البحور الخفيفة


مقطعات

فيالله من بدر ... غدا قلبي له أفقا
ألا يا حبذا زمن ... حظيت به ونلت لقا
زمان لم أجد فيه ... لشمل الوصل مفترقا
أهيم بسالف حلك ... وأهوى واضحا يققا
تولى مسرعا عنقا ... ومر كطارق طرقا
وطبع الدهر لا يبقى ... على حال وإن رفقا
فكن خلوا به فردا ... وسر في الأرض منطلقا
وكن جلدا إذا ما الده ... ر أبدى مشربا رنقا
ما الذي أوجب صدك ... ولما أخلفت وعدك
ألشغل دنيوي ... أم عذابي كان قصدك
أم دلال أم تجن ... أم قرين السوء صدك
وعلى أية حال ... أسعد الغفران جدك
بالذي ولاك رقي ... سيدي لا تنس عبدك
أنا في قرب وبعد ... حافظ تالله عهدك
وفؤادي حيثما من ... ت وأيم الله عندك
لطفك المعهود خلا ... ني أسيرا لك وحدك
هل من الإنصاف إقصا ... ء الذي ينظم قصدك
حاش ألطافك من أن ... تمنع الظمآن وردك
أنا من شاد كما شا ... ء التقى والصون ودك
كم خلونا والمروءا ... ت وشت بردي وبردك
وعفاف الذيل قد طو ... ق جيد الصب زندك
هكذا نحن فظن ال ... خير يا سائل جهدك
أنا من يتبع غي ال ... حب فاتبع أنت رشدك
أسف يردد بالنفس ... ومدامع لا تحتبس
وصبابة من وقدها ... نار الجوانح تقتبس
شوقا إلى من بعدهم ... لم يبق لي إلا نفس
وشتات شملي عنهم ... قد سل روحي واختلس
صبرا لدهر ما ابتسم ... ت تجلدا إلا عبس
أبني لا أعدمت فضلك ... وأدام لي مولاي ظلك
يا جامعا شمل البها ... لا فرق الرحمن شملك
أفديك لم تر في الهوى ... مثلي ولا أبصرت مثلك
حاشا طباعك والوفا ... من أن تمل وأن أملك
وكفيت نزغات الوشا ... ة وجل قدرك أن تزلك
كم ذي جمال باهر ... لم أرضه ليدير نعلك
وممنع في الحسن لي ... س إلى وصال منه مسلك
أمسى يعرض نفسه ... ليحل من قلبي محلك
هيهات ما للروح من ... بدل ولو أوسعت بذلك
ها أنت روحي ليس بد ... منك دع من شاء يهلك
بحياة ما بيني وبي ... نك لا تضع يا خل خلك
أسفي على زمن يضي ... ع ولم أشاكل فيه شكلك
عيناك قد نصبت على ... كنز المحاسن منك مهلك
فبحقها لا ترم من ... لحظاتها لسواي نبلك
إني أغار إذا بغي ... ر حشاشتي أغمدت نصلك
يفديك كلي لا تمل ... لمماذق في الود كلك
وانظر بعين العدل تع ... لم من هداك ومن أضلك
ومن اجتلاك لأجل لذ ... ة مشتهاه ومن أجلك
قسما بمعناك الذي ... مني تملك ما تملك
لولاك لم أك قائلا ... شعرا قلاه القلب قبلك
فكر بكاسات الخطو ... ب لعل تطمع أن يعلك
إني وأحوال الشبا ... ب تحولت والدل دلك
لكن ميلي للجما ... ل طبيعة والطبع أملك
ويصوغ مجهود القري ... حة ما حساب الشوق فذلك
إن رمت إرجاع الفوا ... ئت قال ضيق الوقت من لك
فأقول للقلب اقتنع ... بالطل لست تطول وبلك
وأبيك لو أمليك بع ... ض أليم ما أخفي أملك
لكنني أجزت خي ... فة أن تقول أطلت فضلك
وبسطت عذري في هوا ... ك عساك تقبله وعلك
حتى م تعرض عن محبك ... وتصدني عن طيب قربك
إن دام هذا الهجر أق ... ضي بالمحبة إي وربك
يا أيها التياه في ... زهو الصبا رفقا بصبك
ما كنت بالسالي هوا ... ك ولست بالتالي لعتبك
تجني علي وتجتني ... ظلمي وتأخذني بذنبك
شرقتني بالدمع مذ ... غربت عني تحت حجبك
أأبيت إلى فرش الضنى ... وتبيت ملتهيا بسربك
يا منية القلب الأما ... ن فلست من أكفاء حربك
قال الدمشقي الذي ... كر النوائب حص ريشه
كيف الخداع ودهرنا ... أبناه صادوا أسد بيشه
وقناة مكري ى تدو ... ر فتستدير رحى المعيشه
والطير في أفق السما ... ء فكيف أبلغ منه ريشه
ورياض آمالي جفاها ال ... خصب حتى لا حشيشه
ومعيشتي ضنكاء في ... بلدي استحالت كل عيشه
قلبي من الأشواق لاهف ... والدمع من عيني ذارف
أبكي ودمعي لم يدع ... أحدا بحالي غير عارف
ولقد أقول لمن يرا ... ني في طريق الذل واقف
لولا المحبة يا رفيقي ... لم يكن قلبي لعاطف
كلا ولا أبصرتني ... للسقم والبلوى محالف
أرعى النجوم ولي فؤا ... د من دواعي البين خائف
أصبو إذا علنى على ... أعلى غصون الدوح هاتف
ويشوقني برق بدا ... من جانب الأحباب خاطف
فوحق أغصان القدو ... د ولين هاتيك المعاطف
وصباح مبيص الجبي ... ن وليل مسود السوالف
ولواحظ فتاكة ... في جفنها هاروت عاكف
ومرشف عسالة ... يا حبذا تلك المراشف
ورقيق هاتيك الخصو ... ر وتحتها ثقل الروادف
ومواقف الذل التي ... عرفني ذل المواقف
أشكو الغرام وأرتجي ... من متلفي حسن العواطف
ما حلت عنك وليس يص ... رفني عن الأشواق صارف
وإذا أسأت فإنها ... عندي تعد من اللطائف
فسقى الإله زماننا ... ورعى ليالينا السوالف
أيام كنت لعاذلي ... وللائمي فيها أخالف
ماست كخوط البان قدا ... وزهت بجيد زان عقدا
حسرت عن البدر التما ... م دجى اللثام فهمت وجدا
وجلت لنا من ثغرها ... درا وياقوتا وشهدا
ونضت عن البلور بر ... دا أكسب الأحشاء بردا
هيفاءكم من مغرم ... في عشقها قد مات صدا
مشغوفة بالخلف لم ... تحفظ لذي الميثاق عهدا
ملكتها رقي على ... حكم الغرام وصرت عبدا
عذب العذاب بحيها ... والغي فيه أراه رشدا
كم قد خصمت معنفا ... في حبها وقهرت ضدا
وجعلت بين مسامعي ... ومقالة العذال سدا
حتى غدت عين الرقي ... ب ليأسه يا صاح رمدا
ما الورد يعجبني وقد ... قبلت من أسماء خدا
كلا ولا الرمان يش ... جيني وقد ضميت نهدا
واها لزند منه أو ... رت في الحشا والقلب زندا
ولمعصم برد السوا ... ر عليه لما ازددت وقدا
سل لحظها الوسنان كم ... قد أورث الأجفان سهدا
أو ما كفاه فلم ترى ... بالسقم جسم الصب أعدى
وجبينها الفتان كي ... ف لمهجتي الأشجان أهدى
يا نظرة قادت لقل ... بي الوجد ليس لها مردا
لؤلؤ الثغر المنضد ... فيه جريال مبرد
بسمت عنه ثنايا ... رشأ أحوى وأغيد
أم رياض عقد در ال ... مزن فيها قد تبدد
أم نجوم مزهرات ... من سناها النور يوقد
أم نسيم الصبح أبدى ... طيب النشر من الورد
لا ولكن ذا قريض ... لإمام قد تفرد
سيد حبر همام ... أوحد من نسل أوحد
من له حال وقال ... بهما السادات تشهد
وله في المجد شأو ... دونه النجم وفرقد
نجل أقطاب كرام ... لهم غايات سؤدد
كم كرامات شهدنا ... مالها حصر ولا عد
يعجز الواصف عنها ... منهم جاءت بلا حد
ملأت شرقا وغربا ... وبدت في كل مشهد
عبق الكون ثناهم ... كعبير المسك والند
قالَ لي العاذلُ تسلو
قلتُ للعاذلِ تتعبْ
أنا بالعاذلِ لا بلْ
أنا بالعالمِ ألعبْ
كلماتي هيَ سحرٌ
وهيَ البابُ المجربْ
أنكَرَ العاذِلُ منّي
أنّ قلبي يتقلبْ
أذكرُ اليومَ سليمى
وغداً أذكُرُ زَيْنَبْ
ليَ في ذلك سرٌّ
بَرْقُهُ للنّاسِ خُلّبْ
أيها السائل عني
مذهَبي في الحبّ مَذهَبْ
لَيسَ في العُشّاقِ إلاّ
منْ يغني لي وأشربْ
فلنَفْسِي أنَا أُطْرِي
وَلنَفسِي أنَا أطْرَبْ
رَحَلَ الشّبابُ وَلم أنلْ
من لذّة ٍ فيهِ نَصِيبي
يا طيبَهُ لوْ لم يكُنْ
ملأ الصّحائِفَ بالذّنوبِ
أرسلتُ دمعي خلفهُ
فعساه يرْجعُ من قرِيبِ
هيهات لا والله ما
هو بالسميعِ ولا المجيبِ
فقد انجلى ليل الشبا
بِ وَقد بدا صُبحُ المَشيبِ
فقلِ السلامُ عليكَ يا
وَصْلَ الحبيبة ِ وَالحبيبِ
ورأيتُ في أنوا
رِه ما كان يَخفى من عيوبِ
ومع المشيبِ فبعدُ فيّ
شمائلُ المرحِ الطروبِ
أهوى الدقيقَ من المحا
سن والرقيقَ من النسيبِ
وَيَشوقُني زَمَنُ الكَثيـ
ـبِ وقد مضَى زَمنُ الكثيبِ
وَيرُوقُني الغصْنُ الرّطيـ
ـبُ وكيف بالغصْنِ الرّطيبِ
ويهزني كأسُ المدا
مة ِ في يدِ الرشإ الربيبِ
وَأهيمُ بالدُّرّ الذي
بينَ الأرزة ِ والجيوبِ
ولكمْ كتمتُ صبابتي
واللهُ علامُ الغيوبِ
وَرَجوْتُ حُسنَ العفوِ منْـ
ـهُ فهوَ للعبدِ المنيبِ
يا ذا الندى والمعالي
والعشرة ِ المستطابهْ
وربّ راية ِ مجدٍ
قد كنتَ فيها عَرابَهْ
إنا لبعدك عنا
في وحشة ٍ وكآبهْ
وَقد شَوَينا خَرُوفاً
وتَحْتَهُ جُوذابَهْ
وَالجُوعُ قد نالَ منّا
فكنْ سرِيعَ الإجابَهْ
وَإنْ تأخّرْتَ صارَتْ
لَنا عَلَيكَ طُلابَهْ
إنْ غبتَ عني أو حضر
تَ فلَستَ عن عَيني تَغيبُ
لكن أرى عيشي إذا
ما غبتَ عني لا يطيب
وعلى كلا الحالينِ منـ
ـكَ فأنتَ واللهِ الحبيب
سِيّانِ في صِدْقِ الهَوَى
عندي حضوركَ والمغيب
وَإذا رَأيْتَ منَ البَعيـ
ـدِ مَوَدّة ً فَهوَ القَرِيب
إني لأعلمُ أنّ ظنـ
ـي فيكَ ظَنٌّ لا يَخيب
عتبَ الحبيبُ ولمْ أجدْ
سبباً لذاكَ العتبِ حادثْ
واليومَ لي يومانِ لمْ
أرهُ وهذا اليومُ ثالثْ
فعَجبتُ كيفَ تَغَيّرَتْ
منهُ خَلائقُهُ الدّمائِثْ
ما كنتُ أحسَبُ أنّهُ
مِمّنْ تُغَيّرُهُ الحَوَادِثْ
ويلذُّ لي العتبُ الذي
صِدْقُ الوَدادِ عَلَيْهِ باعِثْ
عتبُ الحبيبِ ألذُّ منْ
نغمِ المثاني والمثالثْ
مولايَ مِن سُكرِ الدّلا
لِ عَبِثتَ والسّكرانُ عابِثْ
ونكَثْتَ عَهداً في الهَوَى
ما خِلْتُ أنّكَ فيهِ ناكِثْ
لَكَ لاَ أشُكُّ قَضِيَّة ٌ
أنا سائلٌ عنها وباحثْ
