أبو منصور بن محمد الهروي ": له في المرقص:

خشف من الترك مثل البدر طلعته ... يحوز ضدين من ليل وأصباح

كأن عينيه والتفتير غنجهما ... آثار ظفر بدت في صحن تفاح

علي بن الحسن البلخي ": له في المرقص:

أقمت لي مذ صرت تاحظني ... شمس الكفاة يعيني محسن النظر

كذا اليواقيت فيما قد سمعت به ... من حسن تأثير عين الشمس في الحجر

شعراء المائة الخامسة // " أبو منصور الثعالبي ": هو من شعراء المائة الرابعة طعن في المائة الخامسة فحسب منها على إصطلاح الكتاب لهفي المرقص.

إنسانة فتانة ... بدر الدجى منها جل

إذا زنى طرفي بها ... بدمع عيني يغتسل

مهيار الديلمي ": له في المرقص:

ضربوا بمدرجة الطريق قبابهم ... يتقارعون بها على الضيفان

ويكاد موقدها يجود بنفسه ... حب القرى حطباً على النيران

أبو الحسن التهامي ": أنا أقدم الرجل فيما وقفت عليه من حسن الغوص ومن التوليد والإبتداع كقوله في المرقص:

والصبح قد أخذت أنامل كفه ... في كل جيب للظلام مزرر

وقوله:

علا فما يستقر المال في يده ... وكيف تمسك ماء قنة الجبل

وقوله:

بيضاء تسحب ليلاً حسنه أبدا ... في الطول منه وحسن الليل في القصر

أبو العلاء المعري ": هو جليل القدر في الغوص وكثرة التخيل كقوله في المرقص:

والخل كالماء يبدي لي ضمائره ... مع الصفاء ويخفيها مع الكدر

وقوله:

وصبح قد فلونا الليل عنه ... كما نفلي عن النار الرمادا

الهيثم " له في المرقص:

ملتهب الأحشاء يحسب ليلة ... أبداً دخاناً والنجوم شرارا

القاضي عبد الوهاب ": له في المرقص:

يزرع ورد ناضراً ناظري ... في صفحة كالقمر الطالع

فلم منعتم شفتي قطفها ... والحكم أن الزرع للزارع

أبو محمد الخفاجي ": له في المرقص:

ملك الزمان بأسره فنهاره ... في وجه وظلامه في شعره

أبو الحسن بن دويرة المعري ": له في المرقص:

جنبوا الجياد إلى المطي فغادروا ... بالبيد سطراً من حروف المعجم

فترى به عيناً يوطئه حافر ... وترى به هاء بوطئه منسم

السابق المعري ": له في المرقص:

كأن الشقائق والإقوان ... خدود يقبلهن الثغور

فهاتيك أخجلهن الحياء ... وهاتيك أضحكن السرور

الوامق المعري ": له في الرقص:

انظر إلى منظر يسبيك مخبره ... بحسنه في البرايا يضرب المثل

نار تلوح من النار نج في شجر ... لا النار تخبو ولا الأغصان تشتعل

الأمير أبو الفتح بن أبي حصنة المصري ": له في المرقص:

أبا صالح أشكو إليك فوائباً ... عرتني كما يشكو النبات إلى القطر

لتنظر نحوي نظرة لو نظرتها ... إلى الصخر فجرت العيون من الصخر

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21

وفي الدار خلفي صبية قد تركتهم ... يطلون إطلال الفراخ إلى الوكر

جنيت على روحي بروحي جناية ... فأثقلت ظهري بالذي خف من ظهري

أبو الفتيان بن حيوس ": له في المرقص:

أن ترد خبر حالهم عن يقين ... فألقهم يوم نائل أو نزال

تلق بيض الوجوه سود مثار ال ... نقع خضر الأكناف حمر النصال

وقوله:

فعل المدام ولونها ومذاقها ... في مقلتيه ووجنتيه وريقه

الوزير أبو الفتح المنازي ": له في المرقص قوله الذي لا يوجد في معناه مثله:

وقانا لفحة الرمضاء واد ... وقاه مضاعف النبت العميم

نزلنا دوحة فحنا عينا ... حنو المرضعات على الفطيم

وأمتعنا على ظمأ زلالا ... ألذ من المدامة للنديم

يصد الشمس أني واجهتنا ... فيحجبها ويأذن للنسيم

تروع حصاه حالية العذارى ... فتلمس جانب العقد النظيم

أبن أبي الشحنا العسقلاني ": له في المرقص:

ومهفهف علق السقام بطرفه ... وسرى عرس في معاقد خصره

مزقت أثواب الظلام بثغره ... ثم إنثنيت أحوكها من شعره

الماهر الحلبي ": له في المرقص:

برغمي أن ألوم عليك دهراً ... قليلاً فكره بمعنفيه

وأن أرعى النجوم ولست فيها ... وأن أطأ التراب وأنت فيه

أبو عبد الله بن السراج الصوري ". له في المرقص قوله في الفهد.

وأهرت الشدق فيه وفي يده ... ما في القواضب والعسالة الذبل

والشمس مذ لقبوها بالغزالة لم ... تطلع على وجهه إلا على وجل

ونقطته حياء كي يسالمها ... على المنون فعاج الرمل بالمقل

شعراء المائة السادسة

إبن الخياط الدمشقي ": طعن في السادسة فحسب منهاله في المرقص قوله:

ومحتجب إذا آنست في الحي أنه ... حذاراً وخوفاً أن تكون لحبه

أبو الحسن الباخرزي ": صاحب كتاب الدمية له في المرقص:

ما للمعيل وللسفار وإنما ... يحظى بوصل البين من هو فارد

فالشمس تجتاب السماء فريدة ... وأبو بنات النعش فيها راكد

أبو علي الباخرزي ": له في المرقص وقد أصابه مع مجبوبه جرب:

لنا جرب بين البنان نحكه ... رضينا به واكاشحون غضاب

وكنا معاً كالراح والماء صحبه ... علانا لفرط الإمتزاج حباب

الوزير أبو الحسن البيهقي ": له في المرقص:

كأنما بغداد في جانبي ... بنيتها حب لها عاشق

والجسر ما بينهما قائد ... والنهر من غيرته خافق

الخطيري ": له في المرقص قوله:

أقول والليل في إنتداد ... وأدمع الغيث في إنفساح

أظن ليلاً بغير شك ... قد بات يبكي على الصباح

القاضي الأرجاني ": إمام هذا الشأن ومن مرقصاته قوله:

وما ينزل الغيث إلا لأن ... يقبل بين يديك الثرى

وقوله:

واصلت جودك بعدما أغنيتني ... سح الغمام على الغدير المترع

وقوله:

شمس إذا غربت غداة نوى ... فالدمع في آثارها شفق

وقوله:

فتحدثا سراً فحول قبابها ... سمر الرماح يملن للأصغاء

أبو إسحاق الغزي ": له في امرقص قوله:

لو لم أمت بهواك قال العذل ... ما قيمة السيف الذي لا يقتل

وقوله:

وضقت يداً فجدت وكل جار ... يزيد بضيق جدوله إنصبابا

وقوله:

مدحت الورى قبله كاذبا ... وما صدق الفجر حتى كذب

فضل الدولة اللاوردي ": له من المرقص:

وسقاني الكأس مترعه ... كضرام النار تلتهب

ولها من ذاتها طرب ... فلهذا يرقص الحبيب

محمد بن نصر القيصراني ": له في المرقص:

وأهوى الذي يهوى له البدر ساجدا ... ألست ترى في وجهه أثر الترب

وقوله:

ما عليهم لو أبا حوافي الهوى ... ما هو صفات المستهام

من خصور وشحوها بالضنى ... وجفون ملؤوها بالسقام

وقوله:  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22

ما أنت حين تغني في مجالسهم ... إلا نسيم الصبا والقوم أغصان

أبو الحسن بن منير ": له في المرقص:

أرق من الماء لولا الشعاع ... لأفنته رشفاً شفاه المقل

وكالنار من وهج تيه الشباب ... فلولا تبسمه لأشتعل

حيص بيص ": في جواب إبن الفضل البغدادي قوله في المرقص:

لا تضع من عظيم قدري وأن كن ... ت مشاراً إليه بالتعظيم

فالجيل العظيم ينحط قدراً ... بالتجري على الجيل العظيم

ولع الخمر بالعقول رمى الخمر بتنجيسها وبالتحريم

وقوله:

صاحب أخ الشر لتسطو به ... يوماً على بعض صروف الزمان

فالرمح لا يوهب أنبوبه ... إلا إذا ركب فيه السنان

إبن الهبارية ": له في المرقص:

ولولا نداه خفت نار ذكائه ... عليه ولكن الندى مانع الوقد

إبن جكينة الكرخي ": له في المرقص:

تبرم بالعذار فظن أني ... أقاطعه وأخلص من يديه

فخافت عارضاه خلاص قلبي ... من التبريج فأنفعلت عليه

أبو عبد الله بن امبارك القصار البغدادي ": له في المرقص:

واشتعل الذيل ذي حجول ... قد عقدت صبحه بليله

كأنما البرق خاف منه ... فجاء مستمسكاً بذيله

أبو عبد الله النقاش البغدادي ": له في المرقص:

إذا وجد الشيخ في نفسه ... نشاطاً فذلك موت خفي

ألست ترى أن ضوء السراج ... له لهب عندما ينطفي

إبن سيار القاضي بهراة ": له في المرقص:

ما شانها والله خضرة عينيها ... بل صار ذلك زائداً في حسناً

كادت أساود شعرها تسطو على ... مهج الورى لولا زمرد جفنيها

وقول الآخر أحسن منه ":

خافت ذؤاباته فخبأها ... من خلفه فهي إبنة الجبل

الأمير أسامة بن منقذ ": له في المرقص:

خلع الخليع عذاره في فسقه ... حتى هتك غاية الإفراط

يأتي ويؤتي ليس ينكر ذا ولا ... هذا كذلك أبرة الخياط

أبو غانم ن أبي حصين المعري ": له في المرقص:

ومحبوس بلا جرم جناه ... له حبس بباب من رصاص

يضيق بابه خوفاً عليه ... ويوثق بعد ذلك بالعفاص

إذا أطلقته خرج إندفاعا ... يقبل فاك من فرح الخلاص

أبو العلاء بن أبي الندى المعري ": له في المرقص:

لا غرو إن كان من دوني يفوز بكم ... وأنثني عنكم بالويل والحرب

يدني الأراك فيضحي وهو يكرع في ... ثغر الفتاة ويلقي العود في اللهب

أبو طاهر بن حيدر البغدادي ": له في المرقص:

حتى إذا ضحك الزجاج بقربها ... منه بكى لفراقها الراووق

أبو الفضل البغدادي ": له في المرقص:

خطرت فكاد الورق يسجع فوقها ... أن الحمام لمغرم بالبان

وقوله:

من معشر نشروا على هام الربا ... للطارقين ذوائب النيران

يحيى بن سلمى الحصكفي ": له في المرقص:

قلت أن الخمر مخبثة ... قال حاشاها من الخبث

قلت منها القيء قال نعم ... شرفت عن مخرج الحدث

محمد بن سبط التعاويذي ": له في المرقص:

بين السيوف وعينيه مشاكلة ... من أجلها قيل للأغماد أجفان

إبن المعلم " له في المرقص:

وأستقبلوا الوادي فأطرفت المها ... وتمايلت بغصونها الكثبان

فكأنما إعترفت لهم بعيونها الغزلان أو بقدودها الأغصان

العماد الأصفهاني ": له في المرقص:

يا رب حتام أعاني الهوى ... في ذنب الغرب ولا أرتقي

غارت بي الشمس فمن أجل ذا ... لم تبقني أطلع بالمشرق

القاضي الفاضل ":له في المرقص في وكيله الشريف الكحال:

رجل توكل لي وكحلني ... فأصبت في عيني في عيني

وقوله:

عادى بني العباس حتى أنه ... خلع السواد من العيون بكحله

عمارة اليمني: له في المرقص قوله في مصلوب وكأنما كان على لسان حاله لأنه صلب بعد قولها بقليل:

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23

ورأت يداه عظيم ما جنتا ... ففررن ذا شرقاً وذا غربا

وأمال نحو الصدر منه فما ... ليلوم في أفعاله القلبا

سعادة الحمصي ": له في المرقص:

والورد ما بين أغصان يحاربنا ... عند القطاف بأظفار السنانير

شعراء المائة السابعة "

إبن الساعاتي ": له في المرقص:

والطير يقرأ والغدير صحيفة ... والريح تكتب والغمام ينقط

وقوله في النهر:

صدأ الظلال يزيد رونق حسنه ... أرأيت سيفاً قط يصقل بالصدا

محب الحلبي ": له في المرقص:

لا تقولي لا مكتوب على ... فمك الفتان حسنا نعم

بحروف أبدعت من قدرة ... ما جرى قط عليها قلم

نونها الحاجب والعين بها ... طرفك الساحر والميم فم

راجح احلي " له في المرقص:

يا ليل طلت ولم ترق لمغرم ... لم يظلموا إذ لقبوك بكافر

إبن خطيب خوارزم ": له في المرقص:

عرض المشيب بعارضيه فأعرضوا ... وتقوضت خيم الشباب فقوضوا

كأن في الليل البهيم تبسطوا ... خفوا وي الصبح المنيرة تقبضوا

ولقد رأيت وما سمعت بمثله ... بينا غراب البين فيه أبيض

عبد الملك ": له في المرقص وقد دخل عليه مملوك وفي يده قوس:

نهاني لما بدت عقرب ... على خده أن أروم السفر

فقلت وفي يده وسه ... أسير ففي القوس حل القمر

إبن جلال الدين الفقيه ": له في المرقص:

مذ عقربت صدغاه وأستجمع النمل على شهد اللمى الأشنب

تقدم الحاجب أن يكتب العارض بالأدهم في الأشهب

يا أمراء الحسن لا ترحلوا ... فالقمر الأرضي في العقرب

إبن أردخل التكريتي ": له في المرقص:

ألقى القوام عني أمالو ... هـ فقلبي مكسور تلك الإماله

إبن عنين ": له في المرقص:

دمشق فبي شوق إليها مبرح ... وإن لج واش أو ألح عذول

بلاد بها الحصباء در وتربها ... عبير وأنفاس الشمال شمول

تسلسل فيها ماؤها وهو مطلق ... وصح نسيم الروض وهو عليل

لحسام بن بهرام الحاجري ": له في المرقص:

جبت لخال يعبد النار دائماً ... بخدك لم يحرق بها وهو كافر

وما أخضر ذاك الخد نبتاً وإنما ... لكثرة ما شقت عليه مرائر

ومذ خبروني أن غصناً قوامه ... تيقنت أن القلب مني طائر

وقوله:

إني لأعذر في الأراك حمامة الشادي كذلك تفعل العشاق

حكم الغرام الحاجري بأسرها ... فغدت وفي أعناقها أطواق

أبو الفضل بن حمود الحلبي ": له في المرقص:

تواضع إذا نلت المعالي تزد علي ... وتكسب الشكر الجميل من الورى

فلن يشكر الغيث الرفيع محله ... قرين الثريا أو يسير إلى الثرى

خليل بن علي الحنفي ": له في المرقص:

كأن عذاره المسكي لام ... ومبسمه الشهي العذب صاد

وطره شعره ليل يهيم ... فلا عجب إذا سرق الرقاد

العماد السلماسي ": له في المرقص يرثي غلاماً يلقب بالسيف:

ستذرف أجفاني عليك دموعاً ... ولا غرو أن تبكي على السيف أجفان

بكتك عيون الشهب إذا كنت بدرها ... وغالك من قبل التتمة نقصان

وشقت يمين الصبح فيك عن الدجى ... قميصاً فأضحى وهو للحزن عريان

بكت فقدك الدنيا قديماً دمعها ... فكان به سالف الدهر طوفان

الشريف الطوسي الموسوي ": له في المرقص:

ودولاب إذا دار ... يزيد القلب أشجانا

سقى الغصن وغناه ... فما يبرح نشوانا

الصاحب بهاء الدين زهير الحجازي ": له في المرقص:

أيا ظبي هل لا كان منك إلتفاتة ... ويا غصن هلا كان فيك تعطف

ويا حرم الحسن الذي هو آمن ... والبابنا من حوله تتخطف

عسى عطفه للوصل يا واو صدغه ... علي قاني أعرف الواو تعطف

القاضي بدر الدين عبد الواحد بن عبد الله بن أبي جرادة الحلبي ": له في المرقص:  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24