هَبَّ النّسيمُ عَليلاً
وَهْوَ النّسيمُ الصّحيحُ
وَطابَ وَقتُكَ فانهَضْ
فالآنَ طابَ الصَّبوحُ
وخذ عنِ الكأسِ نوراً
يُضِيءُ مِنهُ الفَسيحُ
من قَهوَة ٍ طابَ منها
طَعْمٌ وَلَوْنٌ وَريحُ
في دَنّهَا هيَ راحٌ
وَفي الحَشَا هيَ روحُ
يا ابنَ الكِرامِ إلى كَمْ
عليّ أنتَ شَحيحُ
أنتَ المُعَذِّبُ قَلبي
وقَلبُكَ المُسترِيحُ
أضنى الفؤادَ فمنْ يريحهْ
وحمى الرقادَ فمن يبيحهْ
ونضا منَ الأجفانِ سيـ
ـفاً قَلَّ ما يَبقى جريحُهْ
نَشوانُ مِن خَمرِ الدّلا
لِ غبوقه وبها صبوحهْ
متمايلُ الأعطافِ كالـ
ـغصنِ الذي هزتهُ ريحهْ
أمعذبي بالهجرِ هلْ
لي فيكَ يوْمٌ أستريحُهْ
سأردُّ نصحَ عواذلي
فالحبُّ مردودٌ نصيحهْ
أهوى الحمى وأحنُّ منـ
ـه لنوْحِ قُمريٍّ يَلوحُهْ
ويَشوقُني الوادي إذا
ناجى النسيمَ الرطبَ شيحهْ
ويهزني الغزلُ الرقيـ
ـقُ إذا تجنبهُ قبيحهْ
ولربما صيرتهُ
غزلاً يكفرهُ مديحهْ
وَمَنَحتُ مجدَ الدّينِ ما
أنا منْ علاهُ مستميحهْ
مولى ً كأنّ بنانهُ
خلقتْ لمعروفٍ تتيحهْ
وكأنهُ منْ فطنة ٍ
حاشاهُ شقٌّ أوْ سطيحهْ
ما لَهُ قد خانَ عَهدَهْ
ناسياً تلكَ المودهْ
أنعمَ الدهرُ بهِ في
خُلْسَة ٍ ثمّ استَرَدّهْ
هُوَ كالزُّهْرَة ِ وَالـ
ـمِرّيخِ في لِينٍ وَشِدّهْ
وجههُ البستانُ فاقطفْ
آسهُ أوْ فاجنِ وردهْ
لَيسَ عِندي غَيرُ شِعري
لَيتَهُ يَنفُقُ عِنْدَهْ
يا كليلَ الطرفِ إلاّ
في فُؤادي ما أحدّهْ
هَزَمَ الهَجرُ اصْطِباري
فعَسَى للوَصْلِ رَدّهْ
لَيْتَهُ يَرْثي لِمَا عِنْـ
ـديَ أوْ يَرْحَمُ عَبدَهْ
كتبها منْ آمدِ
عن فرطِ شوقٍ زائدِ
واللهِ مذْ فارقتكمْ
لم تصفُ لي مواردي
فهَلْ زَماني بَعدَهَا
بقربكمْ مساعدي
فكم نُذورٍ أصْبَحَتْ
عليّ للمساجدِ
وَهَبْتُ باقي عُمُري
لكمْ بيومٍ واحدِ
يا أعَزّ النّاسِ عندي
كيفَ خُنتَ اليوْمَ عَهدي
سوْفَ أشكو لكَ بُعدي
فعَسَى شكوايَ تُجدي
أينَ مولايَ يراني
ودموعي فوقَ خدي
أقطعُ الليلَ أقاسي
ما أقاسي فيهِ وحدي
ليتني عندكَ يا مو
لايَ أوْ ليتكَ عندي
إرْضَ عني لَيسَ إلاّ
ذاكَ مَطلوبي وَقَصْدي
أينَ من يلفى لهُ في النـ
ـاسِ وُدٌّ مثلَ وُدّي
أنا أفسَدْتُكَ عن كُلّ
مُحِبٍّ لَكَ بَعدي
وَلَقدْ أصْبَحتُ عَبداً
لكَ لكِنْ أيُّ عَبدِ
تَلَفي فيكَ حَيَاتي
وضلالي فيكَ رشدي
سيّدي قَلبيَ عندَكْ
سيّدي أوْحَشتَ عَبدَكْ
سيّدي قلْ لي وَحَدّثْـ
ـني متى تنجزُ وعدكْ
أتُرَى تَذكُرُ عَهدي
مثلَ ما أذكرُ عهدكْ
أمْ تُرَى تحفَظُ وُدّي
مثلَ ما أحفظُ ودكْ
قمْ بنا إنْ شئتَ عندي
أوْ أكنْ إن شئتَ عندكْ
أنا في داري وحدي
فتَفَضّلْ أنتَ وَحدَكْ
مولايَ كن ليَ وَحدي
فإنّني لَكَ وَحدَكْ
وكنْ بقلبكَ عندي
فإنّ قلبيَ عندكْ
لي فيكَ قَصْدٌ جَميلٌ
لا خَيّبَ الله قَصْدَكْ
حاشاكَ تؤثرُ بعدي
ولستُ أؤثرُ بعدكْ
إنْ تنسَ عهدي إني
وَالله لم أنْسَ عَهدَكْ
أضَعْتَ وُدّ مُحِبٍّ
ما زالَ يَحفَظُ وُدّكْ
ما لي عليكَ اعتراضٌ
أدبْ كما شئتَ عبدكْ
مولايَ إنْ غبتَ عني
وا سوءَ حاليَ بعدكْ
بالله قلْ لي خَبَرَكْ
فلي ثلاثٌ لم أركْ
يا أسْبَقَ النّاسِ إلى
مَوَدّتي ما أخّرَكْ؟
وناظري إلى الطريـ
ـقِ لم يزلْ منتظركْ
يا ناسِياً عَهْدِيَ مَا
كانَ لعهدي أذكركْ
يا أيّها المُعرِضُ عَنْ
أحبابِهِ ما أصْبَرَكْ
بينَ جفوني والكرى
مذ غبتَ عني معتركْ
ونزهتي أنتَ فلمْ
حرمتَ عيني نظركْ
أخذتَ قلباً طالما
عليّ ظُلْماً نَصَرَكْ
كَيفَ تَغَيّرْتَ وَمَنْ
هذا الذي قد غيركْ
وكيفَ يا معذبي
قَطَعْتَ عني خَبرَكْ
وَعَنْ غَرَامي كُلّما
لامَكَ قَلبي عَذَرَكْ
فاعجبْ لصبًّ فيكَ ما
شَكاكَ إلاّ شَكَرَكْ
وَالله ما خُنتُ الهَوَى
لكَ الضّمانُ والدَّرَكْ
يا آخذاً قلبي أما
قضيتَ منهُ وطركْ
قد كانَ لي صَبرٌ يُطيـ
ـلُ الله فيهِ عُمُرَكْ
وحقَّ عينيكَ لقدْ
نصبتَ عينيكَ شركْ
وحاسدٍ قالَ فما
أبقى لنا ولا تركْ
ما زالَ يَسعَى جُهدَهُ
يا ظبيُ حتى نفركْ
يا زيدُ كيفَ نسيتَ عمركْ
وَأطَلتَ بَعدَ الوَصْلِ هَجرَكْ
مهلاً فما غادرتَ لي
جلداً يقاسي منكَ غدركْ
قد سَرّني هَذا الذي
بي مِن ضَنًى إن كانَ سَرّكْ
إنْ كانَ ذلِكَ عَن رِضا
كَ وقد علمتَ بهِ فأمركْ
أوْ كانَ قصْدُكَ في الهَوَى
قتلي يطيلُ اللهُ عمركْ
مَوْلايَ ما أحْلاكَ في
قلبِ المحبّ وما أمركْ
تهْ كيفَ شئتَ من الجما
ل فلستُ أجهلُ فيهِ قدركْ
أنا في أوسعِ عذري
وكفى أنكَ تدري
لم أغِبْ عنك اختِياراً
إنما ذاكَ لأمري
أنا في أسرٍ ثقيلٍ
أيُّ أسرٍ أيّ أسرِ
كلّما أغضَيتُ عنهُ
شدّ في سحري ونحري
ولكمْ أهربُ منهُ
ولكمْ خلفي يجري
ما لهُ شغلٌ ولا يعـ
ـرِفُ إلاّ شُغلَ سرّي
فمتى أخلصُ منهُ
ومتى يا ليتَ شعري
قد صَحّ عنديَ ما جرَى
فدَعِ اللّجاجَة َ وَالمِرَا
كم قد كتمتُ فلم يفدْ
حتى درَى بكَ من درَى
يا غافلاً عن نفسهِ
أخذتهُ ألسنة ُ الورى
السّهْلُ أهوَنُ مَسلَكاً
فَدَعِ الطّرِيقَ الأوْعَرَا
واعلمْ بأنكَ ما تقلْ
في النّاسِ قالوا أكثرَا
فاحفَظْ لسانَكَ تَسترِحْ
فلقدْ كفى ما قد جرى
ولقد نصحتكَ واجتهد
تُ وَأنتَ بَعدُ تخَيّرَا
غَيري على السّلوانِ قادِرْ
وسوايَ في العشاقِ غادرْ
لي في الغرامِ سريرة ٌ
والله أعْلَمُ بالسّرائِرْ
ومشبهٌ بالغصنِ قلـ
ـبي لا يزالُ عليهِ طائرْ
حلوِ الحديثِ وإنها
لحلاوة ٌ شقتْ مرائرْ
أشكو وأشكرُ فعلهُ
فاعجبْ لشاكٍ منهُ شاكرْ
لا تنكروا خفقانَ قلـ
ـبي والحبيبُ لديّ حاضرْ
ما القَلْبُ إلاّ دارُهُ
ضربتْ لهُ فيها البشائرْ
يا تارِكي في حُبّهِ
مَثَلاً مِنَ الأمثالِ سائِرْ
أبَداً حَديثي لَيسَ بالـ
ـمنسوخِ إلاّ في الدفاترْ
يا ليلُ ما لكَ آخرٌ
يُرْجَى وَلا للشّوْقِ آخرْ
يا ليلُ طلْ يا شوقُ دمْ
إنِّي على الحالَينِ صابرِ
لي فيكَ أجرُ مُجاهِدٍ
إنْ صحّ أنّ الليلَ كافرْ
طرفي وطرفُ النجمِ فيـ
ـكَ كلاهما ساهٍ وساهرْ
يهنيكَ بَدرُكَ حاضِرٌ
يا لَيتَ بَدري كان حاضِرْ
حتى يبينَ لناظري
منْ منهما زاهٍ وزاهرْ
بَدري أرَقُّ مَحاسِناً
والفَرْقُ مثلُ الصّبحِ ظاهرْ
وأحمقٍ ذي لحية ٍ
كَبيرَة ٍ مُنْتَشِرَهْ
طلبتُ فيها وجههُ
بشِدّة ٍ فلَمْ أرَهْ
مَعرِفَة ٌ لَكِنّهُ
أصبَحَ فيها نَكِرَهْ
ثورٌ غدا أعجوبة ً
بلِحْيَة ٍ مُدَوَّرَهْ
لوْ كانَ ذاكَ الثّوْرُ عجـ
ـلاً عَبَدَتْهُ السَّمَرَهْ
تبّاً لهَا مِنْ لحيَة ٍ
كَبيرَة ٍ مُحْتَقَرَهْ
عظيمة ٍ لكنها
لَيستْ تُساوي بَعَرَهْ
كمْ قرية ٍ للقملِ في
حافاتِهَا وَمَقبُرَهْ
يُقْسَمُ عُشرُ عُشرِها
يكفي رجالاًعشرهْ
يَحسُدُها الخِنزِيرُ إذْ
يبصرها منتشرهْ
وَيَشتَهي لَوْ أنّهُ
يَملِكُ منها شَعَرَهْ
قد نَبَتَتْ في وَجهِهِ
فَوْقَ عِظامٍ نَخِرَهْ
بارِدَة ً ثَقيلَة ً
مُظلِمَة ً مُنكَدِرَهْ
كأنها سحابة ٌ
فوقَ البلادِ ممطرهْ
ما كانَ قطّ ربها
منَ الكرامِ البررهْ
قد ترَكَتْ حامِلَهَا
منها بحالٍ منكرهْ
إذا خطتْ أقدامهُ
كانتْ بها معثرهْ
وإنْ مشَى رَأيْتَ فوْ
قَ الأرضِ منها غبرهْ
أُصولُها قد رُوِّيَتْ
مِن ريقِهِ بالعَذِرَهْ
وقد أتتْ خبيثة ً
منتنة ً مستقذرهْ
مضحكة ً ما كان قـ
ـطّ مِثلُها لمَسخَرَهْ
فلوْ مضَى السّوقَ بهَا
وزَفّها بالمِزْمَرَهْ
لحَصَّلَتْ لَهُ مَغَـ
ـلَّ ضَيعَة ٍ مُوَفَّرَهْ
لجوفِ من يبصرها
للخوفِ منها قرقرهْ
وتلكَ قالوا ضَرْطَة ٌ
عندَ النحاة ِ مضمرهْ
أيّها الجاهلُ قُل لي
كيفَ لاتكتمُ سركْ
أنا في أمرٍ مريجٍ
كلما حققتُ أمركْ
لا جَزَاكَ الله خَيراً
وكَفَانَا الله شَرّكْ
أرني وجهكَ بكرهْ
وَاشفِني منكَ بنَظرَهْ
وَتَفَضّلْ مثلَ ما قَدْ
كنتَ لي أولَ مرهْ
وتعَالَ اسمَعْ حَديثاً
هوَ ما يغلو بسفرهْ
وعلى الجملة ِ بادرْ
لا يكنْ عندكَ فترهْ
وَإذا الفُرْصَة ُ فاتَتْ
بقيتْ في القلبِ حسرهْ
ما لي على الغَبنِ قُدْرَهْ
وَأنْتَ قد زِدْتَ غِرّهْ
تَمْشِي فتُظْهِرُ عُجْباً
إذا مشيتَ وخطرهْ
وَلَستَ صاحبَ قَدْرٍ
ولَستَ صاحِبَ قُدْرَهْ
ولا أرى غيرَ تيهٍ
على الأنَامِ وَنَفْرَهْ
وفيكَ وَقْتاً وَوَقْتاً
بَعضُ المَلالِ وَفَترَهْ
وقالَ قَوْمٌ وما لي
بما يقولونَ خبرهْ
فأسألُ الله أنْ لا
أموتَ منكَ بحسرهْ
وَلا وَقَى لكَ نَفْساً
ولا أقالكَ عثرهْ
كيفَ خَلاصِي من هَوًى
مازجَ روحي واختلطْ
وتائهٍ أقبضُ في
حبي لهُ وما انبسطْ
يا بدرُ إنْ رمتَ بهِ
تَشَبّهاً رُمْتَ الشّطَطْ
ودعهُ يا غصنَ النقا
ما أنتَ من ذاكَ النمطْ
قامَ بعذري حسنهُ
عندَ عَذولي وَبَسَطْ
للهِ أيّ قلمٍ
لواوِ ذاكَ الصدغِ خطّ
وَيا لَهُ مِنْ عَجَبٍ
في خدهِ كيفَ نقطْ
يَمُرّ بي مُلْتَفِتاً
فهَلْ رَأيتَ الظّبيَ قَطّ
ما فيهِ منْ عَيبٍ سِوَى
فتورِ عينيهِ فقطْ
يا قمرَ السعدِ الذي
لديهِ نجمي قد سقطْ
يا مانِعاً حُلْوَ الرّضَا
وباذلاً مرّ السخطْ
حاشاكَ أنْ ترضى بأنْ
أموتَ في الحبّ غَلَطْ
أمُذكّرِي عَهدَ الصِّبَا
بَعدَ الإنَابَة ِ وَالرّجوعِ
أذكرتني أشياءَ منْ
زَمَنٍ تَرَكتُ بها وَلوعي
أشياءَ ذُقتُ لفَقدِها
ألَمَ الفِطامِ على الرّضيعِ
نسجتْ عليها العنكبو
تُ وغودرتْ بينَ الضلوعِ
وإذا تقاضيتَ الجوا
بَ فخذ جوابك من دموعي
ذهبَ الجديدُ منَ الشبا
بِ فكَيفَ ظَنُّكَ بالخَليعِ
وودتُ لو دامَ الخليـ
ـعُ فَهَلْ إلَيْهِ مِنْ شَفيعِ
ولكمْ طربتُ إلى الربيـ
ـعِ بفتية ٍ مثلِ الربيعِ
وَفَضَحْتُ أزْهارَ الرّيا
ضِ بحُسنِ أزْهارِ البَديعِ
وَسَهِرْتُ في لَيلِ الصبَا
سَهَراً ألَذّ منَ الهِجوعِ
وطرقتُ خدرَ الكاعبِ الـ
ـحسناءِ والخودِ الشموعِ
وَسَفَرْتُ للمَلِكِ العَظيـ
ـمِ الشأنِ والقدرِ الرفيعِ
وشَرِكْتُهُ في الأمْرِ يَنْـ
ـفُذ في الشّرِيفِ وَفي الوَضيعِ
وَبَلَغَتُ ذاكَ وَلم أكنْ
فيهِ لحَق بالمُضيعِ
ثمّ ارعويتُ وصرتُ في
حدّ السكينة ِ والخشوعِ
تائهٌ ما أصلفهْ
ويحَ صبًّ ألفهْ
كادَ أنْ يتلفهُ
لَيتَهُ لَوْ أتْلَفَهْ
أيُّ روضٍ زاهرٍ
لم أصِلْ أنْ أقطُفَهْ
وَقَضِيبٍ نَاعِمٍ
لم أُطِقْ أنْ أعْطِفَهْ
أخْلَفَ الوَعْدَ وَمَا
خلتهُ أن يخلفهْ
بَيْنَنَا مَعْرِفَة ٌ
يا لها منْ معرفهْ
أشبَهَ البَدْرَ وَحَا
كاهُ إلاّ كَلَفَهْ
يستعيرُ الغصنُ إنْ
ماسَ منهُ هَيَفَهْ
فَوْقَ خَدّيْهِ لَنَا
وردة ٌ فوقَ الصفهْ
عشقتهُ أهيفَ قدْ
تَيّمَ قَلبي هَيَفُهْ
أحسَنُ خَلْقِ الله ما
يُنصِفُهُ مَنْ يَصِفُهْ
بوَجهِهِ حُسنٌ يَزِيـ
ـدُ كلّ يومٍ زخرفهْ
تنكرُ منه اليومَ حسـ
ناً كنتَ أمسِ تعرفهْ
يا حبذا مرشفهُ
وَأينَ مني مَرْشَفُهْ
فَمٌ كأنّ الشّهدَ قدْ
خالطَ منهُ قرقفهْ
قد ضاقَ حتى إنهُ
تخرجُ واواً ألفهْ
أيها النفسُ الشريفهْ
إنما دنياكِ جيفهْ
لا أرى جارحة ً قدْ
مُلِئَتْ منها نَظيفَهْ
فاقْنَعي بالبُلغَة ِ النّزْ
رة ِ منها والطفيفهْ
وعقولُ الناسِ في رغـ
ـبتهمْ فيها سخيفهْ
آهِ ما أسعَدَ مَن كا
رتُهُ فيهَا خَفيفَهْ
أيها الظالمُ ما تر
فُقُ بالنّفسِ الضّعيفَهْ
أيّها المُسرِفُ أكْثَرْ
تَ أباريزَ الوَظيفَهْ
أيّها الغافِلُ ما تُبْـ
ـصرُ عنوانَ الصحيفهْ
أيّها المَغرُورُ لا تَفْـ
ـرحْ بتوسيعِ القطيفهْ
أيها المسكين هَبْ أنّـ
ـكَ في الدنيا خليفهْ
هل يردّ الموتَ سلطا
نكَ والدنيا الكثيفهْ
تتركُ الكلّ ولا تمـ
ـلكُ بعدَ الموتِ صوفهْ
كيفَ لا تهتمّ بالعد
ة ِ وَالطّرْقُ مُخيفَهْ
حصلِ الزادَ وإلاّ
ليسَ بعدَ اليومِ كوفهْ
دخلتُ مصرَ غنياً
وَلَيسَ حالي بخَافِ
عشرونَ حملَ حريرٍ
وَمِثلُ ذاكَ نَصافي
وجملَة ٌ مِن لآلٍ
وَجَوْهَرٍ شَفّافِ
وَلي مَماليكُ تُركٌ
مِنَ المِلاحِ النّظافِ
فَرُحْتُ أبسُطُ كَفّي
وبالجزيلِ أكافي
وصِرْتُ أجمَعُ شَملي
بسالِفٍ وَسُلافِ
وَلا أزالُ أُواخي
وَلا أزالُ أُصافي
وصارَ لي حرفاءٌ
كانُوا تَمامَ حِرافي
وكلَّ يَوْمٍ خِوانٌ
منَ الجدا والخرافِ
فبِعْتُ كلّ ثَمينٍ
معي منَ الأصْنافِ
وَاستَهْلَكَ البَيعُ حتى
طَرّاحَتي وَلِحافي
صرَفْتُ ذاكَ جَميعاً
بمصرَ قبلَ انصرافي
وصِرْتُ فيها فَقِيراً
من ثروتي وعفافي
وذا خروجيَ منها
جوعانَ عُرْيانَ حافي
تَعيشُ أنْتَ وَتَبقَى
أنَا الذي مُتُّ حَقّاً
حاشاكَ يا نورَ عيني
تَلْقَى الذي أنَا ألْقَى
قد كانَ ما كانَ مني
واللهُ خيرٌ وأبقى
ولم أجدْ بينَ موتي
وبينَ هجركَ فرقا
يا أنعمَ الناسِ بالاً
إلى متى فيكَ أشقى
سَمِعْتُ عَنكَ حَديثاً
يا رَبِّ لا كانَ صِدْقَا
حاشاكَ تنقضُ عهدي
وعروتي فيكَ وثقى
وما عَهِدْتُكَ إلاّ
من أكرَمِ النّاسِ خُلْقَا
يا ألْفَ مَوْلايَ مَهْلاً
يا ألْفَ مَوْلايَ رِفْقَا
لكَ الحياة ُ فإني
أمُوتُ لا شَكّ عِشْقَا
لم يبقَ مني إلاّ
بَقِيّة ٌ لَيسَ تَبْقَى
أحبابَنَا حاشَاكُمُ
منْ غضبٍ أوْ حنقِ
أحبابَنا لا عاشَ مَنْ
يغضبكمْ ولا بقي
هذا دلالٌ منكمُ
دعوهُ حتى نلتقي
وَالله ما خَرَجْتُ في
حبي لكمْ عنْ خلقي
وما برحتُ بستو
رِ فَضْلِكُمْ تَعَلُّقي
وَيْلاهُ ما يَلْقاهُ قَلْـ
ـبي منْكُمُ وما لَقي
إنْ لم تجودوا بالرضا
فبَشّرُوا قَلبي الشّقي
وَاخَجْلَتي منكُمْ إذا
عَتَبْتُمُ وَا قَلَقي
أكادُ أنْ أغرقَ في
دمعي أوْ في عرقي
ما حِيلَتي في كَذِبٍ
من حاسِدٍ مُصَدَّقِ
وكيفَ تمشي حجتي
في ذا المكانِ الضيقِ
حَيرانُ لا أعرِفُ ما
أقصِدُهُ منْ طُرُقي
فَهَلْ رَسُولٌ عائِدٌ
منكمْ بوجهٍ مشرقِ
يا مالِكي بِجُودِهِ
غلطتُ بلْ يا معتقي
مثلُكَ لي وَهَذِهِ
حالي وَهَذا خُلُقي
وَالله لَوْ أبصَرْتُ ذا
في النومِ لم أصدقِ
كَتَبْتُها مِن عَجَلٍ
بدهشتي وقلقي
فاعجبْ لها منظومة ً
من خاطرٍ مفرقِ
كأنّني كَتَبْتُهَا
مُرْتَعِشاً مِنْ زَلَقِ
فاضطرَبَتْ أجزَاؤهَا
جميعها في نسقِ
ثَلاثَة ٌ تَشَابَهَتْ:
خَطّي مِدادي وَرَقي
فخطها كأنهُ
مَشْيُ ضِعَافِ العَلَقِ
مِدادُهَا كَحَمْأة ٍ
مسنونة ٍ في الطرقِ
وَرَقُهَا أبْيَضُ لَـ
ـكنْ كبياضِ البهقِ
لَكِنّها شاهِدَة ٌ
بعدمِ التملقِ
وَلم أكُنْ أخْدَعُكمْ
بباطِلٍ مُنَمَّقِ
بظاهِرٍ مُزَوَّقِ
وباطنٍ ممزقِ
يا هاجري يحقّ لكْ
وجدتُ غيري شغلكْ
مَوْلايَ لا طالَبَكَ اللّـ
ـهُ بمَا لي قِبَلَكْ
كيفَ أطعتَ حاسداً
على تَلافي حَمَلَكْ
وَمَنْ بحَقّ الله عَنْ
مَذهَبِ وُدّي نَقَلَكْ
وَيْلاهُ يا قَلبُ إلى
داعي الهوى ما أعجلكْ
فليتني لوْ كانَ لي
يا قلبُ قلبٌ بدلكْ
ويا لسانَ الدمعِ في
شرحِ الهوى ما أطولكْ
ما تشتكي يا ناظري
أليسَ هذا عملكْ
يا أيّهَا السّائِلُ عَنّـ
ـي لا تَسَلْ عَمّنْ هَلَكْ
بِتُّ بِلَيْلٍ باتَهُ
كلُّ عدوًّ لي ولكْ
أنتَ الحَبيبُ الأوّلُ
ولَكَ الهَوَى المُستَقبَلُ
عندي لكَ الودُّ الذي
هوَ ما عهدتَ وأكملُ
القَلْبُ فيكَ مُقَيَّدٌ
وَالدّمعُ فيكَ مُسَلسَلُ
يا منْ يهددُ بالصدو
دِ نَعَمْ تَقُولُ وتَفعَلُ
قد صَحّ عُذرُكَ في الهَوَى
لكنني أتعللُ
نَفِدَتْ مَعاذيري التي
ألقى بها منْ يسألُ
حتامَ أكذبُ للورى
وَإلى مَتى أتَجَمّلُ
قلْ للعذولِ لقدْ أطلـ
ـتَ لمَنْ تَلُومُ وَتَعذُلُ
عاتَبْتَ مَنْ لا يَرْعَوي
وَعَذَلْتَ مَنْ لا يَقبَلُ
يّهَا المَوْلى الأجَلُّ
أنتَ لا يَعدوكَ فَضْلُ
إن يكن يُرْضيكَ هجري
إنّ ذاكَ الهجرَ وَصْلُ
صارَ عندي من تماديـ
ـكَ على الجَفوَة ِ شُغْلُ
كلُّ شيءٍ منكَ عندي
غَيرَ إعراضِكَ سَهْلُ
لم يكنْ مثلي عن مثـ
ـلكَ يا مولايَ يسلو
ليسَ لي عَيشٌ إذا مَا
غِبتَ عَن عَينَيَّ يَحْلُو
سَيّدي لا عاشَ قَلبٌ
من غرامٍ فيكَ يخلو
ما أراني الدهرَ مما
عودتْ نعماكَ أخلو
ليَ منْ كلّ حبيبٍ
رُمتُ منهُ الوَصْلَ مَطلُ
كلَّ يوْمٍ لي من البَيْـ
ـنِ دُمُوعٌ تَستَهِلُّ
حكمَ اللهُ بهذا
إنّ حكمَ اللهِ عدلُ
ما لهُ عني مالا
وتجنى فأطالا
أتُرَى ذاكَ دَلالا
من حَبيبي أوْ مَلالا
أتُرَى يَقبَلُ عُذري
إذْ أنا جئتُ سؤالا
فلقَد أرْخَصَني مَنْ
أنَا فيهِ أتَغالَى
هوَ معذورٌ رأى النا
سَ يَقُولونَ فَقالا
سَيّدي لم يُبقِ لي هَجـ
ـرُكَ بَينَ النّاسِ حَالا
أنتَ رُوحي لا أرَى لي
عنك يا روحي انفصالا
فإذا غبتَ تلفـ
ـتُّ يَميناً وَشِمالا
كيفَ أنسى لكَ أوْ أسـ
ـلُو جَميلاً وَجَمالا
أنتَ في الجسنِ إمامٌ
فيكَ قلبي يتوالى
لا وحقَّ اللهِ ما ظنـ
ـكَ في حَقّي حَلالا
إنّ بعضَ الظنّ إثمٌ
صَدَقَ الله تَعالَى
وزائرٍ على عجلْ
شكرته ولم أزلْ
وواصِلٍ قد قُلتُ إذْ
عادَ سَريعاً ما وَصَلْ
أرادَ أنْ يَسألَ عَـ
ـني فانثنى وما سألْ
عَتَبْتُه لأنّه
ألبسني ثوبَ الخجلْ
ما ضَرّه لَوْ كانَ وَا
فَى زائِراً على مَهَلْ
كم واقِفٍ في رَسْمِ دا
رٍ للحَبيبِ أوْ طَلَلْ
موْلايَ سامِحني بمَا
تراه بي منَ الزللْ
فكَمْ وكمْ سَتَرْتَ لي
من خَطإٍ وَمن خَطَلْ
فإنّكَ الأخُ الحَبيـ
ـبُ السيّدُ المَولى الأجلّ
نزلَ المشيبُ وإنهُ
في مَفرِقي لا غَرْوَ نازِلْ
وبكيتُ إذ رحلَ الشبا
بُ فآهِ آهِ عَلَيْهِ رَاحِلْ
بالله قُلْ لي يا فُلا
نُ وَلي أقولُ وَلي أُسائِلْ
أتُرِيد في السّبعِينَ ما
قد كنتَ في العشرينَ فاعلْ
هيهاتِ لا واللهِ ما
هذا الحديثُ حديثُ عاقلْ
قد كنتَ تعذر بالصبا
واليومَ ذاكَ العذرُ زائلْ
مَنّيتَ نَفسَكَ باطِلاً
فإلى متى ترضى بباطلْ
قد صارَ من دونِ الذي
تبديهِ منْ مزحٍ مراحلْ
ضَيّعْتَ ذا الزّمَنَ الطّويـ
ـلَ وَلم تَفُزْ منه بطائِلْ
لكَ يا صديقي بغلة ٌ
لَيسَتْ تُساوي خَرْدَلَهْ
تَمشي فتَحسَبُها العُيُو
نُ على الطريقِ مشكلهْ
وَتُخالُ مُدْبِرَة ً إذا
ما أقبلتْ مستعجلهْ
مِقدارُ خَطوَتِها الطّويـ
ـلَة ِ حينَ تُسرِعُ أُنْمُلَهْ
تهتزّ وهيَ مكانها
فكأنّمَا هيَ زَلزَلَهْ
أشبَهْتَها بَلْ أشْبَهَتْـ
كَ كأنّ بينكما صلهْ
تحكي صفاتك في الثقا
لة ِ والمهانة ِ والبلهْ
سَيّدي يَوْمُكَ هَذا