يا واحداً في الحسن ما ... أبقى هواه على أحد

لم ينعطف غصن النقا ... لكن لقامته سجد

ما تبسم في الدجى إنشق الصباح في الحسد

ما ذاب إلا غيرة ... نمن در مبسمه البرد

وقوله:

واهاً لعقرب صدغه ... لو لم يكن للماء يحمي

ولغفل خط عذاره ... لو بت أعجمه بلثمي

وقوله:

طرفي وقلي منزلاه لأنه ... قمر وتلك منازل الأقمار

يا ساكن الجفن القريح وليته ... يرعى لجاري الدمع حق الجار

علاء الدين يعيش ": في حرب أتراك:

أدغموا الذابلات في مثلها منهم وفي المثل يحسن الإدغام

وأمالوا إليهم الفات النبل ... حتى لم يحمهم منه لام

عون الدين العجمي ": له في المرقص:

لهيب الخد حين بدا لعيني ... هوى قلبي عليه كالفراش

فأحرقه فصار عليه خالاً ... وها أثر الدخان على الحواشي

مجد الدين بن زبلاق ": له في المرقص:

ومن عجب ن يحرسوك بخادم ... وخدام هذا الحسن من ذاك أكثر

عذارك ريحان وثغرك جوهر ... وخدك كافور وخالك عنبر

إبن غزي الموصلي ": له في المرقص:

أنا صب ودمع عيني صب ... وأسير من الضنى في قيود

وشهودي على الهوى أدمع العين ولكني قذفت شهودي

إبن الحلاوي الموصلي ": له في المرقص:

كتبت فلولا أن ذاك محرم ... وهذا حلال قست لفظك بالسحر

فو الله ما أدري أزهر خميلة ... بطرسك أم در يلوح على نحر

فإن كان زهراً فهو صنع سحابة ... وإن كان دراً فهو من لجة البحر

مجد الدين بن الظهير الأربلي ": له في المرقص:

طرفي وقلبي ذا يسيل دماً وذا ... دون الورى أنت العليم بقرحه

وهما بحبك شادان وإنما ... تعديل كل منهما في جرحه

وقوله:

غارت مناطقه وأنجد ردفه ... يا بعد شقة غوره من نجده

الجلال بن صغار الدنيسري ": له في المرقص:

علقته أمي حسن فما له ... أتى بكتاب ضمنه سورة النمل

وما لي أنا المجنون فيه وشعره ... إذا مرّ بالكثبان خط على الرمل

وقوله:

ومتى تقوم قيامي بوصاله ... ويضم شملينا معاد شامل

وأكون من أهل الخطايا خده ... ناري وصدغاه عليّ سلاسل

تاج الدين بن أبي الحواري ": له في المرقص:

ووالله ما أخرت عنك مدائحي ... لأمر سوى أني عجزت عن الشكر

وقد رضيت فكري مرة عد مرة ... فأساغ أن أهدي إلى مثلكم شعري

فإن لم يكن دراً فتلك نقيصة ... وإن كان دراً كيف يهدي إلى البحر

شهاب الدين التلعفري ": له في المرقص:

وإذا الثنية أشرقت وشمعت من ... أرجائها أرجاً كنشر عبير

سل هضبات المنصوب أين حديثه المرفوع عن ذيل الصبا المجرور

النجم القمراوي ": له في المرقص:

ويا ليل الذؤابة م كفاني ... تطاول حالك الليل البهيم

وحاكمت النسيم على مرور ... بعطفيه فمال مع النسيم

فتيان الشاعوري ": له في المرقص:

فبطنها حجر الإسباط منجبس ... وظهرها حجر الإسلام مستلم

إبن عوض المعري ": له في المرقص:

فإن نحت في أفنان وجدي يحق لي ... فإني بما أوليتموني مطوق

إبن أسرائيل ": له في المرقص:

أنت الأمير على الملاح أسرهم ... وعليك من قلبي لواء خافق

نجم الدين ن بطريق البغدادي ": له في المرقص: قوله في جرب:

أعادك الله من هم ومن وصب ... ولا لقيت الذي ألقى من العرب

هذا زماني أبو جهل وذا جربي ... أبو معيط وذا قلبي أبو لهب

شرف الدين بن نجم الموصلي ": له في المرقص: قوله في مرئية:

فالعضب أبتر والمثقف ذابل ... حرقاً وكل حنية مرنان

فخر الترك أيدمر مولى وزير الجزيرة ": له في المرقص:

وكأن نرجسه المضاعف خائض ... في الماء لف ثيابه في رأسه

وقوله:

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25

شكى رمداً جفن الأصيل إلى الدجى ... كحله ميل الظلام بأثمد

أبو عبد الله الكردي ": له في المرقص:

إذا ما إشتقت يوماً أن أراكم ... وحال البعد بينكم وبيني

بعثت لكم سواداً في بياض ... لأبصركم بشيء مثل عيني

سعد الدين العربي الدمشقي ": له في المرقص:

وقالوا قصير شعر من قد ويته ... فقلت دعوني لا أرى منه مخلصا

محياه شمس قد علت غصن قده ... فلا عجب للظل أن يتقلصا

بدر الدين الذهبي ": له في المرقص:

والخيل قد نشرت من نقعها صحفاً ... قامت شكائمها ما بينها سطرا

تملى علينا الدينيات ما نظمت ... فيها ويملي علينا السيف ما نثرا

نور الدين الأسعردي ": له في المرقص:

ولم أر شمساً قبلها في زجاجة ... مكللة من نفسها بنجوم

وتنظر من ستر الزجاج كأنها ... سنا البرق يبدو من رقيق غيوم

وللمهذب بن الخيامي ": وقد كتب لإبنه:

جننت فعوذني بكتبك أن لي ... شياطين شوق لا يفرقن مضجعي

إذا إستمعت أسرار وجدي تمرداً ... بعثت عليها في الدجى شهب أدمعي

الجمال بن خطلخ الأرموي ": له في المرقص:

صابونة في راحتي منعم ... قد أضحت السحب لها حسدا

تلاطم البحران في صدرها ... فاصح الموج بها مزيدا

شعراء المغرب من أول الديار المصرية إلى البحر المحيط "

الجاهلية وما بعدها إلى المائة الرابعة عاطلة مما هو من شرط هذا الكتاب.

شعراء المائة الرابعة "

أبو عمرو بن عبد ربه ": إمام أهل أدبها بالأندلس ومصنفيها وفرسان شعرائها وهو صاحب كتاب العقدله في المرقص.

يا ذا الذي العذار بخده ... خطين هاجا لوعة وبلابلا

ما كنت أقطع أن لحظك صارم ... حتى إكتسيت من العذار حمائلا

وقوله الذي حكم له المتنبي بسماعه أنه شاعر الأندلس:

يا لؤلؤاً يسبي العقول أنيقا ... ورشا بتعذيب القلوب خليقا

ما أن رأيت ولا سمعت بمثله ... دراً يعود من الحياء عقيقا

وإذا نظرت إلى محاسن وجهه ... أبصرت وجهك في سناه غريقا

يا من تطع خصره من رقة ... ما بال قلبك لا يكون رقيقا

إبن هذيل الأعمى ": له في المرقص:

لما وضعت على قلبي يدي بيدي ... وصحت في الليلة الظلماء وا كبدي

ضجت كواكب ليلي في مطالعها ... وذابت الصخرة الصماء من كمدي

وليس لي جلد في الحب ينصرني ... فكيف أبقى بلا قلب بلا جلد

وكيف أشرح ما ذاب الجماد له ... لمن غدا خائفاً إشارتي بيدي

لما رآني مشيراً للسلام بها ... ألقى على خدّه مضاعف الزرد

يوسف بن هارون الرمادي ": له في المرقص: قوله:

ولم ارَ أحلى من تبسم أعين ... غداة النوى عن لؤلؤ كان كامنا

وقوله الذي لم يُقَل في وصف سحابة إنسجمت على الربا، ونقطت وجوه الغدران أحسن منه:

هوت مثلما يهوي العقاب كأنما ... تخاف فوات المحل فهي تبادر

تشمّ دوانيها الربا تثيرها ... كما شمّ أذيال العروض الضفائر

كأن إنتشار القطر منها ضوابط ... تدور على الغدران منها دوائر

الشريف المرواني الطليق ": له في المرقص قوله يصف غلاماً أشقر:

غصن يهتز في دعص نقا ... يجتني منه فؤادي حرقا

سال لام الصدغ في صفحته ... سيلان التبر وافى الورقا

فناهى الحسن فيه إنما ... يحسن الغصن إذا ما أورقا

وكأن الكأس في أثمله ... شفق أصبح يعلو قلقا

أصبحت شمساً وفوه مغرباً ... ويد الساقي المحيي مشرقا

وإذا ما غربت في فمه ... تركت في الخد منه شفقا

وقوله:

وعلى الأصائل رقة من بعده ... فكأنما تلقى الذي ألقاه  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26

وغدا النسيم مبلّغاً ما بيننا ... فلذاك رق هواً وطاب شذاه

الروض مبسمه ونكهته الصبا ... والورد أخضله الندى خداه

فلذاك أولع بالرياض لأنها ... أبداً تذكرني بمن أهواه

جعفر بن عثمان الحاجب ": له في المرقص: قوله:

كلمتني فقلت درٌ سقيطٌ ... وتأملت عقدها هل تناثر

فأزدهاها تبسم فارتني ... نظم در من التبسم آخر

وقوله في الخمر:

خفيت على شرابها فكأنما ... يجدون ياً من أناء فارق

إبن فروج الحياني ": صاحب كتاب الحدائق له في المرقص:

بدت في الليل سافرة فباتت ... دياجي الليل سافرة القناع

فملكت النهى جاب شوقي ... لأجري في العقاف على طباعي

كذاك الروض ما فيه لمثلي ... سوى نظر وشم من متاع

ولست من السوائم مهملات ... فأتخذ الرياض من المراعي

إبن هانيء الأندلسي ": له في المرقص قوله في قصد ملك جواد على جواد سابق:

وبعدت شأو مطالب وركائب ... حتى إمتطيت إلى الغمام الريحا

وقوله:

وكأن حمرة وعذاره ... تفاحة رميت لتقتل عقربا

تميم المعز ": له في المرقص قوله:

أطلع من الحسن من جبينك شمسا ... فوق ورد من وجنتيك أطلا

فكأن العذار خاف على الورد جفافاً فمدّ بالشعر ظلا

وقوله:

كأن بقايا الليل والصبح طالع ... بقية لطخ الكحل في الأعين الزرق

المقداد المصري ": له في المرقص قوله:

يقول من لامني عليه أرى ... فيه جفاء وذاك يغريني

في خده آية الرضا أو ما ... أضحى بورد الحاة يحييني

أبو الحسن العقيلي ": من ولد عقيل بن أبي طالب له في المرقص قوله:

وللأقاحي قصور كلها ذهب ... من حولها شرفات كلها درر

منصور الفقيه ": له في المرقص:

قالوا العمى منظر قبيح ... قلت بفقدي لكم يهون

تالله ما في الأنام شيء ... تأسى على فقده العيون

إبن وكيع التنيسي ": له في المرقص قوله:

قم سقني والخليج مضطرب ... والريح تثني ذوائب القضب

كأنها والرياح تعطفها ... صف قنا سندسية العذب

والجوفي حلة ممسكة ... قد طرزتها البروق بالذهب

شعراء المائة الخامسة "

أبو عمرو بن الدراج القسطلاني ": له في المرقص:

ومعاقل من سوسن قد شيدت ... أيدي الربيع بناءها فوق العذب

شرفاتها من فضة وحماتها ... حول الأمير لهم سيوف من ذهب

إدريس بن اليمان ": له في المرقص قوله:

ثقلت زجاجات أتتنا فرّغاً ... حق إذا ملئت بصرف الراح

خفت فكادت تستطير بما حوت ... أن الجسوم تخف بالأرواح

أبو عامر بن شهيد ": له في المرقص قوله:

ولما تملأ من سكره ... ونام ونامت عيون العسس

دنوت إليه على قربه ... دنوّ فيقٍ درى ما ألتمس

أدبّ إليه دبيب الكرى ... وأسمو ليه سمو النفس

فبت به ليلتي ناعماً ... إلى أن تبسم ثغر الغلس

أبو جعفر اللمائي ": له في المرقص:

ولما تملأ من سكره ونام ونامت عيون العسس

دنوت إليه على قربه ... دنوّ رفيقٍ درى ما إلتمس

أدبّ إليه دبيب الكرى ... وأسمو إليه سمو النفس

فبت به ليلتي ناعماً ... إلى أن تبسم ثغر الغلس

أبو جعفر اللمائي ": له في المرقص:

عارض أقبل في جح الدجى ... يهادى كتهادي ذي الرجا

بدّدت ريح الصبا لؤلؤه ... فأنبرى يوقد عنه سرجا

أبو حفص بن بروا الأصفر ": له في المرقص:

وكان الليل حين وى ... ذاهباً والصبح قد لاحا

كلة سوداء أحرقها ... عامدٌ أسرج مصباحا

الوزير الإمام أبو محمد بن خرم ": له في المرقص قوله:

لا تلمني في حبه إن بدا ... شاحب لون قد عراه النحول

فإن غصناً لم تزل دائماً ... عليه شمس الحر بالذيول  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27

المعتمد بن عباد ملك أشبيلية ": له في المرقص:

سميدع يهب الآلاف مبتدئاً ... وبعد ذلك يلقي وهو معتذر

له يد كل جبار يبلها ... لولا داها لقلنا إنها احجر

وقوله:

وليل بعطف النهر أنساً قطعته ... ذات سوارٍ مثل منعطف الهر

نضت بردها عن غصن بان منعم ... فيا حسن ما إنشق الكمام عن الزهر

إبنه الراضي ": له في المرقص:

مروا بنا أصلاً غير ميعاد ... فأوقدوا نار قلبي أي إيقاد

لا غرو إن زاد في وجدي مرورهم ... فرؤية الماء تذكي غلة الصادي

المأمون بن المعتمد ": له في المرقص قوله:

قومي لخم وهم ما هم ... أهل الندى والبأس يوم لكفاح

كم كحلوه من عيون القنا ... وورّدوه من خدود الصفاح

أبو بكر بن عمار وزير إبن عاد ": له في المرقص قوله:

أدر الزجاجة فالنسيم قد إنبرى ... والنجم قد صرف العنان عن السرى

والصبح قد أهدى لنا كافوره ... لما إسترد الليل منا العنبرا

والروض كالحسنا كساه زهره ... وشيئاً وقلده نداه جوهرا

أو كالغلام زها بورد رياضه ... خجلاً وتاه بآسهنّ معذرا

روض كأن النهر فيه معصم ... ضافٍ أطل على رداء أخضرا

وتهزه ريح الصبا فتخاله ... سيف إبن عباد يبدد عسكرا

أثمرت رمحك من رؤوس ملوكهم ... ما رأيت الغصن يعشق مثمرا

أبو الوليد بن زيدون وزير إبن عباد ": له في المرقص قوله:

كأننا لن نبت والوصل ثالثنا ... والسعد قد غض من أجفان واشينا

سران في خاطر الظلماء يكتمنا ... حتى يكاد لسان الصبح يفشينا

حبيب الأندلسي وزير إبن عباد ": له في المرقص:

إذا ما أدرت كؤوس الهوى ... ففي شربها لست بالمؤتلي

مدام عتق بالناظرين ... وتلد تعتق بالأرجل

إبن حصن كاتب المعتمد بن عباد ": له في المرقص:

وما هاجني إلا إبن ورقاء هاتف ... على فتن بين الجزيرة والنهر

مفستق ظهر لا زوردي كلكل ... موشى الطلي أحوى القوادم والظهر

أدار على الياقوت أجفان لؤلؤ ... وصاغ على الأجفان طوقاً من التبر

حديد شبا المنقار داجٍ كأنه ... شبا قلم من فضة مدمن حبر

توسد من فرع الأراك أريكة ... مال على طيء الجناح مع النحو

ولما رأى دمعي مراقاً أرابه ... بكائي فأستولى على الورق النضر

وحث جناحيه وصفق طائراً ... طار بقلبي حيث طار ولا أدري

الوزير أبو عامر بن عبدوس ": له في المرقص قوله في فرس أبيض في عرفه لمعة حمراء:

يا حسن هذا الجواد حين بدا ... في شية لم تكن لذي بلق

قام عليه النهار مدعياً ... فأعترفت عرفه بذا الشفق

إبن وهبون المرسى ": له في المرقص:

ذنبي إلى الدهر فلتكره سجيته ... ذنب الحمام إذا ما أحجم البطل

وقوله وقد إستحسن المعتمد بن عباد بيتاً من شعر المتنبي:

تنبأ عجباً بالقريض ولو درى ... بأنك تروي شعره لتألها

البجلي ": له في المرقص:

رقت ورق أديمها من حسنها ... فتكاد تبصر باطناً من ظاهر

يُندى بماء الورد مسبل شعرها ... كالطل يسقط من جناح الطائر

أبو الفضل بن شرف ": له في المرقص:

لم يبقَ للجور في أيامكم أثر ... إلا الذي في عيون الغيد من حوَر

وقوله:

تقلدتني الليالي وهي مدبرة ... كأنني صارم في كف منهزم

عبد الله بن القايلة السبتي ": له في المرقص:

ووجه غزال رق حسناً أديمه ... يرى الصب فيه وجهه حين ينظر

تعرض لي عند اللقاء به رشا ... تكادا محيا من الحمياه تقطر

ولم يتعرض كي أراه وإنما ... أراد يريني أن وجهي أصفر

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28

إبن رشيق ": صاحب كتاب العمدة له في المرقص قوله وقد غاب المعز بن باديس سلطان أفريقية وجاء عيد فكان ماطراً:

تجهم وجه العيد وأنهلت بوادره ... وكنت أعهد منه البشر والضحكا

كأنه جاء يطوي الأرض من بعد ... شوقاً إليك فلما لم يجدك بكى

وقوله في المرقص:

خط العذار له لاماً بصفحته ... من أجلها يستغيث الناس باللام

عبد الله بن محمد العطار ": له في المرقص:

وكأس ترينا آية الصبح والدجى ... فأولها شمس وآخرها بدر

مقطبة ما لم يزرها مزاجها ... فإن زارها جاء التبسم والبشر

فيا عجباً للدهر لم يخل مهجه ... من العشق حتى الماء يعشقه الخمر

عبد الرحمن بن حبيب ": له في المرقص قوله:

مجرى جفوني دماء وهو ناظرها ... ومتلف القلب وجداً وهو مربعه

إذا بدا حال دمعي دون رؤيته ... يغار مني عليه فهو برقعه

أبو عبد الله بن شرف " له في المرقص:

تحت الظلام الذي مثل الظليم حنا ... والبدر بيضته والجواد حيَّ

وقوله:

أفنى دموعي وجسمي طول هجرهم ... فأنظر إلى ملتقى طل على طلل

علي بن يوسف التونسي " له في المرقص قوله:

حين إعتلت أنواره وجنت ... كف الغزالة وردة الشفق

عتيق الوراق ": له في المرقص قوله في رثاء الفقيه إبن خلدون وقد دفن ليلاً دفنوا صبحهم بليل وجاؤا حين لا صبح يطلبون الصباحا " عمران إبن القاضي المسيلي ": له في المرقص قوله:

إن يخترم خلفاً حمام فأبنه ... منه لنا خلف وحظ وافر

نور تساقط حين أصبح مثمراً ... والنور يسقط نفسه إذ يثمر

عبد الوهاب المثقالي ": له في المرقص:

كأنما الشامة في خذه ... حبة مسك فوق تفاحة

إبن الغطاس ": له في المرقص قوله في وصف الخيار:

جسم لجين يكاد يجري ... لولا ترديه ثوب سام

ما إعترضته العيون إلا ... حالت به مقبض الحسام

إبن أبي مغنوج ": له في المرقص قوله:

لحية ميمون إذا حصلت ... لن تبلغ المعشار من ذره

تطلعت فأستقبلت وجهه ... فأقسمت لا أنبتت شعره

ثقة الدولة جعفر بن تأييد الدولة ملك صقلية " ": له في المرقص قوله في غلامين جميلين أحدهما بثوب أحمر والآخر بثوب أسود:

أرى بدرين قد طلعا ... على غصنين في نسق

لدى ثوبين قد صبغا ... صباع الخد والحدق

فهذا الشمس في شفق ... وهذا البدر في غسق

وقوله:

رأتني وقد شبهت بالورد خدها ... فتاهت وقالت قاس خدي بالورد

كما قال الإقحوان كمبسمي ... وإن قضيب البان يشبهه قدي

وحق صفا ماء النعيم بوجنتي ... وحسن الجبين الصلت والفاحم الجعدي

لئن عاد للتشبيه يوماً حرمته ... لذيذ الكرى لا بل أذوّقه فقدي

إذا كان هذا في البساتين عنده ... فقولوا له لم جاء يطلبه عندي

القائد الحسن بن مشكور ": له في المرقص قوله في النيلوفر: دكؤوس من يواقيت تفتح عن دنانير

وفي أحشائها زهر ... كألسنة العصافير

محمد بن الحسن الكاتب ": له في المرقص قوله:

لا تصل من صد تيهاً ... أبداً وأستغن عنه

كن كمثل الكرم يعلق ... بالذي يقرب منه

علي بن الطبري ": له في المرقص قوله:

وأحور مائل اللحظات عني ... دسست إليه من يشقى وسيطا

فجاء به على مهل وستر ... كما يستدرج اللهب السليطا

إبن عتيق الصفار ": له في المرقص قوله:

وأضرمت في القلب نار الجوى ... فهذه الأدمع عنها شرر

عبد العزيز بن الحاكم ": له في المرقص قوله:

وكأن البدر والمريخ إذ وافى إليه

ملك توقد ليلا ... شمعه بين يديه

أبو الحسن بن إبراهيم الوداني ": له في المرقص:

وأتى الصباح فلا أتى وكأنه ... شيب اطل على سواد شباب

وكأنما شفق السماء خضابه ... يبدو كنعمان بأرض سراب

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29

القاضي الجليس أمين الدين المصري ": له في المرقص:

ومن عجب أن الصوارم والقنا ... يحضن دماء والسيوف ذكور

وأعجب من ذا أنها في اكفهم ... تأجج ناراً والأكف بحور

صنهاج ": له في المرقص قوله وقد زلزلت الأرض بمصر في أيام الحاكم:

بالحاكم العدل أضحى الدين معتلياً ... نجل الهدى وسليل السادة الصلحا

ما زلزلت مصر من كيد يراد بها ... وإنما رقصت من عدله فرحا

هاشم بن إلياس المصري ": له في المرقص:

كأن بياض البدر من خلف نخلة ... بياض بنان في إخضرار نقوش

وقوله:

وكأنما المريخ بين نجومه ... ياقوتة في لؤلؤ متبدّد

إبن ملنسة ": له في المرقص قوله:

والسكر في وجنته وطرفه ... يفتح ورداً ويغض نرجسا

وقوله:

إبريقنا عاكف على قدح ... تخاله الم ترضع اولدا

أو عايد من بني المجوس إذا ... توهم الكأس شعلة سجدا

أبو والطاهر بن دواس الكاتمي ": له في المرقص:

لما رأيت البياض حين بدا ... في أسود الشعر صحت وأحزاني

هذا وحق الاله أحسبه ... أول خيط سدى من الكفن

يعقوب بن كاس اليهود وزير العزيز ": له في المرقص قوله وقد سبق طيره طير العزيز:

قل لأمير المؤمنين الذي ... له العلا والمثل الثاقب

طائرك السابق لكنه ... لم يأت إلا وله حاجب

الموفق أبو الحجاج بن محمد صاحب ديوان المكاتبات ": له في المرقص قوله في الشمعة:

وصعدة لدنه كالتبر بفتق في ... جنح الظلام إذا ما أبرزت فلقا

تدنو فيخترق برد الليل لهذمها ... وإن نأت رتق الأظلام ما فتقا

وتستهل بماء عند وقدتها ... كما تألق برق الغيث وأندفقا

كالصب لوناً ودمعاً والتظا وضنى ... وطاعة وسهاداً دائماً وشقا

والحب حسناً وليناً وأستوا وشذا ... وبهجة وطروفاً وأجتنا ولقا

أبو على الأنصاري: " له في المرقص قوله في خيمة نصبها الأفضل:

ما كان يخطر في الأفكار قبلك أن ... تسمو علواً على أفق السها الخيم

حتى أتيت بها شماء شاهقة ... في مارن الدهر من تيه بها شمم

والطير قد لزمت فيها مواضعها ... لما تحقق منها أنها خدم

أخيلها خيلك اللاتي تغير بها ... فليس تنزع عنها الحزم واللجم

كأنها جنة والساكنون بها ... لا يستطيل على أعمارهم هرم

أن أنبتت أرضها زهراً فلا عجب ... وقد هممت فوقها من كفك الديم

القاضي أبو الفتح بن قادوس ": له في المرقص:

وكلما رام نظماً في معاتبتي ... سددت فاه نظم اللثم والقبل

وبات بدر تمام الحسن معتنقي ... والشمس من فلك الكاسات لم تفل

فبت منه أرى النار التي سجدت ... لها المجوس من الإبريق تسجد لي

أحمد بن مفرج ": له في المرقص قوله في وصف الغيث:

ومن العجائب أن أتى من نسجه ... وخيوطه بيض بساط أخضر

أرض وافق وكلا ببلاغة ... فالزهر ينظم والسحائب تنثر

إبن عباد الإسكندراني ": له في المرقص:

كأنه شمسة من فضة حرست ... خوف الوقوع بمسمار من الذهب

إبراهيم بن شعيب المصري ": له في المرقص:

يا ذا الذي ينفق أمواله ... في حب هذا الأسمر الفائق

ما الذهب الصامت مستنكراً ... إنفاقه في الذهب الناطق

عبد الله بن الطباخ ": له في المرقص قوله في أحدب:

قصرت أخادعه وغاب قذاله ... فكأنه مترقب أن يصفعا

وكأنه قد ذاق أول صفعة ... وأحس ثانية لها تجمعا

ظافر الحداد الإسكندراني ": له في المرقص قوله:

ونفر صبح الشيب ليل شبيبتي ... كذا عادني في الصبح مع من أحبه

وقوله:

وكأنما الدولاب يزمر كلما ... غنت وأصوات الضفادع شيز

وكأنما القمري ينشد مصرعاً ... من كل بيت والسيمام يجيز

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30

علي بن حبيب التيمي ": له في المرقص قوله:

أقمت بالبركة الغراء مدهقة ... والماء مجتمع فيها ومسفوح

إذا النسيم جرى في مائها إضطربت ... كأنما ريحه في جسمها روح

الجليس بن الحباب ": له في المرقص قوله:

والعود أحمد بالكريم وقلما ... يغني الحيا إلا على تكراره

شعراء المائة السادسة

أبو إسحاق بن خفاجة ": له في المرقص قوله:

وعشي أنس أضجعتنا نشوة ... فيه تمهد مضجعي وتدمث

خلعت علي بها الأراكة ظلها ... والغصن يصغي والحمام يحدث

والشمس تجنح للغروب مريضة ... والرعد يرقى والغمامة تنفث

وقوله:

وقد خلعت ليلاً علينا يد الهوى ... رداء عناق مزقته يد الفجر

وقوله:

ونمت بأسرار الرياض خميلة ... لها الزهر ثغر والنسيم لسان

إبن اللبانة ": له في المرقص قوله:

بروحي وأهلي جيرة ما إستعنتهم ... على الدهر إلا وأنثنيت معانا

أراشوا جناحي ثم بلوه بالندى ... فلم أستطع من أرضهم طيرانا

إبن بسام صاحب الذخيرة ": له في المرقص قوله:

ألا بادر فلا ثان سوى ما ... عهدت الكاس والبدر التمام

ولا تكسل برؤيته صباحاً ... تفض به الحديقة والمدام

فإن الروض ملتثم إلى أن ... توافيه فينحط للثام

أبو جعفر البطراني ": له في المرقص قوله:

وما زلت أجني منك والدهر ممحل ... ولا ثمر يجني ولا زرع يحصد

ثمار أياد دانيات قطوفها ... وأوراقها ظل علي ممدد

ترى جارياً ماء المكارم تحتها ... وأطيار شكري فوقهن تغرد

إبن وضاح المرسي ": له في المرقص قوله لرئيس قطع عنه إحسانه فقطع عنه مدحه:

هل كنت إلا طائراً بثنائكم ... في درج مجدكم أقوم وأقعد

أن تسلبوني ريشكم وتقلصوا ... عني ظلالكم فكيف اغرد

إبن الزقاق البلنسي ": له في المرقص قوله:

وأغيد طاف بالكؤوس ضحى ... وحثها والصباح قد وضحا

والروض أهدى لنا شقائقه ... وآسه العنبري قد نفحا

قلنا وأين الأقاح قال لنا ... أودعته ثغر من سقى القدحا

فظل ساقي المدام يجحد ما ... قال فلما تبسم إفتضحا

أبو الصلت صاحب الحديقة ": له في المرقص قوله لمن جاد عليه قبل مدحه:

لا غرو أن يداك مدائحي ... فتدفقت جدواك ملء إنائها

يكسي القضيب ولم نحن أثماره ... وتطوق الورقاء قبل غنائها

الحجازي صاحب المسهب ": له في المرقص قوله:

كم بت في أسر السهاد بليلة ... ناديت فيها هل بجنحك آخر

أو قام هادي الصبح يظهر ملة ... حكمت بأن ذبح الظلام الكافر

محمد بن سعيد ": عم جد مصنف هذا الكتاب له في المرقص قوله:

يا هذه لا ترومي ... خداع من ضاق ذرعه

تبكي وقد قتلتني ... كالسيف يقطر دمعه

إبن أخيه أبو جعفر بن عبد الملك بن سعيد ": كتب إلى حفصة الشاعرة إثر ليلة وصال بات بها في موضع يعرف بجود مؤمل وهو منتزه:

رعى الله ليلاً لم يرح بذمم ... عشية وأرانا بجود مؤمل

وغرد قمري على الدوح وأنثنى ... قضيب من الريحان من فوق جدول

أترى الروض مسروراً بما بدا له ... عناق وضم وأرتشاق مقبل

فجاوبته تقول:

لعمرك ما سرت رياض وصلنا ... ولكنها أبدت لنا الغل والحسد

ولا صفق النهر إرتياحاً لقربنا ... ولا صدح القمري إلا لما ود

فلا تحسن الظن الذي أنت أهله ... فما هو في كل المواطن بالرشد

فما خلت هذا الأفق أبدى نجومه ... لأمر كي ما تكون لنا رصد

إبن سفرة المريني ": هو أبو الحسين بن سفرة له في المرقص:

لو أبصرت عيناك زورق فتيه ... يبدي لهم لهج السرور مراحه

وقد إستداروا تحت ظل شراعه ... كل يمد بكأس راح راحه  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31

لحسبته خوف العواصف طائراً ... مد الحنو على بنيه جناحه

أبو عبد الله الرصافي البلنسي ": له في المرقص قوله في غلام حائك:

جذلان تلعب بالمحواك أنمله ... على السدى لعب الأيام بالدول

ضماً بكفيه أو فحصاً بأخمصه ... تخيط الظبي في أشراك محتبل

إبن مجبر " له في المرقص قوله:

تراه عيني وكفي لا يباشره ... حتى كأني في المرآة أبصره

وقوله:

آتي رحب ولا مكنة ... وقع العصافير على السنبل

إبن تقي ": له في المرقص:

حتى إذا مالت به سنة الكرى ... زحزحته شيئاً وكان معانقي

باعدته عن أضلع تشتاقه ... كي لا ينام على وساد خافق

إبن حيون الإشبيلي ": له في المرقص قوله في أشتر العين لا يفارقه الدمع:

شترت فقلنا زورق في لجة ... مالت ب'حدى دفتيه الريح

وكأنما أنسانها ملاحها ... قد خاف من غرق فظل يميح

بن قلاقس الإسكندراني ": له في المرقص قوله:

قرنت بواو الصدغ صاد المقبل ... وأغربت في لام العذار المسلسل

إن لم يكن وصل لديك لآمل ... فلم لاح في مرآك للمتأمل

إبن حمد يس الصقلي ": له في المرقص قوله:

إشرب على بركة نيلوفر ... محمرة الأوراق خضراء

كأنما أزهارها أخرجت ... ألسنة النار من الماء

شعراء المائة السابعة " // " الأسعد بن مماتي " له في المرقص قوله:

مررت بدار الملك والنيل آخذ ... بأطواقها والموج يضربها ضربا

إبن سناء الملك ": له في المرقص قوله:

لا تخشى مني فإني كالنسيم ضنى ... وما النسيم بمخشي على غصن

وقوله:

وأشكو إلى ليل الغدائر غدرها ... وأملي عليه وهو في الأرض يكتب

النجيب بن الدماغ ": له في المرقص قوله:

يا رب إن قدرته لمقبل ... غيري فللمسواك أو للا كؤس

وإذا قضيت لنا بعين مراقب ... في الحب فلتك من عيون النرجس

جعفر بن شمس الخلافة ": له في المرقص قوله:

يا رب ليل قد طرق ... ت به وساد الحب سرا

ففششت قفلا من عقي ... ق أحمر وسرقت درّا

اكمال بن النبيه ": له في المرقص قوله:

وكوكب الصبح تجاب على يده ... مخلق تملأ الدنيا بشائره

البرهان بن السوداء من متي آخذاً مع البيضاء إذ تشرف

تخلف البيضاء أمثالها ... وتغضب السودا ما تخلف

حماقة السود أن من ها هنا ... يعرها من كان لا يعرف

الأمير سيف الدين سابق ": له في المرقص قوله:

ولقد شربت مع الحبيب مدامة ... عذراء إلا أنها شمطاء

والروض فيه تكبر وتواضع ... شمخ القضيب به وخر الماء

الصاحب حمال الدين بن مطروح ": له في المرقص قوله:

إذا ما إشتهى الخلخال أخبار قرطها ... فيا طيب ما تملي عليه الضفائر

وقوله:

وجاء في حلة معصفرة ... قوموا أنظروا الغصن في أصائله

شرف الدين الديباجي ": له في المرقص قوله:

شهر الحسام وكالأقاحة خدّه ... ثم إنثنى كشقائق النعمان

لو لم يكن طرباً براحته لما ... غنى بضرب مثالث ومثان

إبن شاور ": له في المرقص قوله:

لا تثق من آدمي ... في وداد بصفاء

كيف ترجو منه صفواً ... وهو من طين وماء

الزكي بن أبي الأصبع ": له في المرقص قوله:

ولما رايتك عند المديح جهم المحيا لنا تنظر

تيقنت بخلك لي بالندى ... لأن الجهامة لا تمطر

أبو الحسن الجزار ": له في المرقص قوله:

من مصنفي من معشر ... كثروا علي وأكثروا

صادقتهم وأرى الخرو ... ج من الصداقة يعسر

كالحظ يسهل في الطرو ... س ومحوه متعذر

وإذا أردت كشطته ... لكن ذاك يؤثر

التاج بن غنوم الإسكندراني ": له في المرقص قوله:

لا غرو للأعين أن رقرقت ... دموها حين وداع السفر

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32

فالنور قد أصبح مستعبراً ... وليس إلا وداع السحر

سلطان أفريقية أبو زكريا بن عبد الواحد ": له في المرقص قوله في الجو:

تفضل بطعم له ملبس ... صلابة وجه لثيم حكى

إذا بزعن جسمه ثوبه ... أتاك كما تمضغ المصطلكى

أو علي بن العفون ": له في المرقص قوله:

أخواك يا غبن الأكرمين بجنة ... رايا بها ما لم يكن في الجنة

عنباً ملا حياً وخمر أجرة ... وظلالها من تحت أغصن كرمة

فشرابنا البنت الشمول ونقلنا ... باللام واستظلالنا بالحرة

أبو جعفر بن طلحة وزير إبن هود صاحب الأندلس وكاتبه ": له في المرقص:

يا هل ترى أظرف من يومنا ... قلد جيد الأفق طوق العقيق

وأنطلق الورق عيد أنها ... مرقصة كل قضيب وريق

والشمس لا تشرب خمر الندى ... في الروض إلا بكؤوس الشقيق

مرج الكحل ": له في المرقص قوله:

نهر يهيم بحسنه من لم يهم ... ويجيد فيه الشعر من لم يشعر

ما إصفر وجه الشمس عند غروبها ... إلا لفرقة حسن ذاك المنظر

مطرف الغرناطي ": له في المرقص قوله:

سقني والحمام يبكي صباحاً ... فتخال الرذاذ من مقلتيه

وكان النسيم جاء إلى الغصن دخيلاً مسترفداً ما عليه

فأنثنى كالكريم وافاه ضيف ... ثم ألقى ما في يديه لديه

إبراهيم بن مجنون كاتب إبن الرستمي صاحب صقلية ": له في المرقص:

حلقوك تغييراً لحسنك غيرة ... فأزداد حسنك بهجة وبهاء

كالخمر زال قدامها فتشعشعت ... والشمع قط ذباله فأضاء

أبو القاسم بن طلحة الصقلي ": له في المرقص قوله:

أيتها النفس إليه إذهبي ... فحبه المشهور من مذهبي

مفضض الثغر له نقطة ... مسكية في خده المذّهب

أسيّ التوبة من حبه ... طلوعه شمساً من المغرب

إبن جبر الصقلي " له في المرقص قوله في شمعة:

وصعدة لبست سربال مشتهر ... بالحب منغمس في الدمع والحرق

ما زال يطعن صدر الليل لهذمها ... حتى غدا سائلاً منه دم الشفق

أو جعفر بن عياش " له في المرقص قوله:

شربت مذ دب فوق الجو عارضه ... حتى بدا شائباً بالصبح مختضبا

فلم أدع ذهب الصهباء من قدحي ... حتى رأيت خليع الليل قد ذهبا

عفيف الدين التلمساني " له في المرقص قوله:

سار وافياً وحشة الوادي لبعدهم ... عنه ولا سيما القضبان والكثب

وقوله:

وأعدلي حديثه فلسمعي ... فرط وجد بالؤلؤ المنثور

ثم صف لي ذابة منه طالت ... ودجت فهي ليلة المهجور

أبو الحسن الرقشي ": له في المرقص قوله:

ألا لله نهر في رياض ... يحض على الشجاعة من رآه

تلاعب للحباب به فرند ... وأدمى بالشقائق جانباه

إبن الصابوني الإشبيلي " في ذكر العذار له من المرقص:

وما خيلت نفسي إلي بأنه ... ستفعل أفعال السيوف الحمائل

أبو الوليد بن الحنان ": له في المرقص قوله:

والسحب قد نثرت في الروض لؤلؤها ... فضمها الشمس في ثوب من الذهب

وقوله:

ودوحة أطربت منها حمائمها ... أفق السماء فلم تبرح تنقطها

تحكي الكمامة منها راحة قبضت ... يلقي السحاب لها دراً فيبسطها

وقوله:

والكأس حلتها حمراء مذهبة ... لكن أزرتها من لؤلؤ الحبب

وقوله:

ودوح بدت معجزات له ... تبين عليه وتدعو إليه

جرى النهر حتى سقى أرضه ... فمال يقبل شكراً يديه

وكف الصبا ضيعت حليه ... فقام الحمام ينادي عليه

كساه الأصيل ثياب الضنى ... فحل طبيب الدياجي لديه

وجاء النسيم له عائداً ... فقام له لاثماً معطفيه

أبو عبيد بن أبي الحسين بن سعيد وزير صاحب إفريقية: له في المرقص قوله في دولاب:

ومحنة الأصلاب تحنو على الثرى ... وتسقى بنات التروب در الترائب

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33

تعد من الأفلاك أن مياهها ... نجوم لرجم المحل ذات ذوائب

وأطربها رقص الغصون ذوابلا ... فدارت بأمثال السيوف القواضب

موسى بن سعيد ": له في المرقص قوله وهو والد المصنف:

الاحبذا روض كرنا له ضحى ... وفي وجنات الورد للطل أدمع

وقد جعلت بين الغصون نسيمة ... تمزق ثوب الظل منه وترقع

ونحن إذا ما وصلت القضب ركعاً ... نظل لها من هزة السكر نركع

علي بن سعيد مصنف هذا الكتاب ": له في المرقص من أبيات في جورة الصالحية بمصر يذكر أحداق النيل بها:

وعانقها من فرط شوق لحسنها ... فمد يميناً نحوها وشمالا

وقوله:

تزاحم في جانبيه الغصون ... كخيل فوارسهن الحمام

وقوله:

كأن خالاً لاح من خده ... للعين في سلسلة من عذار

أسيود يخدم في جنة ... قيده مولاه خوف الفرار

وله في فرس أصفر أغر أكحل:

عجبت له وهو الأصيل بعرفه ... ظلام وبين الناظرين صباح

92

الخميلة الرابعة المشتملة على الأبيات المفردة والمزدوجة والمثلثة والمربعة

الأبيات المفردة:

ليس يورد منها إلا ما كان هزازا من طبقة المرقص التى هى أعلى الطبقات، وهى التى لا تخلو من غرض تخيّل ولطف تحيّل.

ابناء الخلفاء والمنتسبون الى الشرف الفاطمى

ا، ب ابن المعتز «1» :

كأن بزاتهم أمراء جيش ... على أكتافهم صدأ الدّروع «2»

ا، ب تميم بن المعز «3» :

كأن سواد الليل والصبح طالع ... بقايا مجال الكحل فى أعين الزّرق

التهامى الحسنى «4»

يفدى الصحيفة ناظرى فبياضها ... ببياضه وسوادها بسواده  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93

الملوك وأبناؤهم «1»

اأبو فراس الحمدانى «2» : فى مخاطبة ابن عمه سيف الدولة

وكنا كالسّهام إذا أصابت ... مراميها فراميها أصابا «3»

اأبو العشائر الحمدانى «4» :

فقرأت منها ما تخطّ يد الوغى ... والبيض تشكل والأسنّة تنقط «5»

مهلهل الحمدانى «6» :

القيناهم بأرماح طوال ... تبشّرهم بأعمار قصار «7»

ا، ب المعتمد بن عباد: فى أبيه «8»

له يد كلّ جبّار يقبلها ... لولا نداها لقلنا أنّها الحجر  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94

ا، ب ابن الزقاق «1» : من ولده

والسيف دامى المضربين كحدول ... فى ضفته شقائق النّعمان

أرباب رئاسة السيف

اباذكين صاحب البصرة «2» :

لم أبك يوم الوداع مخافة ... من أدمعى كى لا تكون حجابه

ا، ب ابن بهرام الحاجرى: حاجب صاحب اربل «3»

وقد خبّرونى أن غصنا قوامه ... تيقّنت أن القلب منّى طائر «4»

جمال الدين بن يغمور «5» : نائب السلطنة بالشام ومصر فى جواب رسالة:

وأهدت لى الإطراب عند سماعها ... فلو لم تزد فى العقل قلت ابنة الدّقّ  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95

ا، ب ابن عمه سيف الدين بن سابق «1»

وترى الغصن يصلّى ... بتحيّات النّسيم

االجمال بن البقاعى «2» :

حكى فصل الربيع بحسن قدّ ... قد تساوى الليل فيه والنّهار

ا، ب ابن عمار الأندلسى «3»

والصبح قد أهدى لنا كافوره ... لما استردّ الليل منّا العنبرا

اأبو الوليد بن زيدون «4»

سرّان فى خاطر الظلماء يكتمنا ... حتى يكاد لسان الصبح يفشينا

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96

أرباب رئاسة القلم

ا، ب ابن النبيه: كاتب الأشرف «1»

تبسّم ثغر الزّهر عن شنب القطر ... ودبّ عذار الظّل فى صفحة النهر

ا، ب البهاء بن الساعاتى الدمشقى «2» جليس ملوك بنى أيوب ونديمهم:

والطير تقرأ والغدير صحيفة ... والريح تكتب والغمامة تنقط

ا، ب ابن سناء الملك: صاحب الخزانة الكاملية وكاتب الجيش بمصر «3» .

وفتحت أبواب السماء لناظرى ... وجعلت ليلى بالنجوم مسمّرا «4»

الجمال بن مطروح «5» : كاتب الجيش بمصر للملك الصالح رحمه الله

إذا ما اشتهى الخلخال أخبار قرطها ... فياحسن ما تملى عليه الغدائر  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97

ا، ب البهاء زهير الحجازى «1» : كاتب الملك الصالح بمصر رحمه الله.

يا ألفا من قدّه أقبلت بالله كونى ألف الوصلالزين بن جبريل «2» : من كتّاب السلطنة بمصر

بانوا فياوحشة الوادى لبينهم ... عنه ولا سيّما الأغصان والكتب

اأبو بكر بن سعيد: صاحب أعمال غرناطة «3» .

تبكى وقد قتلتنى ... كالسّيف يقطر دمعه

اناصح الدين الأرجانى «4» : قاضى بلاد الأهواز

تلوم قلبى إن أصماه ناظره ... فما اعتراضك بين السّهم والهدف

ا، ب فخر الدين بن العديم «5» : من البيت المشهور بحلب وهو رئيس الأصحاب بها

والماء تحت الغصن مطّرد ... والغصن فوق الماء منعكس

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98

أعيان الحسباء والأدباء والشعراء «1»

احبيب بن أوس الطائى «2» :

من كان مرعى عزمه وهمومه ... روض الأمانى لم يزل مهزولا

اأبو العباس بن الرومى «3» :

فالموت إن نظرت فإن هى أعرضت ... وقع السهام ونزعهنّ أليم

اأبو الطيب المتنبى «4» :

تريدين إدراك المعالى رخيصة ... ولا بدّ دون الشّهد من إبر النّحل «5»

ا، ب أبو العلاء المعرى «6» :

والخلّ كالماء يبدى لى ضمائره ... مع الصّفاء ويخفيها مع الكدر  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99

االقيسرانى «1» :

وأهوى الذى يهوى له البدر ساجدا ... أليس ترى فى وجهه أثر التّرب

ا، ب المعرى «2» :

مدحت الورى قبله كاذبا ... وما صدق الفجر حتى كذب

ا، ب ابن التعاويذى البغدادى «3» :

وقد قلتم الغصن ميّال ومنعطف ... فكيف مال على ضعفى وما انعطفا «4»

ا، ب النجم بن اسرائيل الدمشقى «5»

أنت الأمير على الملاح بأسرهم ... وعليك من قلبى لواء خافق

ا، ب الضياء المعرى «6»

أبكيت عين الغيث لما فتّه ... كرما فثغر البرق منه يضحك

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100

االمجد بن الظهير الأربلى «1»

غارت مناطقه وأنجد ردفه ... يا بعد شقة غوره من نجده

ا، ب أيدمور التركى «2»

وكأن نرجسه المضاعف خائض ... في الماء لفّ ثيابه فى رأسه

ا، ب الشهاب بن الخيمى المصرى «3»

يا بارقا بأعالى الرّقمتين بدا ... لقد حكيت ولكن فاتك الشّنب

االعماد السّلماسى «4»

يشكو إلى أرادفه خصره ... لو تسمع الأمواج شكوى الغريق

ا، ب ابن الجنّان الشاطبى «5»

تؤمّون الحجاز وقد علمتم ... بأنّ القلب بيتكم العتيق

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101

الأبيات المزدوجة

[أبناء الخلفاء والمنتسبون إلى الشرف الفاطمي]

ليس يورد منها إلا ما وقع هزّازا امن طبقة المرقص ا، ب ابن المعتز «1»

هذا هلال الفطر لاح مبشّرا ... فالآن فاغد على المدام وبكّر

وانظر إليه كزورق من فضّة ... قد أثقلته حمولة من عنبر

ا، ب شكر بن أبى الفتوح الحسنى: أمير الحرمين «2»

قوّض خيامك عن أرض تهان بها ... وجانب الذّلّ إن الذّلّ مجتنب

وارحل إذا كانت الأوطان منقصة ... فالمندل الرّطب فى أوطانه حطب

اناصر بن مهدى الحسنى «3» : يخاطب الخليفة الناصر

ألقنى فى لظى فإن أحرقتنى ... فتيقّن أن لست بالياقوت

صنع النّسج كلّ من حاك لكن ... ليس داود فيه كالعنكبوت  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102