ليسَ يخفَى عنكَ رَسمُهْ
قمْ بنا قد طلعَ الفجـ
ـرُ وقد أشرقَ نجمهْ
عندَنا وَرْدٌ جَنيٌّ
يُنعِشُ الميّتَ شَمُّهْ
ولدينا ذلكَ الضيـ
ـفُ الذي عندَكَ عِلْمُهْ
ولنا ساقٍ رشيقٌ
أحورُ الطرفِ أحمهْ
وَخِوانٌ يَعْبَقُ المِسْـ
ـكُ برياه وطعمهْ
وأخٌ يرضيكَ منهُ
فَضْلُهُ الجَمُّ وَفَهمُهْ
كاملُ الظرفِ أديبٌ
شامخُ الأنفِ أشمهْ
حَسَنُ العِشرَة ِ لا يأ
تيكَ منهُ ما تذمهْ
ومغنَ زيره أط
ـربُ مسموعٍ وبمهْ
وسرورٌ ليسَ شيءٌ
غَيرَ رؤياكَ يُتِمّهْ
فأجِبْ دَعوَة َ داعٍ
أنتَ من دنياه سَهمُهْ
فإذا جئتَ وغابَ الـ
ـناسُ طراً لا يهمهْ
سلمَ اللهُ على منْ
جاءنا منهُ السلامُ
وسَقَى عَهدَ حَبيبٍ
لا أُسَمّيهِ الغَمَامُ
أنَا إنْ متُّ بفَرْطِ الـ
ـحبّ فيهِ لا ألامُ
ما يقولُ الناسُ عني
أنَا صَبٌّ مُسْتَهامُ
عاذلي إنّ حبيبي
حَسَنٌ فيهِ الغَرامُ
سمهِ إنْ لمتني فيـ
ـهِ يطبْ ذاكَ الملامُ
لا تسلْ في الحبّ غيري
أنا في الحبّ إمامُ
ليَ فيهِ مَذْهَبٌ يَتْـ
ـبعني فيهِ الأنامُ
أيها العاشقُ إنّ الـ
ـعِشْقَ مِن بَعدي حَرَامُ
أغرامٌ ما بقلبي
أم حريقٌ أمْ ضرامُ
كلُّ نارٍ غَيرُ نَارِ الـ
ـعشقِ بردٌ وسلامُ
خافَ الرّسولُ من المَلامَهْ
فكنى بسعدى عن أمامهْ
وأتى يعرضُ في الحديـ
ـثِ برامَة ٍ سُقياً لرامَهْ
وفهمتُ منهُ إشارة ً
بَعَثَ الحَبيبُ بها عَلاَمَهْ
فطَرِبْتُ حتى خِلْتُني
نَشوانَ تَلعَبُ بي المُدامَهْ
خذْ يا رسولُ حشاشتي
أنا في الهوى كعبُ بن مامهْ
وَأعِدْ حَديثَكَ إنّهُ
لألَذُّ مِنْ سَجعِ الحَمامَهْ
بشرايَ هذا اليومَ قدْ
قامَتْ على الواشي القِيامَهْ
يا قادماً منْ سفرة ِ الـ
ـهجرِ الطويلِ لك السلامهْ
وأقمتَ في ذاكَ البعا
دِ وَطابَ فيهِ لكَ الإقامَهْ
يا مَنْ تَخَصّصَ وَحدَهُ
مولايَ تلزمكَ الغرامهْ
يا مَنْ يُريدُ ليَ الهَوَا
نَ وَمن أُريدُ لهُ الكَرامَهْ
مَوْلايَ سُلطانُ المِلا
حِ وليسَ يكشِفُ لي ظُلامهْ
عايَنْتُهُ وكأنّهُ
غصنُ النقا ليناً وقامهْ
وَبِشَامَة ٍ في خَدّهِ
أصْبَحتُ في العُشّاقِ شامَهْ
يا خَصْرَهُ يا رِدْفَهُ
من لي بنجدٍ أو تهامهْ
أنا في البستانِ وحدي
في رِيَاضٍ سُندُسِيّهْ
ليسَ لي فيهِ أنِيسٌ
غيرَ كتبٍ أدبيهْ
وإذا دارتْ كؤوسي
فهْيَ منّي وَإلَيّهْ
فتَفَضّلْ يا حَبيبي
نِغتَنِمْ هَذي العَشيّهْ
ما تَرَى بالله ما أحْـ
سنَ هذي الذهبيهْ
لم تَغِبْ عَنْ مِثْلِ هذا الـ
ـيومِ إلاّ لبليهْ
مَنْ تُرَى غَيّرَ ما أعْـ
ـهَدُ مِن تِلكَ السّجيّهْ
أيّها المُعرِضُ عَنّي
لكَ واللهِ قضيهْ
كُلُّ ما يُرْضيكَ يا مَوْ
لايَ عندي وعليهْ
قالوا كبِرْتَ عن الصِّبَا
وَقَطَعْتَ تِلكَ النّاحيَهْ
فدَعِ الصِّبَا لرِجالِهِ
واخلعْ ثيابَ العاريهْ
ونعمْ كبرتُ وإنما
تِلكَ الشّمائِلُ باقيَهْ
ويفوحُ منْ عطفيّ أنـ
ـفاسُ الشبابِ كما هيهْ
ويميلُ بي نحوَ الصبا
قَلْبٌ رَقيقُ الحاشِيَهْ
فيهِ منَ الطّرَبِ القَديـ
ـمِ بَقِيّة ٌ في الزّاوِيَهْ
الشوقُ نارٌ حاميهْ
وَلَقَدْ تَزَايَدَ ما بِيَهْ
يا قلبَ بعضِ النّاسِ هَلْ
للضّيْفِ عندَكَ زَاوِيَهْ
إني ببابكَ قد وقفـ
ـتُ عَسَى تَرُدّ جَوَابِيَهْ
يا مُلبِسِي ثَوْبَ الضَّنَا
يَهنيكَ ثَوْبُ العافيَهْ
لم يبقَ مني في القميـ
ـصِ سوَى رُسومٍ بالِيَهْ
وحُشاشَة ٍ ما أبْقَتِ الـ
ـأشواقُ منْها باقِيَهْ
أرخصتُ فيكَ مدامعاً
لولاكَ كانتْ غاليهْ
إنْ لمْ تجدْ لي بالرضا
وَاحَسرَتي وَشَقائِيَهْ
لكَ مهجتي ولوِ ارتضيـ
ـتَ المالَ قلتُ وماليهْ
يا مَن إلَيهِ المُشتَكَى
أنتَ العليمُ بحاليهْ
أعِدِ الرّسالَة َ ثانِيَهْ
وخذِ الجوابَ علانيهْ
فعَسَى بتَكرارِ الحَديـ
ـثِ عليّ أنسى ما بيهْ
وَعَسَاكَ تُطفىء ُ من غَليـ
ـلِ الشّوْقِ ناراً حامِيَهْ
فإذا رَجَعْتَ مُسَلِّماً
فابدأ بردّ سلاميهْ
وقلِ السلامُ عليكمُ
أهلَ القُصورِ العالِيَهْ
وأعِدْ بحُسنِ تَلَطّفٍ
وكَما عَلِمْتَ جَوابِيَهْ
يا آخذي بلْ تاركي
في لَوْعَة ٍ هيَ ما هِيَهْ
ما بالُ كتبكَ عندَ غيـ
ـري دائماً متواليهْ
وإذا كتبتَ عساكَ تذ

(7/1

إنْ كنتَ تقبلُ مني
فارْحَلْ وَفيكَ بَقِيّهْ
دعِ انتظاركَ قوماً
لهمْ أمورٌ بطيهْ
وَلا تُقِمْ في مَكانٍ
وكُنْ كأنّكَ حَيّهْ
ولا ترَ الناسَ إلاّ
عيناً ونفساً أبيهْ
وَاقنَعْ بكِسرَة ِ خُبْزٍ
وهمة ٍ كسرويهْ
ولا تكنْ كعجوزٍ
مقيمة ٍ في حنيهْ
وَنَديمٍ بِتُّ مِنْهُ
ناعمَ البالِ رضيا
جاءني يحملُ كأساً
قارَنَ البَدرُ الثُّرَيّا
قالَ خُذها قلتُ خُذْها
أنتَ وَاشرَبْها هَنيّا
لا تزدني فوقَ سكري
بالهَوَى سُكْرَ الحُمَيّا
عندَها أعرَضَ عنّي
مُطْرِقَ الرّأسِ حَيِيّا
قُلتُ لا وَالله إلاّ
هاتها كأساً رويا
لستُ أعصي لكَ أمراً
لستُ أعصي لكَ نهيا
فَسَقانِيهَا عُقَاراً
تتركُ الشيخَ صبيا
وتريكَ الغيّ رشداً
وتريكَ الرشدَ غيا
لم يزلْ مني إليهِ الـ
ـكأسُ أوْ منهُ إليا
هكذا حتى بَدا الصّبْـ
ـحُ لنا طلقَ المحيا
يا لها ليلة َ وصلٍ
مثلُهَا لا يَتَهَيّا
عذّبت رقة قلبي
ظلماً بقَسْوَة ِ قَلْبِكْ
وَسِمْتِ جسميَ سقماً
وما شفيت بطبك
أسخطْتُ كلّ عدُوٍّ
رضيته لمحبك
من لي بصبر جميل
على رياضة صعبك
فيا تشوق بعدي
إلى تَنَسّمِ قربكْ
أمَا ومُرْسِلِ وَحْفٍ
يُغْرِي بتقبيلِ كعبِكْ
ووجنة ٍ غمستها
في الوَرْد صبغة ربِّكْ
لَقَدْ جنحتُ لسلمي
كما جنحتِ لحربِكْ
فبالدّلالِ الذي زا
دّ في ملاحة عُجبك
فُكِّي من الأسْرِ قلباً
عليه طابعُ حُبِّكْ
ونَعّيِمني بعُتْبَى
فقد شفيتُ بِعُتْبِكْ
يدنيكَ زورُ الأماني
مني وتَنأى طِلابا
كأنني حينَ أبغي
رضاكَ أبغي الشبابا
و أشتهي منك ذنباً
أبْني عليهِ العِتابا
حتى إذا كان ذنبٌ
فتحتُ للعذرِ بابا
ظمئتُ منكَ لوعدٍ
فكان وردي السرابا
لا خابَ سُؤلُكَ أمّا
سؤلي لديكَ فخابا
أصخْ لمقالَتي، واسمعْ؛
وخذْ، فيما ترَى ، أوْ دعْ
وأقصِرْ، بعدَها، أو زدْ؛
وَطِرْ، في إثْرِهَا، أوْقَعْ
ألمْ تعلمْ بأنّ الدّهْـ
ـرَ يُعطي، بعدَما يَمْنعْ؟
وأنّ السّعيَ قدْ يكدي؛
وأنّ الظّنّ قدْ يخدَعْ؟
وكمْ ضرّ امرَأً أمرٌ،
تَوَهّمَ أنّهُ يَنْفَعْ؟
فإنْ يُجْدِبْ، مِنَ الدّنْيا،
جَنابٌ طَالَما أمْرَعْ
فَما إنْ غاضَ لي صَبْرٌ؛
وما إنْ فاضَ لي مَدْمَعْ
وكائنْ رامَتِ الأيّا
مُ تَرْوِيعي، فَلَمْ أرْتَعْ
إذا صابَتْنِي الجُلّى ،
تجلّتْ عنْ فتى ً أروعْ
على ما فاتَ لا يأسَى ؛
وممّا نابَ لا يجزعْ
تَدِبّ إليّ، ما تَألُو،
عقاربُ ما تني تلسعْ
كأنّا لمْ ؤُالِفْنَا
زمانٌ ليّنُ الأخدَعْ
إذِ الدّنْيَا، متى نقتَدْ
أبيَّ سرورِها يتبعْ
وإذْ للحظّ إقبالٌ؛
وإذْ في العيشِ مستمتعْ
وإذْ أوْتارُنَا تَهْفو؛
وإذْ أقداحُنَا تترَعْ
وأوطارُ المُنى تقضَى ؛
وأسْبابُ الهَوى تَشْفَعْ
فمنْ أدمانة ٍ تعطُو؛
ومنْ قمريّة ٍ تسجعْ
أعدْ نظراً، فإنّ البغْـ
ـيَ مِمّا لَمْ يَزَلْ يَصْرَعْ
وَلا تُطِعِ الّتي تُغْوِيـ
ـكَ، فَهْيَ لِغَيّهِمْ أطْوَعْ
تَقَبّلْ إنْ أتَى خَطْبٌ،
وَأنْفُ الفَحْلِ لا يُقْرَعْ
ولا تكُ منكَ تلكَ الدّا
رُ بِالمَرْأى ، وَلا المَسْمَعْ
إن الإمام محمدا
أهدى الخليفة أحمدا
للباسه ثوبا وقد
لبس المحامد وارتدى
وعمامة التقوى التي
من فوقها شمس الهدى
يا حسنها إذ أرسلت
من كفه غيث الندى
وكأن وشي رقومها
بالبرق طرز عسجدا
وبطرزه لون السماء
ووجهه قمر بدا
لله منه نير
حل المنازل أسعدا
مستنصر أعلى له
فوق المنازل أسعدا
مولاي يوم الجمعة
سعوده مجتمعه
فانعم صباحا واغتنم
أوقاته المجتمعه
أبشر بصنع عاجل
أعلامه مرتفعة
وانتظر الفتح الذي
يأتيك بالنصر معه
وبيضه وسمره
إلى العداة مشرعه
واللطف مرجو فرد
بفضل ربي مشرعه
فاتحتني شرفتني
برقعة مرفعه
بل روضة ممطورة
أزهارها منوعه
حديقة قد جدتها
بصوب جود مترعه
وراية منشورة
وآية مستبداعه
كم حكم لطيفة
في طيها مستودعه
عقيلة صورتها
من الجمال مبدعه
سقيتني من فضلها
بفضل كأس مترعه
فدم وأملاك الورى
على علاك مجمعه
ماتَ السَّماحُ فاسْفَحي ** يَا مُقْلَةَ الْفَضْلِ دَمَا )
لا تُتعِبوا أفكارَكُمْ ** ولا تَكُدُّوا الهِمَما
ولا تُرَجُّوا دَولةً ** ودهرُكمْ قد هَرِما
إنْ استطعتُمْ فابتَغوا ** إلى السماءِ سُلَّما
والوِردُ في راحةِ مَن ** رَاحَتُهُ تَشْكُو الظَّمَا
مُغرَمةٌ بنَحْلِها ** تَرَى السَّمَاحَ مَغْرَمَا
والمالُ قد أَمْسى على ** أهلِ النَّدى مُحرَّما
فهْوَ يرى الموتَ ولا ** يرى الجَوادَ المُنعِما
يَكْرَهُ مَنْ يَكْرَهُ فِي ** أعقابِهِ التَّنَدُّما
وَإنَّمَا يَأْلَفُ مَنْ ** ما أَلِفَ التكَرُّما )
يُمْسي بمَنْ يُمسي بهِ ** مُتَيَّماً مُتَيَّما
كَأَنَّ هذَا الدَّهْرَ آ ** قَدْ تَجَهَّمَا
لا بَرِحَ المُثْري بخيلاً ** والجَوادُ مُعْدِما )
لَكُم ذُنوبٌ لَيسَ تُغفَر
أَعطاكُمُ الجَمَّ الجَزي
لَ وَكُنتُمُ بِالمَنعِ أَجدَر
وَوَليتُمُ الدُنيا فَأُل
فيتُم مِنَ الحَجّاجِ أَجوَر
في كُلِّ صُقعٍ مِنكُمُ
وَالٍ ظَلومٌ قَد تَعَمَّر
مُتَجَبِّراً ما خَوَّفو
هُ بِرَبِّهِ إِلّا تَجَبَّر
مُتَنَمِّرَ الأَخلاقِ كَا
لَيثِ الغَضوبِ إِذا تَنَمَّر
وَلَقَد أَذالَ بِصَرفِهِ
مِن عُصبَةٍ مِنكُم فَأَعذَر
فَسَيَلحَقَنَّ بِمَن تَقد
دَمَ النَوائِبِ مَن تَأَخَّر
تِهتُم عَلى المُستَضعَفي
نَ تَكَبُّراً وَاللَهُ أَكبَر
وَغَدَوتُمُ ذا قُدرَةٍ
فَفَتَكتُمُ وَاللَهُ أَقدَر
لَكُمُ صَحائِفُ ريبَةٍ
تُجزَونَ فيها يَومَ تُنشَر
وَقَبيحُ آثارٍ عَل
أَعقابِكُم تُروى وَتُؤثَر
قَومٌ يُضامُ الجارُ في
أَبياتِهِم وَالعَهدُ يُخفَر
عُرِفوا بِكُفرانِ الصَني
عِ وَهُم لِصُنعِ اللَهِ أَكفَ
وَاِستَحسَنوا نَقضَ العُهودِ فَهُ
م مِنَ الأَيّامِ أَغدَر
لا زالَ سعدُكَ دائماً
ونُحورُ ضدّكَ داميَه
وعدوُّ ملككَ هائماً،
وسحابُ جودكَ هاميَه
وحسودُ فضلِكَ سائماً،
وسعودُ جدكَ ساميَه
والنضرُ حولكَ حائماً،
وصدورُ ضدّكَ حاميَه
مولاي! إن أكُ واهياً،
ونجومُ سعدي هاويَه
ما زِلتُ بَعدَكَ شائِماً
تلكَ البروقُ الساميَه
أغدو لمَجدِكَ رائِماً،
ويدُ النّدى لي راميَه
مَلّني من لا أمَلّهْ
وأذاب القلبَ دَلُّهْ
رشأ ينفرُ خوفاً
كلّما مَاشاهُ ظِلُّه
يا عليلَ الطرفِ، جسمي
نظرة منك تُعِلّه
نيطَ في خصركَ ردفٌ
عَجَبِي كيفَ تُقِلّهْ
يا غزالاً حرّم اللـ
ـهُ دمي، وهو يُحلّه
إنَّما الحسنُ مَحَلٌّ
لك أو أنت مَحلّهْ
بعضهُ في أوجهِ النا
سِ وفي وجهِكَ كلّه
بيتُكَ فيه مصرَعُكْ
وفي الضريح مَضْجَعُكْ
عَرْتْكَ دنياكَ الّتي
لها شرابٌ يخدعكْ
هِمْتَ بجبِّ فاركٍ
وقلّما تُمَتّعُكْ
يَضُرّكَ الحرصُ بها
والزهدُ فيها ينفعكْ
لا تأمننْ منيّة ً
إنّ عَصَاها تَقْرَعُكْ
مغربكَ القبر الذي
يكونُ منه مطْلَعُكْ
إنْ فَرّقَتْكَ تُرْبَة ٌ
فالله سوف يجمعكْ
وللحساب موقفٌ
أهوالُهُ تروّعك
كم جرّ ما أشفقتَ منْ
لمسِكَ منهُ إصبعكْ
فكيف بالنار التي
منْ كلّ وجهٍ تَلْذَعُكْ
يراك ذو العرش إذا
ناديتهُ ويسمعك
فثقْ به ولا يكنْ
لغيرِهِ تَضَرُّعُك
المجتث
رأيتُ مَضْرِب شَعْرٍ ... فقلتُ ماذا السَّوادُ
فقيل مَطبَخُ نصرٍ ... فقلتُ أين الرَّمادُ
فقيل لي فيه بِنُّ ... وكامَخٌ وجَرادُ
وليس فيه سِوَى ذا ... وللجَمال يُرادُ
قالت عهدتك تبكي ... دما حذار التناء )
( فما لعينيك جادت ... بعد الدماء بماء )
( فقلت ما ذاك عندي ... لسلوة أو عزاء )
( لكن دموعي شابت ... لطول عمر بكائي )
أنشدني أبو الحسن البرمكي أيده الله له
( ماذا أظلك قل لي ... لا أعدم الله ظلك )
( عش لي وبعدي فإني ... أرضى وإن لم أعش لك )
( فالدهر يخلف مثلي ... وليس يخلف مثلك
المجتث
اسْمَعْ مَقالةَ شاكٍ ... مِن زَحمة العُوَّادِ
جارَ الطَّبيبُ عليه ... لا زال حِلف السُّهاد
بطعنةٍ قد تعدَّتْ ... إلى صميم الفؤاد
حَشْوُ المَضاجِعِ منها ... باللَّيْلِ شوكُ القَتادِ
حيِّ العُذَيْبَ وأهلَهْ ... وارْبَعْ لديهِ وقُلْ لَهْ
لا زال فيكَ شِفاءٌ ... لكلِّ قلبٍ مُدَلَّهْ
وابْلِغْ، هُدِيتَ، سلامي ... شموسَه والأهِلَّهْ
وخُصَّ بالعَذْبِ منهُ ... واقصُر عليه أَجَلَّه
مَنْ مِلَّتي في هواه ... والسَّتْرُ أحسنُ مِلَّهْ
نظرتُه وفؤادي ... لم يعرف الحبَّ قبله
له من الظّبي جِيدٌ ... زانَ العُقودَ ومُقلَهْ
وقَدُّهُ غصنُ بانٍ ... ورِدْفُهُ دِعْصُ رَمْلَهْ
كأَنَّ جمرةَ خدَّيْ ... هِ في فؤاديَ شُعلَهْ
صبحت معهد أنسي ... أروم ترويح نفسي
فحين وافيت قالوا : ... قد فارق الشيخ أمس
فأظلم اليوم عندي ... وكدت في الحال أمسي
فيا مسرة قلبي ... ويا هلالي وشمسي
أتستجيز فراقي ... من دون تزويد أنس
ماذا تقولُ الظِّباءُ ... أَفُرْقَةٌ أَم لقاءُ
أَم عَهْدُها بسُلَيْمى ... وفي البيانِ شِفاءُ
مرَّت بنا سانحات ... وقد دنا الإمساءُ
فما أَحارَتْ جَواباً ... وطال فيها العَناءُ
يَا مِحْنَةَ الدَّهْر كُفِّي ... إِنْ لَمْ تكُفِّي فخفيِّ)
(مَا آنَ أَنْ تَرحَمِينَا ... مِنْ طول هَذَا التَّشفّي)
(فَلَا عُلومِيَ تُجْدِي ... ولاَ صناعَة كفيِّ)
(ثَورٌ ينَال الثريَّا ... وعَالِمٌ متحفيِّ)
(ذَهَبْتُ أطلبُ بخْتِي ... فَقيل لي قد توفّي
أفٍّ لظلّ زَمانِي ... وعيشيَ المنكودِ)
(فارَقتُ أَهلِي وإلفي ... وصاحبي ووَدُودي)
(وَمن هَويتُ جفاني ... مطاوعاً لِحَسودي)
(يَا ربّ موتا وَإِلَّا ... فراحةً من صدود
آل الفرات نداهم ... على الفرات يزيد )
( وأنت فضلك فيهم ... عليك منه شهود )
( وكل يوم لغيري ... من راحتيك مدود )
( هل لي إلى الرزق ذنب ... إن كان منه صدود )
( ما الناس إلا شقي ... في دهرنا وسعيد
المتقارب.
‫إلى الله أشكو أسى ... عراني كوقع الأسل‬
‫على رجل أروع ... يرى منه فضل الوجل‬
‫شهاب خبا وقده ... وعارض غيث أفل‬
‫شكت دولتي فقده ... وكان يزين الدول‬
.
أرى الناس أحدوثة ... فكونوا حديثا حسن
كان لم يكن ما أتى ... وما قد مضى لم يكن
إذا وطن رابنى ... فكل بلاد وطن
إذا عزّ يوما أخوك ... في بعض أمر فهن
ذاتُ غديرٍ خِلْتُهُ ... صَرْحَ زُجَاج مُرِّدا
ثم انثنى مُنْعَطِفاً ... مرتعشاً مُرَدَّدا
خافَ من الريح وقد ... هَبَّت به فارْتَعَدا
كأنما يد الصَّبَا ... مَدَّت عليه زَرَدَا
عذّبتَ قلبي ببُخلِك ... فامنُنْ عليّ بوصلكْ
يا علّتي وشقائي ... ماذا لقيت لأجلك
بحُسنِ وجهك إلا ... أمّنْتني قُبحَ فعلك
أرجو انعطافَك لكن ... أخاف من طول مَطلِك
نَهاك أهلك عني ... من أجل أهلِك أهلِك
إني أبثّكَ سيّدي ... ما ليس يحملُه بشرْ
محَن كتِبنَ بمَفرِقي ... وافى بهنّ ليَ القدر
عُلِّقتُ ألوَدَ لم أكن ... أدري لعَمرُك ما الخبر
أبصرتُه في يلمَّقٍ ... كالغُصنِ أثمرَ بالقمَر
فسطا عليّ بجورِه ... أكذا الكريمُ إذا قدَر
يا أملحَ الناس وجهاً ... جاوزتَ في الحسن حدّكْ
للغصن منك انعطاف ... يكاد يُشبه قدّك
قد كان قلبيَ عندي ... والآن أصبح عندك
وكنتُ من قبلُ حراً ... فها أنا صرتُ عبدَك
لو قلت لي أي شيء ... تهوى لقلت خلاصي
الناس طراً أفاعٍ ... فلات حين مناص
نسوا الشريعة حتى ... تجاهروا بالمعاصي
فشرّهم في ازدياد ... وخيرُهم في انتقاص
حتى يوافوا المنايا ... فيؤخذوا بالنواصي
يا ويحَهم لو أعدّوا ... لهول يوم القصاص
رُبّ ليلٍ سوادُه ... كسواد الذوائبِ
صارمي فيه حاجبي ... والرّديني كاتبي
سرت فيه كأنّني ... بعض زُهْر الكواكب
راكباً عزمة الهوى ... أي طِرْف وراكب
ونهار بياضه ... كبياض التّرائب
اجعلْ صديقك نفسك ... وجوفَ بيتك حِلْسَك
واقنع بخبزٍ وملح ... واجعل كتابَك أنسك
واقطع رجاءك إلا ... ممن يصرِّفُ نفسك
تعشْ سليماً كريماً ... حتى توافيَ رمسك
سقياً لأيامي بها ... وعيشِنا المنصرم
أيام غصني أخضر ... ولمّتي كالحمم
حتى تولى الليلُ في ... خميسه المنهزمِ
وأقبل الصباح في ... جحفله العرَمرَمِ
كأنه لما بدا ... يشرق تحت الظلم
وجه الأمير ابن الأمي ... ر الأكرم ابن الأكرم
جُبارة ابنِ كامل ... كهفِ الندى والكرم
العارض الذي إذا ... أخلف صوبَ الدّيم
سرت سحابُ جوده ... من غيثه المنسجم
وأمطرت من الحيا ... نهراً لكلّ معدم
الفارس الذي إذا ... أسرج كلّ شيظم
وسلّ كلّ مرهف ... وسلّ كلّ لهذم
واضطرمت نار الوغى ... وفرّ حامي الحرم
وافى على طاوي الحشا ... عبْلِ الشوا مسوّم
من الهلال مسرَج ... من الثريا ملجَم
تراه إن صاحب بهم ... تحت وطيس قد حَمي
تراكبوا من خوفه ... بعضاً على بعضِهمِ
يا خليليّ لقلب ... نيل من كل الجهات
ليم أن هام بريَّا ... وبِلَيْلَى والبنات
وبأن صادته أسْمَا ... بين بيض خفرات
بلحاظ ساحرات ... وجفون فاترات
داء الزمان وأهله ... داء يعزّ له العلاج
أطلعت في ظلماته ... ودّا كما سطع السراج
لصحابة أعيا ثقا ... في من قناتهم اعوجاج
كالدر ما لم تختبر ... فإذا اختبرت فهم زجاج
كم عابدٍ في صَوْمَعَهْ ... أَخليتُ منها مَوضِعَهْ
وخدَعْتُه من بعدِ أَنْ ... قد ظنَّ أن لن أَخدعه
صارعتُه فأَرَيْتُه ... قبلَ التَّصادُمِ مَصرَعَهْ
وسلبتُهُ أحوالَهُ ... وأَخذتُ أَنْفِسَ ما معه
وتركتُه في حَيرَةٍ ... وحبسْتُ عنه أَدْمُعَه
وأَتى الصُّدودُ فبزَّهُ ... ثوبَ الوِصال وخلَّعَهْ
واجتاحَ حبلَ رجائه ... من بعد ذاكَ وقطَّعه
فتقبَّلوا نُصحي لكم ... واستفرغوا فيه السَّعَهْ
فعدُوُّكم لا يستري ... حُ فجانِبوا معه الدَّعَهْ
قد فكَّ عنّي كلَّ أغلالهِ ... وحطَّ عنّي كلَّ أَثقاله
وجادَ بالفضل الذي لم يزل ... يخُصُّ مَن شاءَ بأَفضالهِ
وقابلتْنا بعدَ ما أَعرَضَتْ ... واحتجبَتْ أَوجُهُ إقبالهِ