ا، ب الشريف الرضى الحسينى «1» : نقيب الطالبيين ببغداد

أرسى النسيم بواديكم ولا برحت ... حوامل السحب فى أكنافكم تضع

ولا يزال حنين النّبت ترضعه ... على عراصكم العرّاضة الهمع «2»

ا، ب الشريف أبو القاسم الرّسّى «3» : نقيب الشرفاء بمصر

خليلىّ إنى للثريّا لحاسد ... وإنى على ريب الزّمان لواحد «4»

أيبقى جميعا شملها وهى ستّة «5» ... وأفقد من أحببته وهو واحد

شرفاء السادة

ا، ب محمد بن عبيد الله الحسنى: تقيب بلخ «6»

أفدى بروحى من قلبى كوجنته ... فى الوصف لا الحكم فالأحكام تفترق

أعجب لحرقة قلب ماله لهب ... ومن تلهّب خدّ ليس يحترق  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103

االشريف الراوندى أبو المحاسن الحسنىنقيب قاشان «1»

إنى لأحسد فيه المشط والنّشفة ... لذلك فاضت دموع العين مختلفة

هذا يعلّق فى صدغيه أنملة ... وذى تقبّل رجليه بألف شفه

ا، ب أبو الحسن التهامى الحسنى «2» :

أمّلت فيه الغنا من قبل رؤيته ... فالآن أكبرته عن ذلك الأمل

علا فما يستقرّ المال فى يده ... وكيف تمسك ماء قنّة الجبل

ا، ب علاء الدين بن دفتر خوان الطوسى «3» : من الشرفاء الحسنيين

ودولاب لنا أنّا ... يزيد القلب أشجانا «4»

سقى الغصن وغنّاه ... كما ينفك نشوانا «5»

الشريف الأصم: من ولد الناصر المروانى خليفة الأندلس «6» . [قال] «7» فى النارنج

وبنت أيك دتا من لثمها قزح ... فصار منه على أرجائها أثر

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104

كأنّ موسى نبىّ الله أقبسها «1» ... نارا وجرّ عليها كفّه الخضر

الناصر بن العزيز: سلطان الشام «2»

سلوا قوام الغصن لم ذا غدا ... عنّىلا لى فى الهوىمائلا

وخدّه التبرىّ ما باله ... عذاره قد جاءنى سائلا

ا، ب ابن عمه الناصر بن المعتصم: المخلوع من ملك دمشق

ناحت ووجنتها بما سفكت ... هـ منّى تلطخ «3»

كالقوس تقتل من رمت ... هـ وبعد ذلك تصرخ

ا، ب ابن عمهما عماد الدولة بن الزاهر

وافى فعانقنى وقال مودّعا ... حزن لعمرك كان مبدأه سرور

كالسّهم أبعد ما يكون إذا دنا «4» ... بعد البعاد وضم تلقاء الصّدور

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105

ا، ب المعتمد بن عباد «1» :

وليل بسدّ النهر أنسا قطعته «2» ... بذات سوار مثل منعطف النّهر

نضت بردها عن غصن بان منعّم ... فياحسن ما انشقّ الكمام عن الزهر

ا، ب ابنه المأمون «3» :

قومى بنو لخم هم ما هم «4» ... أهل الندى والبأس يوم الكفاح

هم كحّلوه من عيون القنا ... وورّدوه «5» من خدود الصّفاح

ا، ب أخوه الراضى بن المعتمد «6»

مرّوا بنا أصلا من غير ميعاد ... فأوقدوا نار قلبى أىّ إيقاد

لا غرو إن زاد شوقى فى مرورهم ... فرؤية الماء تذكى غلّة الصّادى

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106

ا، ب المعتصم بن صمادح: صاحب المريّة «1»

إنهض أيا طالب إلينا ... واسقط سقوط النّدى علينا

فنحن عقد من غير وسطى ... مالم تكن حاضرا لدينا «2»

االحاجرى: «3»

نبىّ جمال كلّ ما فيه معجز ... من الحسن لكن وجهه الآية الكبرى

أقام بلال الخال فى صحن خدّه ... يراقب من لألاء خدّه الفجرا

اابن سابق «4»

وندّ ماله ندّ ... تعاطيه من السّنّة

إذا أدخلته النار حكى ... رائحة الجنّة

ا، ب عون الدين بن العجمى الحلبى «5»

قد كان من قبل ذا نهارا ... فزيد ليلا من العذار

فأين منه وهل مفرّ ... لنا من الليل والنهار

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107

االبهاء زهير «1»

ومن شغفى فيكم ووجدى أننى ... أهوّن ما ألقاه وهو هوان

ويحسن قبح الفعل إن جاء منكم ... كما طاب ريح العود وهو دخان

ا، ب مرج كحل «2»

نهر يهيم بحسنه من لم يهم ... ويجيد فيه الشّعر من لم يشعر

ما اصفرّ وجه الشّمس عند غروبها ... إلا لفرقة حسن ذاك المنظر

ا، ب ابن سعيد: المؤلف «3»

كأنما النّهر صفحة كتبت ... أسطرها والنسيم منشؤها «4»

لما أبانت عن حسن منظرها ... مالت عليها الغصون تقرؤها

اابن سهل الإسرائيلى «5»

يا لائمى إن متّ فيه اتّئد ... أو فإلى أجفانه نحتكم

غرقت فى بحر هواه وذا ... ك الرّدف منه موجه الملتطم

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108

الأبيات المثلثة

ولا يورد منها أيضا إلا ما وقع فيه مرقص ا، ب تميم بن المعز «1» :

قم أدرها فالليل رقّ دجاه «2» ... وبدا طيلسانه ينجاب

وكأن الصباح فى الأفق باز ... والدّجى بين مخلبيه غراب

وكأن السماء لجّة بحر ... وكأن النجوم فيها حباب

االشريف كمال الدين الحسينى الحمصى «3»

محن البرايا فى البرايا فرّقت ... وتجمّعت فى بيتنا النّكبات

فى كل يوم منزل تحتلّه ... وتذودنا عن ملكه الأزمات

ما ضرّنا أن ليس نملك منزلا ... ولنا الصّفا والركن والحجرات

الشريف أبو أحمد بن أبى البسام «4»

عاذلتى لا تفنّدينى ... أن صرت فى منزل هجين  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109

فليس قبح المحلّ ممّا ... يقدح فى منصبى ودينى «1»

فالشمس علويّة ولكن ... تغرب فى حمأة وطين

ا، ب أبو فراس الحمدانى «2»

هززنا الأنس بالصّهباء صرفا ... على نهر تدرّع بالظّلال

ورحنا بعد ذاك إلى مجال ... تحدّث عنه ربّات الحجال «3»

كأنّ الخيل تعلم من عليها ... ففى بعض على بعض تعال

اابن عمه أبو وائل «4»

أجل عينيك فى عينى تجدها ... مشربة جنى ورد الخدود

وصافحنى تجد عبقا بكفّى ... يضوع إليك من ردع النّهود

وها سمعى إليك فإنّ فيه ... بقايا من حديث كالعقود

ا، ب منصور بن صدقة: ملك الحلة بالعراق «5»

يوم لنا بالنّيل مختصر ... ولكلّ يوم مسرّة قصر

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110

والسّفن تغدو فى الفرات بنا ... والماء مرتفع ومنحدر

وكأنما أمواجه عكن ... وكأنما داراته سرر

االملك الناصر «1» : وقد فارق من كان يحبه فلم يودعه

تغالبت والأيام فى من أحبّه ... ومن غالبته قبل ذا فأطاقها

فبانت به عنّى فلم أستطع له ... وداعا فقالت من خبرت نفاقها

تفارقه دون الوداع ومن رأت ... يودّع روحا أو يريد فراقها

ا، ب تاج الدولة بن أبى الحسين الكليى: ملك صقلية «2»

رأتنى وقد شبّهت بالورد خدّها ... فتاهت وقالت قاس خدّى بالورد

كما قال إن الأقحوان كمبسمى ... وأن قضيب البان يشبه قدّى

إذا كان هذا فى البساتين عنده ... فقولوا له لم جاء يطلبه عندى

ا، ب المعتمد بن عباد [اللخمى] «3»

مرضت فأمسكت الزيارة عامدا ... وما ذاك منى عن ملال ولا هجر

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111

ولكننى أشفقت والله أن أرى ... بعينى تغيير الكسوف على البدر

وما سمحت نفسى ترى البدر ذابلا ... ولم أر أولى من رجوعى إلى الصّبر

اابن الزقاق «1» : وهو من ولده

ورياض من الشّقائق أضحى ... يتهادى بها نسيم الرّياح

زرتها والغمام يجلد منها ... زهرات تفوق لون الرّاح «2»

قلت: ما ذنبها فقال مجيبا ... سرقت حمرة الخدود الملاح

ا، ب الحاجرى «3»

لم لا أحنّ إلى الحجاز صبابة ... ويجود دمع العين بالهملان

ورضا به الخمر العذيب وخدّه «4» ... النّضر الجنى وعذاره العلمان

لم يعل ذاك الخدّ خال أسود ... إلا لنكث شقائق النّعمان

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112

ا، ب ابن سابق «1»

قم هاتها ما الأنس إلا بها ... فقد زها الصّبح بإشراقه

والورد قد فتّح أزراره ... وشمّر النّرجس عن ساقه

كلاهما للسّحر من خدّه ... ولحظه داع لعشّاقه

ا، ب ابن سناء الملك «2»

يا عاطل الجيد إلّا من محاسنه ... عطّلت فيك الحشا إلا من الحزن

فى سلك جسمى درّ الدّمع منتظم ... فهل لجيدك فى عقد بلا ثمن

لا تخش منى فإنّى كالنّسيم ضنا ... وما النسيم بمخشىّ على غصن

ا، ب البهاء زهير «3»

أيا ظبى هلّا كان منك التفاتة ... ويا غصن هلّا كان منك تعطّف «4»

ويا حرم الحسن الذى هو آمن ... وألبابنا من حوله تتخطّف

عسى عطفة للوصل يا واو صدغه ... وحقّك أنّى أعرف الواو تعطف «5»

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113

االجمال بن مطروح «1»

أقبل يختال فى غلائله ... والسّكر باد على شمائله

وقد غدا ساحبا ذوائبه ... قوموا انظروا الظّبا فى حبائله

وماس فى حلّة معصفرة ... يا من رأى الغصن فى أصائله

ا، ب ابن سفر: من المرية «2»

لو أبصرت عيناك زورق فتية ... يبدى بهم مرح السرور مراحه «3»

وقد استداروا تحت ظلّ شراعه ... كلّ يمدّ بكأس راح راحه

لحسبت من خوف العواصف طائرا ... مدّ الحنان على بنيه جناحه «4»

ا، ب ابن سعيد «5» : المؤلف فى جزيرة مصر

تأمّل لحسن الصّالحيّة إذ بدت ... وأبراجها مثل النّجوم تلالا

ووافى إلينا النيل من بعد غاية ... كما زار مشغوف يروم وصالا

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114

وعانقها من فرط شوق لحسنها ... فمدّ يمينا نحوها وشمالا

ا، ب ابن الصابونى «1»

بعثت بمرآة إليك بديعة ... فأطلع بسامى أفقها قمر السّعد

لتنظر فيها حسن وجهك منصفا ... وتعذرنى فيما أجنّ من الوجد «2»

مثالك فيها منك أقرب ملمسا ... وأكثر إحسانا وأبقى على العهد

الأبيات المربعة

ولا يورد منها إلا ما وقع فيه مرقص ا، ب ابن المعتز «3»

كم فيهم من مليح الدّلّ فى خفر ... بالسّحر مكتمل بالحسن معتجر

قد جاءنى فى قميص الّليل مستترا ... مستعجل الخطو من خوف ومن حذر «4»

فظلت أبسط خدّى فى الطريق له ... ذلّا وأسحب أكمامى على الأثر

ولاح ضوء هناك كاد يفضحه ... مثل القلامة قد قصّت من الظّفر  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115

ا، ب ابن المعتز

ربّ صفراء علّلتنى بصفرا ... ء وجنح الظلام مرخى الإزار

بين ماء وروضة وكروم ... ورواب منيفة وصحار

وكأن الدّجى غدائر شعر ... وكأن النّجوم فيه مدارى

وانجلى الغيم عن هلال تبدّى ... فى يد الأفق مثل نصف سوار

ا، ب سيف الدولة «1»

وساق صبيح للصّبوح دعوته ... فقام وفى أجفانه سنة الغمض

وقد نشرت أيدى الجنوب مطارفا ... على الجوّ دكنا والحواشى على الأرض

يطرّزها قوس السّماء بأصفر ... على أحمر فى أخضر وسط مبيض «2»

كأذيال خود أقبلت فى غلائل ... مصبّغة والبعض أقصر من بعض

ا، ب الملك الناصر «3» : وقد ودع محبوبا له وانصرف إلى بستان

مالى وللبستان هيّج لوعتى ... يوم النّوى، مالى وللبستان

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116

قد غازلتنى فيه أعين نبرجس ... وتمايلت نحوى قدود البان

ويغيرنى ثغر الأقاح بلثمه ... خدّ الشقيق وعارض الرّيحان

وأكاد أقضى حسرة وصبابة ... مهما رأيت تعانق الأغصان

ا، ب الوزير شرف الدين البيهقى «1»

أبابل لا واديك بالبرّ مفعم ... لدىّ ولا ناديك بالرّحب آهل «2»

لئن ضقت عنّى فالبلاد فسيحة ... وحسبك عارا أننى عنك راحل

فإن كنت بالسّحر الحرام مدلّة ... فعندى من السّحر الحلال دلائل

قواف تغير الأعين النجل حسنها ... فكل مكان خيّمت فيه بابل

ا، ب الحاجرى

لا غرو أن لعبت بى الاشواق ... هى رامة ونسيمها الخفّاق

أخذ الهوى عهدا علىّ لحاجر «3» ... ألّا يزال الدمع فيه يراق «4»

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117

إنى لأعذر فى الأراك حمامة (م) ... الشّاكى «1» كذلك تفعل العشّاق

حكم الغرام الحاجرىّ «2» بأسرها ... فغدت وفى أعناقها الأطواق

ا، ب ابن سابق «3» : وقد فرّ عنه مملوك كان يرى الدنيا به

ألا قم اسقنى بكرا شمولا ... تعين على الصّبابة والغرام

وطارحنى هوى من غاب عنى ... وناديه على غدر الذّمام

يا من عيشتى فى ناظريه ... ويا من بعده عنى حمامى

رحلت بمهجة خيمت فيها ... وشأن الترك ترحل بالخيام

ابن مطروح «4»

وليلة وصل خلت ويا عاذلى لا تسل ... لبسنا ثياب العناق مزرّدة بالقبل

وفى طىّ ذاك العناق عتب كوشى الحلل ... وحلّيت ذاك الغزال بجوهر هذا الغزل

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118

البهاء زهير «1»

فأدر علىّ نديم أنسى خمرة ... تركت نداماها لديها سجّدا

أو ما ترى زهر الحديقة باسما ... فرحا وعريان الغصون قد ارتدا

وقف السحاب على الرّبا متحيّرا ... ومشى النسيم على الرّياض مقيدا

ويشوقنى وجه النهار ملثمّا ... ويروقنى خدّ الأصيل مورّدا.