وانقرضت دولة أعدائهِ ... وعاودَ الملك إلى آلهِ
وصارَ مَن أَوحَشَهُ يأْسُهُ ... مُبتهجاً في أُنْسِ آماله
كبِدَ الحسودُ تقطَّعي ... قد باتَ مَن أهوى معي
عادتْ حِبالُ وِداده ... موصولةً فتقطَّعي
ونثرتُ يومَ وِصالهِ ... مخزونَ ما أبقى معي
ما كان لي من شافعٍ ... إلاّ الغليل وأدمُعي
قابلتُ قِبلة عِزِّه ... بتذَلُّلي وتخضُّعي
فأجابني بتلطُّفٍ ... وتعطُّفٍ يا مُدَّعي
إنَّ المُحِبَّ جوابُهُ ... خَلعُ العِذارِ إذا دُعي
ممَوْلايَ دعوة خادمٍ ... أَهملتَه بعد احتفالِكْ
إِن كان عن سببٍ فلا ... يَذهَبْ بِحِلْمك واحتمالكْ
أَو كان عن مَلَلٍ فما ... يخشى وَلِيُّكَ من مَلالكْ
إِن خفتُ دهري بعدما ... أَعلقتُ حبلي في حبالك
ومدحتُك المَدْح الذي ... عَبَّرْتُ فيه عن فَعالكْ
فالجوُّ مسدود الهوا ... والأَرضُ ضَيّقة المسالك
يا مُؤْنسي بذكره ... وموحشي بهجرهِ
ومن فؤادي مُوقَفٌ ... لنهيهِ وأمرهِ
انظرْ إلى معذَّبٍ ... عادمِ حُسْنِ صَبْرِهِ
غادره جَوْرُ الهَوَى ... مُوَكَّلاً بفكرهِ
وسُقْمُهُ لعاذليهِ ... قائمٌ بعذرهِ
ملك الشوقُ مهجتي ... حبَّذَا من تملَّكا
قد رماني بحبّهِ ... ونَهَاني عن البُكا
إنما راحةُ المحبِّ ... إذا أنّ أَو شَكا
ما أَرى للسُّلُوِّ عنه ... وإن جارَ مَسْلَكا
لَمُلما نائمٌ، إذا وَثَبْ ... يرقُصُ من غير طرَبْ؟
وإنّما رقصتُهُ ... تُظهرُ للغير الحَرَبْ
مُعاشرٌ، لكنَّه ... يُكثر من سوء الأدبْ
يُؤخَذُ في تهمته ... مَنْ لم يكن له الطَّلَبْ
وعينُه إذا أَصا ... بَ قِرْنَه ينوي الهربْ
يُقْدِمُ، والشَّمسُ لها ... صُبَابةٌ من اللهبْ
يرحَلُ، والكَيّالُ يَهْ ... دِي، والقَفِيرُ ينقلِبْ
قِفْ قليلاً لأَسْأَلَكْ ... مَنْ مِنَ الأُفْقِ أَنزلَكْ
صِرتَ في الأَرض ماشياً ... بعد ما كنت في الفلَكْ
أَيُّها البدر، بالذي ... لمُحاقي قد أكمَلَكْ
أَيُّ شرع أَباح طر ... فك إِتلاف ما ملَكْ
لامُ عِذارٍ بدا ... عرّض بي للرَّدى
أَسودَ كالكفر في ... أَبيضَ مثل الهدى
يا فرقد اللّيل لِمْ ... أَرعيتني الفرقدا
اليومَ تجفو فهل ... تجفو التَّجافي غدا
حميلةٌ سيفها قد ... سُقيَ المُرْقِدا
فالحَيفُ والحَتْف إِن ... أُغمد أَو جُرّدا
أَيها السيّاف هيا ... لا تَدَعْ في البيت شَيّا
داوِ قرناً صرا تُرْساً ... للدّبابيس مُهَيّا
كم نصحناك وقلنا ... إِنتبه ما دُمتَ حيّا
كلُّ نَحْسٍ أَنت فيه ... من حِراف ابن ثريّا
أَسيرُ حُزْنٍ كَلِفُ ... نِضْوُ سَقامٍ دَنِفُ
لم يَخْلُ جَفْنُ عينه ... من عبراتٍ تَكِف
قد فعل الحبُّ به ... أَكثرَ ممّا أَصف
بين ضلوعي كَبِدٌ ... حَرّى وقلبٌ يَجِف
والنفسُ بالذُّلِّ لكمْ ... مُقِرَّةٌ تعترف
كأَنّ قلبي كُرةٌ ... يخطَفها مُخْتَطِف
يا قوتَ نَفسٍ شَرِبَتْ ... أشجانَها مع اللبَنْ
يا مُلبسي ثوبَ الضَّنا ... وسالبي طِيبَ الوَسَنْ
يا حَسَنَ الوجهِ الذي ... يدينُ بالفِعل الحَسَن
يَفديك عَبدٌ طائعٌ ... مُلِّكْتَه بلا ثمن
وحَقِّ مَن أسكن في ... قلبي هَواك فَسَكَن
لا حُلتُ عن حُسن الوفا ... ما صَحِبَتْ رُوحي البدن
يا واقفاً متحيِّراً ... في الماء من خوف الغرَقْ
أَجِرِ الغريقَ بدمعه ... ففؤادُه يشكو الحُرَق
مَنْ قال إنَّكَ مالكٌ ... رِقّ القلوب فقد صدق
الشَّعرُ أسودُ حالكٌ ... والثَّغْرُ مُبيَضٌّ يقَق
وكأنَّ طُرَّةَ رأْسِه ... ليلٌ أكَبَّ على قَلَق
هل في الورى أحدٌ رأى ... شمساً تبدَّت في غسق
ي لائمي في حبِّه ... ما اخترتُ ذاكَ بل اتَّفق
لا يأْمَنُ الإنسانُ في ... شُرْبِ الزُّلال من الشَّرَق
اكفف ملامك محسناً ... أو مُجملاً متطولا
أعَلَى الحماقة لمتني ... قد كنت مثلك أولا
فدخلت مصر وأرضها ... والشام ثم الموصلا
وقرى الجزيرة لم أدع ... فيها لحى منزلا
إلا حللت فِناءه ... بالعقل كي أتمولا
وإذا التعاقل حرفةٌ ... فعزمت أن أتحولا
جاء غلامي وشكا ... أمر كميتي وبكى
وقال لي لا ش؟ ... ك برذونك قد تشبكا
قد سقته اليوم فما ... مشى ولا تحركا
فقلت من غيظي له ... مجاوباً لما حكى
تريد أن تخدعني ... وأنت أصل المشتكى
ابن الحلاويّ أنا ... خلّ الرياء والبكا
لسعيد شويهةٌ ... سلّها الضرّ والتلف
قد تغنّت وأبصرت ... رجلاً حاملاً علف:
بأبي من بكفّه ... برء دائي من الدنف
فأتاها مطمّعاً ... فأتته لتعتلف
فتولّى فأقبلت ... تتغنّى من الأسف:
ليته لم يك وقف ... عذب القلب وانصرف
أيا مَن يدّعي الفَهْمْ ... الى كمْ يا أخا الوَهْمْ
تُعبّي الذّنْبَ والذمّ ... وتُخْطي الخَطأ الجَمّ
أمَا بانَ لكَ العيْبْ ... أمَا أنْذرَكَ الشّيبْ
وما في نُصحِهِ ريْبْ ... ولا سمْعُكَ قدْ صمّ
أمَا نادَى بكَ الموتْ ... أمَا أسْمَعَك الصّوْتْ
أما تخشَى من الفَوْتْ ... فتَحْتاطَ وتهتمْ
فكمْ تسدَرُ في السهْوْ ... وتختالُ من الزهْوْ
وتنْصَبُّ الى اللهوْ ... كأنّ الموتَ ما عَمّ
وحَتّام تَجافيكْ ... وإبْطاءُ تلافيكْ
طِباعاً جمْعتْ فيكْ ... عُيوباً شمْلُها انْضَمّ
إذا أسخَطْتَ موْلاكْ ... فَما تقْلَقُ منْ ذاكْ
وإنْ أخفَقَ مسعاكْ ... تلظّيتَ منَ الهمّ
وإنْ لاحَ لكَ النّقشْ ... منَ الأصفَرِ تهتَشّ
وإن مرّ بك النّعشْ ... تغامَمْتَ ولا غمّ
تُعاصي النّاصِحَ البَرّ ... وتعْتاصُ وتَزْوَرّ
وتنْقادُ لمَنْ غَرّ ... ومنْ مانَ ومنْ نَمّ
وتسعى في هَوى النّفسْ ... وتحْتالُ على الفَلْسْ
وتنسَى ظُلمةَ الرّمسْ ... ولا تَذكُرُ ما ثَمّ
ولوْ لاحظَكَ الحظّ ... لما طاحَ بكَ اللّحْظْ
ولا كُنتَ إذا الوَعظْ ... جَلا الأحزانَ تغْتَمّ
ستُذْري الدّمَ لا الدّمْعْ ... إذا عايَنْتَ لا جمْعْ
يَقي في عَرصَةِ الجمعْ ... ولا خالَ ولا عمّ
اكأني بكَ تنحطّ ... الى اللحْدِ وتنْغطّ
وقد أسلمَك الرّهطْ ... الى أضيَقَ منْ سمّ
هُناك الجسمُ ممدودْ ... ليستأكِلَهُ الدّودْ
الى أن ينخَرَ العودْ ... ويُمسي العظمُ قد رمّ
ومنْ بعْدُ فلا بُدّ ... منَ العرْضِ إذا اعتُدّ
صِراطٌ جَسْرُهُ مُدّ ... على النارِ لمَنْ أمّ
فكمْ من مُرشدٍ ضلّ ... ومنْ ذي عِزةٍ ذَلّ
وكم من عالِمٍ زلّ ... وقال الخطْبُ قد طمّ
فبادِرْ أيّها الغُمْرْ ... لِما يحْلو بهِ المُرّ
فقد كادَ يهي العُمرْ ... وما أقلعْتَ عن ذمّ
ولا ترْكَنْ الى الدهرْ ... وإنْ لانَ وإن سرّ
وخفّضْ منْ تراقيكْ ... فإنّ الموتَ لاقِيكْ
وسارٍ في تراقيكْ ... وما ينكُلُ إنْ همّ
وجانِبْ صعَرَ الخدّ ... إذا ساعدَكَ الجدّ
وزُمّ اللفْظَ إنْ ندّ ... فَما أسعَدَ مَنْ زمّ
ونفِّسْ عن أخي البثّ ... وصدّقْهُ إذا نثّ
ورُمّ العمَلَ الرثّ ... فقد أفلحَ مَنْ رمّ
ورِشْ مَن ريشُهُ انحصّ ... بما عمّ وما خصّ
ولا تأسَ على النّقصْ ... ولا تحرِصْ على اللَّمّ
وعادِ الخُلُقَ الرّذْلْ ... وعوّدْ كفّكَ البذْلْ
ولا تستمِعِ العذلْ ... ونزّهْها عنِ الضمّ
وزوّدْ نفسَكَ الخيرْ ... ودعْ ما يُعقِبُ الضّيرْ
وهيّئ مركبَ السّيرْ ... وخَفْ منْ لُجّةِ اليمّ
بِذا أُوصيتُ يا صاحْ ... وقد بُحتُ كمَن باحْ
فطوبى لفتًى راحْ ... بآدابيَ يأتَمّ
إني امرُؤٌ أُبدِعَ بي ... بعدَ الوَجى والتّعَبِ
وشُقّتي شاسِعةٌ ... يقْصُرُ عنها خَبَبي
وما معي خرْدَلَةٌ ... مطبوعةٌ منْ ذهَبِ
فحيلَتي مُنسَدّةٌ ... وحَيرَتي تلعَبُ بي
إنِ ارتَحَلْتُ راجِلاً ... خِفْتُ دَواعي العطَبِ
وإنْ تخلّفْتُ عنِ الرُفْ ... قَةِ ضاقَ مذْهَبي
فزَفْرَتي في صُعُدٍ ... وعَبْرتي في صبَبِ
وأنتُمُ مُنتجَعُ الرّا ... جي ومرْمَى الطّلَبِ
لُهاكُمُ منهَلّةٌ ... ولا انْهِلالَ السُحُبِ
وجارُكُمْ في حرَمٍ ... ووَفْرُكُمْ في حرَبِ
ما لاذَ مُرْتاعٌ بكُمْ ... فخافَ نابَ النُوَبِ
ولا استَدَرّ آمِلٌ ... حِباءكُمْ فما حُبي
فانعَطِفوا في قِصّتي ... وأحسِنوا مُنقلَبي
فلوْ بلوْتُمْ عيشَتي ... في مطْعمي ومَشرَبي
لساءكُمْ ضُرّي الذي ... أسلَمَني للكُرَبِ
ولوْ خبَرْتُمْ حسَبي ... ونسَبي ومذْهَبي
وما حوَتْ معرِفَتي ... منَ العُلومِ الُّخَبِ
لما اعتَرَتْكُمْ شُبهَةٌ ... في أنّ دائي أدَبي
فلَيْتَ أنّي لمْ أكُنْ ... أُرضِعْتُ ثَدْيَ الأدَبِ
فقد دَهاني شُؤمُه ... وعَقّني فيهِ أبي
سامِحْ أخاكَ إذا خلَطْ ... منهُ الإصابَةَ بالغلَطْ
وتجافَ عنْ تعْنيفِه ... إنْ زاغَ يوماً أو قسَطْ
واحفَظْ صَنيعَكَ عندَه ... شكرَ الصّنيعَةَ أم غمَطْ
وأطِعْهُ إنْ عاصَى وهُنْ ... إنْ عَزّ وادْنُ إذا شحَطْ
واقْنَ الوَفاءَ ولَوْ أخ ... لّ بما اشترَطْتَ وما شرَطْ
واعْلَمْ بأنّكَ إن طلبْ ... تَ مهذَّباً رُمتَ الشّطَطْ
منْ ذا الذي ما ساء ق ... طُّ ومنْ لهُ الحُسْنى فقطْ
أوَمَا تَرى المَحْبوبَ وال ... مَكروهَ لُزّا في نمَطْ
كالشّوْكِ يبْدو في الغُصو ... نِ معَ الجَنيّ المُلتَقَطْ
ولَذاذَةُ العُمرِ الطّوي ... لِ يَشوبُها نغَصُ الشّمَطْ
ولوِ انتقَدْتَ بَني الزّما ... نِ وجَدتَ أكثرَهُم سقَطْ
رُضْتُ البَلاغَةَ والبَرا ... عَةَ والشّجاعَةَ والخِطَطْ
فوجَدتُ أحسنَ ما يُرى ... سبْرَ العُلومِ معاً فقطْ
خلِّ ادّكارَ الأرْبُعِ ... والمعْهَدِ المُرتَبَعِ
والظّاعِنِ المودِّعِ ... وعدِّ عنْهُ ودَعِ
وانْدُبْ زَماناً سلَفا ... سوّدْتَ فيهِ الصُّحُفا
ولمْ تزَلْ مُعتكِفا ... على القبيحِ الشّنِعِ
كمْ ليلَةٍ أودَعْتَها ... مآثِماً أبْدَعْتَها
لشَهوَةٍ أطَعْتَها ... في مرْقَدٍ ومَضْجَعِ
وكمْ خُطًى حثَثْتَها ... في خِزْيَةٍ أحْدَثْتَها
وتوْبَةٍ نكَثْتَها ... لمَلْعَبٍ ومرْتَعِ
وكمْ تجرّأتَ على ... ربّ السّمَواتِ العُلى
ولمْ تُراقِبْهُ ولا ... صدَقْتَ في ما تدّعي
وكمْ غمَصْتَ بِرّهُ ... وكمْ أمِنْتَ مكْرَهُ
وكمْ نبَذْتَ أمرَهُ ... نبْذَ الحِذا المرقَّعِ
وكمْ ركَضْتَ في اللّعِبْ ... وفُهْتَ عمْداً بالكَذِبْ
ولمْ تُراعِ ما يجِبْ ... منْ عهْدِهِ المتّبَعِ
فالْبَسْ شِعارَ النّدمِ ... واسكُبْ شآبيبَ الدّمِ
قبلَ زَوالِ القدَمِ ... وقبلَ سوء المصْرَعِ
واخضَعْ خُضوعَ المُعترِفْ ... ولُذْ مَلاذَ المُقترِفْ
واعْصِ هَواكَ وانحَرِفْ ... عنْهُ انحِرافَ المُقلِعِ
إلامَ تسْهو وتَني ... ومُعظَمُ العُمرِ فَني
في ما يضُرّ المُقْتَني ... ولسْتَ بالمُرْتَدِعِ
أمَا ترَى الشّيبَ وخَطْ ... وخَطّ في الرّأسِ خِطَطْ
ومنْ يلُحْ وخْطُ الشّمَطْ ... بفَودِهِ فقدْ نُعي
ويْحَكِ يا نفسِ احْرِصي ... على ارْتِيادِ المَخلَصِ
وطاوِعي وأخْلِصي ... واسْتَمِعي النُّصْحَ وعي
واعتَبِرِي بمَنْ مضى ... من القُرونِ وانْقَضى
واخْشَيْ مُفاجاةَ القَضا ... وحاذِري أنْ تُخْدَعي
وانتَهِجي سُبْلَ الهُدى ... وادّكِري وشْكَ الرّدى
وأنّ مثْواكِ غدا ... في قعْرِ لحْدٍ بلْقَعِ
آهاً لهُ بيْتِ البِلَى ... والمنزِلِ القفْرِ الخَلا
وموْرِدِ السّفْرِ الأُلى ... واللاّحِقِ المُتّبِعِ
بيْتٌ يُرَى مَنْ أُودِعَهْ ... قد ضمّهُ واسْتُودِعَهْ
بعْدَ الفَضاء والسّعَهْ ... قِيدَ ثَلاثِ أذْرُعِ
لا فرْقَ أنْ يحُلّهُ ... داهِيَةٌ أو أبْلَهُ
أو مُعْسِرٌ أو منْ لهُ ... مُلكٌ كمُلْكِ تُبّعِ
وبعْدَهُ العَرْضُ الذي ... يحْوي الحَييَّ والبَذي
والمُبتَدي والمُحتَذي ... ومَنْ رعى ومنْ رُعي
فَيا مَفازَ المتّقي ... ورِبْحَ عبْدٍ قد وُقِي
سوءَ الحِسابِ الموبِقِ ... وهوْلَ يومِ الفزَعِ
ويا خَسارَ مَنْ بغَى ... ومنْ تعدّى وطَغى
وشَبّ نيرانَ الوَغى ... لمَطْعَمٍ أو مطْمَعِ
يا مَنْ عليْهِ المتّكَلْ ... قدْ زادَ ما بي منْ وجَلْ
لِما اجتَرَحْتُ من زلَلْ ... في عُمْري المُضَيَّعِ
فاغْفِرْ لعَبْدٍ مُجتَرِمْ ... وارْحَمْ بُكاهُ المُنسجِمْ
فأنتَ أوْلى منْ رَحِمْ ... وخيْرُ مَدْعُوٍّ دُعِي
يَا أَبَا الْفضل لَا تَنمْ ... وقعَ الذئبُ فِي الغنمْ)
(إنَّ حَمَّادَ عَجرَدٍ ... إِن رَأى غفَلةً هجمْ)
(بَينَ فَخذَيهِ حربةٌ ... فِي غِلاَف منَ الأدمْ)
(إِنْ خَلاَ الْبَيْتُ سَاعَةً ... مَجْمَجَ المِيمَ بالقَلَمْ)
نجب الأعمار بنا تثب ... ما أسرع ما تصل النجب
والشمس تطير بأجنحة ... والليل تطارده الشهب
والدهر يجد بفعل الجد ... فليس يليق بك اللعب
ما القصد سواك فخل ... هواك وكن رجلاً فلك الطلب
العرش لأجلك مرتفع ... والفرش لأجلك منتصب
والجو لأجلك منخرق ... والريح تمور بها السحب
والزهر لجهلك مبتسم ... والغيم لغمرك ينتحب
وكان سماء الدنيا البحر ... وحب كواكبها حبب
وكان الشمس سفينته ... وشراع ذوائبها ذهب
سل دهرك أين قرون ... الأرض تجبك: بأنهم ذهبوا
ساروا عنا سيراً عجلا ... فكان مسيرهم الخبب
واستوحشت الأوطان لهم ... لما أنست بهم الترب
ما أفصحهم ولقد صمتوا ... ما أبعدهم ولقد قربوا
يا لاعب جد بفعل الجد ... فليس الأمر به لعب
واهجر دنياك وزخرفها ... فجميع مناصبها نصب
فكأنك والأيام وقد ... فتحت باباً فيها النوب
وبقيت غريب الدار فلا ... رسل يأتيك ولا كتب
وسلاك الأهل ومن الصحب ... كأنهم لك ما صحبوا
فإذا نقر الناقور وصاح ... ويومئذ يوم عجب
فيصيخ السمع ويجسو الجمع ... ويجري الدمع وينسكب
وجميع الناس قد اجتمعوا ... ثم افترقوا ولهم رتب
ذا مرتفع ذا منخفض ... ذا منجزم ذا منتصب
فهناك المكسب والخسران ... وثم الراحة والتعب
الرمل
يكن يثوي بأرض ... غير هذي الأرض يُخطي
جبذا أرضُ المصلَّى ... رَبْع إخواني ورهطي
ونشاطي حول وادٍ ... ماؤه لؤلؤ سمط
ريحُه عنبر هندٍ ... والحُصى كافور خرطِ
وكأن الماء شعري ... وكأنَّ الرَّوض خطي
هذه الأرض وسُعْدى ... والصِّبى والراحُ شرطي
جاد عن بُخلٍ عليّ ... تلك في العالم نُدْرهْ
فهي كالنار اعترتها ... عصر ابراهيم قِرّهْ
جاد نزراً فقبلنا ... درهم الساقط بدرهْ
عجب الناس وقالوا ... كيف نيلت منه ذرهْ
هل رأيتم بعد موسى ... أحداً فجّر صخرهْ
‏"لأذيقنَّك فقدي ... راغبًا عنك بجهدي
عد إلى غيري فإنِّي ... رجل لست بجندي
كعت من خبر شعير ... أكله حرَّق كبدي
طال مكثي ومقامي ... بين فلاَّح وكردي
يا ضياء الدِّين هيها ... ت ترى مثلي بعدي
في تصاريفي وأعما ... لي وفي حلِّي وعقدي
قلَّ أن تلقى غلامًا ... ناهضًا سدَّ مسدّي
ذا احتياط واحتفاظ ... للأمانات يؤدِّي
آه لولا سوء ظنِّ ... فيَّ قد أوجب طردي
/85 أ/ لم أصعِّر لسوى فضـ ... ـل ندى كفِّك خدَّي
أنا إن خنتك في شيء ... ولم أوف بعهدي
كافر اشنا عليًا ... وأوالي لابن هند
فلما أحتمل الضَّيـ ... ـم لأهلي أم لولدي؟
عيلتي بطني وإنِّي ... جملة التكميل وحدي
برغيف وقميص ... متعشِّ متردِّي
فبذا أشبع بطني ... وبذا استر جلدي
هكذا طول زماني حالتي حرِّ ورد
وإذا متُّ فما يعـ ... ـوز من يحفر لحدي
لي نفس جبلت طيـ ... ـنتها بالماء ورد
بعد ما شيبت بمسك ... وبكا فور وندَّ
أنا سيف غربه أمـ ... ـضى شبًا من غرب هندي"
ليل حبي فيك داج ... فاجعل الوصل سراجي
فبمنآك اكترابي ... وبلقياك ابتهاجي
وبقلبي نار شجو ... وكذاك البعد شاج
وهوى العشاق يرجو ... وهوانا غير راج
واحتياج الناس شتّى ... ولكم كل احتياجي
الرجز
يا قمر الديوان يا ... ملبِسَ قلبي سَقَما
كأنما في كَبِدي ... أنتَ تخُطّ القَلَما
يا أحسن الناس معاً ... جِيداً وعيناً وفَما
من ألِفَ الحبَّ بكى ... من شَفّه الشوق شَكا
من غاب ... أو صدّ عنه هلكا
يا مالكاً عذّبني ... بجَوره إذ مَلَكا
رِفقاً بمملوكِكَ ما ... يحلّ ذا الظُّلم لكا
يا حبّذا ظبيٌ نشا ... يضمنه هذا الرَّشا
ظبيٌ شعاع نوره ... أَهدى إلى العين العَشا
تمايلتْ أعطافه ... من غير سكرٍ فانتشى
لمّا ارتوى من حسنه ... زاد القلوبَ عطشا
تمايلتْ أعطافه ... من غير سكرٍ فانتشى
لمّا تمايلتْ من حسنه ... زاد القلوبَ عطشا
فإِنْ لوى عنانه ... إلى النَّوَى وأَوَحشا
وشاء أنْ يغدر بي ... لقول نمّامٍ وشى
لُذْتُ بظلّ مالكٍ ... رُقى المّعالي مذ نّشا
مُستظْهِرٍ بالله دا ... مَ مُنعِماً ومُنعِشا
وعاش ما عاقب ضَؤْ ... ء الصُّبح ظلماء العِشا
يأخذ لي بالثّار من ... عُدْوانهِ كما يشا
أوحى فِراقُ المُنجدِ ... فالصّبرُ غير مُنجدِ
قالوا: غَداً فِراقُهمْ ... فجاء قبل الموعدِ
بُحتُ بما ألقاه لمّ ... ازاد عن تجلّدي
وَشَفّني طول الضنى ... حتى تلاشى جسدي
لولا الأنينُ لخفي ... تُ عن عيون الحُسَّد
يا صاحبيَّ، استمعا ... ما لم يَدُرْ في خَلدِ
ألفُ مريضٍ عُللوا ... رُمانةً في بَلد
فما تُرى بناظرٍ ... ولا تُنالُ بيدِ
عَزَّ الذي تبغي، فقد ... عزَّ وجودُ المسعد
سقى حُمولَ الظاعن ... ين كلُّ جَوْنٍ مُرْعِدِ
ولا عَدَتْهم روضةٌ ... أزهارُها كالعسجدِ
نرجسها مُركّب ... في قُضب الزُّمرَدِ
كأنما مرّ بها ال ... مولى أبو محمد
وجادَها بَنانُه ... بسائح مُطّردِ
يلبس إنْ جمّشه الر ... يح صُنوفَ الزَّرَدِ
فتارة صَفيحةً ... وتارة كالمبرَدِ
سَرَى إلينا جُودُهُ ... من غير ضَرْبِ مَوْعدِ
وشمتُ من أخلاقه ... شَمائلَ التفرُّدِ
ودَلَّ حسن بِشرهِ ... على كريم المحِتدِ
للِه منه ساعةٌ ... مسعودةٌ في مولدي!
قبّلتُ ظهرَ كفه ... فيها بغير عَددِ
وافترّ لي حين بدا ... ثغرُ الزمان الأغيد
يا عالماً يستفهِمُ ... عن كلّ ما يستبهِمُ
ما حاملٌ عذراءُ لم ... تَزْنِ ولا تُتَّهَمُ
أولادُها في جوفها ... تحتَ الضُلُوعِ جُثَّمُ
كلٌّ لها من ربّها ... عليه ثوبٌ يُقْسَمُ
شِفاهُها كثيرةٌ ... فأَعْلَمٌ وأخرمُ
لكنْ لها فردُ فمٍ ... ورأسُها هو الفَمُ
من الجِنان أُخرجتْ ... وللجحيم تُسْلَمُ
قال: أعني بالجحيم المعدة.