ا، ب ابن سحنون الدمشقى «2»

أنا عاشق فى كل أحمر قانى ... يبتزّ عقلى عندما يلقانى

أملاح جلّق ما لبستم حلية ... حمر الخدود وحمرة القمصان

لكنكم لما ثنت ريح الصّبا ... منكم غصون البان فى الكثبان

طربت لحسنكم الرّبى فعليكم ... خلعت جديد شقائق النّعمان

ا، ب أيدمر التركى «3»

يامن به أناهائم وبليتى ... فيه يضيق بحملها الثّقلان

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119

قف بى قليلا كى أودّع مهجتى ... فلعلّ بعد اليوم ما تلقانى

بالله إن جئت الغوير فلا تغر ... بالمشى فيه معاطف الأغصان «1»

واستر شقائق وجنتيك هناك لا ... ينشق قلب شقائق النّعمان

ا، ب الوجيه المنوى «2»

ألا بأبى من لا أسمّيه خيفة ... ومن كلّ من يلقاه صبّ وهائم

تثنّى فمات الغصن غيظا لقدّه ... ألم تره ناحت عليه الحمائم «3»

ولما غدا مما رأى متبسما ... شققن له ثوب الحياء الكمائم

وأقسم لو أمسى يعير لحاظه ... لما سلّ فى حرب مدى الدهر صارم

ا، ب الرئيس المعظم أبو عبد الله بن أبى الحسين «4»

ومحنيّة الأصلاب تحنو على الثّرى ... وتسقى بنات الترب درّ التّرائب «5»

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120

تشبّه بالأفلاك أن مياهها ... نجوم لرجم المحل ذات ذوائب «1»

وأطربها رقص الغصون ذوابلا ... فدارت بأمثال السّيوف القواضب

فخذ من مجاريها ودهمة لونها ... بياض العطايا فى سواد المطالب «2»

ا، ب أبو جعفر بن الخراز البلنسى «3»

إليك بآمالى نزعت عن الورى ... ولم يصف لى فى غير ظلّك مورد

وما زلت أجنى منك والدهر ممحل ... ولا ثمر يجنى ولا زرع يحصد

ثمار أياد دانيات قطوفها ... لأغصانها ظلّ علىّ ممدّد

يرى جاريا ماء المكارم تحتها ... وأطيار شكرى فوقهنّ تغرّد

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121

الخميلة الخامسة المشتملة على الأبيات المخمسة والمسدسة والمسبعة والمثمنة

وجميعها مختار من غزل المشارقة والمغاربة، وأسلوبها من نمط المقبول، وقد يقع فيها المطرب ولا يقع فيها المرقص إلا نادرا.

الأبيات المخمسة «1»

ا، ب الشريف الرضى «2» : إمام هذا الشأن

عارضا بى ركب الحجاز أسائل ... هـ متى عهده بأيام سلع «3»

واستملا حديث من سكن الخي ... ف ولا تكتباه إلا بدمع

فاتنى أن أرى الدّيار بعينى ... فلعلّى أرى الدّيار بسمع

من معيد أيام سلع على ما ... كان منها وأين أيام سلع

طالب بالعراق ينشد هيها ... ت زمانا أضله بالجزع  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122

ا، ب أخوه الشريف المرتضى «1»

ألا يا نسيم الرّيح من أرض بابل ... تحمّل إلى أهل الخيام سلامى

وإنى لأهوى أن أكون بأرضهم ... على أننى منها استفدت مقامى

وقد كنت كالعقد المنظّم منهم ... فهأنذا سلكا بغير نظام

أبيت أرجّى أن يلمّ خيالهم ... وكيف يزور الطيف دون منام

فلا برق إلا خلّب بعد بينهم ... ولا عارضا إلا بياض جهام

ا، ب مهيار «2» غلام الشريف الرضى «3»

قد قنعنا أن نرقب الأحلاما ... إن أذنتم لمقلتى أن تناما «4»

يا لواة الدّيون إنى غريم ... لكم لو قضيتموه الغراما

ما لكم لا يذمّ منكم بغاة العي ... ب إلّا إلّا لكم أو ذماما

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123

لا أحل الفراق من رشإ فيكم (م) ... أحلّت نواه نفسا حراما «1»

لا ادّعت بعده الغصون قواما ... عند عينى ولا البدور تماما

التهامى الحسينىّ «2»

غرّاء تسحب ليلا حسنه أبدا ... فى الطّول منه وحسن الليل فى القصر

أهتزّ عند تمنى وصلها طربا ... وربّ أمنية أحلى من الظّفر

تجنى علىّ وأجنى من مراشفها ... ففى الجناء والجنايا ينقضى عمرى

وراعها جرّ أنفاسى فقلت لها ... هواك نار وأنفاسى من الشّرر

فقمت أعشر فى ذيل الدّجى ولها ... والجوّ روض وزهر الشّهب كالزّهر

ا، ب أبو جعفر الفيروز بادى: معاصره «3»

نسيم الصبا إن جئت أرض محبّتى ... فخصّهم منّى بكلّ سلام

وبلّغهم أنى رهين صبابة ... وأن غرامى فوق كلّ غرام

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124

وإنى ليكفينى طروق خيالهم ... لو انّ جفونى متّعت بمنام

ولست أبالى بالجنان ولا لظى ... إذا كان فى تلك الدّيار مقامى

وقد صمت عن لذّات دهرى كلها ... ويوم أراهم ذاك فطر صيامى

اسلمان بن أبى طالب النهروانى «1» : شاعر نظام الملك وجليسه

يا ظبية حلّت بباب الطّاق ... بينى وبينك آكد الميثاق

فوحقّ لذّات الصّبا ووصالنا ... فى ظل أيام هناك رفاق

ما مرّ من يوم ولا من ليلة ... إلا إليك تجدّدت أشواقى

سقيا لأيام جنى لى طيبها ... ورد الخدود ونرجس الأحداق

وإذا أضرت بى عقارب صدغها ... كانت مراشف ثغرها درياقى

اابن فضال القيروانى «2» : من شعرائه أيضا وخواصه

والله ثمّ الله ربّ العباد ... بخالص النيّة والاعتقاد

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125

ما زادنى صدّك إلا هوى ... وسوء أفعالك إلا وداد

وإننى منك لفى لوعة ... أقلّ ما فيها يذيب الجماد

فكن كما شئت فأنت المنى ... واحكم بما شئت فأنت المراد

وما عسى تبلغه طاقتى ... وإنما بين ضلوعى فؤاد

ا، ب ابن بختيار الأبله البغدادى «1» : المشهور برقة الغزل

بأىّ لسان للوشاة ألام ... وقد علموا أنى سهرت وناموا

أهيم وما أظهرت فى الحبّ بدعة ... ولو أنهم ذاقوا الغرام لهاموا

هل العشق إلا لوعة فى جوانحى ... تنمّ عليها أنّة وغرام

ألام على حبّيك وهو مبرّح ... وأكبر برح فى هواك كلام

أيستكثرون الوصل لى منك ليلة ... وقد مرّ عام للصّدود وعام

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126

ا، ب ابن المعلم الواسطى «1» : مشابهه فى رقة الغزل ومعاصره

خذ من عيونهم الأمان وهل ... لمن حمل الغرام من العيون أمان

كم فى البراقع من قسىّ حواجب ... تصمى القلوب وغيرها المرنان

رحلوا بأفئدة الرجال وغادروا ... بصدورها فكرا هى الأحزان

واستقبلوا الوادى فأطرقت المها ... وتحيرت بغصونها الكثبان

فكأنما اعترفت لهم بقدودها (م) ... الأغصان أو بعيونها الغزلان

ا، ب ابن التعاويذى «2» : معاصرهما ومشاركهما هذه الطريقة «3»

وفاتر اللحظ معشوق القوام له ... قدّ يعلّم غصن البانة الهيفا «4»

إن قلت جرت على ضعفى يقول متى ... كان المحبّ من المحبوب منتصفا

أو قلت أتلفت روحى قال لا عجب ... من ذاق طعم الهوى يوما وما تلفا

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127

أو أنكرت من دمى عيناه ما سفكت ... فقد أقرّ به خدّاه واعترفا «1»

قد قلتم الغصن ميال ومنعطف ... فكيف مال على ضعفى وما انعطفا «2»

الأبيات المسدسة

وهى مختصة بشعراء الغرام الكائنين فى المائة السادسة، ولا يعاد اسم من تقدم ليأخذ كل منهم بحظه من الذكر.

ا، ب الخليفة المستنجد «3» : وليس من خلفاء العباسيين والعاويين والأمويين أرق منه فى الغراميات

يا سارى البرق هل من رامة خبر ... فإننى لسواه ليس انتظهر

بالله ربك خبّرنى فها كبدى ... تكاد من ذكرهم بالوجد تنفطر

أحباب قلبى وجيرانى وأهل منى ... روحى إذا طربت والسمع والبصر

أعندكم أننى من بعد فرقتكم ... لا أستلذّ بما يهوى له النظر

ترى أراكم على بانات كاظمة ... والعذل قد غاب والأحباب قد حضروا  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128

ويجمع الله شملا طالما لعبت ... به الليالى ولم يسعف به القدر

أبو الفتح بن عمر البغدادى «1» : المشهور بحسن الخط وعذوبة الشعر

يا مديل الوصال بالهجر صبرا ... للذى قد أتت به الأقدار

كلّ يوم لنا عتاب جديد ... فى نواحيه يخلق الاعتذار

وانتظار لليوم والغد يأتى ... أو كلّ الزّمان فيه انتظار

إن أبت شاهر الجفون ودم ... ع العين فى الخدّ واكف مدرار

فبما بت راقدا وعلى جي ... دى يمين معطوفة وسوار

نتساقى كأسا من العتب صرفا ... ولخمر العتاب أيضا خمار

ا، ب أحمد بن الفضل البغدادى «2» : صاحب نطاق الخصر فى شعراء العصر «3»

أيا علمى نجد هل اخضّر بعدنا ... مراتع كان العيش فيهنّ أخضرا

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129

وضاحك ثغر الأقحوان شبيهه ... صقالا ولونا وانتصابا ومنظرا

وهل لحمام الدّوحتين ترنّم ... إذا هبّ غربىّ النّسيم فأسحرا

وهل ذلك الوادى كما كان صفوه ... ينبمّ على حصبائه أم تكدّرا

وهل لليالينا على جوّ حاجر ... معاد وخيل الزّهر قد ملّت السّرى

نفضّ ختاما من حديث إذا سرى ... مع الريح كان الجوّ منه معطّرا

اأبو المظفر بن السبتى البغدادي «1»

يا ناجيا من عذاب قلبى ... وسالما من رسيس وجدى

لا تتقرّب إلى نيابى ... فإن داء الغرام يعدى

تزعم أن الفؤاد عندى ... لو كنت عندى لكان عندى

يا لائمى فيه لا تلمنى ... وجدى به جاز كلّ حد

وكلّما زدته غراما ... يزيدنى منه كلّ صد

قد غير الدهر كلّ شىء ... غير جفاه وحسن عهدى

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130

ا، ب محمد بن المؤيد: خطيب خوارزم «1»

عرض المشيب بعارضيه فأعرضوا ... وتقوضت خيم الشباب فقوّضوا

فكأن فى الليل البهيم تبسّطوا ... خفرا وفى الصبح المنير تقبّضوا «2»

ولقد سمعت وما سمعت بمثله ... بينا غراب البين فيه أبيض «3»

يا هاجرين ومالنا من زلّة ... إلا المشيب ترى بمن نتعوض

ما غيركم فى العين أحلى منظرا ... وسوى حديثكم لنا لا يعرض «4»

فلتهجروا أو تعتبوا أو تعرضوا ... فلغيركم فى الحب لا نتعرض

ا، ب المؤيدّ الطغرائى: شاعر العجم «5»

بالله يا ريح إن مكّنت ثانية ... من صدغه فأقيمى فيه واستترى

وراقبى غفلة منه لتنتهزى ... لى فرصة وتعودى منه بالظّفر

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131

وإن قدرت على تشويش طرّته ... فشوّشيها ولا تبقى ولا تذرى

ثم اسلكى بين برديه على عجل ... واستبضعى الطّيب وائتنى على قدر

ونبّهينى دون القوم وانتفضى ... علىّ والليل فى شكّ من السّحر

وعّللينى بذكر منه يبلغ بى ... ما ليس تبلغه الآمال بالفكر «1»

االأرجانى «2»

ورد الخدود ودونه شوك القنا ... فمن المحدث نفسه أن يجتنى

لا تمدد الأيدى إليه فطالما ... شنّوا الحروب وقد حددنا الأعينا

ورد تخير من مخافة نهبه ... باللحظ فى ورق البراقع مكمنا

قل للتى ظلمت وكانت فتنة ... لو أنها عدلت لكانت أفتنا

أيراد صونك بالتبرقع ضلة ... وأرى السفور لمثل حسنك أصونا

كالشمس يمتنع اجتلاؤك وجهها ... فإذا اكتست برقيق غيم أمكنا

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132

ا، ب ابن الخياط الدمشقى «1»

خذا من صبا نجد أمانا لقلبه ... فقد كاد ريّاها يطير بلبّه

وإيّاكما ذاك النسيم فإنّه ... إذا حب كان الموت أيسر هبّه «2»

وفى الرّكب مطوىّ الضّلوع على جوى ... متى يدعه داعى الغرام يلبّه

إذا خطرت من جانب الرّمل نفحة ... تضمّن منها داؤه دون صحبه

ومحتجب بين الأسنّة معرض ... وفى القلب من إعراضه مثل حجبه

أنمار إذا آنست فى الحى أنّة ... حذارا وخوفا أن تكون لحبّه

ا، ب ابن رواحة الحموى «3»

يا غائبا وهو ذو عتاب ... وحاضرا وهو ذو اجتناب

ومن يديم الزمان هجرا ... وقد روى دائم اكتئاب

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133

وليس لى عنده شفيع ... وأين أعلى من الشّباب

أخلفته فيه دون شىء ... ما حلّ بالعاشقين ما بى

إن كان يحلو لديك ظلمى ... فزد فى الهجر، فى عذابى «1»

عسى يطيل الوقوف بينى ... وبينك الله فى الحساب

الأبيات المسبعة

وجميعها مختار من غراميات شعراء المائة السابعة ممن أنشدنى لنفسه وليس فيهم من أنشدت عنه غير الحاجرى ا، ب الحاجرى المذكور«2»

أحقّا صباها أن نجدا مقامها ... فإن مرام الفرقدين مرامها

نعم، عزّ لقياها وشطّ مزارها ... وأقفر ناديها وعين لمامها

عجبت لها تنسى ويذكر عهدها ... وتنقض ميثاقا ويرعى ذمامها

سقى سرحة الوادى بنجد غمامة ... ينمّق أثواب الرياض انسجامها  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134

وهبّ صبا تلك الربا عنبرية ... ولا زال رطبا شيحها وثمامها

فكم لى والأحباب فيها مواقف ... يخجل إسفار الصباح ابتسامها

ملاعب لو أعطيت من دهرى المنى ... وخيّرت ما أهوى لقلت دوامها

ا، ب الشهاب التلعفرى «1» : مقدم شعراء الناصر

لم أزل مكثرا إليه سؤالا ... وجوابا ما عنده لى سوى لا

ما شجانى فقد لحبّة قلبى ... عند ما صاغها لخدّيه خالا

كلما رمت منه معمول فيه ... هزّ لى من قوامه عسّالا

وتجنّى تيها وماس دلالا ... وانثنى معرضا وصال وقالا

ياله من مجاهد فى محبّيه ... ينادى بمقلتيه النّزالا

لم يقاتل إلا بمنكسرات ... ومراض من الجفون كسالا

كلّ حرب له وليست عليه ... وسمعنا بها تكون سجالا

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135

ا، ب الشرف بن سليمان الأربلىّ «1» : من أعلام شعراء الناصر

سقى بالحمى ربعا نأت عنه غيده ... كريم سحاب كل يوم يجوده

لئن غربت أقماره وشموسه ... وأقوت مغانيه وحالت عهوده

فعندى لأهليه الذين تحمّلوا ... قديم هوى مارثّ منه جديده

ليالى سمعى لا يصاخ اماذل ... وعصر الصّبا واللهو لم يذو عوده

وأسمر يحكى السمهرىّ قوامه ... يطاعن عنه لحظه وغموده «2»

أمير جمال جاء خطّ عذاره ... بإجراء دمعى المستحيل جموده

غزال بقلبى لا بسلع كناسه ... وبين ضلوعى لا بنجد زروده

ا، ب التاج بن شقير المعرى «3» : من شعرائه أيضا

حبّى ديارك من نجد وإن بعدت ... عنّى ومغناك من قلبى وإن قربا

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136

دار أدرّ بها صوب الدموع وذا ... غنى أزور به البدر الذى احتجبا

هند ما أنا فى العشاق أول من ... يبغى رضا من تجنّى بعد ما غضبا

إن كنت أذنبت قد وافيت معتذرا ... وإن ظلمت بواش فالرّضى وجبا

إذ تذكرين زمانا بالغوير صفا ... فيه لنا مورد بالوصل قد عذبا

وقد أنت سوى [سهمبلحظك أو ... طعن بقدّك لا سمرا به وطبا «1»

قناة قدّك أرواح الورى سلبت ... لأجلها سميّت سمر القنا سلبا

ا، ب المجد بن الظهير الأربلىّ «2» : من الشعراء المذكورين

لو أنّ طيف خيال عزة يطرق ... ما شاقنى برق الحما والأبرق «3»