وما أتت جريمةً ... إِذْ مثلُها لا يُجرِمُ
بل فضلُها عندَ الأنا ... مِ ظاهرٌ يُغْتَنَمُ
أمثالُها بينَهُمُ ... لها صفاتٌ تُعلَمُ
فالبعضُ منها حاكمٌ ... يَعْدِل فيما يحكُمُ
والبعضُ منها في الصُّدُو ... رِ جالسٌ يحتشمُ
كلٌ يَرى حقوقَه ... عليه قرضاً يلزَمُ
ومن شهيرِ أمرِها ... إذْ مثلُها لا يُكتَمُ
أَنَّ بها يشفَى السَّقي ... مُ والنَّديمُ ينعَمُ
وقد كشَفْتُ سِرَّها ... وعندَ هذا أَخْتِمُ
أَفدي بأمي وأبي ... من لا تُبالي غضي
ووجْهُها كان إلى ... كلِّ سَقام سببي
لهفي على نائيةٍ ... لم أقضِ منها أرّبي
غابتْ ولكنْ ذِكرُها ... عنِّيَ لمَّا يغبِ
تلك إذا ما نزحتْ ... عن بَلَدٍ لم يَطبِ
لماك والخد النضر ماء الحياة والخصر
أخذتني يا تاركي أخذ عزيز مقتدر
أحلت سلواني على ضامن قلب منكسر
ونمت عن ذي أرق إذا غفا النجم سهر
وماء عيني التقى لا برحت على قدر
ما نصبت أشراك ألحاظك إلا للحذر
قلبي على الترك بهذا البدوي يفتخر
ولي عهد البدر إن غاب فإني منتظر
خلعت إذ بايعته عذار من لا يعتذر
عقدة قاف صدغه تحل عقد المصطبر
في خلقة وخلقه طبع الغزال والنمر
ترعاه أحداق القنا فكيفما سار تسر
إن طريق ناظري إلى محياه خطر وقال
جدّ بقلبي وعبثْ ... ثم مضى وما اكترثْ
وا حزَني من شادن ... في عُقَد الصبر نفث
يقتُل من شاء بعي ... نيه ومن شاء بعث
فأي ودّ لم يخُنْ ... وأي عهد ما نكث
الجيم
سلّمْ على ذي سلَمِ ... مغنى الهوى المستغنم
وقفْ عليه سائلاً ... عن قاصرات الخِيَم
واستمطِر العينَ به ... صوبَ دموع ودم
فهذه أطلالُه ... مندرسات الأرسم
وهذه عِراصُه ... مستوحشات المَعلَم
كئيبة في حالة ال ... مُنفرِد المتيّم
لم يبق منهنّ الصبا ... ومغدقات الدّيم
سوى ثلاثٍ صائما ... تٍ قائماتٍ جُثّم
وأشعثٍ معفّر ... في بونها المهدّم
أضحت خلاء بلقعاً ... بَوالياً كالرّمم
وطالما عهدتُها ... خضرَ الرُبى والأكم
مأهولةً في زينة ... من نعَمٍ وأنعم
وللقيان حولها ... بمفصحات النّغم
لغالغ ما خُلِقت ... إلا لقتل المغرم
والغانيات كالدُمى ... يسحبن كل مُعلَمِ
من أبيض مفضّض ... وأخضر مُنَمنَم
من كل خَودٍ كُحِّلت ... مقتلها بالسقم
جبينها من قمر ... وفرعها من ظلم
تُريك في بنانها ... وكفِّها والمِعصم
رقماً من الوشي حكى ... رقمَ إهاب الأرقم
يفترّ عن مفلّج ... عذبِ الثنايا شبِم
حلو اللّمى وإنما ... لحظي جناه لا فمي
سقياً لأيامي بها ... وعيشِنا المنصرم
أيام غصني أخضر ... ولمّتي كالحمم
وقامتي قويمةٌ ... شبابُه لم يهرَم
وللهوى في خلَدي ... سرائر لم تُعلَم
والدهر لم يخطُ الى ... مساءتي عن قدم
ولا نهاني صاحبي ... ولا نهاني لوّمي
ثم انقضت عن سرعة ... أيامُ ذاك الموسم
كأنّني كنتُ أرى ... عيشي به في الحلم
يا رسم أحباب نأوا ... عن عاشق متيّم
إذا أباح شوقُهم ... عن شوقه المكتّم
تناثرتْ دموعُه ... عن سلكه المنظّم
أنعِمْ صباحاً واسلَمِ ... سُقيت نوءَ المرزم
إن لم أمت من أسفٍ ... وحسرةٍ عليهمِ
كذبتُ في دعوى الهوى ... لست لهم بمغرم
كأنني بالوصل من ... نعمان لم أنعّم
ولم أبت ريّان من ... رشف عقار المبسم
في فُرُش وثيرة ... لم تفترش لمحرم
حتى تولى الليلُ في ... خميسه المنهزمِ
وأقبل الصباح في ... جحفله العرَمرَمِ
كأنه لما بدا ... يشرق تحت الظلم
وجه الأمير ابن الأمي ... ر الأكرم ابن الأكرم
جُبارة ابنِ كامل ... كهفِ الندى والكرم
العارض الذي إذا ... أخلف صوبَ الدّيم
سرت سحابُ جوده ... من غيثه المنسجم
وأمطرت من الحيا ... نهراً لكلّ معدم
الفارس الذي إذا ... أسرج كلّ شيظم
وسلّ كلّ مرهف ... وسلّ كلّ لهذم
واضطرمت نار الوغى ... وفرّ حامي الحرم
وافى على طاوي الحشا ... عبْلِ الشوا مسوّم
من الهلال مسرَج ... من الثريا ملجَم
تراه إن صاحب بهم ... تحت وطيس قد حَمي
تراكبوا من خوفه ... بعضاً على بعضِهمِ
قِفْ باللِّوى المنعَرِج ... ونادِ بالركْبِ عُج
واسألْ سُليمى أين با ... نَ ركبُها بالدَّلَج
كأنها شمس الضّحى ... مكنونةٌ في الهودَج
غراءُ تهدي ركبها ... في غسق المُدَّلج
فلا يكاد دائبا ... يُخطي سَواءَ المنهج
كأنها في درعها ... كافورة بدرُج
لاعبتُها فتيّة ... بمثلها في منعج
وأحسن الدهر لنا ... إحسان غير محرج
ينعم كلٌ بالذي ... يهواه غير مزعج
من لثم خدٍ أصبح ... ورشف ثغر أفلج
وعضِّ نهد معصر ... وعضُدٍ مُدملج
من عُكَنٍ كأنها ... طيُّ رباط المدرج
وفوقها وتحتها ... من مركَبٍ ومولِج
كلٌ على كلّ كما ... رُكِّبَ زوْجا مِسْحَج
في راحتَيْ ريح بلي ... ل وظلالِ سجْسَج
كأسُ السّرور بيننا ... صافية لم تُمزَج
حتى أتَتْ من دونِها ... زعازع في رهَج
هل راجع عهدي بها ... بالكَرْخ أو بالكرَجِ
هيهات ما في أوبةٍ ... من طمع لمُرتجي
فدعْ هُديتَ ما مضى ... وخذْ فُديتَ ما يجي
واسمعْ حديثاً حسَنا ... تقصُر عنه حُجَجي
أبصرتُ بدراً ساعياً ... بالأرض غير منبَج
وحوله كواكبٌ ... تُضيء مثلَ السُّرُج
بيضاءُ كالثلج تُري ... وجهاً كصبح أبلج
مُنَعّماً مُكلّلا ... بغيهَبٍ من سبَج
وحولَها لداتُها ... عوابثٌ بالمُهَج
يفتكْنَ بالألحاظ فت ... كَ البطل المدجّج
يجذب خصراً مُخطَفا ... بكفَلٍ مرَجْرَج
كمثل زِقٍّ ناقصٍ ... على حمار أعرج
يشفَعُه صدرٌ لها ... كأنّه في نهَجِ
مواخِرُ الفُلكِ غدتْ ... زخّارَة في لُجَج
تبسِمُ إذ تبسِمُ عن ... ذي أشرٍ مفلّج
يا ليتني قبّلتُه ... ففي لماهُ فرَجي
يَا مكثرا للعظمه ... أسرفت فِي الْكبر فَمه)
(فكم رَأينَا من كَبِير ... كبره قد قصمه)
(غَدَتْ على أبوابه ... مواكب مزدحمه)
(فراح قد صب الردى ... على الثرى جَهرا دَمه)
(وانتهبت أَمْوَاله ... كَذَاك عُقبى الظلمه)
(فاحذر وبادر إِنَّنِي ... أرى أمورا مظلمه)
(ترى لَهَا وَقت الضُّحَى ... كَمثل لون العتمه
عُجْ بالغَضَا ولَعْلَعِ ... ورَامة والأجْرعِ
وقِفْ هناك مُعْلِناً ... بصوتِك المُرجَّعِ
واسألْ أُهَيْلَ المُنْحنَى ... عن قلبيَ المُستودَعِ
قلبٌ به نارُ الهوى ... والوجدُ بين أضْلُعِي
مَن لامْرِىءٍ دموعُه ... في الخدِّ أيّ هُمَّعِ
يبْكي اللُّوَيْلاتِ التي ... سلامُها تودُّعِي
ليلاتُ وصلٍ عبَرتْ ... عُبورَ بَرْقٍ مُسرِعِ
أيامَ لي ثوبُ الصِّبا ... وصَفْوُهُ تدرُّعِي
سقى الحَيا زمانَه ... وعيشُنا ذاك رُعِي
لَهْفِي على مواقفٍ ... مضَتْ بذاك المَرْبَعِ
كنتُ بها في غفلةٍ ... ونِعْمةٍ لم تُنزَعِ
وشادِنٍ جَفْوتُه ... نِبالُها لم تُدْفَعِ
واصَلنِي تكرُّماً ... طبعاً لا تطبُّعِ
فليت شِعْرِي مالَه ... شَطَّ على المُولَّعِ
آهٍ على العيشِ الذي ... طال له توجُّعِي
نُدِيرُ كاساتِ الطُّلَى ... بلفْظِ نَدْبٍ ألْمَعِي
في حَيِّ حَيٍ كلُّهمْ ... كالبدر عند المَطلَعِ
شموسُ علمٍ نورُهمْ ... ما زال ذا تشَعْشُعِ
من آلِ طه مَعْشر ... ذوِي السُّيوفِ القُطَّعِ
ليوثُ حربٍ إن دُعُوا ... لَبَّوا ببطْشِ الأنْزَعِ
أكْرِمْ بهم من سادةٍ ... صدور كلِّ مَجْمَعِ
وأنت يا سعدُ إذا ... نُودِيتَ يوماً فاسْمَعِ
أبْلِغْ حُسَيناً مَن له ... في المجدِ خيرُ موضِعِ
قاضِي القضاةِ يا لَه ... من عالمٍ وأرْوَعِ
بُورِك للعالَم في ... حياتهِ والمَربَعِ
فخَلِّني من غيرِه ... كم صنَمٍ مُلفَّعِ
أكْرِمْ به من عَلَمٍ ... وعالِمٍ مُمَّتعِ
يا ذا الجلالات ويا ... ذا النعم المتسقه )
( يا نعمة الله على ... جميع من قد خلقه )
( لو فاخر الدهر الورى ... علوت منه عنقه )
( قد والذي يبقيك لي ... انقطعت بي النفقه )
( وبعت من دفاتري ... ما كان جدي ورقه )
(5/22
وقوله
( رماه ريم فأصاب ... ب القلب منه إذرمي )
( واحتج في قتلته ... بأنه ما علما )
( يا معشر الناس أما ... ينصفني من ظلما )
( علم سقم طرفه ... جسمي منه سقما )
( فسقم جسمي في الهوى ... من طرفه تعلما )
( لو قيل لي ما تشتهي ... مخيرا محكما )
( لقلت أن ألثمه ... نحرا ووجها وفما )
سقياً لأيامي بها ... وعيشِنا المنصرم
أيام غصني أخضر ... ولمّتي كالحمم
وقامتي قويمةٌ ... شبابُه لم يهرَم
وللهوى في خلَدي ... سرائر لم تُعلَم
والدهر لم يخطُ الى ... مساءتي عن قدم
ولا نهاني صاحبي ... ولا نهاني لوّمي
ثم انقضت عن سرعة ... أيامُ ذاك الموسم
كأنّني كنتُ أرى ... عيشي به في الحلم
يا رسم أحباب نأوا ... عن عاشق متيّم
إذا أباح شوقُهم ... عن شوقه المكتّم
تناثرتْ دموعُه ... عن سلكه المنظّم
أنعِمْ صباحاً واسلَمِ ... سُقيت نوءَ المرزم
‏"من منصفي من ظالمٍ ... أسهر عيني ورقد
يضحك منَي كلَّماً ... بليت من طول الكمد
فأدمعي وثغره ... عقد عقيق وبرد
لكنَّ ذا منتظمٌ ... وذا على خدِّي بدد
بدر تمام ما بدا ... لناظرٍ إلَّا سجد"
‏"بي صممٌ عن عذَّلي ... ومهجتي في شغل
رمى فؤادي شادنٌ ... من لحظه في المقتل
له فؤادٌ كالصَّفا ... وريقه كالسَّلسل
يريك وجهاً كالضُّحى ... من تحت ليل اليل
لا انتهى عن حبِّه ... فمنتهاه أجلي
كيف يرى من وجده ... وسقمه مثلي خلي
لمَّا دنا توديعه ... ناديته يا أملي
منَّ ولو بنظرة ... أشفي بها من عللي
قال وأبدى لؤلؤاً ... من ذلك المقبَّل
حكم الهوى أن لا أرى ... لعاشق بالقبل
فمذ نأى عن ناظري ... فعبرتي تضمن لي
[أن ليس يبقى دمعةً ... أريقها من مقلي"
‏"يا سيدِّاً عالي الرُّتب ... وعالمًا جمَّ الأدب
ويا وزيراً إن يشأ ... يمحو إن شاء كتب
وأمره أنفذ من ... وقع السِّهام في اليلب
وصاحبًا عوَّدوني ... من كفِّه لفظ الذَّهب
ومن إذا ناديته ... في مثل ذا اليوم وثب
قد هجم الثَّلج عسى ... تميرنا من الحطب"
‏"مهجتي من غيَّرك ... ومن بقتلي أمرك
ومن على سفك دمي ... يوم الفراق أمَّرك
/40 أ/ يا ناصبًا بلحظه ... للهائم الصَّبِّ شرك
أبصر بدرًا طالعًا ... في تمِّه من أبصرك
فمن رآك عاذري ... وعاذلي من لم يرك"
‏"سألت من أمرضني ... في قبلة تشفي الألم
فقال: لا لا أبدًا ... قلت له: نعم نعم!
فقال: غصبا، قلت: لا ... إلا سماحًا وكرم
/16 أ/ قال: فسرّا، قلت: لا ... إلَّا على رأس علم
فقال: خذها بالرضا ... منِّي حلالًا وابتسم
فلا تسل عمَّا جرى ... استغفر الله وثم
فظنَّ ما شئت بنا ... فالحبُّ يحلو بالتُّهم
ولا أبالي بعد ذا ... باح حسودٌ وكتم"
‏"أحبابنا بجلِّق ... آن لنا أن نلتقي
ما أنتم بلعلع ... ولستم بالأبرق
ما هجركم وداركم ... دانية بليِّق
قد راعني شيب بدا ... لهجركم في مفرقي
يصدقني وعيدكم ... ووعدكم لم يصدق
حتى الخيال هاجري ... تأجَّجي يا حرقي
تقطَّعي يا كبدي ... يا أعيني ترفقي
/3 ب/ وللرُّقاد فاهجري ... وبالدُّموع فاغرقي
على فتاة حيِّهم ... لمياء ذات القرطق
حسنًا يحكي قدُّها ... قدَّ القضيب المورق
يرقُّ لي من أرقي ... وللإله يتَّقي
فما بقي فيَّ كما ... ترون غير الرَّمق
فليتها لا خلقت ... وليتني لم أخلق
وقال أيضًا: [من مخلّع البسيط"
وقعة يوم الأحد ... كانت حديث الأبد
كم جسد أبصرته ... ملقى وكم من جسد
وناظر كانت له ... منية بالرصد
أتاه سهم عائر ... فشق جوف الكبد
وآخر ملتهب ... مثل التهاب الأسد
وقائل: قد قتلوا ... ألفا ولما يزد
فقائل: أكثر، بل ... مالهم من عدد
قلت لمطعون وفيه ... طعنة لم تئد؟
من أنت، ياويلك يا ... مسكين من محمد
فقال: لامن نسب ... دان، ولا من بلد
ولاأنا للغي قا ... تلت ولا للرشد
ولا لشيء عاجل ... يصيرمنه في يدي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التذكرة