ولما وقفت على المنازل شاكيا ... بلسان دمع بالسرائر ينطق

لهفى على زمن تقضىّ بالحمى ... سمعى بذكرى غيره لا يعلق

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137

يا عاذلى فيه وفى سبكّانه ... قد كنت تعذرنى لو انّك تعشق

أخلوت من وجد ولمت متيّما ... ولهان يصبح بالغرام ويعبق

خلّ الهوى لفريقه فنفوسهم ... لسواه لا تهوى ولا نتعشّق

والله ما خطر النعيم بخاطرى ... مذ بان من بمحبه لا يرفق

ا، ب على بن مسعود الحلبى «1» : المعروف بالذهبى من الشعراء الناصرية

إلى كم ترانى يا خليّا من الوجد ... وتعرض عن شىء وتخلف لى وعدى

وكم فيك جرعت الهوان بمنزل ... علمت به أن المنازل لا تجدى «2»

أعيد وأبدى ما أحن من الهوى ... على الرسم دار ما يعيد ولا يبدى «3»

وبرق تراءى من تهامة موهنّا ... فأوهمنى قرب المزار على بعد «4»

سرى خافقا من أيمن الغور مهديّا ... لى الماء والجمر المضرّم فى نجد

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138

وأضحى على وادى الأراك مخيّما ... يلوح ويخفى مثل حاشية البرد

لك الله يا برق الغضا إن للغضا ... بقلبى ما للنار من مهجة الزّند

ا، ب التاج الصرحدى محمود بن عابد «1»

تأنّوا ففى طىّ النّسيم رسائل ... وميلوا فإن البان بالسفح مائل

وما مال إلا السؤال وعنده ... حديث هوى فاستحدثوه وسائلوا «2»

روى خبرا عن بان نعمان مرسلا ... وأسند عنه ما حكته الشّمائل

خذوا عن يمين البان قد بلغ الهوى ... أواخر لم تدرك لهنّ أوائل «3»

ونمّوّا غرامى للنّسيم فإنه ... غريمى إذا ماهيّجتنى البلابل «4»

وميلوا إلى رمل الحمى علّ سربه ... تلاحظكم غزلانه وتغازل

فإن سؤالى للنسيم علالة ... كما أن دمعى للمنازل سائل

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139

ا، ب ابن سودكين الحلبى «1»

أفق أيها القلب المشوق من الوجد ... وبشرى فقد زار الحبيب على بعد

ويا ناظرى لم يبق من بعد قربه ... سهاد ولا دمع يسيل على الخدّ

تمتّع بما أولاك من طيب وصله ... فقد زارنى بعد القطيعة والصّد

رعى الله ليلا بات فيه مواصلى ... حبيب دنا من غير علم ولا وعد

رعى فيه للعهد القديم حديثه ... فيا حبّذا من زارنى ورعى عهدى

ولما ثوى فى القلب من غير حائل ... وصار به فردا سليما من الضّد

وعاين ما فيه من الوجد (زارنى) ... وما زارنى حتى تحقّق ما عندى

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140

الأبيات المثمنة

وجميعها مختار مما أنشدنيه لأنفسهم المطبوعون فى الغراميات من أعيان حلب ومصر ا، ب مجد الدين بن العديم «1»

أقول لصحبى حين ساروا ترفّقوا ... لعلّى أرى من بالجناب الممنّع

وألثم أرضا ينبت العزّ تربها ... وأسقى ثراها من سحائب أدمى

وينظر طرفى حيث أترك مهجتى ... فقد أقسمت ألا تسير غدا معى «2»

وما أنا إن خلّفتها متأسّف ... عليها وقد حلّت بأكرم موضع

ولكن أخاف العمر فى البين ينقضى ... على ما أرى والشّمل غير مجمع

يمينا بمن ودعته ومدامعى ... تفيض وقلبى للفراق مودّعى «3»

لئن عاد لى يوما بمنعرج اللّوى ... وأصبح سربى فيه غير مروع

غفرت ذنوبا أسلفتها يد النوى ... ولم أشك من جور الزمان المضيّع  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141

انجم الدين بن الأستاذ الحلبى «1»

ضاع عمرى فى ليتنى ولعلىّ ... والتّمنىّ فى الحبّ جهد المقلّ

يا كثير الصدود أكثر عمرى ... ضاع فى الهجر فارث لى فى الأقلّ

ما شفيعى إليك غيرك فارحم ... وإذا لم تكن لفقرى فمن لى

أنا موسى هواك فارث لحالى ... وتصدّق بوقفة للتجلّى

فأقسى الطرف من جنى بك نارا ... أطمعتنى على نزوح المحل

ما أبالى متى أفوز بقرب ... منك من صدّ أو تجود بوصل

ما بقى فى جميع قلبى ولبّى ... من نصيب لغير من شتّ شملى

أنا أهواه وهو يهوى بعادى ... آه من دلّه علىّ وذلى

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142

ا، ب بهاء الدين زهير «1» : كاتب ديوان الانشاء بمصر

رويدك قد أفنيت يا بين أدمعى ... وحسبك قد أحرقت يا شوق أضلعى

إلى كم أقاسى فرقة بعد فرقة ... وحتّى متى يا بين أنت معى معى

أأحبابنا، لم أنسكم، وحياتكم ... وما كان عندى ودّكم بمضيّع

عتبتم ولا والله ما خنت عهدكم ... ولا كنت فى ذاك الوداد بمدّع

وقلتم علمنا ما جرى منك بعدنا ... فلا تظلمونى ما جرى غير أدمع

رعى الله ذاك الوجه وجها نحبّه ... وحيّته عنى الشّمس فى كلّ مطلع

ويا ربّ جدّد كلما هبّت الصّبا ... سلامى على ذاك الحبيب المودّع

قفوا بعدنا تلفوا مكان حديثنا ... به أرج كالمندل المتضرّع

ا، بجمال الدين بن مطروح «2» : كاتب ديوان الجيش بمصر

هى رامة فخلوا يمين الوادى ... وذروا السّيوف تقرّ فى الأغماد

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143

وحذار ثم حذار أعين غيدها ... فلكم صرعن بها من الاساد

من كان منكم واثقا بفؤاده ... فهناك ما أنا واثق بفؤادى

يا صاحبىّ ولى بجرعاء الحمى ... قلب أسير ماله من فاد

وأغنّ معسول اللّمى مسكيّه ... لولا الرقيب بلغت منه مرادى

قالت لنا ألف العذار بخدّه ... فى ميم مبسمه شفاء الصّادى

فى بيت شعر نازل من شعره ... فالحسن منه عاكف فى باد

ومن المنى لو دام لى فيه الضّنا ... ليرقّ لى فأراه من عوّادى

ا، ب الزين كتاكت بن الواعظ الملحن «1»

جادت بوبل الدّمع سحب محاجرى ... لمّا سرت سحرا نسيمة حاجرى «2»

وتذكّر العهد القديم برامة ... قلبى فحنّ إليه حنّة ذاكر

يا مولعا بهوى سويكنة الحمى ... عرّضت قليك للتّلاف فحاذر

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144

هاتيك علوة قد تجلّى حسنها ... فبحقّها يا عاذلى كن عاذرى

ما كلّ من زار الحمى سمع النّدا ... من أهله أهلا بذاك الزّائر

أفسدتم نظرى علىّ فما أرى ... من بعدكم مرأى يروق لناظرى

أنا لا أدين لغير ساكنة الحمى ... وسوى هواها لا يلمّ بخاطرى

شغلت فؤادى أن يحنّ لغيرها ... وأرى هواها ماله من آخر

ا، ب الظهير الرسام المصرى «1»

نمّ دمعى إلى الحداة بوجدى ... حين ساروا عن العقيق بهند

وأمطتّ الحياء فى عرصة الدّا ... ر عفّرت فى المعالم خدّى

قاتل الله سائق العيس كم ... ذلّ له من عزيز قوم كعبد

لو درى أنه يسير بقلبى ... بين أجمالهم لرقّ لوجدى

رحلوا جملة بقلبى ولبّى ... ولحينى بقيت فى الدار وحدى

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145

أسأل الرّسم عن دواتى وإن ... كان سؤالى لصامت ليس يجدى

يا خليلىّ جنّبا عن جوارى ... عيسكم فالغرام كالدّاء يعدى

قيل نجد شفاه، قلت ومن لى ... بنسيم بهبّ من أرض نجد

ا، ب مهلهل الدمياطى «1»

يا بانة الرّمل هل مرّت بك الابل ... وساحة السفح هل حلّت بك الكلل «2»

ويا عريب النّقى هل للّقا أمد ... ويقتضى بحماكم ذلك الأمل «3»

رحلتم بفؤادى يوم رحلتكم ... وبين جنبىّ قد حلّت لكم حلل

وحقّكم ويمين الحب صادقة ... قلبى بغير هواكم ليس يشتغل

يا سائق البدن بالبطحاء قف نفسا ... لعلّ عينى بحسن القوم تكتحل «4»

بدور تمّ من الأكوار مطلعها ... فى القلب والطّرف قد حلّوا وقد نزلوا «5»

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146

يا للرّجال عسى خلّ يعين فتى ... حلف الغرام رمته الأعين النّجل

قد دارس الوجد حتى شاب مفرقه ... ومارس الحبّ حتى جاءه الأجل «1»

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147

الخميلة السادسة المشتملة على الأبيات المتسعة والمعشرة والاحدى عشرية والاثنى عشرية

الأبيات المتسعة

وهى محتوية على ما يقع فيه ذكر الرياض والأنهار والراح والارتياح وما يتعلق بذلك ا، ب الخيار الكرخى «1»

العيش غضّ والزّمان نضير ... والرّاح تسكب والكئوس تدور «2»

فتناهبوا الأقداح واغتنموا بها (م) ... الأفراح فالدّنيا بذاك تشير

وخذوا بلهنية الصبا بجمامها ... فلها رواح دائم وبكور

إنى لتعجبنى الزّنامى سحرة «3» ... ويشوقنى بالجاشريّة زير

وأكاد من فرح السرور إذا بدا ... ضوء الصباح من السرور أطير

وإذا رأيت الجو فى فضّية ... للغيم فى جنباتها تكسير  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149

منقوشة صور البزاة كأنها ... فيروزج قد شابه بلّور «1»

نادت بى اللذات ويحك فانتهز ... فرص المنى يا أيّها المغرور

هذا وكم لى بالجنينة سكرة ... أنا من بقايا شريها مخمور

ا، ب النّجم بن شجير البغدادى «2» : اجتمعت به فى بعداد فأنشدنى كثيرا فى هذا الباب، حفظت منه قوله:

أرح المطىّ من الرّسيم ... وذر التّعّذل بالرسوم «3»

وانزل بحانات المطي ... رة خاطبا بنت الكروم

واستجل بكرا شتّتت ... بوصا لها شمل الهموم «4»

يملى عليك حديثها ... ما كان فى الزّمن القديم

نصبت شباك براقع ... صادت بها عقل الحليم

من كفّ معتدل القوا ... م بوجهه ماء النّعيم

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150

والوقت معتدل المزا ... ج وجوه صافى الأديم

والرّوض يسكره النّدى ... ويميله مرّ النّسيم

ورأيته مكثرا من ذكر قطربل مع ما فى النفس عنها من ذكر أبى نواس لها، فاقتضى الحال المسير إليها وهى كروم وبساتين على [الجانب] «1» الغربى من دجلة، ثم اقتضى الاجتماع أن حمل هو ومن حضر من الأدباء أن عظمت هذه الأبيات

قم نديمى لحانة الخمّار ... ننف ما قد أصابنا من خمار

قم لقطربّل فإن بسمعى ... لفظها غير محوج للقمار

أىّ حال حال بأطيب عيش ... حين سرنا فى طيبة ووقار

وهدانا شذى من الدّير دارت ... كأسه قبل حث كأس العقار

ثمّ جئنا إلى عجائز قسّ ... لابس مسحه مع الزّنّار

نسج العنكبوت سترا عليها ... كم به هتكت من الأستار

قلت ما هذه؟ فقال شموس ... ستروها بظلمة من قار

ثمّ وافى بساطع مستطيل ... يترك الليلّ فى رداء النّهار

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151

لم نطق أن نزيد شيئا على الذو ... ق وبتنا صرعى على الأزهار

فقام الجميع يقبلون رأسى وما فيهم إلا من حفظها إما تطييبا لنفس قائلها، أو اقتضى فهمهم أنها تستحق ذلك.

ا، ب المجير بن تميم الدمشقى «1» : حضرت معه فى بستانه على نهر ثورا بغوطة دمشق فاقتضى الحال أن نظم هذه الأبيات.

نظم الهواء بلؤلؤ الأنداء ... عقدا لجيد الرّوضة الغنّاء

شقّ الشقيق بها هناك جيوبه ... مذ سلسلت فيه جوارى الماء

وبدا الأقاح وثغره متبسّم ... لما تباكت أعين الأنواء

وتناشدت أطيارها ما بينها ... بلغاتها كتناشد الشّعراء

وأتوا بما نظموه فى أشعارهم ... بغرائب دقّت على البلغاء

ألقى الهزار عليهم من درسه ... فتجادلوا كتجادل الفقهاء «2»

ورقى خطيب العندليب منابر (م) ... الأغصان لابس خلعة الخلفاء

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152

فأدر فديتك يا نديم مسرّتى ... شمسا تشقّ غلائل الظّلماء

قد جمّعت فيها العناصر إذ غدت ... ماء ونارا فى إناء هواء

ا، ب أبو العباس الغسانى «1» : صاحب القلم الأعلى بالحضرة التونسيةمرّ الله عليها وارف الظلال الإماميةحضرت عنده ليلة ومعنا أبوالقاسم بن يامن الشاطبى، خرجت معه إلى الرياض بالحريرية فاقتضى الحال أن اشتركنا فى نظم هذه الأبيات:

منادل الشرب أطراف الرياحين ... لم يعلها درن بل مسك دارين

تناولته يد النّدمان فاكتسبت ... بالطّىّ نشرا له ما زال يحيينى

لا كان من قال أعراف الجياد لنا ... منادل فهو مجنون المجانين «2»

فللشّياطين كانت تلك فى قدم ... بين القفار وهذى للسّلاطين

فى مجلس جمع الأشتات من نعم ... فى دارة الملك لا فى دير عبدون

ركائب الأنس فيه من مدامتنا ... تحدى إلينا بأنواع التّلاحين

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153

والشّمع يضحك أنسا من تجمّعنا ... وشدة الضّحك تبكيه إلى حين

أمست عرائس تجلى فى منابرها ... من نفسها برزت فى حسن تزيين

فالتاج من ذهب والعقد من درر ... والكلّ منها بدا فى كلّ تحسين

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154

الأبيات المعشرة

فى وصف متنزّهات واستدعاءات وأجوبة لذلك، وجميعها مما جرى لى مع منعم جواد، أو مخلص ذى وداد.

أالعراق:

أجل من رأيته من كرمائها وأرباب مناصبهاالصاحب فخر الدين بن قاضى القضاة الدامغانى «1» . وجدته ببغداد صاحب أعمال الخليفةالمستعصم، فانحدرت معه إلى البصرة فى دجلة، ورحلتى معه تحتمل سفرا زبدتها فى هذا المكانإنا لما وصلنا إلى البصرة حللنا بين نهرالأبلة ونهر معقل، وضرب الصاحب هناك خيمة، وفيها ماء يرتفع ويدور كالأهلة برسم الجلوس للناسوجاءه الوافدون من المسلمين والنصارىوالمجوس والصابئة، فسنح لى القول فأنشدته:

ما بين نهر الأبلّه ... ونهر معقل حلّه

قد حلّها كلّ جود ... وأمّها كلّ ملّه

بدت لديها بدور ... دارت عليها أهلّه

يمم ذراها لتلقى ... بأفقها المجد كلّه

فارتاح وتهلل وجرى على عادة مكارمه، وقال: لقد هززتنى، فقلت: وبقى أيها الصاحب أن تهمزّنا أنتفقال: بأى شىء؟ فأنشدته تمام الشعرلما دعا ذلك المنظر العجيب إلى ما يشتاق إليه الأديب: «2»

يا أيها المبتدى قب ... ل أن نسائل فضله

ماذا ترى فى نعيم ... خلا من الأنس جمله

لا تضحك الكأس فيه ... وينظم الشّرب شمله  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155

ولا يهز سماع ... لا يعدم الطيب مثله

وكلّ وجه مليح ... يزويه بدر لعلّه

لو كان يرتاح بالس ... راح لم يضنّ بقبلة

فضحك وانبسط وأفرط فيما أشير به، وفى وجه من وجوه المسرة ما فرّط.

بالشام.

ألطف من صحبته فى هذا الشأن بحلب من أهل الود والأدب:

ا، ب النور الأسعردى «1» خرجت معه مرة إلى باصفراء، وهو مكان عجيب على نهر قويق «2» متكاثف الظلال، مصطخب الأطيار، وبتنا فىجوسق بالقرب منه، ثم جعلنا نصابحه ونماسيه أياما إلى أن قال الأسعردى

لله عصر ببا صفراء طاب لنا ... فيه العصير على ما يقتضى الأدب

روض ونهر وظل وارف وشذا ... زهر وألحان طير فيه تصطخب

وأوجه تضحك الدّنيا ببهجتها ... ويدرك المرء من نعماه ما يجب

كأنهن بدور تستنير بها ... لنا غصون زهت من تحتها كتب  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156

أنجد وأنهم رعاك الله مجتليا ... فحيث ما جئت منها منزع عجب

ولى نديم قديم الودّ ذو أدب ... يبدى إلىّ حديثا كله طرب

كأنه كأس راح من لطافته ... ودرّ ألفاظه من حسنها حبب

لا يعرف الخلف فى شىء يعنّ ولا ... يبدى إلينا سوى ما يقتضى الحسب

أشهى إلىّ من الدنيا مصاحبة ... مخلص لا تدانى أرضه الرّيب

تحاسد الأرض فيه فهى تطلبه ... من كلّ أفق وقد فازت به حلب

ا، ب ولا زمنى فى دمشق الفخر بن عز القضاة «1» ، وهو ما خط عذاره، ولا خسف ابداره، وله من الفطنة والذكاء ما أربى به على أكابرالشعراء والأدباء.

كتب لى مرة من جنّته على نهر بردى:

يابن سعيد دمت فى أسعد ... هل لك فى طيب لنا سرمد

فى جنّة قد جنّ سلسالها ... إذ مرّ بالدّر على الجلمد

والورق التّبرىّ من حوله ... يميل أو يسقط لا تهدى

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157

أبدى خريف الفصل فيه لنا ... عشّاقه كيما بها نقتدى «1»

ولىّ ربيع الأرض عنها وقد ... أولى جميلا كلّ وجه ندى

فالنهر قد حاك له حلّة ... من صبغة الدّوح بها يرتدى

وقد طوى الريح على المسك كى ... يفوح منها نشرها فى غد

وطوّق الورق بإحسانه ... ولثّم الشّحرور بالعسجد

فصل وواصل مسرعا منعما ... فكأس كلّ واقف فى اليد

وحاش للمجد بأن يرتضى ... خلفا لما أسلف من موعد

جإفريقية:

واصطفيت من أعلام الحضرة التّونسية من كان بالتجربة كالذّهب الإبريز وهو أبو العباس «2» ا، ب أبو العباس الغسانى «3» : المتقدمالذكر، استدعانى مرة إلى جنته بالحريرية واقتضى الحال أن تشاركنا مع ابن يامن فى هذه الأبيات:  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158

رنت نحوكم مقل النّرجس ... وأمست تشير إلى الأكوس

وقد حدّد الآس آذانه ... ليسمع ما دار فى المجلس

وأخجل تفّاحنا فاغتدى ... يروم الكلام فلم ينبس «1»

وقد باح إترجنا بالهوى ... وظاهره بالضّنا مكتس

وماس التّرنجان فى حلّة ... تروق العيون من السّندس

وكالجمر نارنجنا قد بدا ... يروع العيون ولم يقبس

وزنبوعنا «2» بعضه مثل ما ... نظرت إلى الذّهب الاملس

وتضريس بعض كشمع أسيل ... ولكنه بارد الملمس

وقد ضحكت بيننا أكؤس ... فوجه الدّجنّة لم يعبس

فيا ربّة العود حثّى الغنا ... ويا ساقى الكأس لا تحبس

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159

الأبيات الاحدى عشرية

فى مقطوعات من قصائد أخوانيات، وكلها مما خاطبنى فيه أخوان الصفاء والاحسان، فيما تجولت فيه من البلدان ا، ب النور الأسعردى «1» كتب إلىّ من دمشق إلى حلب قصيدة منها:

إليك حنينى لا إلى الكأس والصّبا ... وما زال دهر قد قطعناه من ذكر

ولطفك يقضىأن تكون ببلدة ... حكت جنّة الرّضوان قبل مدى الحشر

وأين قويق من مقاسم أنهر ... على درر الحصباء قد أصبحت تجرى

فديتك لا تهمل حقيق نصيحتى ... وكن لا محا بين النّجوم سنا البدر

أجلّق فى الدّنيا فيختار غيرها ... وما هى لى أرض ولكن سبت فكرى «2»

وما زلت مختارا لأهل مودّتى ... جميع الذى أختار من تحف الدّهر «3»

أتصبر عن أرض ينوح حمامها ... غراما وتختال الغصون من السكر  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160

يمرّ اختلاسا فى رباها نسيمها ... فأحسبه من روضها سارق النّشر

لدى عذب الأغصان فوق فوارس ال ... حمام وموج النهر كالجحفل المجر «1»

وقد ألبسته الرّيح محكم سردها ... وألقت عليه الشّمس درعا من التبر

إذا لم أضع عمرى على رغم حاسد ... بنيل المنى فيها فواضيعة العمر

ا، ب أيدمر التركى «2» كتب إلىّ من مصر بإشارة سيدى وزير الجزيرة محيى الدين بن ندا وهو أحد المنعمينأحسن الله إليه. «3»

يا رافعا للمعالى راية الأدب ... حتى متى لا تزال الدّهر فى حلب

من كان مثلك لم تقعده همته ... بالفضل والجد والتّشمير فى الطلب

ولا يزال كطير الدّوح منتقلا ... بين المناهل والأدواح فى طرب

قضيت مهنة أرض الشام فاثن إلى ... مصر العتاق وجدّد عهد مغترب

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161

واذكر معاهد قضّيبنا أصائلها ... بين المذانب والأغصان والكتب

فكم لنا بذرى الأهرام من نزه ... أبدى لنا الدهر منها كلّ ذى عجب

والصالحيّة حيث النّهر عانقها ... كم قد قطعناه من جدّ ومن لعب

وعطفة النّيل من روض القلانش فى ... عطف لنا بعد فصل الوصل عن كثب

وبركة الفيل لا تنسى لياليها ... والشمع فيها يضاهى زينة الشّهب

سقى ديارك ما يروى معالمها ... من عامر الفضل أو من هاطل السحب

ولا يزال طراز الملك يلمح من ... نعمى حلاك مدى الأيام والحقب

ا، ب أبو العباس الغسانى «1» : كتب إلى من حضرة تونس إلى المشرق قصيدة منها هذه القلائد «2»

يا نازحا عنى أجب كتبى كما ... صدح الحمام إذا الحمام ترنّما «3»

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162

وأجل جفونك فى سطور لم تكد ... لولا تصعّد زفرتى أن تفهما

بالله طارحنى الحديث فإننى ... أهوى حديثك مفصحا ومجمجما

واستبق بالنجوى الخفيّة بعض ما ... أبقيت لى إذ لم تدع إلا ذما

باق على حفظ الوداد وطالما ... أمسى بأيدى الحادثت مقسّما

أتراك عن نادى السّرور سلوت أم ... ما زلت مثلى فيه صبّا مغرما

نتجاذب الأشواق قلبى كلما ... أبصرت فيه مكانك المتوهّما

ويطول ردّى للكئوس تذكّرا ... فإذا شربت شربت فيها علقما

إذ ليس يعذب مورد حلّئت عن ... أرجائه ولو ان أموت من الظّما

ويحا لهذا الدّهر فوّق أسهما ... للحادثات فكنت أول من رما

ما كان يقنعنا التواصل دائما ... فاليوم يقنعنا الخيال مسلّما

ا، ب فجاوبته:

أطلعت فى ليل التّشوّق أنجما ... لما بعثت مسائلا ومسلّما

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163

لولا كتابك ظلت فيه حائرا ... حيث اتجهت رأيت جنحا مظلما

وافى وأفقى حالك فأناره ... وأوام شوقى مؤلمّ فشفى الظّما

أودعته قلبى ففاح نسيمه ... فكأنما نور بجمر ضرّما

فرددته فى ناظرى فكأنما ... زهر الرّياض سقيته ماء السّما

فرددته فى مسمعى فكأنما ... طير أمال الغصن حين ترنّما

عهدى بصدرك مثل بحر زاخر ... لا غرو أن أرسلت درّا نظّما

عهدى بكفّك مثل غيث هاطل ... لا غرو أن أهديت زهرا نمنما

إيه أبا العباس بعدك لم أزل ... مهما تدر مشمولة متجّهما

متمنّعا من شربها إذ خلتها ... سمّا إذا ما خلت كأسك علقما

ولقد بكيث فلم أجد فى الجفن ما ... أبكى به إن كنت أبكيت الدّما

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164

اابراهيم بن سهل الاسرائيلى: «1» : كتب إلىّ من أشبيلية إلى الجزيرة الخضراء

قل لمن أسهر بالبين الجفون ... مثلك الإصبار «2» عنه لا يكون

خفق النهر بحرصى بعد ما ... بنت والطير بدت منها شجون

والليالى بعد ما كنّا بها ... فى نهار ألبست داجى الدّجون

يا أخا الفضل ويا ربّ العلى ... والمعانى الغرّ فى تلك الفنون

أين عيشى بك فى ظلّ المنى ... فى فنون دائمات وفتون

بخليج لم تزل تجرى به ... قصب السّبق بغايات المجون

حيث مدّ النهر منه معصما ... يتمنىّ لثمه زهر الغصون

وجرى الظّلّ عليه سجسجا ... مثل ما أبصرت كحلا فى العيون

أترى الخضراء تنسى مثله ... رجّم الإخوان فى هذا الظّنون

ينقضى العام ويتلو آخر ... والنّوى لا ينقضى، هذا جنون

إن أساء الخلّ منه أدبا ... فبفرط الشّوق والوجد يهون

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165

الأبيات الاثنى عشرية فى محاسن أمداح عصرية

ا، ب أبو عبد الله الحضرمى الطنجى «1» : فى مدح مولانا المفدى أبى زكريا، سقى الله عهدهم صوب الغمام «2»

وما طابت الدنيا لنا بربيعها ... ولا أن نرى خيل السرّة تنقاد

بحيث كئوس الرّاح دارت وحثّها ... شموسا لنا نجم من الأنس وقّاد

ولكن سلطان الأمير الذى غدا ... يشدّ من الملك المؤيّد ما شادوا

معالى أبى حفص ومن كان قبله ... ومن بعد منهم لعلياه إمداد «3»

ترى الناس أفواجا لأبواب قصره ... كأنّ لهم فيها مع الرّزق ميعاد «4»

بيحيى حيينا بعد طول إماتة ... وصار لنا فى مجلس العزّ ترداد «5»

جواد بما يحوى، جواد بسبقه ... ملوك الورى، ساد الجميع وقد سادوا  

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166

فمادحه يتلو مدائح صدقه ... فيصغى لحقّ وهو بالعلم نقّاد

تضوع به الأمداح وهى بغيره ... تضيع فعن ما جاد يوما به جادوا

يزيد بهذا المدح، بحر نواله ... كذلك موج البحر بالهزّ يزداد

ولم ينس فى ذات الإله أياديا ... له حين يلقى الله من ذخرها زاد

ا، ب ابن سعيد «1» : المؤلف، من قصيدة أميرية

نازعته كأس المدامة سحرة ... حتى ترفّع للصباح لواء

وشدا الحمام مبشّرا بقدومه ... وترحّلت بنجومها الظّلماء

فثنى علىّ بكأسه ثم انثنى ... مترنّحا تهفو به الصّهباء

ناديته طربا فقال بدولة ال ... ملك الذى اتصلت به النّعماء

يحيى الذى أحيا الإمارة بعد ما ... عمّ البريّة فتنة عمياء

ملك تلوح عليه مسحة ملأك ... فالأرض منذ تحمّلته سماء

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167

تنمى إلى العمرين منه مفاخر ... عمرت بما شاءت له العلياء

نهضت إلى العايات منه همّة ... جمعت على آرائها الأهواء

وتألّفت فرق العصا ممّن عصى ... وتأرجت بفتوحه الأرجاء

مولاى قد فنى الكلام ولم أجد ... ما فيه يا مغنى الأنام كفاء

فلأعكفنّ على الدّعاء لعلّنى ... أقضى به حقّا وأين جزاء

فنصرت حتى لا يخالفك امرو ... وبقيت حتى لا يحدّ بقاء

ا، ب أيدمر التركى «1» : المتقدم الذكر من قصيدة فى مدح الصالح بن أيوب سلطان مصر

إيه مديحى لا خطاك قصيرة ... يوم الرّهان ولا مجالك ضيّق

هذا مقام الملك حيث تقول ما ... تهوى وتطنب كيف شئت فتصدق

فى حيث لا شرف الصفات بمعوز ... فيه ولا باب المدائح مغلق

ملك يلوذ الدين منه بمعقل ... أشب سطاه سوره والخندق

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168

لو أن سرّ الملك فيه مختف ... قامت شمائله عليه تنطق

هدأت بسيرته الرّعّية واغتدى ... قلب العدوّ من المهابة تحفق «1»

فالدّين بعد تفرّق متجمّع ... والكفر بعد تجمّع متفرّق

الصّالح الملك الذى أيامه ... عقد به جيد الزّمان مطوّق

عرف الرّعيّة يمن دولته التى ... فيها تأكد عهدها والموثق

جمعت كما اقترح الرجاء إلى الغنى ... أمنا فقد رزقوا الذى لم يرزق

فالله نحمد ثم أيوب الذى ... أمن الغنىّ به وأثرى المملق

آيات ملكك معجزات كلّها ... ومدى اهتمامك غاية لا تلحق

ا، ب التّلعفرى «2» : من قصيدة فى مدح الملك الناصر سلطان الشام

غنت لتطربنى حمامة أيكة ... حين الربيع منوّع الألوان

فسألتها ماذا الذى تشدو به ... قالت: مديح الناصر السّلطان

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169

فأثارت الأفكار من جنباتها ... وتمازج الأمداح بالألحان

وأتيت من بركات مدحى مجده ... ما ليس تبلغ طاقة الانسان «1»

فاسمع إلى الأمداح كيف مزجتها ... من منطقى بالدّر والمرجان

والله لو ناطقت سحبانا بها ... لنحبتها ذيلا على سحبان

الله فضّلنا بصورة يوسف ... وجلالها فى ذمّة الرّحمن

ملك أرانا الله منه صورة ... مخلوقة لليمن والإيمان

يروى بها الصادى ويشرق نورها ... أبدا على الأقطار والأكوان

ملأت قلوب العالمين محبّة ... ومودّة بالحسن والإحسان

قد غرّب المدّاح عن أوطانهم ... فسلوا عن الجيران والأوطان

وغدوا به فى جنّة أرضتهم ... فكأنها من جنّة الرّضوان

 

الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170

االمجد النشابى «1» : من قصيدة فى الخليفة المستعصم

إن النّسيب محبّب ... لكن سلوت عن النّسيب

بمواقف قد شرفت ... مجموعة من كلّ طيب

فلذاك تلثم بالشّفاه ... وبالعمائم والجيوب

تهوى لها الأبصار ... من قبل الضّمائر والقلوب

الله قدّسها ورفّعها ... عن الشّعر العجيب

لكن عادتها جرت ... ألا تخيب منى الغريب

لادت بها العلماء والبلغاء ... من أقصى الجنوب

ومن الشمال ومن أقاصى ... الشرق أو أقصى الغروب

يرجون نائلها الذى ... يدعو بهم هل من مجيب

عزّوا بلثم ترابها ... ما بين ولدان وشيب

وغدا لهم فخر بما ... نالوا بذلك من نصيب

فالكلّ منهم قائم ... فى كل قطر كالخطيب

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التذكرة